لا أَنتَهِكُ عَهْدي و لا أُغَيّر ما خرَجَ مِن شَفَتي (مز 89 /35)
نصوص مختارة فى المحبة
القديس يوحنا الذهبي الفم
1 - " يقضي العدلُ في ممارسة المحبّة، أن نفضّلَ الضعفاءَ على من هم أقلّ ضعفاً، الشيوخَ على الشباب، المُعدومين على المالكين شيئاً، المُعاقين المرذولين عادةً من الناس على الذين نحبّهم…"
2 - " من المفيد أن نسأل لماذا شوهد لعازر في أحضان ابراهيم بدل أي شخص صدّيق آخر؟ هذا لأن ابراهيم كان يمارس الضيافةَ… كان يستقبل المسافرين ويُدخلهم خيمته… كان يراقب الغرباء العابرين جالساً أمام خيمته وكصيّاد يرمي شبكةً في البحر ويُخرج السمكَ وأحياناً الذهبَ واللآلئ، هكذا كان ابراهيم يصطاد أناساً في شباكه، فوُجد في النهاية مضيفاً الملائكة دون أن يعلم.
هذا ما قاله الرسول بولس: " لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون" ( عب 13 : 2 ). ما أجمل هذه الآية! فإنه لو عرف هويّة زائريه لما كان العجب في نخوة ضيافته. ما يجعله ممدوحاً أنّه لم يكن يعلم من هم المسافرون. اعتبرهم أناساً عاديّين فاستقبلهم بمحبّة قلبيّة كبيرة… هذا ما كان الربّ يقوله أيضاً:
" كلّ ما فعلتموه بأخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه" ( متى 25 : 45 ) وقال أيضاً: " هكذا ليست مشيئةً أمام أبيكم الذي في السماوات أن يهلك أحد هؤلاء الصغار" ( متى 18 : 14 ).
" ومن أعثر أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فخير له أن يعلّق في عنقه حجر الرّحى ويُغرق في لجّة البحر"
( متى 18 : 6 ). في كلّ ظرف كان الرب يسوع المسيح، من خلال تعاليمه وحياته، يهتمّ بالصغار والودعاء.
كان إبراهيم ممتلئاً من هذه الفكرة. لذا لم يكن ليفحص من أين جاء المسافرون كما نعمل عادةً. من نوى الإحسان عليه ألاّ يبحث في سيرة حياة الفقير المعوز. عليه فقط أن يلبّي حاجته ويسعفَ عوزَه. الحاجة الضروريّة والعوز ضمانتا الفقير الوحيدتان، لا تطلبوا منه أكثر من ذلك. إن كان أسوأ البشر ووُجد جائعاً فأطعمْه. هذا هو الواجب الذي يمليه علينا يسوع المسيح بقوله:
" لكي تتشبّهوا بأبيكم الذي في السماوات فإنه يُشرق شمسَه على الأشرار والصالحين ويُمطر على الأبرار والظالمين". ( متى 5 : 45 ). رجل الرحمة ميناء للمعوزين. والميناء يستقبل كلَّ من كانت العاصفة تتهددّه أكان صالحاً أم شريراً… تشبّهوا إذاً بإبراهيم أبي الآباء وبأيوب الصدّيق القائل:
" بابي كان مفتوحاً على الدوام لكلّ ضيف آتٍ إليّ الكلّ كان بوسعه أن يعبرَ منه…" ( أيوب 31 : 32 )
3 - " … قيمة الإحسان المادي ليست في كميّته بل في النيّة التي ترافقه. أرملة الإنجيل لم تعطِ سوى فلسين وقد فاق عطاؤها على كلّ التقدمات الأخرى. أرملة أخرى مع قليل من الطحين والزيت أضافت النبيََ الإلهي. هكذا لم يكن الفقر ليشكّل عقبةً للواحدة ولا للأخرى".
