حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، كنت هناك بينهم ( مت 18 /20)
" لكل الأحياء يوجد رجاء " (جا9: 4) - لنيافة الأنبا رافائيل
همسات روحية
لنيافة الأنبا رافائيل
"لكل الأحياء يوجد رجاء"
(جا9: 4)
يُعلمنا الكتاب المقدس ألا نستسلم للفشل، وألا نيأس من إصلاح أنفسنا.. "لأن للشجرة رجاءً. إن قُطعت تُخلِف أيضًا ولا تُعدَم خراعيبُها. ولو قَدُمَ في الأرض أصلُها، ومات في التراب جذعُها. فمن رائحة الماء تُفرخ وتُنبت فروعُا كالغِرس" (أي14: 7-9).
والشيطان دائمًا يحاول إسقاطنا في اليأس قائلاً: "ليس له خلاص بإلهه" (مز3: 2)، "إن الله قد تركه. الحقوه وأمسكوه لأنه لا مُنقذ له" (مز71: 11).
كمثلما عيّر شمعي بن جيرا الملك داود، عندما خرج مطرودًا من وجه أبشالوم ابنه.. فقال له: "قد ردَّ الرب عليك كل دماء بيت شاول الذي مَلكت عوضًا عنه، وقد دفع الرب المملكة ليد أبشالوم ابنك، وها أنت واقع بشرِّك لأنك رجل دماء" (2صم16: 8).
فكثيرًا ما يعيّرنا الشيطان بخطايانا، واخفاقاتنا، حتى نُصاب بالفشل والإحباط، ونشعر أن الله قد تخلى عنا.. لكن الله لا يتركنا أبدًا حسب وعوده الصادقة:
+ "لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك. كما كنت مع موسى أكون معك. لا أُهملك ولا أتركك. تشدد وتشجع" (يش1: 5، 6).
+ "أما أمرتك؟ تشدد وتشجع! لا ترهب ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب" (يش1: 9).
+ "والرب سائر أمامك. هو يكون معك. لا يُهملك ولا يتركك. لا تخف ولا ترتعب" (تث31: 8).
+ "تشددوا وتشجعوا. لا تخافوا ولا ترهبوا وجوههم، لأن الرب إلهك سائر معك. لا يُهملك ولا يتركك" (تث31: 6).
+ "لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. أنت لي. إذا اجتزت في المياه فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تُلذع، واللهيب لا يُحرقك. لأني أنا الرب إلهك قدوس إسرائيل، مُخلصك. جعلت مصر فديتك. كوش وسبا عِوضَك. إذ صرت عزيزًا في عيني مُكرمًا، وأنا قد أحببتك. أُعطي أناسًا عوضك وشعوبًا عوض نفسك. لا تخف فإني معك" (إش43: 1-5).
+ "لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لأنقذك، يقول الرب" (إر1: 8).
+ "لا ترتع من وجوههم لئلا أُريعك أمامهم. هأنذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس على كل الأرض، لملوك يهوذا ولرؤسائها ولكهنتها ولشعب الأرض. فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك، يقول الرب، لأُنقذك" (إر1: 17-19).
+ لذلك يرتل الإنسان المسيحي قائلاً: "الرب نوري وخلاصي، ممن أخاف؟ الرب حصن حياتي، ممن أرتعب؟ عندما اقترب إليَّ الأشرار ليأكلوا لحمي، مُضايقي وأعدائي عثروا وسقطوا. إن نزل عليَّ جيش لا يخاف قلبي. إن قامت على حرب ففي ذلك أنا مطمئن" (مز27: 1-3).
وقد يحاربنا الشيطان بأن هذه الوعود هي للأبرار والصديقين، وليس لمثلي أنا الخاطيء الفاشل.. لكن السيد المسيح يعلن لنا بكل وضوح.. "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. فاذهبوا وتعلموا ما هو: إني أريد رحمة لا ذبيحة، لأني لم آتِ لأدعو أبرارًا بل خطاة إلى التوبة" (مت9: 12، 13).
إن نظرة الله لنا ليست كمثل نظرتنا لأنفسنا، فبالرغم من كل تعديات شعبه، وعنادهم ضده، لكنه يقول: "لم يُبصر إثمًا في يعقوب، ولا رأى تعبًا في إسرائيل. الرب إلهه معه" (عد23: 21)
إن الرب يسوع يعطي رجاء لكل خاطئ، ولكل إنسان مُحبط.. "فيكون للذليل رجاء وتسد الخطية فاها" (أي5: 16).
