و قال: يجب على ابن الإنسان أن يعاني آلاما شديدة وأن يرذله الشيوخ و عظماء الكهنة و الكتبة و أن يقتل ويقوم في اليوم الثالث (لو 9 /22)
عن الاضطهاد - القديس أفرهاط الحكيم الفارسي
عن الاضطهاد
القديس أفرهاط الحكيم الفارسي
سبب المقالة
[حدث ذات يوم أن إنسانًا يدعي حكيمًا بين اليهود سألني: يسوع الذي يُدعي معلمكم، كتب أنه إن كان أحد منكم له إيمان مثل حبة خردل تقولون لهذا الجبل انتقل، فينتقل من أمامكم، ويرتفع ويسقط في البحر، وهو يطيعكم (مت 17: 19؛ 21: 22). وواضح أنه ليس في كل شعبكم حكيم واحد تُسمع صلاته، فيسأل الله أن يُبطل المضطهدين لكم. فمن البيَّن أن هذا كتُب لأجلكم: "ليس شيء غير مستطاع لديكم"].
[وإذ رأيته يجدف وينطق ضد الطريق، اضطرب ذهني، وأدركت أنه لم يعرف تفسير الكلمات التي اقتبسها وقالها لي. عندئذ من جانبي سألته عن أقوال من الناموس والأنبياء، وقلت له: هل تثق أنه حتى عندما تشتتم فإن الله معكم؟... إذ قال لإسرائيل: "حتى في أراضي أعدائكم لا أنساكم، ولا أنكث ميثاقي معكم" (راجع لا 26: 44).
أجبته: "حسنًا أن أسمع هذا منكم أن الله معكم. لكنني أنطق أيضًا بكلمات ضدكم"، إذ يقول النبي لإسرائيل كما من فم الله: "إذا جزت في البحر فأنا معك، وفي الأنهار فلا تغمرك. إذا مشيت في النار فلا تلدغ واللهب لا يُحرقك، لأني أنا الرب إلهك معك" (راجع إش 43: 2-3). هكذا أما يوجد حكيم واحد بينكم بار وصالح من كل الشعب حتى يعبر البحر ويحيا دون أن يغرق، ويجتاز النهر دون أن يغمره، ومن يقدر أن يسير على النار فلا يُلدغ، واللهيب لا يحرقه. وأن قدمت لي شرحًا لا أقبله منك، كما أنت لا تقبل تفسير الكلمات التي سألتني عنها].
[كتبت لك هذا المقال يا عزيزي منذ البداية بسبب تعيير يهودي لأبناء شعبنا (أننا مُضطهدون)، لكن الآن أظهر لك قدر إدراكي إن المُضطَهدين ينالون مكافأة عظيمة، بينما يصير المضطهِدون في احتقارٍ وخزيٍ].
يعقوب المُضطهَد
[كان يعقوب مُضطَهدًا، وعيسو مضطهِدًا.
نال يعقوب البركات والبكورية، بينما حُرم عيسو من الاثنين].
مقارنة بين يسوع المُضطهَد ويوسف
كان يوسف مضطَهدًا، وكان إخوته هم المضطهِدِين. يوسف تمجد، ومضطِهدوه سجدوا له، فتحققتِ أحلامه ورؤياه.
كان يوسف المُضطَهد رمزًا ليسوع المُضطَهد.
يوسف ألبسه والده قميصًا بألوان كثيرة، ويسوع ألبسه أبوه جسدًا من البتول.
يوسف أحب أبوه أكثر من إخوته، ويسوع هو العزيز المحبوب لدي أبيه.
رأي يوسف رؤى وحلم أحلامًا، وتحققت الرؤى والأنبياء في يسوع.
كان يوسف راعيًا مع إخوته، ويسوع هو رئيس الرعاة.
عندما أرسله أبوه ليفتقد إخوته رأوا يوسف قادمًا وخططوا لقتله، وعندما أرسل الآب يسوع ليفتقد إخوته قالوا: "هذا هو الوارث، هلم نقتله" (مت 21: 38).
ألقي إخوة يوسف أخاهم في الجب، ويسوع أنزله إخوته ليسكن بين الموتى.
يوسف صعد من الجب، ويسوع قام من بين الأموات.
يوسف بعد أن قام من الجب صار له سلطان على إخوته، ويسوع بعد أن سكن بين الأموات أعطاه أبوه اسمًا عظيمًا ممجدًا (في 2: 9) ليخدمه إخوته ويخضع أعداؤه تحت قدميه.
يوسف بعد أن عرفه إخوته خجلوا وخافوا واندهشوا أمام عظمته، وعندما يأتي يسوع في آخر الزمان، ويعلن عظمته سيخجل إخوته ويخافون ويرتعبون أمامه لأنهم صلبوه.
علاوة على هذا فإن يوسف بيع إلي مصر بناء على مشورة يهوذا، ويسوع سُلم لليهود بيدي يهوذا الإسخريوطي.
عندما باعوا يوسف لم يجب إخوته بكلمة، ويسوع أيضًا لم ينطق ولا أجاب على القضاة الذين حاكموه.
يوسف سلمه سيده للسجن ظلمًا، ويسوع أدانه أبناء شعبه ظلمًا.
سلم يوسف ثوبيه، واحد في أيدي إخوته، والآخر في يد زوجة سيده، ويسوع سلم ثيابه وقسمت بين الجند.