4 - " لا يطلب الرسول بولس من الأرملة أن تكتفي بالإحسان بل قال " هل غسلتِ أرجل القدّيسين؟ " 1تيمو 5 : 10). تفكّر بمن كان يغسل أرجلَ التلاميذ. لقد غسلَ حتى أرجل الخائن. هذا لكي لا تدينوا حالةَ السوء في الذي يتقدّم إليكم محتاجاً. لو أعانكم أحدٌ في قضاياكم العالمية أمام العدالة وفي أي ظرف آخر، لأسرعتم واستقبلتموه بحفاوة وخدمتموه. ان رأيتم المسيحَ يأتي إليكم لمَ تترددّون في خدمته؟ إن كنتم لا ترون المسيح في الغريب فلا تستقبلوه. أماّ إن كنتم ترونه فلا تخجلوا من غسل أرجل الربّ يسوع… لا تتردّدوا في غسل أرجل الغرباء لأن أيديكم سوف تتقدّس بمثل هذه الخدمة…"
5 – " … تقولون لي إني أهاجم الأغنياء؟ كلاّ أني فقط أهاجم أولئك الذين يسيئون استعمالَ الغنى. لا أتّهم الغنيَّ بل السارق… أنت تملك شيئاً فأنا لا أخاصمك عليه. أنت تستغلّ ملكَ الآخرين. عندئذ لا يمكن السكوتَ عن هذا الأمر… الأغنياء أولادي وكذلك الفقراء. لهم أصلٌ واحدٌ وآلام ولادةٍ واحدةٍ…"
6 – أنت مجرّد وكيل على أموالك ( الملك والسيّد هو الله وحده) كما هو المدير والمدبّر لأملاكك الكنسية. لا يستطيع هذا الأخير أن يتصرّف بأملاك الكنيسة كما يحلو له. أنت كذلك لأن المالَ الذي بحوزتك، حتى عن طريق الوراثة، يبقى ملكَ الله… هو أيضاً ملك الفقراء حتى ولو كنتَ قد اقتنيته بعرق جبينك… العناية الإلهية أودعته إياّكَ لكي تصرفه لمجد الله".
7 – " انظروا إلى هذه الحقيقة أنتم الذين تستصعبون الإحسان. انظروا أنتم الذين تخسرون أموالكم حين تريدون الحفاظَ عليها. أنتم لا تملكون أكثر ممّا يملكه الأغنياء في الأحلام. أموال هذه الدنيا كلّها أحلام. أولئك الذين يحلمون بالأموال الكثيرة يصبحون في اليقظة أفقرَ البشر. كذلك كل من اقتنى أموالاً كثيرة في هذا العالم ولا يستطيع أن يحمل منها شيئاً في العالم الآخر، هو أيضاً أفقر البشر لأنه غنيٌّ على الأرض كما في حلم.
إن كنت تريد أن تُظهرَ لي غنيّاً حقيقيّاً فأظهره لي عند خروجه من هذه الدنيا، لأني في هذا العالم لا أستطيع تمييزَ الغني عن الفقير".
محبّة الخطأة
1 –لا تسخط على أولئك الخطأة الضالين. إبحثْ في أمورهم بهدوء. ليس شيء أقوى من الاعتدال واللطف. هذا ما ينصح به الرسول بولس بقوله:
" وعبد الرب لا يجب أن يخاصم بل يكون مترفقاً بالجميع" (2تيمو 2 : 24 ). علينا إذاً أن نكون ودعاءَ ليس فقط مع إخوتنا بل أيضاً مع جميع الناس. " بقدر استطاعتكم سالموا كلَّ الناس" ( رو 12 : 18 )
2 – " أوصيكم أن تكونوا طيّبين مع الذين خرجوا عنكم (أهل البدع)، قاربوهم بكلام لطيف… الجراح الساخنة تخشى مرورَ اليد عليها لذا يستخدم الأطباء إسفَنْجَةً ناعمة لغسل مثلِ هذه الجراح. هي نفوسٌ مجروحة مسمومة مدمّاة. لنتشبه بالذي يستخدم لها إسفنجية ناعمة مبلولة بالماء الصافي… أيقابلون عنايتكم بالإهانات وحتى بالضربات؟… مهما فعلوا، أنت أيها الحبيب لا تتخلَّ عن هدف علاجك لهم إنّه سبب آخر لمزيد من الشفقة عليهم…"
3 – " هؤلاء الضالون قابعون في لجّة الإلحاد. لا نكوننّ غيرَ مبالين لحالتهم. لا تقسّوا قلوبكم أمام هذا المشهد المحزن… السامري لم يقل أين الكهنة واللاويّون وأطباء اليهود؟… لقد استغلّ الفرصة السانحة ليُسرعَ ويخطف الطريدة النادرة… أنتم أيضاً عندما ترون إنساناً مريضاً في نفسه وفي جسده، تمثّلوا بالسامري تَجِدوا في عنايتكم للخاطئ والغريب المحتاج كنزاً فريداً. اسكبوا عليه الزيتَ المليّن، الكلمةَ الصالحة. تصيّدوه بمحبّتكم، اشفوه بطول أناتكم، يُغنيكم أكثر من الكنز. " من يُخرج الذهب من الرصاص يصبح كفم الله طاهراً مقدّساً كفم الله".
