Skip to Content

235- البابا أوربانوس الثامن 1623 - 1644

 

اوربانوس الثامن

مافيو باربريني

1623 - 1644

Click to view full size image

بعد آل الدوبراني، وآل بورغيز وآل لودوفيزي، والآن مع اوربانوس الثامن بدأ ارتقاء آل باربريني. ولد في 5 نيسان 1568 في فلورنسا، درس اوربانوس الحقوق ثم أصبح قاصداً رسولياًفي باريس حيث نال سنة 1606 الولاية الكردينالية ولهذه المناسبة أوكل اليه بولس الخامس مطرانية سبوليت. عاش هذا الكردينال الغني، في روما عيشة بذخ واشتهر بتضلعه بالآداب، وفي حلول سنة 1621 أخذ يتوق للحصول على التاج المثلث.

أما توظيفه لأقاربه فلم يكن حدود،فقد قلَََّد ارجوان الكردينالية لابن أخيه فرنسيسكو بربريني وهو بعمر ست وعشرين سنة. كما قلَّد، شقيقاً لهذا، يدعى أنطوان، الكردينالية، وكذلك لابن أخته لورنزو ماغالوتي. أما فرنسيسكو فكان شخصية مونساً خفيف الروح ونصيراً عظيماً للآداب والفنون، وكذلك كان أخوه، ومع ذلك ذلك لم يفقد اتزانه. أما أنطونيو، ذلك العامل المتزمت، فتابع حياته النسكية، فيما تاديو، أخو الكردينالين الفتيين، بقي عالمياً وأصبح المؤسس للبيت الأميري. لم يكن ارتقاء أحد من أعضاء هذه العائلة ليتسلط أو يؤثر على البابا أبداً.
تزامت حبرية اوربانوس الثامن مع مراحل حرب الثلاثين سنة والذي، في أثنائها، وافق على بعض إعانات مالية للقوات الكاثوليكية في ألمانيا. إن القوات الكاثوليكية، وقد نجحت، تمنت على الامبراطور فردينان الثاني، في 6 آذار 1629، أن ينشر منشوره الاستردادي، فيه يأمر القوات البروتستانتية، بإرجاع أموال وأملاك الكنيسة التي كانوا قد تملكوها. فالمنشور هذا لم ينفّذ كاملاً من جهة، ومن جهة ثانية لا يستطيع أن يرجع الوحدة إلى الايمان الكاثوليكي في ألمانيا. استسلمت لاروشيل سنة 1628 ومعها استسلمت القوة العسكرية والسياسية البروتستانتية الفرنسية، وعندها استطاع ريشيليو، وزير لويس الثالث عشر، منذ 1624، أن يحلم بإزاحة خطر الموت، عن فرنسا، الذي أبداه تحالف حكومات آل هابسبورغ.
إن حرب خلافه الولاية على مانتو، قامت بعد انقراض آل غونزاغا، قد غيّرت مجرى الأحداث: فقام فرنسا والامبراطور فردينان الثاني، زوج اليونور دي غونزوغا، كقوة أولى رئيسة، من جهة، ودوق اللورين ودوق غاستيلا كقوة ثانية تساندهما اسبانيا، كان الجميع يطمحون بالولاية على مانتو. أما البابا اوربانوس الثامن، بالرغم من تودده لفرنسا، فبقي على الحياد لكنه عندما رأى الامبراطور يزحف على ايطاليا، عندها أنشأ جيشاً وقد فاز هذا الجيش بالغلبة. تقربت فيينا إلى البابا لتنحاز ضد اسبانيا. سقطت مانتو في 18 تموز سنة 1630 بين أيدي القوات الامبراطورية فتعرضت لنهب يشابه مذبحة روما سنة 1527، وقد أصاب البابا جزع شديد لذلك. تمّ صلح راتيسبون في 13 تشرين الأول بتوسط اوربانوس، الذي فيه يكون الهدوء والسلام لإيطاليا. بيد