تطأ الأَسَدَ و الأفعى تدوسُ الشبلَ و التنين (مز 91 /13)
من أقوال الآباء في الحياة الروحيّة - أبرشية انطلياس المارونية
من أقوال الآباء في الحياة الروحيّة
القديس سمعان اللاهوتيّ الحديث
المعرفة الروحية
ولكن ما المنفعة إذا حملتَه إلى الأبد مغلقاً دون أن تفتحه وترى الثروة التي يحتويها: تلألؤ الأحجار الثمينة، بريق المجوهرات ولمعان الذهب؟
ماذا تنتفع إن لم تكن قادراً على أخذ بعض منه لشراء طعام أو كساء؟
إذا حملت هذا الصندوق مغلقاً فلن تربح شيئًا بالرغم من امتلائه بالثروات وستبقى معرّضاً للجوع والعطش والعري.
لنتصور أن هذا الصندوق هو إنجيل ربنا يسوع المسيح وغيره من الكتابات المقدّسة. الحياة الأبديّة والبركات التي لا تُوصف موجودة في هذا الكتاب مختوماً عليها بطريقة لا تُرى.
يقول السيد: فتّشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبديّة.
الرجل الذي يحمل الصندوق هو مَن حَفِظ الكتاب عن ظهر قلب وردده دائماً في فمه حافظاً إياه في ذاكرته كما في صندوق حجارة كريمة.
ولأن كلام المسيح هو النور والحياة كما يقول هو الذي يؤمن بالابن له حياة أبديّة والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة، هذا الصندوق يحتوي الفضائل والوصايا كالجواهر.
من إتمام الوصايا يأتي تطبيق الفضائل، وبتطبيق الفضائل إتمام الوصايا. إذاً بهذه فُتح لنا باب المعرفة. والأصح انه ليس بهذه فُتح لنا الباب إنما بالقائل:
وعندما يسكن الله فينا ويسكن بيننا يظهِر لنا نفسه ونعاين بوعي محتوى الصندوق والكنوز المخبأة في الكتاب المقدس.
لا نخدعنّ أنفسنا، ليس من طريقة أخرى لفتح صندوق المعرفة والتمتع بالأشياء الحسنة المحتواة فيه والمشاركة فيها ومعاينتها.
ولكن ما هي هذه الأشياء الحسنة التي أتكلم عنها؟ إنها المحبّة اللامتناهية نحو الله والقريب، وازدراء كل المرئيات، وكبح الجسد وكل أعضائنا التي على الأرض بما فيها الشهوة الرديئة...
القديس ثيوفان الحبيس
قانون صلاة
الصلاة لا تعني أن نسرد الصلوات فقط، إنّما أن نهضم محتواها في ذواتنا، وننطق بها وكأنها تخرج من أذهاننا وقلوبنا.
يجب أن تحفظ أيضاً انتباهاً صلاتياً نحو الله خلال النهار. لهذا، كما ذكرنا أكثر من مرة، تذكّر الله بصلوات قصيرة. إنه جيّد، وجيّد جداً في بعض الأحيان، أن تحفظ عدداً من المزامير وتتلوها بتركيز فيما أنت تعمل، أو بين العمل والآخر،
بدل الصلوات القصيرة. إن هذه الممارسة هي من أقدم العادات المسيحيّة.
بعد أن تحفظ كل هذه، تكون دائماً متسلّحاً بالصلاة. عندما تحاربك بعض الأفكار، أسرع إلى الوقوع عند قدمي الرب إمّا بصلاة قصيرة
أو بأحد المزامير، خاصةً يا رب أسرِع إلى إغاثتي، وسوف تتبدّد الغيمة المشوِّشة سريعاً.... على كل حال، عليك أن تتذكّر أن كل هذه هي أدوات مساعدة، والأمر الأكثر أهمية هو الوقوف في حضرة الله فيما الذهن في القلب بورع وسجود صادر من القلب. القديس أفرام السرياني
من أجل إصلاح الذين يعيشون في الأهواء ويسعون وراء
الإكرام والمديح
إن كان كلامي هذا لا يسرّكم فلا بأس من ذلك لأني أريد أن استخدم الكيّ حتى تتحرّروا من الجرح البليغ. لا تعتقدوا أن الله يجهل أهواءكم الخفية.