4– " … علّموا بلطافة أولئك الحائدين عن الحق. هذا لكي تحثّوهم على التوبة والخروج من مكائد الشرّير… " ( 2تيمو 2 : 25 – 26 ). أظهروا أنكم مستعدّون لنقل ما عندكم من الخير… إن سمعكم هذا الذي انحرف يشفى ( حز 3 : 21 ). هكذا تكونون قد أنقذتم نفساً. إن حدث وأصرّ على خطيئة وبّخوه بلطافة… لا تحقدوا عليه، عاملوه بمحبّة. " هكذا يعرفون أنكم تلاميذي بمحبتكم بعضكم لبعض." ( يو 13 : 35).
" إن كانت لي نبوّة وأعلم جميع الأسرار وكلَّ علم وان كان لي كلُّ الإيمان حتى أنقلَ الجبال ولكن ليس لي محبّة فلستُ شيئاً" (1كور 13 : 2 ).
5 – " … أسمع كثيرين يقولون لي: أنا لا أشعر بأيّ حقد تجاه الذين أساؤوا إليّ. لا يطلب منك اللهُ أن لا يكون لك علاقة معهم، يطلب بالأحرى أن يكون لك علاقةٌ كبيرة، لذلك هو يدعو عدوَّك " أخاك ". لا يقول فقط سامح أخاك إن أساء إليك بل يقول: " اذهبْ أوّلاً واصطلح مع أخيك" ( متى 5 : 24 ). إن كان هناك شيءٌ ضدّك لا تنسحب قبل أن تُعيد الوحدة بينكما".
6 – " الله طيّبٌ تجاه كلّ الناس. وهو طيّب بصورة خاصة تجاه الخطأة. أتودّون سماعَ قولٍ غريب؟ … يظهر الله قاسياً على الصدّيقين في حين لا يكنّ للخاطئ إلاّ كلَّ مودّة ورحمة. يقول عن الذي وقع:
" هل الذي وقع لا يقوم؟ هل الذي انحرف عن الدرب القويم لا يعود فيجده؟" ( ارميا 8 : 4 ). " عودوا إليّ أعود إليكم" (زخريا 1 : 3). وفي موضع آخر بداعي محبّته الكبرى يُقسم بأنه سوف ينقذ الخاطئ والتائبَ. يقول:
" طالما حييتُ يقول الربّ لا أريد موتَ الخاطئ إلى أن يعودَ ويحيا" ( خر 33 : 11 ).
7 – " … كيف تنتظرون الرحمةَ والمسامحةَ من الله عندما لا يرى منكم الإخوة الصغار سوى القساوة والعتوّ…؟ أأساء إليك أخوك؟ أنت أيضاً أسأتَ إلى الله مراراً. ربّما أساء أخوك بعد الإساءة إليه. لمن أنت أسأتَ؟ إلى الله الذي يغدق عليك خيراته ليلاً نهاراً ولم يسئ إليك ابداً…"
8 – " سقط العبد على قدميه وقال له: " اصبر عليّ قليلاً وأنا أوفي لك الدينَ كلّه"… العبد يتوسل عارياً ويلتمس الشفقةَ من سيّده.
ونحن أيضاً في صلواتنا لا نيأسنّ أبداً. إن كان ليس لكم ثقة بإنسان فقابلوه مع ذلك ولا تخافوه… أَبعِدوا عنكم كلَّ فكرة لليأس. لنهرع إلى الله دائماً ونصلِّ له كما فعل ذلك العبدُ.
محبّة الصغار
محبّة الفقراء، محبّة الخطأة
9 – " تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوتَ المعدَّ لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعتُ فأطعمتموني. عطشتُ فسقيتموني. كنتُ غريباً فآويتموني. عرياناً فكسوتموني. مريضاً فزرتموني. محبوساً فأتيتم إليّ…
الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتموه". ( متى 25 : 34 - 40 )
" لتثبت المحبّة الأخوية. لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناسٌ ملائكةً وهم لا يدرون. اذكروا المقيّدين كأنكم مُقَيَّدون معهم والمُذَلّين كأنكم أنتم أيضاً في الجسد… لتكن سيرتكم خاليةً من محبّة المال. كونوا مكتفين بما عندكم" ( عب 13 : 1 – 5 ).
" أماّ أنا فأقول لكم أحبوا أعداءَكم… صلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم لكي تكونوا أبناءَ أبيكم الذي في السماوات. فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين، فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كاملٌ" (متى 5: 34 – 48 )
من أجل الفقراء
(1كور 16 : 2 – 4 )
دعوة إالى الإحسان
1 –اليوم أناشدكم قولاً مسيحياً نافعاً للنفس. الموضوع يدور حول الفقراء الساكنين في مدينتكم. لقد اندفعتُ في كلامي هذا من مشهد محزنٍ رأيته. عبرتُ السوق والطرقَ الضيّقة قبل أن أجتمع بكم فرأيتُ أناساً مرميّين بعلل متنوعة. لذا وجدتُ من المفيد أن أحدّثكم عنهم.
