الحق الحق أقول لكم: ستبكون وتنتحبون، وأما العالم فيفرح. ستحزنون ولكن حزنكم سينقلب فرحا (يو 16 /20)
الإيمان العملى - للقمص ميخائيل جرجس
الإيمان العملى
للقمص ميخائيل جرجس
مقدمة
قد نسأل أحد الأشخاص : هل تؤمن بالمسيح ؟
يرد بسرعة : طبعاً أؤمن
أقول له : هل إيمانك هذا نظرى أم عملى ؟
يرد قائلاً
لا أفهم ما تقصد
أقول له : هل صلتك بالمسيح قوية أم سطحية ؟
يجيب قائلاً : طبعاً قوية
أقول له : هل تصلى مثلاً باستمرار .. أم متقطع ؟
يجيب قائلاً : الحقيقة إن وقتى ضيق، وعندما يكون لدى وقت أصلى
أقول له : إذن صلتك بالمسيح سطحية، وإيمانك نظرى
يجيب قائلاً : ماذا تقصد ؟
أقول له : أنت تعترف فقط بالمسيح، ولكن لا تعمل أعمال المسيح الذى أوصى بها .. أنت تؤمن إيماناً نظرياً، ولكن إيمانك ليس عملياً .. القديس يعقوب الرسول يقول " أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ
إن كنت تؤمن بالمسيح، فهل تحبه ؟
وإن كنت تحبه هل تتكلم معه ؟
إن الصلاة هى صلة بين اثنين .. أى بين الله والناس، فالذى يحب الله يصلى له دائماً وبدون انقطاع
(يع2: 19)
داود النبى يقول " سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي النَّهَارِ سَبَّحْتُكَ عَلَى أَحْكَامِ عَدْلِكَ. حَفِظَتْ نَفْسِى شَهَادَاتِكَ وَأُحِبُّهَا جِدّاً
كان داود النبى يحب الله من كل قلبه لذلك يسبح الله ويصلى إليه طول النهار، وبعض أوقات من الليل لذلك يقول "... بِاللَّيْلِ تَسْبِيحُهُ عِنْدِى صَلاَةٌ لإِلَهِ حَيَاتِى
الإيمان النظرى
هناك إيمان نظرى يشرحه القديس يعقوب الرسول فيقول " مَا الْمَنْفَعَةُ يَا إِخْوَتِى إِنْ قَالَ أَحَدٌ إِنَّ لَهُ إِيمَاناً وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَعْمَالٌ ؟ هَـلْ يَقْـدِرُ الإِيمَانُ أَنْ يُخَلِّصَهُ ؟. إِنْ كَانَ أَخٌ وَأُخْـتٌ عُرْيَانَيْنِ وَمُعْتَازَيْنِ لِلْقُـوتِ الْيَوْمِيِّ،. فَقَالَ لَهُمَا أَحَدُكُمُ: « أمْضِيَا بِسَلاَمٍ، اسْتَدْفِئَا وَاشْبَعَا» وَلَكِنْ لَمْ تُعْطُوهُمَا حَاجَاتِ الْجَسَدِ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ؟. هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَـهُ أَعْمَـالٌ، مَيِّتٌ فِى ذَاتِهِ. لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: « أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِى إِيمَانِى"
وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ ؟ أَلَمْ يَتَبَرَّرْ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَدَّمَ إِسْـحَقَ ابْنَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ ؟. فَتَرَى أَنَّ الإِيمَانَ عَمِلَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَبِالأَعْمَالِ أُكْمِلَ الإِيمَانُ. وَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: « فَآمـَنَ إِبْرَاهِيمُ بِاللَّهِ فَحُسِبَ لَهُ بِرّاً» وَدُعِىَ خَلِيلَ اللَّهِ. تَرَوْنَ إِذاًأَنَّهُ بِالأَعْمَالِ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ، لاَ بِالإِيمَانِ وَحْدَهُ
كَذَلِكَ رَاحَابُ الّزَانِيَةُ أَيْضاً، أَمَا تَبَرَّرَتْ بِالأَعْمَالِ، إِذْ قَبِلَتِ الرُّسُلَ وَأَخْرَجَتْهُمْ فِي طَرِيقٍ آخَـرَ ؟. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَـدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ
الإيمان العملى
لذلك وضح لنا المسيح الإيمان العملى .. أى الإيمان العامـل بالمحبة فى إنجيل متى، وعلى أساسه يكون محاسبة الناس فى اليوم الأخير فيقول " وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِى مَجْـدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِـينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى
(مز119: 164، 167). (2)-(مز42: 8). (3)-(يع2: 14- 26)
إبراهيم يقدم ابنه اسحق ذبيحة لله
كُرْسِىّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِى الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاء. فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ : تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِى رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيـسِ الْعَالَمِ.لأَنِّى جُعْـتُ فَأَطْعَمْتُمُونِى. عَطِشْـتُ فَسَـقَيْتُمُونِى. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِى.عُرْيَاناً فَكَسَوْتُمُونِى. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِى. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَىّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ أَوْ عَطْشَاناً فَسَـقَيْنَاكَ ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَـوْنَاكَ؟. وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ ؟. فَيُجِيبُ الْمَلِكُ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِى هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِى فَعَلْتُمْ. « ثُمَّ يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّى يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لِإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِه .."(1).. لأنهم لم يفعلوا كالأبرار
