نُظم في مدريد اليوم 13 كانون الأول ديسمبر يوم عمل موضوعه "المياه، الزراعة والتغذية، فلنشيِّد الغد"، وذلك بمبادرة لعدد من المؤسسات الأكاديمية والاجتماعية والكنسية بمشاركة منظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة، فاو. وإلى المشاركين في هذه المبادرة وجه البابا فرنسيس رسالة شَكر في بدايتها منظمي اليوم على طلبهم كلمة من قداسته، ثم قال إن موضوع هذه المبادرة يُذكّره بكلمات صاحب المزامير "إن الرب يعطي الخيرات وأرضنا تعطي ثمرها" (مز 35، 18)، وأيضا بتشبيه النبي أشعيا كلمة الله بالمطر الذي يروي الأرض "لتؤتي الزارع زرعا والآكل طعاما" (اش 55، 10). وتابع قداسة البابا مشيرا إلى أن حكمة الكتاب المقدس ترى الرباط بين هذه العناصر وتنظر إليها بامتنان، لا بنهم أو استغلال، ويقود الإيمان والخبرة المؤمنين إلى هذا الامتنان الذي يتحول إلى دعوة إلى المسؤولية، لا إلى التشبث بحسابات تحُول دون مساعدة مَن هم محرومون من أكثر الاحتياجات أساسية. ويلمس البابا فرنسيس حسب ما تابع في رسالته هذا الاحترام في عنوان المبادرة، حيث يعكس فعل "نشيِّد" حسا إيجابيا، الانفتاح على الآخر والتبادلية والتعاون. وشدد البابا على أهمية هذه القيم من أجل تشييد الغد، مضيفا أن التحديات أمام البشرية اليوم مركبة بشكل يستدعي جمع الأفكار ووحدة الجهود وتكامل وجهات النظر، إلى جانب الابتعاد عن الأنانية والإقصاء، فهكذا يمكن اتخاذ قرارات حكيمة ووضع أسس راسخة لتشييد مجتمع عادل وشامل يضع الشخص البشري وحقوقه الأساسية في المركز، وهذه هي الطريق لضمان أن تجد الأجيال القادمة عالما منسجما بلا أحقاد، تتوفر فيه الموارد الضرورية لعيش حياة كريمة. وواصل البابا أنه ورغم تمتع الأرض بموارد للجميع كمّا ونوعًا فهناك الكثير من الأشخاص الذين يعانون من الجوع والفقر، وللقضاء على هذه الآفات يكفي إزالة اللاعدالة واللامساواة لتحل محلهما سياسات بعيد النظر وواسعة الأفق وأدوات فعالة ومنسقة، وذلك كي لا ينقص أحدا خبز اليوم وما يتطلبه عيش الحياة. ومن بين هذه الأشياء الثمينة للحياة هناك المياه التي هي أولية والتي مع الأسف لا يمكن للجميع الحصول علها، من الضروري بالتالي توزيع المياه بشكل أفضل وإدارتها باستدامة وعقلانية. شدد الأب الأقدس أيضا على ضرورة حماية البيئة والحفاظ على جمالها وتنوع النظام البيئي، وزراعة الحقول بعناية بدون جشع وبدون إلحاق الضرر بها بشكل لا يمكن إصلاحه. وتابع البابا فرنسيس متحدثا عن التعامل برفق مع الأرض لتفادي جرحها وتخريب عمل يدَي الخالق، فحين لا نعتني بالأرض تتوقف عن كونها مورد حياة للعائلة البشرية. وتحدث بالتالي عن حاجة مناطق غير قليلة إلى هذه العناية مشيرا إلى تلوث المياه والهواء والتصحر وغيرها، وهي عوامل تقود إلى الفقر وإلى أضرار متراكمة. حذر قداسته أيضا من هدر الغذاء ودعا إلى تربية الأطفال والشباب على التغذية الصحية لا على مجرد الأكل. وأضاف البابا أن التغذية الصحية تعني معرفة قيمة الغذاء والابتعاد عن الاستهلاكية المبالغ فيها، وجعل مائدة الطعام مكان لقاء وأخوّة.
نَصَبوا شِباكًا لِخَطَواتي فرَزَحَت نَفسي . حَفَروا أَمامي هوةً فوَقَعوا فيها. (مز 57 /7)