الكلام في الإحسان مفيد في كلّ وقت ونحن كلّنا بحاجة إلى رحمة الله خالقنا لا سيّما في هذه الأيام التي يزداد فيها البرد. في زمن الصيف يجد الفقراء تعزية الطبيعة ودِفأها. العراة يكتفون، بدلاً عن اللباس، بأشعة الشمس. يستطيعون النوم ملتحفين الأرض. يشربون الماء من النبع ويقتاتون العشب والثمار المتوفّرة.
يجد الفقراء أيضاً في وقت الصيف مجالاً للعمل في ورش الأبنية، في الزراعة وفي عمل سفن البحر. أماّ في أوان الشتاء فهم محارَبون من كلّ جهة: الجوع يتآكل أحشاءهم من الداخل والبرد يُميت أجسادهم من الخارج. يحتاجون إلى مزيد من الطعام، من اللباس، من سقف ولحف وأحذية وأشياء أخرى. لا يجدون عملاً يعملونه في الوقت الصعب.
لذا علينا في مثل هذه الحالة أن نمدّ يدَ العون والإحسان إليهم. لنذكر ما فعله بولس الرسول من أجلهم:
" فإذ علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفا ويوحنا المعتبرون أنهم أعمدة أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم وأماّ هم فللختان غير أن نذكر الفقراء. وهذا عينه كنتُ اعتنيت أن أفعله" (غلا 2 : 9-10).
يذكر الرسول الفقراء في كلّ رسالة كتبها مع ضرورة الإحسان إليهم. تكلّم مثلاً عن القيامة ثم انتقل إلى موضوع إعانة فقراء أورشليم قال: " واماّ من جهة الجمع إلى القدّيسين فكما أوصيت كنائس غلاطية هكذا افعلوا أنتم أيضاً. في كلّ أول أسبوع ( أي نهار الأحد ) ليضع كلّ واحد منكم ما عنده …ومتى حضرتُ فالذين تستحسنونهم أرسلهم برسائل ليحملوا إحسانكم إلى أورشليم" ( 1كور 16: 1-3 ).
لاحظ كيف استغل الرسول المناسبة ليفتح لهم مثلَ هذا الموضوع. بعد أن ذكرّهم بالدينونة المستقبلة وبالحياة الأبدية يُدخلهم إلى هذا الموضوع بحيث أن السامع الذي حُمل بمثلِ هذه الرجاءات المستقبلة وأصبح كلّه عطيّة للآخر، يقتبل نصيحة الرسول مدفوعاً من بخوف الدينونة واكتساب الرجاءات الصالحة. كلّ من يؤخذ بالقيامة وحياة الآخرة، لا يعود يعتبر الغنى شيئاً ذا قيمة ولا الذهب ولا الفضة، لا اللباس ولا الرفاهية. حينئذ يفكرّ أكثر بالفقراء وبإعانتهم.
تكلّم الرسول لا عن الفقراء بل عن " القدّيسين " ليحثَّ القراّء على الإعجاب بالفقراء عندما يكونون مؤمنين والتحفظ من الأغنياء عندما يزدرون الفضيلة. لقد دعا مثلاً نيرون " سرَّ الإثم " بقوله: " لأن سرّ الإثم الآن يعمل فقط" ( 2 تسا 2: 7 ). في حين يدعو الفقراء المؤمنين " قدّيسين ".
من هم الفقراء والقديسون
2 - لنتساءل من هم هؤلاء القديّسون؟ يذكرهم الرسول في مكان آخر "ولكن الآن أنا ذاهبٌ إلى أورشليم لأخدمَ القديّسين" (رو 15: 25 ). وفي أعمال الرسل في أوان المجاعة يذكر لوقا هؤلاء القديّسين قائلاً: " فحتم التلاميذ حسبما تيسّر لكلّ منهم أن يُرسل كلّ واحد شيئاً خدمةً إلى الأخوة الساكنين في أورشليم" ( أع 11 : 29 ).
وكما ذكرنا سابقاً عن الرسول بولس: " غير أن نذكر الفقراء. وهذا عينه كنتُ اعتنيتُ أن أفعله" ( غلا 2 : 10 ).
لقد توزّع الرسل للبشارة: الرسول بولس للوثنين وبطرس لليهود وتمّ الاتفاق على أن هذا التوزيع لا يسري على الفقراء. لأنهم جميعاً اعتنوا بفقراء أورشليم المسيحيين القديّسن فيما بين اليهود.