إني أخجل في وصف ما تفعلون في السرّ، إن ذكرتها لا تتحملون بل تهربون بعيداً. لذلك أرجوكم تواضعوا عن طريق الطاعة والمحبّة والبساطة وإذلال النفس والانسحاق، بها تخضعون بعضكم لبعض وتضبطوا أنفسكم متسلحين بالصوم، بالصلاة والسهر.
لا تتجبّروا بالخصام وتتعالوا بالترتيل. لا تكونوا ساهرين في أفكاركم ونظراتكم كالوحوش المفترسة بينما تنعسون في الصلاة وتغلقون العينين.
لا تكونوا مقتدرين في الثرثرة كالثيران وفي تمجيد الله خسعاناً كالثعالب.
لا تكونوا في الجدل غالبين وفي الروحيات ضعفاء.
لا تكونوا مغبوطين في المزاح وعابسين عندما تنصحون.
لا تكونوا أصحاء في النهار وفي شراهة البطن ومرضى وكسالى في الصلاة الليلية.
لا تكونوا شجعاناً في الحديث مع الآخرين وضعفاء في العمل والتطبيق.
لا تكونوا مقتدرين فيما تأمرون ومُحبطين فيما تُؤمرون.
لا تكونوا مسرورين في اخضاع الآخرين ونافرين في الخضوع للآخرين.
لا تكونوا قساة في أوامركم ومتذمرين لأوامر الآخرين...
لا تكونوا مسرعين إلى الموائد ومتكاسلين في الأشغال.
لا تكونوا أقوياء في كثرة المآكل وضعفاء في الصوم.
لا تكونوا متهللين في شرب الخمر ومتحفظين لشرب الماء.
لا تكونوا ساهرين تراقبون ما حولكم بينما ذهنكم مظلم لا يميّز الصلاح.
لا تكونوا مهذبين أمام النساء ومتوحشين أمام الإخوة.
بعكس ذلك أرجوكم يا أبناء الله الأحباء،
فلا نخسرنّ المجد الابدي ساعين وراء المجد العابر. لنسرع أرجوكم طالما نحن في الجسد لنعمل ما يُرضي الرب (أف ٥، ۱٠).
لنسرع ونغصب أنفسنا لأن العاصفة آتية فلا نكن غير مبالين. صراعنا ليس ضدّ الناس المنظورين لأن محاربنا غير منظور. لذلك الخطر كبير للمتهاملين أما للغالبين فلهم ثواب عظيم.
لنحارب عدوّنا بفنّ وحكمة. إن دعانا الى الشراهة فلنحاربه بالإمساك. إن أثار فينا شهوة الزنى فلنضبط حواسنا ونصبر فيتبخّر.
إن دفعنا الى الغضب فلنتسلح بالوداعة والسلام. إن أشعل فينا الكراهية فلنلتصق بالمحبّة. إن دفعنا إلى طلب الإكرام فلنُظهر له انسحاقنا، إن حرّضنا على طلب المجد فلنرتدِ البساطة. إن جعلنا نلجأ الى الكبرياء فلنتفكر بتواضع الربّ.
إن جرّنا الى حسد أخينا فلنفتكر بما وصل إليه قاين (تك ٤، ١١). إن دفعنا الى النميمة فلنتذكّر هلاك عيسو (تك ٢٥، ٣٤.... عب ۱٢، ۱٦-۱٧)؛ إن جعلنا نتكلّم شرّاً فلنَصن نفسنا بالصمت. هكذا إن قاومناه يهرب ولن يثبت أمامنا. فتعود إلينا النعمة الإلهيّة من جديد.