أن هذا الصلح لم يمنع ريشيليو من أن يصطنع من جديد، على صعيد الحرب، ويعمل منهجاً تحالفياً ضد آل هابسبورغ، فلم يتردد أبداً في محالفة غوستاف أدولف، بتغذيته الآمال ليصاح الكردينال مع آل هابسبورغ. عدة محاولات جرت للتقرب من اوربانوس لكي لا ينحاز علناً للامبراطور وذلك لفائدة الكاثوليك، مع أنه لم يكن يرغب في أن يرتبط شخصياً بذلك، بل كان يريد عملاً مشتركاً ضد غوستاف أدولف، الذي بموته في لوتزن سنة 1632 أثار البهجة في روما، وبدلاً من الوصول إلى الصلح والسلام، أعان، عند ذاك، البابا اوربانوس على توطيد السلطة الامبراطورية بواسطة صلح براغ (20 أيار 1635) ولإعلان حرب ضد ريشيليو الذي كان يكتفي " بالحرب الباردة " حتى ذلك الحين. أما فرديناند الثالث، ابن وخليفة فرديناند الثاني، فقد استدعى مجلس راتيسبون، الذي أعطى للبروتستانت تساهلات كبيرة. بالرغم من جهود البابا فقد استمرت الحرب. توفي ريشيليو في 4 كانون الأول 1642 تاركاً الساحة حرة لتلميذه مازاران الذي كان قد نال القبة الحمراء سنة 1640، والذي لم تكن الأمور الدينية أو الكهنوتية لتمنعه أو تعيقه كثيراً. لم يكن لأوربانوس الهمة ليقاوم منافساً كريشيليو وقد أثبت الكردينال للبابا أن زمن التأمل والتأجيل الروماني قد انتهى. ولئن كانت إرادة اوربانوس في الصلح لا تقبل الجدل، فإنه تمن المؤكد بعكس ذلك، في حرب الثلاثين سنة لم يجد بداً من توجيه سياسته نحو ما هو أساسي وجوهري، وبدلاً من أن يضع الأموال، التي جمعها سيكستوس الخامس، تصرّف قضية كاثوليك ألمانيا، بددها في حرب حزبية تدعو للشفقة ولا طائل تحتها، ضد اودوارادو فارنيز بسبب دوقية كاسترو التي أثارت حسد ورغبة أبناء أخيه، وقد كان بإمكانه أن يسترجع بهذه الأموال، لمصلحة الكنيسة الكاثوليكة، المقاطعات التي خسرتها الكنيسة، لكن هذه الأموال ذهبت إلى جيوب عائلة باربيريني، أغنى ملاكي الأراضي في الولاية الباباوية.
في حين كان ريشيليو يوطد عرش الملكية المطلقة، كانت الكنيسة الغاليكانية تزداد حيوية ونشاطاً، بما فيها من خميرة حيّة، وقوة دينية، فأخذت توطد هذا التفوّق الديني وتلك الحيوية، وقد أثبتت السنون التالية ذلك. وافق اوربانوس سنة 1633 على قوانين الجمعيات الإرسالية، بالرغم من النفور الحاصل في روما ضد جمعيات الكهنة الغير خاضعين لقانون رهباني. ومما هو جدير بالذكر، كتعبير عن الكنيسة الغاليكانية، المؤلف الذي وضعه ونشره سنة 1641 بيار ماركا بعنوان: وفاق الكهنوت والامبراطورية، الذي حرِمَ سنة 1642. جرت، في عهد اوربانوس، حادثة مؤسفة وهي: التقرير الذي وضعته محكمة التفتيش ضد غاليلو غاليلي سنة 1633، ومن المعلوم أن اوربانوس كان ميّالاً جداً للرجل العظيم، وقد عرِف عن البابا، في الأصل، أنه نصير وحامي العلوم، فظن غاليلي أن باستطاعته، استناداً إلى ذلك، الرد على أخصامه، لكن كان العكس إذ قد تسلمت الأمر محكمة التفتيش وعاملته بقسوة، وأخيراً وهنت المحكمة، ولكي لا يثير الجدل الكلامي، فأصدر البابا سنة 1616 أمراً بإطلاق سراح غاليلي وسمح له بالدخول إلى فلورنسا.
