لقد ضَلَلتُ كالخَروفِ الضَّالّ فاْبحَثْ عن عَبدِكَ لأَنَّي لم أَنْسَ وَصاياكَ (مز 119 /176)
هيلاريون أسقف بواتييه
هيلاريون أسقف بواتييه
(بواتييه حوالي 310 / 320 - 367 / 368)
1. حياته
ولد هيلاريون في بواتييه، في ولاية أكيتانية القديمة (غربيّ فرنسا الحاليّة)، بين سنة 310 و 320. يُرجَّح أنّه كان من أسرة شريفة وثنيّة، وأنّه اهتدى واعتمد في سنّ البلوغ، كما يوضح في كتابه "في الثالوث".
تشهد مؤلّفاته على ثقافته الخطابيّة والأدبيّة والفلسفيّة العميقة. فهو مفكّر وأديب ممتاز، وكانت أكيتانية مشهورة بثقافة رجالها.
لقد سعى هيلاريون في مسيرة روحيّة شخصيّة إلى البحث عن الحقيقة وعن معنى الحياة وعن الإله الحقيقيّ. فاكتشف كلّ ذلك في الكتاب المقدّس وفي الإيمان بالمسيح. وهكذا انتقل من الوثنية ومن الفكر الفلسفيّ المحض إلى المسيحيّة. وإنّ قراءة مدخل إنجيل يوحنّا، بحسب قوله، "قد جعلت فكره يتجاوز حدوده" (في الثالوث 1، 10).
بحسب شهادة فينانسيوس فورتوناتس، كان هيلاريون متزوّجاً ووالداً لفتاة تُدعى أبرا. وقد نال المعموديّة حوالي سنة 350، وبعد ذلك بفترة وجيزة، بحسب شهادته، رُقّيَ إلى الأسقفيّة، وصار أسقفاً على المدينة التي وُلد فيها.
بدأ هيلاريون يشرح الكتب المقدّسة لشعبه. وكتب "تفسير إنجيل القدّيس متّى". لا يذكر فيه آريوس، ولكنّ تحذيره من الهرطقة راسخ وعقيدته في شخص يسوع المسيح جليّة ومركزيّة بحيث يصعب القول إنّه لم يتنبّّه لخطر الآريوسيّة.
لا يبدو أنّه حضر المجمعين الآريوسيّين: مجمع آرل Arles (سنة 353) ومجمع ميلانو (سنة 355)، الذي حكم على أثناسيوس، بإيعاز من الإمبراطور قسطنسيوس الراغب في نشر الآريوسيّة في الغرب كلّه. على إثر هذا المجمع أراد ساتورنينُس متروبوليت آرل فرض الآريوسيّة على كنيسة غالية كلّها. فهبّ هيلاريون لمقاومة الآريوسيّة في الغرب كما فعل أثناسيوس في الشرق.
فكانت ردّة فعل ساتورنينُس أن دعا في أوائل سنة 356 إلى مجمع في بيزييه. فسعى هيلاريون إلى الدفاع عن أثناسيوس. فأمر الإمبراطور بنفي هيلاريون.
اضطُرَّ هيلاريون إلى الذهاب إلى فريجية (في تركيا الحالية)، وتُركت له حرّية كبيرة للتحرّك. فكانت هذه الفترة الأهمّ والأكثر خصباً في حياته: فعمّق عقيدته ودرس الآباء اليونانيّين ولا سيّما أوريجانس. ومن سنة 356 إلى 359 ألّف كتابه "في الثالوث"، وهو أهمّ كتبه، وسنة 358 كتب أيضاً "في السينودسات".
سنة 359 دعاه أساقفة الشرق إلى مجمع سلوقية. وكانت بلبلة الأفكار سائدة، والأساقفة منقسمين بعضهم على بعض.
وفي ذلك الوقت انتصرت الآريوسيّة انتصاراً كاملاً. فأنذر هيلاريون بالخطر وطلب الاجتماع بالإمبراطور في نقاش مع ساتورنينُس متروبوليت آرل. فضغط الآريوسيّون على الإمبراطور لإبعاد هيلاريون هذا "المقلق للشرق"، فأمره بالعودة إلى غالية من دون أن يلغي حكمه السابق. وقبل أن يغادر آسية، فضح هيلاريون الجحود المنتشر بوجه شبه كامل في كتاب جديد: "الردّ على قسطنسيوس" (سنة 360).
سعى هيلاريون بعد عودته إلى غالية إلى ردّ الأساقفة الذين سقطوا في الآريوسيّة. ولم يكن قطّ متصلّباً مع الناس؛ كان أميناً لعقيدته، ولكنّه عمل على نشرها باللطف والمحاسنة.
في 3 تشرين الثاني سنة 361 توفّي الإمبراطور قسطنسيوس. وهدأ الصراع الدينيّ في الغرب. وكرّس هيلاريون وقته لتربية شعبه الدينيّة. فكتب تفسير سفر أيوب، وتفسير نشيد الأناشيد، وكتاب ترانيم، وتفسير المزاميرز
وتوفّي هيلاريون في بواتييه سنة 367 أو 368.
2. مؤلّفاته
- قبل النفي:
1- تفسير إنجيل القدّيس متّى (سنة 353 - 356).
2- كتاب الردّ على فالنتيوس وأرزاسيوس (سنة 356).
- في النّفي:
1- في الثالوث (من سنة 356 إلى 360).
2- في السينودسات (سنة 358).
3- الردّ على قسطنسيوس (سنة 360).
- بعد النّفي:
1- مقالة في المزامير.
2- مقالة في الأسرار.
3- الردّ على أوكْسَنْسيوس.
3. نصوصه
- وحدة المسيحيّين "الطبيعيّة".
- الله يبني مدينته ويحفظها.
ـــــــــ
المرجع:
المطران كيرلّس سليم بسْترس - الأب حنَّا الفاخوري - الأب جوزيف العَبسي البولِسيّ، تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة، المكتبة البولسيّة، جونية 2001