الغنى ولعازر
لذلك ذهب الغنى إلى الجحيم لأنه لم يطعم لعازر الملقى على باب قصره، ولم يضمد جروحه .. كما يقول القديس لوقا " كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَُرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهاً. وَكَانَ مِسْـكِينٌ اسْـمُهُ لِعَازَرُ الَّذِى طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوباً بِالْقُرُوحِ. وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِى وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفـِنَ. فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِى الْهَاوِيَةِ وَهُـوَ فِى الْعَذَابِ وَرَأَى إِبْرَاهِـيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَـازَرَ فِى حِضْنِهِ. فَنَادَى: يَا أَبِى إِبْرَاهِيمُ ارْحَمْنِى وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَِعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِى لأَنِّى مُعَـذَّبٌ فِى هَذَا اللهِيبِ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِى اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِى حَيَاتِكَ وَكَذَلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّب
السـامرى
وفى المقابل يذكر لنا الإنجيل تعليم المسيح عن المحبة "وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً « يَا مُعَـلِّمُ مَاذَا أَعْمَـلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ ؟». فَقَالَ لَهُ « مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِى النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ ؟
(مت25: 31- 41). (2)- (لو16: 19- 25)
الغنى ولعازر
فَأَجَابَ « تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». فَقَالَ لَهُ « بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَـذَا فَتَحْيَا». وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ سَأَلَ يَسُـوعَ: « وَمَنْ هُوَ قَرِيبِى ؟». فَأَجَابَ يَسُوعُ « إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلاً مِنْ أُورُشَـلِيمَ إِلَى أَرِيحَا فَوَقَـعَ بَيْنَ لُصُوصٍ فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِناً نَزَلَ فِى تِلْكَ الطَّرِيقِ فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَكَذَلِكَ لاَوِىٌّ أَيْضاً إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَـاءَ وَنَظَرَ وَجَـازَ مُقَابِلَهُ. وَلَكِنَّ سَـامِرِيّاً مُسَـافِراًجَاءَ إِلَيْهِ وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ. فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتاً وَخَمْراً وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ وَاعْتَنَى بِهِ. وَفِى الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْـرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُـنْدُقِ وَقَالَ لَهُ : اعْتَنِ بِهِ وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِى أُوفِيكَ. فَأَى هَـؤُلاَءِ الثَّلاَثَـةِ تَرَى صَارَ قَرِيباً لِلَّذِى وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟ ». فَقَالَ « الَّذِى صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمةَ ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ
اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضاً وَاصْنَعْ هَكَذَا
فالله يريد الإيمان العامل بالمحبة، فالسامرى تحنن أى أحب المصاب ثم اعتنى به وضمد جراحه وأدخله فندق لكى يستريح، دافعاً من جيبه كل نفقات الفندق .. وهـذه كلها من أعمال الرحمـة الذى ذكرها السيد المسيح، والتى سيحاسب الإنسان عليها
عوائق الإيمان
هناك عوائق للإيمان أى عدم تصديق وعود الله، فاقول هل من الممكن شفاء المريض ذو المرض المستعصى ؟! وأنسى أن الله قادر على كل شئ .. سنذكر بعض عوائق الإيمان
الشـك
(أ)- التينة : يذكر لنا إنجيل متى " وَفِى الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ. فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِى الْحَالِ. فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ « كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِى الْحَالِ ؟( لو10: 25- 37)
السامرى الصالح
