أكد فرنسيس أن الحياة البشرية هي عطية نلناها، وهي أهم عطية ومصدر كل العطايا والحقوق الأخرى، ومن هذا المنطلق لا بد من حمايتها. وشدد البابا أنه بالنسبة للمؤمنين خلق الله الإنسان على صورته ومثاله، لكن فيما يتعلق بالمؤمنين وغير المؤمنين على حد سواء، تشكل كل حياة خيراً وينبغي أن يُدافع عن كرامة الحياة البشرية في جميع الحالات والظروف. لم تخل كلمة البابا من الإشارة إلى أن عقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً خطيراً للحق في الحياة. وإذا كان صحيحاً أن المجتمعات والجماعات البشرية تواجه غالباً جرائم في غاية الخطورة تعرض للخطر الخير العام وأمن الأفراد، فصحيح أيضا أنه توجد اليوم طرق مختلفة للتعويض عن الأضرار كما أن منظومات الاحتجاز باتت أكثر فعالية من الماضي على صعيد حماية المجتمع من الشرور التي يمكن أن يسببها بعض الأشخاص. كما لا يمكن أن يُحرم أي شخص مذنب من فرصة التوبة.
ورأى البابا أن ارتفاع عدد البلدان التي بدأت تراهن على الحياة لا على عقوبة الموت، فضلا عن تلك التي ألغت هذه العقوبة بالكامل، يشكل عنصراً إيجابياً. وشدد فرنسيس على أن الكنيسة الكاثوليكية دافعت دوما عن الحياة كما أن نظرتها تجاه عقوبة الموت شهدت نضوجاً. ولهذا السبب، تابع يقول، أدرتُ أن يُعدّل الجزء المتعلق بعقوبة الإعدام في كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية. وأكد أنه لفترة طويلة كان يُنظر إلى هذه العقوبة وكأنها الرد الأنسب إزاء بعض الجرائم الخطيرة من أجل حماية الخير العام. لكن ينبغي ألا يتم التفريط بالكرامة البشرية للشخص حتى إذا أقدم هذا الأخير على ارتكاب أخطر وأسوأ الجرائم. ينبغي ألا يتعرض أحد للقتل ويُحرم من فرصة معانقة الجماعة التي ألحق بها الألم.
واعتبر البابا فرنسيس في رسالة الفيديو إلى المشاركين في المؤتمر العالمي السابع ضد عقوبة الإعدام أن هدف إلغاء عقوبة الإعدام في العالم كله يمثل تأكيداً شجاعاً لمبدأ كرامة الشخص البشري، وللقناعة بأن البشرية قادرة على مواجهة الجريمة ونبذ الشر مقدمةً للمحكوم فرصة التعويض عن الضرر الذي سببه، وإعادة التفكير بفعلته، ليكون قادراً على تغيير حياته، أقله على الصعيد الداخلي. هذا ثم أكد للمؤتمرين أنه يرافقهم بواسطة الصلاة ويشجعهم على متابعة عملهم ونقاشاتهم، كما قال إنه يشجع الحكام والمسؤولين في جميع البلدان على اتخاذ الخطوات الضرورية نحو إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل. وختم رسالته قائلاً: إن مسؤولياتنا تتطلب الإقرار بكرامة كل شخص والسعي إلى الحيلولة دون فقدان المزيد من الأشخاص أرواحهم، بل كي يستعيدوها من أجل خير المجتمع برمته.
تجدر الإشارة هنا إلى أن البابا فرنسيس وافق – الصيف الفائت – على نص جديد للعدد 2267 من التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية والمتعلق بقضية عقوبة الموت، ويؤكد النص الجديد أنه لا يمكن القبول بهذه العقوبة نظرا لكونها اعتداءً على كرامة الشخص البشري، كما يؤكد التزام الكنيسة الكاثوليكية بالعمل على إلغاء هذه العقوبة في العالم بكامله. وكان عميد مجمع عقيدة الإيمان الكاردينال فيرير قد أشار إلى الحاجة لإعادة صياغة التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية حول عقوبة الإعدام، للتعبير بشكل أفضل عن تطور العقيدة فيما يتعلق بضرورة احترام الحياة البشرية. وتابع لافتا إلى الأهمية الكبيرة لتعليم البابا يوحنا بولس الثاني بالنسبة لهذا التطور، مذكراً بالرسالة العامة "إنجيل الحياة" وبحديث هذا البابا عن إلغاء عقوبة الإعدام في أكثر من مناسبة، وهي قضية تطرق إليها بعده البابا الفخري بندكتس السادس عشر.