سهِرت و نُحتُ كالعصفورِ المنفرد على الأَسطحة (مز 102 /8)
205- البابا غريغوريوس الثاني عشر 1406 - 1415
غريغوريوس الثاني عشر
انجلو كورّه
1406 - 1415
كان الكردينال كورّارو من البندقية، هو لاهوتي متزمت، ولكن للأسف كان محيطه العائلي مسيطراً عليه.
إن المشكلة الرئيسية ـ كما تبدو لنا ـ بكل وضوح هي إنهاء الانشقاق. إن المسيحية كلها ترغب وتتمنى ذلك. لكنّ الباباوين لا يظهران أي استعداد للتضحية من أجل الكنيسة. إذ لكلّ مصفه الكردينالي ومجلس الاستشاري. قبل انتخاب غريغوريوس الثاني عشر، كان قد تقرر أن البابا الجديد سيتنازل، إن فعل بابا أفينيون كذلك. بيد أن غريغوريوس، الذي سيطر عليه المحيطون به، رفض كل مقابلة مع "بندكتوس الثالث عشر". تفاقم، إذ ذاك، الوضع ولم يعد بالإمكان الحصول على قرار ما بالتنازل سواء أكان من هذا البابا أم من ذاك، أفلا يجب أن يأتي القرار من جانب المسيحية؟ لذلك أخذت جامعة باريس المبادرة باستفتاء عام، فكان هناك ثلاثة حلول: تنازل الباباوين؛ اتفاق بينهما؛ تنزيل الباباوين بقرار المجمع. رأى الجميع أن الحل الثالث هو مرجّح الاحتمال. لذلك عقدوا مجمعاً في بيز، وأعلنوا بقرار مجمعي حط كل من بابا روما وبابا أفينيون، وانتخبوا بابا آخر، هو الكردينال بيار فيلارجي، من أصل يوناني فاتخذ هذا اسم اسكندر الخامس، وذلك سنة 1409 وتوفي بعد سنة من انتخابه، وكان له أيضاً صف كرادلة ومجلس استشاري، وقد انتخبوا، بعد وفاته بلتازار كوشيا باسم "يوحنا الثالث والعشرين" فأصبح بهذا ثلاث سلطات باباوية، فلم تفلح عندها المفاوضات ولا الضغوطات ـ حتى بإسقاط السلطة ـ بحل عقدة الأزمة.
أخيراً وبمبادرة الإمبراطور سيجيسموند والبابا الدخيل "يوحنا الثالث والعشرين" عقد مجمع عام في كونستانس (1414 ـ 1418)، قبل غريغوريوس الثاني عشر في سنة 1415 من جهته على الدعوة إلى المجمع. أما "بندكتوس الثالث عشر" فقد رفض ذلك، لكنه أصبح من الواضح أنهم سوف يتخلون عنه، إن كان ذلك واجباً لإنهاء الانشقاق. أما مجمع كونستانس فهو فريد من نوعه في تاريخ الكنيسة، إذ كان على آباء المجمع مواجهة ثلاث مشاكل كبرى: إعادة الوحدة إلى المسيحية؛ ملاشاة الهرطقات (ويكلف وجان هوس)؛ تثبيت الإصلاح الديني. بما أنه ليس من بابا، ليترأس المجمع، قام بعض من الأمراء المسيحيين (ولا سيما الإمبراطور) بإدارة المجمع. فأعلن المجمع سلطته على البابا؛ وقد كان هناك انطباع بأن المسيحية سوف تصبح نوعاً من كنائس وطنية متحدة. إن القرارات العقائدية والإصلاحية التي صدرت عن المجمع لم تدخل في تاريخ الباباوات. مما يؤخذ بعين الاعتبار هو أنه بعد تنازل غريغوريوس الثاني عشر وحط "يوحنا الثالث والعشرين" (الذي بعد أن حاول الهرب، سجن تحت حراسة الإمبراطور "بندكتوس الثالث عشر" (الذي سنرى كيف كانت نهايته) صار إلى انتخاب بابا يعترف به الجميع، وكان ذلك في 11 تشرين الثاني سنة 1417.