من هم إذاً هؤلاء "الفقراء القديّسون" المذكورون في رومية وغلاطية الذين طلب الرسول المساعدة لهم من أهل مكدونيا؟
هم الفقراء اليهود الساكنون في أورشليم. لكن لماذا يهتم الرسول بهم بشكل خاص؟ ألم يكن في كلّ مدينة فقراء؟ لماذا يطلب من الجميع الاهتمامَ بهم؟ الأمر ليس صدفة!
عندما كان رؤساء الكهنة اليهود يصرخون " ليس لنا ملكٌ إلاّ قيصر" ( يو 19 : 15 ) كانوا مضطرين لدفع الجزية لقيصر في حين كانوا يحاكمون الشعب بموجب قوانينهم الخاصة. رجموا استفانوس من دون محاكمة، قتلوا يعقوب أخا الرب من دون الرجوع إلى الرومان، صلبوا المسيح في حين برّره الحاكم الرومانيّ من التهم. سألوا مرّة يسوع " أيجدر إعطاء الجزية لقيصر أم لا؟" ( متى 22 : 17) فأجابهم يسوع بعد رؤية العملة " أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله " ( متى 22 : 21 ).
كلّ ذلك يدل على أن اليهود المسيحيين كابدوا عذابات جمّة أشدّ من عذابات المسيحيين في مدن أخرى، لأنه في أماكن أخرى كانت تجري المحاكمات من دون أن يذوق المسيحيوّن عذابات شديدة. يبدو أن مثل هذه العذابات كانت يجري في اليهودية بسماح من الرومان ضدّ الذين اعتنقوا الدينَ المسيحي. هكذا جلدوا بولس مراّت عديدة. يذكر الرسول نفسُه ذلك: " من اليهود خمس مراّت قبلتُ أربعين جلدةً إلاّ واحدة. ثلاث مراّت ضُربتُ بالعصي، مرّة رُجمتُ" ( 2كو 11 : 24 – 25 ).
يكتب بولس أيضاً إلى العبرانيين:
" ولكن تذكرّوا الأيامَ السالفة التي فيها بعدما أُنرتم صبرتم على مجاهدة آلام كثيرة. من جهة مشهورين بتعيرات وضيقات ومن جهة صائرين شركاءَ الذين تُصرّف فيهم هكذا. لأنكم رثيتم لقيودي أيضاً وقبلتم سلبَ أموالكم بفرح عالمين في أنفسكم أن لكم مالاً افضل في السماوات وباقياً " ( عب 10 : 32 – 34 ).
وعندما حثّ أهل تسالونيكي ذكر الفقراء اليهود:
" فإنكم أيها الأخوة صرتم متمثّلين بكنائس الله التي هي في اليهودية في المسيح يسوع لأنكم تألمّتم أنتم أيضاً من أهل عشيرتكم تلك الآلام عينها كما هم أيضاً من اليهود" ( 1تس 2 : 14 ).
إذاً اضطُهد المسيحيون اليهود2 أكثر من غيرهم. لذلك يذهب بولس إلى دعوة الإخوة من كلّ مكان لإعانتهم. نفهم بعد هذا كلّه كيف يحثّ هنا الكورنثيين على إعانة فقراء أورشليم القديّسين:
" أماّ من جهة الجمع لأجل القديّسين فكما أَوْصَيْتُ كنائسَ غلاطية هكذا افعلوا أنتم أيضاً" ( 1كور 16 : 1 ).
3 – لماذا يذكر كنائسَ غلاطية؟ لكي يتقبلوا النصيحة بحماس كبير وينافسوا أهلَ غلاطية في العطاء. ثم يقول: " في كلّ أوّل أسبوع ( أي كلّ نهار أحد ) ليضع كلُّ واحد منكم ما عنده، خازناً ما تيسّر حتى إذا جئتُ لا يكون جمعٌ حينئذ" ( 1كور 16 : 2). في مثل هذا اليوم يتوقّف المسيحي عن أشغاله فينصرف أكثر إلى عمل الخير. أنظر كم من الخيرات حصلتَ عليها في مثل هذا اليوم، يوم عيد تجديد مولد الطبيعة الإنسانية بأسرها، حين جُعل الإنسان لا يموت مع المسيح القائم من بيت الأموات. اليوم هو الوقت المناسب لا لتسكروا وترقصوا3، بل لدعم إخوتكم الفقراء المحتاجين، المعذّبين والقديّسين.
أقول ذلك كله لتعليمكم. هذه الأقوال لم تُعطَ فقط للكورنثيين بل لكلّ واحد منّا. فليخزّن كلّ واحد منّا ما تيسّر من المال في يوم الرب يوم الأحد من أجل الفقراء. ولتصر لكم عادةً متّبعة باستمرار وذلك على الرغم من كلّ الحاجات الضرورية.
