طوبى لِمَن يَحفَظونَ الحَقّ لِمَن يَعمَلون بِالبِرِّ في كُلِّ حين (مز 106 /3)
237- البابا ألكساندر السابع 1655 - 1667
اسكندر السابع
فابيو شيجي
1655 - 1667
ولد في سيّان في 13 شباط 1599، وهو ينتمي إلى عائلة من أغنياء المصرفيين، والتي أسسها اغوسطينو شيجي، صديق رفائيل ولاون العاشر، الذي كان قد شاد دارة (فيلا) فارنيز، في روما. بعد أن درس الحقوق والفلسفة والتاريخ والفن واللاهوت، جاء إلى روما، ودخل في خدمة الكنيسة فسيم كاهناً سنة 1635. أرسله اوربانوس الثامن 1639 قاصداً رسولياً إلى كولونيا، حيث بقي شيجي هناك ثلاث عشرة سنة، ظهرت خلالها استقامته وتواضعه، مما جعلت له احتراماً عميقاً لدى الجميع. جعله اينوشنسيوس العاشر ممثلاً له، بنوع خاص، دور صعب. وفي سنة 1651 عيّنه اينوشنسيوس كاتماً لسر الدولة ليجعله كردينالاً بعد عام. أما مبدأ شيجي فكان: يعمل كثيراً ويتكلم قليلاً.
كان مازاران قد عارض انتخابه ثم عاد فسحب اعتراضه. وضع اسكندر السابع في غرفته تابوتاً وجمجمة ميت، صنع رنان، لتذكّره دائماً بوهن الأشياء البشرية وسرعة زوالها.أما أول أعمال حبرية اسكندر فكانت: أنه نفى اوليمبيا ميدالشيني مدى الحياة وتعيين الكردينال جيوليو روسبيغليوزي كاتماً لسر الدولة. أما نواياه بإنهاء عهد توظيف الأقارب فقد تلاشت، وبكل أسف، بناء لطلب مجمع الكرادلة الذي رجاه بتعيين أولاد الإخوة، فابن أخيه فلافيو شيجي، قد أصبح كردينالاً بعمر سبع وعشرين سنة، بعد أن أنهى دروس اللاهوت، فقد عاش عيشة ترف وبذخ دون أن يكون له أدنى تأثير. وهناك واحد من أقاربه الأبعدين، أصبح كردينالاً، وأبناء أخوة أخر قد تسلموا وظائف دنيوية. أما اسكندر فقد بقي، تجاه توظيف الأقارب، رغم العطف عليهم، محتشماً نسبياً، أما بلاطه الخاص فلم يكن فيه أي مظهر دنيوي. لم يستطع البابا أن يكون آمراً، بالرغم من حسن إرادته، بسبب مخالفات محاسبيه العالميين.
كان للجمعيات الرهبانية، في عهده، شأن عظيم، فالبابا قد ترك لهم الاهتمام بالحكومة وبالولاية، أما ما تبقّى من الاهتمامات والأعمال فقد سلّمها للكردينال روسبيغليوزي الذي سيخلفه.
ارتدت، في 23 كانون الأول 1655، كريستين ملكة السويد السابقة، ابنة غوستاف أدولف، إلى الكثلكة، ودخلت إلى روما، حيث ستعيش مدة أربعاً وثلاثين سنة "ولد مخيف" متوجة، وهذا ليس بالأمر الهين دائماً، وبقيت هكذا حتى وفاتها. فاسكندر، الذي احتج على معاهدة وستفالي التي وقّعت باسم الملكة، يوم كان قاصداً رسوليا؛ً، استقبلها بكل حفاوة واحترام.
أصبحت العلاقات مع فرنسا متوترة – ليس فقط إلى حين موت مازاران سنة 1661 – بل ازدادت صعوبة أيضاً، عندما أراد لويس الرابع عشر، المتحرر من ولاية وصاية الوزراء، أن يبسط "إرادته بالقوة". إن معاهدة البيرنه، التي جرى توقيعها في 7 تشرين الثاني 1659، والتي أبعدت البابا عنها، مع أنه ساعد كثيراً لاتمامها، قد وضعت حداً للتنافس القديم بين اسبانيا وفرنسا لمصلحة هذه الأخيرة، وكذلك قد دعمت المحالفة الهجومية، التي تمت بين مازاران وكرومويل موقف فرنسا. وهكذا انتهت الهيمنة الاسبانية.
انفجرت، سنة 1662، قضية الحرس الورسيكي، على أثر مناوشة حصلت، عن سكر، بين جماعة من الفنسيين التابعين للسفير، دوق دي كريكي وجماعة الكورسيكيين التابعين للحرس البابوي وقد قتِل في هذه المناوشة أحد خدم دوق دي كريكي، وأطلقت عيارات نارية على شبابيك السفير، فأكبر لويس الرابع عشر الحادثة، وأشعل نارها بلباقة، وفرض، بطريقة زرية، إصلاح الخلل: على الكردينال ابن الأخ أن يحضر بشخصه ويقدم اعتذارات إلى الملك، وأن ينصِب عمود في روما، يكتب عليه سبب نصبه بانتصار الملك على البابا، وهناك قطعة نسيج مطرّزة في فرساي، تذّكر كذلك بالاعتذارات التي قدمها شيجي.
احتل الملك أفينيون، وهيّأ هجوماً عدوانياً ضد الولاية الباباوية وانتزع من البابا "صلح" بيز سنة 1664.
أما على الصعيد الديني، فقد أبقى البابا الأحكام الصادرة بحق الجنسانية، وهو الذي افترض توقيع صيغة الحكم الشهيرة. قد أدان اسكندر السابع خمساً وأربعين قضية من القضايا التي قدمها جماعة من القائلين بالترجيح لا بالجزم (قد هاجم باسكال المرجحين وسخر منهم في مقالاته: رسائل ذم، المعروفة بالبروفنسيال) (1656- 1657).إن الترجيح هو مبدأفلسفي لا يرى الجزم بالأشياء والمؤلفات، بل يبقى كل شيء تحت المرجّح – حيث أن كلمة مرجّح تكون قابلة للموافقة – أي: عندما يكون هناك مؤلفان في نظريتين مختلفتين، فتتّع نظرية المؤلف الأكثر سهولة، حتى ولو أنه أقل تأكيداً، حتى ولو انه، أيضاً، قابل للدفاع. إذ بدلاً من الحيطة التي تتأتى من الصرامة التي يتطلبها الجنسانيون، رأى اليسوعيون اتباع الحل الأسهل، من هنا انطلق نقد باسكال اللاذع.
كان اسكندر السابع نصيراً للآداب والفنون، ووضع تحت حمايته، خاصة، برنان، الذي نحت له، في جملة ما نحت، تمثالين لكابيلا شيجي، ولكنيسة القديسة مريم ديل بوبولو، وشيّد المنصة الفخمة في الفاتيكان مع تمثال قسطنطين، وليتوّج عمله، أقام الأعمدة، في ساحة القديس بطرس، مفخرة الهندسة النافرة، بناها من سنة 1657 إلى 1667، فأضحت ساحة القديس بطرس، وفقاً للنقوش التي استعملها اسكندر مفخرة الباباوية الأبدية وللإنسانية الكاثوليكية. قبل لأن يكمل برنان ساحة القديس بطرس، بنى عرش القديس بطرس في صدر الكنيسة (البازيليك).
قد توازت صفات اسكندر، ففيه الضعف كما فيه الكثير من الصفات الإنسانية الحسنة. توفي اسكندر، بعد مرض أليم عضال، ولم يعرف أن لويس الرابع عشر قد احتل البلاد الواطية.
لم يكمل برنان قبر البابا إلا في عهد اينوشنسيوس الحادي عشر.