فَأَجَابَ يَسُوعُ « اَلْحَقَّ أَقُـولُ لَكُمْ إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُـكُّونَ فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضاً لِهَذَا الْجَبـَلِ انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِى الْبَحْـرِ فَيَكونُ. وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِى الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ
(ب)- وسط البحر : ويذكر لنا الإنجيل أيضاً أن التلاميذ كانوا فى السـفينة " ... فَكَانَتْ قَدْ صَارَتْ فِى وَسَطِ الْبَحْرِ مُعَذَّبَةً مِنَ الأَمْوَاجِ. لأَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. وَفِى الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِـياًعَلَى الْبَحْرِ. فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِـياًعَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ « إِنَّهُ خَيَالٌ ». وَمنَ الْخوْفِ صَرَخُوا!. فَلِلْوَقْتِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: « تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا ». فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ: « يَا سَـيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ فَمُرْنِى أَنْ آتِى إِلَيْكَ عَلَى الْمَـاءِ ». فَقَالَ « تَعَالَ ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السّـَفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِى إِلَى يَسُوعَ. وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ صَرَخَ: « يَا رَبُّ نَجِّنِى».فَفِى الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ « يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟». وَلَمَّا دَخَـلاَ السَّفِينَةَ سَكَنَتِ الرِّيحُ. وَالَّذِينَ فِى السَّـفِينَةِ جَاءُوا وَسَجَدُوا لَهُ قَائِلِينَ « بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللَّهِ
(ج)- تومـا : لذلك عندما شك توما فى قيامة المسيح من الأموات عندما قال لـه " فَقَالَ لَهُ التّلاَمِيذُ الآخَرُونَ « قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ». فَقَالَ لَهُمْ « إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِى فِى أَثَرِ الْمَسَـامِيرِ وَأَضَعْ يَدِى فِى جَنْبِهِ لاَ أُؤمِنْ
فجاء المسيح خصيصاً ليثبت إيمان توما ويزيل الشك من قلبه.. لذلك يقول لنا القديس يوحنا " وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تلاَمِيذُهُ أَيْضاً دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ وَوَقَفَ فِى الْوَسَطِ وَقَالَ « سـلاَمٌ لَكُمْ ». ثُمَّ قَالَ لِتُومَـا « هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَىَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِى جَنْبِى وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً ». أَجَابَ تُومَا: « رَبِّى وَإِلَهِى ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ « لأَنَّكَ رَأَيْتَنِى يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا
(مت21: 18- 22). (2)- (مت14: 24- 33)
(يو20: 25). (4)- (يو20: 26- 29)
ففى الحال مد المسيح يده وأمسكه وقال له يا قليل الإيمان لماذا شككت ؟
زعزعة الإيمان
إن الشيطان قد يزعزع الإيمان فى بعض الأوقات .. لذلك يقول القديس بطرس الرسول " اُصْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائرٍ، يَجولُ مُلْتَمِساًمَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ. فَقَاوِمُوهُ رَاسِخِينَ فِى الإِيمَانِ، عَالِمِينَ أَنَّ نَفْسَ هَـذِهِ الآلاَمِ تُجْرَى عَلَى إِخْوَتِكُمُ الَّذِينَ فِى الْعَالَمِ. وَإِلَهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِىِّ فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسـِيراً، هُـوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ
(1بط5: 8- 10)
ويقول القديس بولس الرسول " وَلَكِنْ شُكْراًلِلَّهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. إِذاً يَا إِخْوَتِى الأَحِبَّاءَ كُونُوا رَاسِـخِينَ غَيْرَ مُتَزَعْزِعِينَ مُكْثِرِينَ فِى عَمَلِ الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ عَالِمِينَ أَنَّ تَعَبَكُمْ لَيْسَ بَاطِلاً فِى الرَّبّ
ويقول أيضاً داود النبى "جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِى فِى كُلِّ حِينٍ. لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِى فَلاَ أَتَزَعْزَع