الوصيّة تتوجّه ليس فقط إلى الأغنياء بل إلى الفقراء أيضاً إذ يقول: " ليضع كلّ واحد منكم" تتوجّه إذاً إلى الأحرار والعبيد، إلى الرجال والنساء. حتى ولو كنتَ فقيراً جداً لن تسبقَ تلك الأرملة التي أعطت ثروتها كلّها، ولا أرملة صرفت صيدا التي لم يمنعها فقرها من استضافة النبي.
لكن لماذا قال أيضاً " خازناً ما تيسّر " أي جامعاً شيئاً فشيئاً ما عنده حتى لا يخجل عند تقدمته إياّه. ولم يقل " جامعاً " بل "خازناً " كمثل كنز حتى تعلم أن هذه النفقة هي بمثابة كنز لأنه موردٌ ثمين وكنزٌ في السماء تقتنيه…
4 –فليكن كلّ بيت كنيسةً تحتوي على خزانة للفقراء، هذا يشكّل سلاحاً ضدّ الشياطين يحفظ البيت من الشرور أكثر من عدد كبير من الجنود.
وأضاف " ما تيسّر" لا من أجل الفقراء فحسب بل فائدة تذهب إلى المحسنين أنفسهم، خصوصاً عندما يُعطون بفرح. لأن الرسول يقول في مكان آخر: " كلّ واحد كما ينوي ليس عن حزن واضطرار. لأن المُعطي المسرور يُحبّه الله" ( 2كور 9 : 7 ).
الذي يودّ توزيع خيراته للفقراء فليفعل ببساطة مبعداً كلّ داعٍ للافتخار. من أئْتُمِنَ على عمل خيّر ليفعلْه بنشاط دون كسل " أماّ المُعطي فبسخاء" ( رو 12 : 8 ). أنت تُعطي بفرح فتأخذ أكثر مماّ تعطي. فأعطِ دائماً باهتمام، بحماس، بفرح باستعداد طيّب.
ينصح أوّلاً أن يكون العطاء من المدينة كلّها. والتقدمة ليست "للفقراء" بل " للقديّسين"، بالاشتراك مع أهل غلاطية والكنائس الأخرى. ليُجمع الكنزُ شيئاً فشيئاً حتى يُصبح عادةً، بحريّة وبمقدار استطاعة كلّ واحد. ويُضيف " ومتى حضرتُ فالذين تستحسنونهم أُرسلهم برسائل ليحملوا إحسانكم إلى أورشليم. وإن كان يستحق أن أذهب أنا أيضاً فسيذهبون معي" ( 1كور 16 : 3 – 4 ).
لاحظ التواضع والمحبّة الفائضة لأنه اقترح أن ينتخبوا هم المرسلين ليحملوا الإحسانات إلى أورشليم.
Åالإحسان نعمة إالهية
5 –لاحظ كيف أن الرسول بولس لم يستخدم كلمةَ "إحسان " éléimosini بل قال " نعمة "Charisمُبَيِّناً أنه، كما أن قيامة الأموات هي عمل النعمة الإلهية واخراجَ الشياطين وتطهيرَ البرص، كذلك مساعدة الفقراء هي أيضاً عمل النعمة الإلهية أكثر من أي عمل آخر. ومع ذلك فإن العمل هذا يحتاج إلى استعدادنا الخاص لكي نُصبح أهلاً لمثل هذه النعمة.
لقد عزاّهم الرسول بقوله " فالذين تستحسنونهم أُرسلهم برسائل ليحملوا إحسانكم إلى أورشليم" وأضاف " وإن كان يستحق أن أذهب انا أيضاً فسيذهبون معي" ( 1كور 16: 3- 4). لاحظ هنا حكمته: لم يرفض الذهاب معهم من جهة، كما لم يؤكّد على الذهاب معهم بل أسند ذلك إلى رأيهم واختيارهم، مُظهراً أنّه إن كانت المساعدات تستحقّ الذهاب معهم فسيكون مستعداً لذلك5. إنها تعزية بالنسبة لأهل كورنثس أن يعرفوا ان الرسولَ مستعدٌ للذهاب معهم، مماّ يزيد في حماسهم ناظرين أيضاً إلى ما يضيف الرسول من تضحية وبركة وصلوات إلى مثل هذه التقدمات.
فالتحق أنت أيضاً بهم واشترك في حماستهم في العطاء والتعزية. تفكرّ بالفلاّح كيف يبذر ويصرف من أمواله دون أن يتألم لذلك، بل يعتبر صرفَه نعمةً وربحاً على الرغم من أن النتيجة بعد غير ظاهرة. وأنتَ لا تصرف أموالك على الفقراء لكي تقتني ربحاً مادياً بل تُعطيها إلى المسيح نفسه من أجل إفادتك وتعزية. كان يمكن لله أن يُغدق الذهب على المحتاجين كلّهم لكنه لم يسمح بذلك. هذا ليعطيَك الفرصة لتساهم أنت وتتعزّى.
في الواقع العوزُ مدعاة للفضيلة أكثر من الاكتفاء والذين وقعوا في الخطايا يكسبون تعزيةً ليست بقليلة عن طريق إغاثة المحتاجين6. فقد أظهر الله اهتماماً كبيراً بهذا الموضوع حتى أنه عندما اتخذ جسداً وخالط البشر لم يُعرض عن الاهتمام بالفقراء. مع ذلك كلّه بعدما أطعم الجياع خبزاً بمجرّد أمره وكان باستطاعته أن يقدّم كنوزاً عديدةً، لم يقمْ بمثل هذا العمل بل أمر تلاميذه أن يهيئوا " قجَّة " ليحفظوا فيها الإحسانات من أجل إعانة الفقراء.
عندما تكلم الرب مع يهوذا بشأن التسليم ولم يفهم التلاميذ ماذا كان يقول، اعتقدوا أنه يتكلّم عن الفقراء " إذ كان الصندوق مع يهوذا وكان يحتفظ خفية بالأموال الموضوعة فيه ". إذاً يُعطي الرب أهميّة كبيرة لعمل الرحمة ليس فقط بداعي إحسانه لنا بل أيضاً وخاصّةً بداعي إحساننا لبعضنا بعضاً.
في العهد القديم كما في العهد الجديد وضع شرائع عديدة في هذا الشأن وأوصانا أن نكون محبيّن للفقراء بالقول والعمل. يشير موسى إلى ذلك في كثير من نواميسه ويصرخ الأنبياء قائلين باسم الله:
" إنّي أريد رحمةً لا ذبيحة ومعرفةَ الله أكثر من محرقات" (هوشع 6 : 6 ). والأمر نفسه يقوله الرسلُ كلّهم ويفعلونه، ويفيدون أوّلاً أنفسَهم آخذين من إحسانهم أكثر مماّ يُعطون.
أعط ولا تدين
6 –لا أقول هذا كلّه بدون سبب: في كثير من الأحيان، وقبل أن نُعطي الفقراء، نبحث في تفاصيل حياتهم، في عملهم وصحتهم ونتهمهم بالكسل والبطالة، لذلك يحتمي بعض الفقراء بمظهر عاهةٍ جسدية ليهربوا من عدم انسانيتنا وقساوتنا باتخاذهم مثل هذه المظاهر. إن كنت تدينهم في أوان الصيف فهذا محتمل. أماّ أن تكون دياّناً وعديمَ الإنسانية في أوان البرد والشتاء حاكماً عليهم لأنهم بطاّلون فهذا تعبير عن قساوة كبيرة. أنت تستند إلى قول الرسول:
" إن كان أحدٌ لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضاً" ( 2تسا3: 10 ). قالها بولس لكي تسمعها أنت أيضاً ولا تدين أخاك بسببها بل تدين نفسَك. إن نواميس بولس توضَعْ من أجل الفقراء بل أيضاً من أجلنا كلّنا. وأقول لك كلمة اخرى ولو ثقيلة عليك:
نحن ندين هؤلاء الفقراء لأنهم عاطلون عن العمل مماّ يدعو في كثير من الأحيان إلى الغفران. أماّ نحن فنقوم بأعمال بطاّلة أسوأ بكثير. تقول إن لي ثروة أبويّة. قلْ لي ألأنّ ذاك فقيرٌ وينحدر من عائلة فقيرة فهو يستحق الفقرَ والعوزَ؟! إنه بحاجة بالأحرى إلى مساعدة الأغنياء. أنت تُمضي أوقاتك في الترف وتدين وتحسب أنك لا تفعل شيئاً ضاراً؟ هو يتجوّل ليلاً نهاراً بشقاء ودموع وأنت تدينه؟ أهذا المنطق إنساني؟ لذا أقول إن كلام الرسول يتوجّه ليس فقط إلى الفقراء بل إليك أنت أيضاً. فلا تَعْتَد الإدعاء والحكم بل أيضاً الغفران والرحمة لأن الرسول بعد أن قال: " إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل أيضاً" أضاف : " أماّ أنتم أيها الاخوة فلا تفشلوا في عمل الخير" ( 2تسا 3 : 13 ).
