لا تَخرُجَنَّ مِن أَفْواهِكم أَيَّةُ كَلِمَةٍ خَبيثَة، بل كُلُّ كَلِمةٍ طيِّبةٍ تُفيدُ البُنْيانَ عِندَ الحاجة وتَهَبُ نِعمَةً لِلسَّامِعين (اف 4 /29)
كملة حياة ايار 2014: "فنسألكم باسم المسيح: تصالحوا مع الله!"
كلمة الحياة
أيّار 2014
"فنسألكم باسم المسيح: تصالحوا مع الله!" (2 قور 20،5)
أعلن بولس لأهل قورنتوس بشرى الخلاص الكبيرة التي هي جوهر الإنجيل، أي أنَّ الله صالح العالم بابنه يسوع (أنظر 2 قور 19،5)، ومن ثمّ حضّهم قائلاً: "تصالحوا مع الله".
بموت ابنه على الصليب، قدّم الله البرهان الأسمى عن محبّته للبشر. وبصليب المسيح صالحنا مع ذاته.
لا تزال هذه الحقيقة الإيمانيّة الجوهريّة آنيّة أكثر من أي وقت مضى. إنّها الوحي الذي تنتظره الإنسانيّة اليوم. نعم، إنّ الله بمحبّته قريب من الجميع. يحبّ كلّ واحد حبّاً جمّاً. وعالمنا بحاجة إلى سماع هذه البُشرى، غير أنّنا لا نستطيع أن ننقلها إليه إلاّ إذا أعلنّاها باستمرار، لأنفسنا أوّلاً، فنشهد بحياتنا أنّنا مغمورون بهذه المحبّة، حتّى ولو كان كلّ شيء من حولنا يدفع بنا للتفكير عكس ذلك.
"فنسألكم باسم المسيح: تصالحوا مع الله!"
ولكن، لا يمكن لهذا الإيمان بمحبّة الله أن يبقى سجين أفكارنا، فالله كلّفنا بأن نجذب آخرين للمصالحة معه، هذا ما يؤكّد عليه بولس في رسالته الثانية لأهل قورنتُس (2 قور18،5). إنّه يعهد إلى كلّ مسيحيّ بالمسؤوليّة الكبرى في الشهادة لمحبّة الله لمخلوقاته.
كيف يكون ذلك؟
علينا أن نشهد من خلال سلوكنا كلّه على مصداقيّة هذه الحقيقة التي نبشّرُ بها. ألم يقل لنا المسيح بوضوح: قبل أن نقرّب قرباننا إلى المذبح، علينا أن نتصالح مع "أخينا الذي له علينا شيء" (أنظر متّى 5، 23-24 )
يصحُّ هذا الأمر أوّلاً، وقبل كلّ شيء، على جماعاتنا وعائلاتنا وفرقنا ومؤسّساتنا وكنائسنا. نحن مدعوّون لأن نزيل كلّ عقبة تقف في وجه الألفة بين الأشخاص وبين الشعوب.
"فنسألكم باسم المسيح: تصالحوا مع الله!"
يقول بولس: "باسم المسيح" أي بال "نيابة عنه". يدعونا الرسول لأن نقوم بدور المسيح، فنعيش معه ومثله، ونحبّ بعضنا البعض كما أحبّنا، من دون تحفّظ أو انحياز، بل منفتحين على قيَم الآخر الإيجابيّة فنقدّرها ونستقبلها، ونكون مستعدّين أن يهب الواحد منّا حياته من أجل الآخر. إنّها وصيّة يسوع بامتياز، إنّها سِمَة العلاقة التي تميّز حياة المسيحيّين، وهي لا تزال صالحة اليوم بقدر ما كانت عليه في زمن الرسل الأوّلين.
أن نعيش هذه الكلمة يعني أن نصبح صانعي مصالحة.
وإذا ما جاءت أعمالنا وكلماتنا ومواقفنا مفعمةً بالمحبّة، فسوف تشبه أعمال يسوع وكلماته ومواقفه. سنغدو مثله رسل فرح ورجاء، شهود ألفة وسلام، نبشّر بالعالم المتصالح مع الله (أنظر 2 قور 19،5) الذي تنتظره الخليقة كلّها.
كيارا لوبيك (1996)