أقول هذا لأنه يوجد بعض الناس عندما تأتيهم التجارب يتزعزع إيمانهم .. وقد حدث هذا مع بعض تلاميذ المسيح، فعندما كان يتكلم عن جسده أنه " لأَنَّ جَسَدِى مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِى مَشْرَبٌ حَقٌّ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِى وَيَشْـرَبْ دَمِى يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ .. مِنْ هَذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. فَقَالَ يَسُوعُ لِلاِثْنَىْ عَشَرَ «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا ؟»
فَأَجَابَهُ سِـمْعَانُ بُطْرُسُ « يَا رَبُّ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ ؟ كلاَمُ الْحَـيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ. وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَىِّ
وقبل القبض على المسيح " وَقَالَ الرَّبُّ: « سِمْعَانُ سـِمْعَانُ هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَىْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ !. وَلَكِنِّى طَلَبْتُ مِـنْ أَجْـلِكَ لِكَىْْ لاَ يَفْنَى إِيمَانُكَ. وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ
ففى التجارب يزعزع الإيمان لذلك كان يقول المسيح دائماً للتلاميذ "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِى تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ»
فعند القبض على المسيح معظم التلاميذ هربوا ماعدا بطرس ويوحنا " وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ وَكَانَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفاًعِنْدَ الْبَابِ خَارِجاً. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِى كَانَ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيـسِ الْكَهَنَةِ وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ
محبة العالم
إن كثير من الناس يضعف إيمانها نتيجة إنشـغالها بالعالم، ومحبة العالم لذلك
(1كو15: 57، 58). (2)- (مز16: 8)
(يو6: 55، 68، 69) (4)- (لو22: 31، 32)
(مت26: 41). (6)- (يو18: 15، 16)
قال السيد المسيح لتلاميذه " إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِى فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِى. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءًعَنْ نَفْسِهِ
ويقول القديس يوحنا الرسول "لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِى فِى الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسـَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. لأَنَّ كُلَّ مَا فِى الْعَالَمِ شَـهْوَةَ الْجَسَدِ، وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ الْعَالَمِ. وَالْعَالَمُ يَمْضِى وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِى يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ"
ديماس
لذلك يقول القديس بولـس الرسول " أَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِى اذْ أحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ
الشاب الغنى
ويروى لنا الإنجيل المقدس قصة الشاب الغنى الذى أراد أن يرث الحياة الأبدية فقال له المسيح أنت تعرف الوصايا " قَالَ لَهُ الشَّابُّ « هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِى. فَمَاذَا يُعْوِزُنِى بَعْدُ ؟». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلاً فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْـطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِى السَّـمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِى». فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِيناً لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالٍ كَثِيرَة
فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ قَالَ « مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ الله
فَتَحَـيَّرَ التَّلاَمِيذُ مِنْ كَلاَمِهِ. فَقَالَ يَسُـوعُ أَيْضاً « يَا بَنِيَّ مَا أَعْسـَرَ دُخُـولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّه0
خاتمة
وبعد أن أثبت لنا المسيح محبته العملية بأن بذل ذاته عنا .. اسأل نفسى هذه الأسئلة : هل أعطف على اخوتى المسكين ؟
(مت16: 24، 26). (2)- (1يو2: 15- 17)
(2تى4: 10). (4)- (مت19: 16- 20)، (مر10: 17- 31)
( لو18: 18- 30). (5)- (لو18: 24)
(مر10: 24)
الشــاب الغــنى
هل أزور المرضى والمحبوسين ؟
هل أهتم بالأرامل واليتامى والمعوزين ؟
هل أستجيب لكل من يطلب منى خدمة فى حدود إمكانياتى ؟
هل أضع نفسى تحت خدمة الكنيسة، وألبى كل من يكلفنى بعمل المحبة ؟
هل أعزى الحزانى وأصلى من أجل المحتاجين ؟
أم أقفل على نفسى وأقول ليس لى علاقة بالآخرين
وأصبح إنساناً أنانياً يحـب ذاته فقط، ولا يساعد أخوته فى الإنسانية .. إن قيامة المسيح من الأموات تجعلنا نقوم من غفوتنا، ونقيم الآخرين معنا بشتى الطرق، لكى يحق لنا أن نقول بإيمان عملى