وماذا بعد؟ تقولون إن أولئك الفقراء بطالون، غرباء، أشقياء، غادروا وطنهم ليأتوا مدينتنا ويتسوّلوا. قلْ لي ألهذا أنت تحزن وتضطرب؟ كان عليك أن تفرح لأنهم يأتون إليك ويتجوّلون في مدينتك. لماذا تهرب من إسداء المديح لمدينتك وتساهم في إبطال تقليدها العريق في الضيافة والإحسان؟ ألا تذكر الجوع الذي طرأ على أورشليم ونواحيها فاضطرَّ المؤمنون لإرسال المعونات إليها عن طريق برنابا وبولس؟ بِمَ نجيب الذين يذكرّوننا بأجدادنا الذين صرفوا من أموالهم لإغاثة أخوتهم الساكنين بعيداً؟ ونحن لا نُعطي شيئاً للاّجئين إلينا. نطردهم وندينهم في حين لا نقلّ عنهم شراً وخطيئة.
إن كان الله يفحص حياتنا كما نفحص حياة الفقراء المعوزين فلن نكسب منه أيَّ رحمة. " لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تُدانون" ( متى 7 : 2 ). عليك إذاً أن ترحم أخاك وتغفر له خطاياه لتحظى أنت أيضاً بالرحمة والغفران.
لماذا تبحث في التفاصيل وتضيف على نفسك الهموم؟ قلْ بالأحرى مع الرب: " صلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم لكي تكونوا أبناءَ أبيكم الذي في السماوات. فإنه يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويُمطر على الأبرار والظالمين " ( متى 5 : 44 – 45 ).
الربّ يحسن إلى الجميع من دون أن يفحص خطاياهم، مبرهناً بذلك عن محبّته للبشر من غير تمييز بين الصدّيقين والخطأة. ألا تشبّه به إذاً في أوان الرحمة والإحسان. ساعد الفقراء وأرحهم من عوزهم وجوعهم. حرّرهم من حزنهم ولا تبحث عمّا عدا ذلك. إن كان علينا أن ندقّق في حياة البشر فلن نغيثَ أحداً.
أرجوكم أن تبتعدوا عن مثل هذا الفضول إزاءَ الآخرين وتقبلوا على العطاء بسخاء وشجاعة لكي تحظوا أنتم أيضاً بمحبّه الرب يسوع الذي يليق له المجد والإكرام مع الآب والروح إلى الدهر. آمين.
عن كتاب: "في محبّة الفقراء من أقوال القديسين" للأب افرام كرياكوس
كلمة السيّد واضحة: خدمة الفقير هي خدمة يسوع المسيح. لا نزردين به إذا رأيناه محزوناً من البرد والعراء. يتراءى لنا دائماً محزوناً من البرد والعراء. يتراءى لنا دائماً في الساحات، في الطرق العامة، على مدخل الكنائس، في كل مكان. في كل ساعة من النهار يمكن لنا أن نكون كهنة ليسوع المسيح حتى كعلمانيين. ومذبحنا ما هو؟ هو يد الفقير المذبح المقدّس، قدس الأقداس. والضحية؟ هي عطيتنا التي سوف تصعد كرائحة زكية نحو السماء. سوف يتقبّل الله منا ذبيحة التسبيح لا بإشعال ضحية فعلّة بل بعبادة داخلية صادرة عن قلب تقيّ. (عظة 2 كور 20).
الافخارستيا والفقراء
أتريد أن تكرّم جسدَ المسيح لا تزدري به وهو عريان. لأن الذي قال: "هذا هو جسدي" قال أيضاً: "رأيتموني جائعاً ولم تطعموني". ماذا ينفع أن تكون مائدة السيد مزيّنة بالكؤوس الذهبية بينما يموت الأخ جوعاً؟ كل من يمارس الإحسان يمارس وظيفة كهنوتية. مذبح المسيح هو مؤلف من أعضائه الخاصة فكرّمها لأنها أثمن من المذبح الحجري حيث تقيم الذبيحة. هذا المذبح تلقاه في كل مكان في كل ساعة يمكنك أن تقيم عليه الذبيحة الليتورجية. (عظة متى 51: 4)
لا تقولوا لي: عددهم صغير أولئك الذين انفصلوا عن القطيع (ابتعدوا عن الكنيسة). حتى ولو كانوا عشرة يكونون خسارة لنا. إن كانوا 5، 2 أو حتى واحد، لقد ترك الراعي الصالح الـ 99 خروفاً وذهب للبحث عن الخروف الضال ولم يَعد قبل إيجاده (متى 18: 12).
لا تقولوا لي لا يوجد إلا مرتّد واحد تذكّروا أنه نفسٌ وأن الله قد صنع كل شيء منظور من أجله هو: القوانين العقوبات، العظائم، العجائب التي صنعها السيّد كلّها وجدت من اجل نفس واحدة. من أجلها لم يوفّر الله ابنه الوحيد.
تذكروا الثمن الكبير الذي مُنح من أجل تلك النفس. فلن تزدروا إذ ذاك بخلاصها" (عظة ضد ألعاب السرك والمسارح)