أحبب الرب إلهك بكل قلبك و كل نفسك و كل قوتك و كل ذهنك و أحبب قريبك حبك لنفسك (لو 10 /27)
تأملات روحية الصوم و التوبة - لنيافة الانبا باخوميوس
تأملات روحية الصـوم والتوبـة
لنيافة الانبا باخوميوس
فى هذه الأيام نبدأ الصوم المقدس والذى نعتبره وقتاً مناسباً للتوبة نقرأ بعض كلمات معلمنا بولس الرسول لأن ليس عند الله محاباة "
وكذلك آلام السيد المسيح عنا، وهذا يكون بمثابة دافعاً قوياً من أجل تجديد عمل التوبة ولا يعتبر الحديث عن التوبة حديثاً مكرراً لأنه ضرورة من أجل خلاص نفس الإنسان، ومهما سمع أو قرأ الإنسان عن التوبة يحتاج دائماً إلى تجديد الاستماع والقراءة من أجل تجديد توبته لأننا كما نعلم المدخل إلى الحياة المسيحية هو الإيمان بالمسيح، وإعلان التوبة، ثم المعمودية بالماء والروح، وما يسعدنا فى تجديد توبتنا أن نتأمل فى معرفة الإنسان حقيقة نفسه الله خلقنا على صورته ومثاله فنحن نفخة من الرب وهيكل للروح القدس، ومفديين بدم الرب يسوع .. إذن للإنسان قيمة كبيرة عند الله، ولذلك كان الهدف نحن لسنا مجرد تراب وإنما نحن أولاد لله " لا أعود أسميكم عبيداً لكن قد سميتكم أحباء لأنى أعلمتكم بكل ما سمعته من أبى "(3).. الابن يعيش فى محبة أبيه ولا يفقد هذه البنوة .. الابن الضال بسبب خطيته فقد البنوة والحياة كلها حتى يقال عنه " كان ضالاً فوجد ) فى أيام الصوم لا يعيش الإنسان فى علاقة سطحية مع الله بسبب إنشغالات العالم الكثيرة بل يجب أن يهدأ ويدخل إلى نفسه، ويعرف حقيقة نفسه لأن الأبدية هى الباقية .. وخاصة إذا كان الإنسان مسئولاً عن خدمة، ويطلب من المخدومين ترك الخطية .. يجب عليه أن يعمل ما يُعلمه (ب) ما هى الخطــية ؟ طرد آدم وحواء من الجنة نتيجة الخطية يتأمل فى نتيجة خطيته ويحكم على نفسه قبل أن يُحكم عليه .. نحتاج إلى حياة التدقيق لأن العدو أحياناً يُبسط الخطية أمامنا مما يؤدى إلى السقوط. ونحن كما نعلم أن للخطية عقوبتان .. الأولى أرضية، والثانية سماوية .. كما حدث بعد خطية آدم، وأيام الطوفان، وخطية سدوم وعمورة نلاحظ فى هذه الأيام حدوث كوارث عديدة، وهى ليست بالمصادفة بل هى بسبب غضب الرب على الشر الذى فى العالم .. أليست هذه عقوبة أرضية، ولكنها لا تعفى من العقوبة السماوية .. كما يقول معلمنا بولس " أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة أحياناً يستخدم الرب لطفه وطول أناته لكى يقتادنا إلى التوبة الخطية تسبب القلق والخوف وفقدان السلام وعندما صرخ يشـوع للرب أجابـه " فى وسطك حرام يا إسرائيل "(3).. لأن عخان بن كرمى اشتهى رداءاً شنعارياً وقضيباً من الذهب، واحتاج الشعب فى ذلك الوقت توبة فردية وأيضاً جماعية .. نحتاج أن نسند بعضنا البعض لكى نحيا فى توبة جماعية الذى يعيش فى الخطية لا يشعر بالقلق فقط بل أيضاً بالعار، أما التائب فيستمتع بالبر الذى يرفع الشأن "البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية الذى يعيش فى الخطية هو يرفض محبة الله لأنه يقول " الذى عنده وصاياى ويحفظها فهو الذى يحبنى "(1) والوصية الأولى والعظمى هى " تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك أما السلوك فى الخطية فهو عدم محبة لله وانفصال عنه كما حدث مع الابن الضال الذى أغراه العالم فأخذ ميراثه وانفصل عن أبيه، وذهب إلى كورة بعيدة، ورفض الاستماع إلى أبيه . ولكن عندما ترك الخطية رجع إلى أبيه قائلاً " يا أبى أخطأت إلى السماء وقدامك الخطية هى قساوة قلب أحياناً نتحدث مع إنسان ولكنه لا يستجيب بسبب القساوة والعناد .. حتى أنه يشترك فى مناسبات الكنيسة، ويعلم الوصية جيداً، وبالرغم من ذلك يظل فى قساوة قلب .. نحتاج أن نراجع أنفسنا لكى يكون لنا القلب التائب ولا نلتمس لأنفسنا الأعذار كما ينبه معلمنا بولـس أن الإنسان لا يتكل على أنه ابـن، ويتمتع بالعهود والمواعيد(5).. لأن " الله قادر أن يقـيم من هـذه الحجارة أولاداً لإبراهـيم ، ويقصد بالحجارة القلب القاسى الذى يستطيع الله أن يغيره إلى قلب لحمى فيه مشاعر يستمع إلى صوت الرب ويستجيب له. أحياناً نتكل على لطف الله ومحبته .. نحن لا نشك فى لطفه ولكن فى نفـس (يو 14: 21). (2)- (لو 10: 27). لأن الله كما هو محب فهو عادل أيضاً لأن الرحمة والحق يلتقيان فى شخص السيد المسيح الإنسان الذى يعيش فى محبة ربنا يحيا أيضاً فى مخافته .. كان الأنبا أنطونيوس يقول دائماً " رأس الحكمة مخافة الرب "(2)، وفى احدى المرات قال لأولاده " أنا لا أخاف الله لأنى أحبه "، وعندما تعجب أولاده من ذلك أجابهم إن المحبة تقود إلى الخوف كما يقول معلمنا بولس " لا تستكبر بل خف الإنسان التائب يحافظ على محبته للرب ضــرورة الجـهـاد فى أيام الصوم تعلمنا الكنيسة الارتباط بالصلاة والعطاء أيضاً .. والصلاة تحتاج إلى هدوء النفس، ونقف أمام الرب قارعين صدورنا طالبين المغفرة، لذلك فى أيام الصوم نقلل فترات التواجد أمام التليفزيون وإسراف الوقت فيما لا يفيد. يجلس الإنسان مع نفسه ويكون أميناً وصريحاً مع نفسه كما حدث مع الابن الشاطر عندما صارح نفسه "... أنا أهلك جوعاً "(4).. مع أنه كان من الممكن أن يبرر تصرفاته الخاطئة، أيضاً داود النبى لم يشعر بخطيته إلا عندما أتاه ناثان النبى، وجلس مع نفسه، وعلم بخطيته، وانسكب أمام الرب قائلاً مزمور التوبة نحتاج أن ندرب أنفسنا على الهدوء فى كل يوم، ولو إلى لحظات لكى نراجع أنفسنا ونقر بخطيتنا ونداوم فى أيام الصوم على عمل الميطانيات وحضور القداسات ورفع الصلوات من أجل طلب النغفرة .. ونطلب أيضاً نعمة ربنا التى تشددنا أمام العثرات ناثان النبى يقول لداود الملك أنت أخطأت فأجابه الرب " قد أبقيت فى إسرائيل سبعة آلاف كل الركب التى لم تجث للبعل وكل فم لم يقبله تدريب : نريد أن نقدم توبة أمام الرب، وأمام كاهن الرب لأننا عندما نعترف أمام الكاهن هذا أيضاً اعتراف أمام الله كما كان يحدث فى العهد القديم . يأتى المعترف ويقر بخطيته أمام الكاهن ويضع يده على الذبيحة ثم تقدم الذبيحة بدلاً منه الاعتراف أمام الأب الكاهن يعطى الحِل من الخطية، وأيضاً يقدم مشورة ونصيحة.. "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم "(3). وفى كل مرة نعترف بخطيتنا يجب أن نخرج بحياة جديدة ولكن يجب على الإنسان أن يكون أميناً، ويعترف بخطيته، ويبعد عن الكبرياء .. أو اليأس بسبب كثرة الخطية، وهنا يجب على الإنسان أن يتمسك بنعمة ربنا التى تستطيع أن تحرره من كل خطية، أو تأجيل التوبة، ولكن الكتاب يقول " إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم أحد الآباء يقول [ لا أذكر اننى سقطت فى خطية مرتين ] لأنه كان يبتعد عن أسباب الخطية سواء كانت مكان أو صديق أو كتاب، ولكن نعمة ربنا تكلل كل هذه الاختبارات وتعطى للإنسان قلباً جديداً وحياة جديدة أهم تدريب نختبره فى هذا الصوم هو تدريب التوبة |