الأمر يحتاج منا فقط الصبر.. "جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب" (مراثي3: 26).
ويحتاج أن نأتي إلى المسيح ليعالج ضعفاتنا.. "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (مت11: 28).
+ إن الرب يسوع بذبيحة صليبه المقدس "حوّل العقوبة خلاصًا"، ورد آدم إلى رئاسته مرة أخرى.. فهل لا يستطيع أن يردني إلى معرفته، وإلى النجاح والتوبة والخلاص؟!
+ الذي سند إبراهيم أبا الآباء ليرد سبي لوط ومَنْ معه.. ألا يستطيع أن يرد سبينا من أرض الخطية إلى سماء النعمة؟!
+ الذي أعطى إبراهيم ابنًا بعد أن شاخ، وبعد مُماتية مستودع سارة.. ألا يستطيع أن يمنحني الثمر الروحي حتى ولو كنت عقيمًا جافًا عجوزًا؟!
إنه اليوم يقول لي كما قال قديمًا لأبي إبراهيم: "أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً" (تك17: 1).
+ الذي خاطب أبانا يعقوب ووعده، ونفذ له الوعد بالعودة إلى أرضه بعد عشرين عامًا.. "وها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلى هذه الأرض، لأني لا أتركك حتى أفعل ما كلمتك به" (تك28: 15).. ألا يقدر أن ينفذ عهده معي حتى وإن طال الزمان؟!
+ الذي حوّل مأساة يوسف الصديق إلى نصرة عظيمة، وجعل اخوته أعداءه يسجدون تحت موطئ قدميه، ورفعه من الظلم والعبودية والسجن ليكون رئيسًا وسيدًا للأرض كلها.. ألا يقدر أن يرفعني من ذل عبودية الخطية إلى حرية مجد أولاد الله؟!
إن الأمر بالنسبة ليوسف الصديق قد استغرق 13 سنة.. فلا تيأس صديقي الشاب بل.. "انتظر الرب. ليتشدد وليتشجع قلبك، وانتظر الرب" (مز27: 14).
+ الذي أخرج شعبه من عبودية فرعون بيد عزيزة وذراع رفيعة.. ألا يقدر أن يخرجني من سجن الخطية، والإحباط والفشل والضياع، ويعطيني مجد حضوره في حياتي، ويشبعني كما أشبع شعبه بالمَنْ ورواهم من الصخرة؟ إن إلهنا إله المستحيلات ولا يعسر عليه شيء.
+ الذي جعل المياه مثل السور.. ألا يقدر أن يحول أعدائي الذين يرغبون في إغراقي، ويحولهم إلى سور يحميني؟!
إن تاريخ الله مع البشر بطول الكتاب المقدس يعطيني درسًا لا يجب أن أنساه.. وهو أن الله جعل "من الآكل خرج أُكل، ومن الجافي خرجت حلاوة" (قض14:14).
لقد أوضح لنا الله أنه قادر أن يحول شاول الطرسوسي إلى بولس الرسول، وهو ما فعله أيضًا مع أغسطينوس، وموسى الأسود، وبائيسة، ومريم المصرية، ومع أريانوس والي أنصنا الذي كان يتفنن في تعذيب المسيحيين.. ثم صار هو نفسه شهيدًا.
إن الله يحمل لي ولك في جعبته الكثير.. وإن حاربني الشيطان بقلة الصبر.. فلأهتف مع كل مَنْ له رجاء قائلاً: "في المستقبل يتأصل يعقوب" (إش27: 6).
ما لا أستطيع أن أحققه اليوم أو أن أنجزه أو أحوزه فلابد أن الرب يخبئه لي إلى الغد، ولكنه لن يتركني في حزني وفشلي ويأسي.. "لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح" (2تي1: 7).
"في ذلك اليوم أُقيم مظلة داود الساقطة، وأُحصن شقوقها، وأُقيم ردمها، وأبنيها كأيام الدهر" (عا9: 11).
فقط كل ما هو مطلوب هو:
+ "اطلبوا الرب فتحيوا" (عا5: 6).
+ "ها أيام تأتي، يقول الرب، يُدرك الحارث الحاصد، ودائس العنب باذر الزرع، وتقطر الجبال عصيرًا، وتسيل جميع التلال. وأرد سبي شعبي إسرائيل فيبنون مدنًا خربة ويسكنون، ويغرسون كرومًا ويشربون خمرها، ويصنعون جنات ويأكلون أثمارها. وأغرسهم في أرضهم، ولن يقلعوا بعد من أرضهم التي أعطيتهم، قال الرب إلهك" (عا9: 13-15)