يوسف إذ كان في الثلاثين من عمره وقف أمام فرعون وصار سيد مصر، ويسوع إذ بلغ الثلاثين جاء إلي الأردن ليعتمد وقبل الروح وخرج يكرز.
يوسف عال مصر بالخبز، ويسوع عال العالم كله بخبز الحياة.
يوسف أخذ ابنة الكاهن الشرير النجس زوجة له، ويسوع خطب لنفسه الكنيسة من الأمم النجسين.
مات يوسف ودُفن في مصر، ومات يسوع ودُفن في أورشليم.
عظام يوسف أصعدها إخوته من مصر، ويسوع أقامه أبوه من مسكن الموت ولبس جسده وارتفع به إلي السماء في غير فساد.
مقارنة بين يسوع المُضطهَد وموسى
[أُضطهد موسى أيضًا كما أُضطهد يسوع.
حين وُلد موسى أخفوه من مضطهديه لئلا يقتلوه، وحين ولد يسوع هربوا به إلي مصر لكي لا يقتله هيردوس مضطهِده.
في الأيام التي وُلد فيها موسى كان يغرقون الأطفال في النهر، وعند ميلاد يسوع قُتل أطفال بيت لحم وما جاورها.
لموسى قال الله: "مات الرجال الذين يطلبون نفسك" (خر 4: 19). وليوسف قال الملاك في مصر: "قم وخذ الصبي وأمه وأذهب إلي أرض إسرائيل، لأنه قد مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبي" (مت 2: 20).
أخرج موسى شعبه من خدمة فرعون، وخلّص يسوع الشعوب من خدمة الشيطان.
ترَّبي موسى في بيت فرعون، وتربي يسوع في مصر حين هرب به يوسف إلي هناك.
وقفت مريم على حافة النهر حين طاف موسى فوق الماء، وحملت مريم بيسوع حين بشرها الملاك جبرائيل.
حين ذبح موسى الحمل قتل أبكار المصريين، وصار يسوع الحمل الحقيقي حين صلبوه، وبموته مات الشعب القاتل.
أنزل موسى المن لشعبه، ووهب يسوع جسده للشعوب.
بالخشبة حلَّى موسى المياه المرة، وبصليبه حلَّى يسوع مرارتنا بخشبة شجرة صليبه.
أنزل موسى الناموس لشعبه، ووهب يسوع عهوده للشعوب.
قهر موسى عماليق عندما بسط يديه، وقهر يسوع الشيطان بعلامة الصليب.
أخرج موسى لشعبه مياه من الصخرة، وأرسل يسوع سمعان صفا ليحمل تعليمه بين الشعوب.
رفع موسى البرقع عن وجهه وتكلم مع الله، وأنتزع يسوع البرقع عن وجه الشعوب ليسمعوا تعليمه ويقبلوه.
وضع موسى يده عل رسله فقبلوا الكهنوت، ووضع يسوع يده على رسله فنالوا الروح القدس.
صعد موسى الجبل، ومات هناك، وصعد يسوع إلي السماء، وجلس عن يمين الآب].
مقارنة بين يسوع المُضطهَد ويشوع
[أُضطهد يشوع بن نون كما أُضطهد يسوع مخلصنا.
أُضطهد يشوع بن نون بواسطة الشعوب النجسة، وأضطهد يسوع مخلصنا بواسطة الشعب الجاهل.
أخذ يشوع بن نون الميراث من مضطهديه وأعطاه لشعبه، ويسوع مخلصنا أخذ الميراث من مضطهديه ووهبه لشعوبٍ غريبةٍ.
أوقف يشوع بن نون الشمس والقمر وانتقم من الشعوب التي اضطهدته، ويسوع مخلصنا جعل الشمس تغيب في وسط النهار، ليخزى الشعب المضطهِد الذي صلبه.
وزع يشوع بن نون الميراث على شعبه، ووعد يسوع مخلصنا أن يعطي الشعوب أرض الحياة.
منح يشوع بن نون الحياة لراحاب الزانية، وجمع يسوع مخلصنا الكنيسة الزانية ومنحها الحياة.
ضرب يشوع بن نون أسوار أريحا ودمرها في اليوم السابع، وفي اليوم السابع ليسوع مخلصنا، في بيت راحة الله، سيحل العالم ويسقط (عب 4: 8).
رجم يشوع بن نون عاخان الذي سرق ما هو مُحرَّم، وفصل يسوع مخلصنا يهوذا عن التلاميذ رفقائه، لأنه سرق من كيس المساكين.
مات يشوع بن نون وسلَّم الشهادة إلي شعبه (يش 24: 22، وحين صعد يسوع المسيح مخلصنا سلم الشهادة إلي رسله (مر 16: 14؛ مت 28: 18)].
غاية المقالة
[هذه الذكريات التي أكتبها إليك يا عزيزي بخصوص يسوع الذي أُضطهِد، والأبرار الذين اُضطهِدوا هي من أجل الذين يُضطهدون اليوم من أجل يسوع المُضطهَد، فيستريحون. فقد كتب لنا وأراحنا بنفسه: "إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم أيضًا. يضطهدونكم لأنكم لستم من العالم كما أني أنا لست من العالم" (راجع يو 19:15، 20؛ 14:17)].