إن ظهور الجنسانية، الذي أحدث قبلاً خطراً وقلقاً للبابا، كذلك ظهر في عهد اوربانوس الثامن (تحريم الاوغسطينوس 1643)
رأس البابا يوبيل سنة 1625 (اليوبيل الثالث عشر)
يعود الفضل إليه، للعمل الهام الذي قام به بمراجعة الكتب الطقسية (الحبرية، كتاب الصلوات، كتب العبادات وكتاب الشهداء) وبإصدار براءة يمنع فيها تقديم التعبد للأشخاص الذين يظن بأنهم قديسون قبل أن تعلن الكنيسة حقيقة قداستهم وفضائلهم. وضع عدة أناشيد وأشعار دينية كثيرة. كان اوربانوس الثامن موسيقياً قديراً، فقد عيّن غريغوريوس اليغري في الكابيلا السكستينية. وأصبح جيرولامو فريسكوبالدي، المعلم الشهير، عازفاً على الأرغن في كنيسة القديس بطرس في زمن اوربانوس الثامن.
لقد أظهر البابا، وكذلك أولاد إخوته، عطفاً ووضع أنظاره على الكتّاب من كل فئة ومن كل نزعة، أما ابن أخيه الكردينال فرنسيسكو بربيريني وروما كلها معه، فقد استقبل بموكب شرف سنة 1638 الفاضل جون ميلتون أشهر النزلاء الأجانب. كان اوربانوس ينافس أولاد أخيه في زخرفة المدينة بالمنشآت والأبنية. وقد اشتهر في عهده الفن التزييني القديم وقد وصل إلى أوج الفخامة في أعمال برنان الذي نحت التمثال النصفي للبابا في قصر بربيريني، وبعد أن كرّس اوربانوس في 18 تشرين الثاني 1626 احتفالياً كنيسة مار بطرس التي أسهم في بنائها عشرون بابا في مدى مئة وأربع وسبعين سنة. وبرنان قد أقام قبة المذبح الفخمة فوق المذبح الحبري المعروف بمذبح الاعتراف. وقد أصبح هذا العمل الناجز سنة 1633 في الأصل عاملاً لشهرته العالمية. أعماله في روما عديدة. وقد أكمل، في عهد اوربانوس أيضاً، قصر بربيريني الذي بدأ به مادرنا، وكذلك أكمل نبع تريتون، في ساحة بربيريني، وقد خلّده، البابا نفسه، بالنصب الجبارة البرونزية الموجودة في قصر المتاحف، وقبر مار بطرس. وكان بين الرسامين الكبار دومينيشيو واندريا ساشي الذين عملوا، فيما بين الأعمال، للبابا ولأولاد أخيه. أقام بوسان وكلود لورين نهائياّ في روما، أما فيلاسكيز فقد حظي بالقرب من فرنسيسكو بربيريني باحترام عميق. أنشأ البابا سنة 1626 المقر الصيفي، في كاستل غوندلفو، حسب تصاميم مادرنا، وزيّن هذا المبنى ببيتين من الشعر الرنان متكاملي المعنى والمبنى.
يرينا جوزيب أبّاتيني رسماً للبابا في قصر بربريني. كان البابا يتمتع بعدة صفات ومناقب حسنة، وبمعرفة واسعة بالناس، وبمواهب ديبلوماسية، فضلاً عن أنه كان، نوعاً ما، سريع الغضب. كان يعيش ببساطة، ويحب التنزه على الخيل، وإنشاد قصائد مصحوبة بالموسيقى. لم يتنبّه للضرر الاقتصادي الذي أحدثه توظيف أقاربه إلا في ساعة وفاته.

 

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +