إِذا حَفِظتُم وَصايايَ تَثبُتونَ في مَحَبَّتي كَما أَنِّي حَفِظتُ وَصايا أَبي وأَثبُتُ في مَحَبَّتِه (يو 15 /10)
أَريستيدُس الأثينائيّ
أَريستيدُس الأثينائيّ
من القرن الثاني إلى مجمع نيقية (المدافعون الأوّلون)
يذكر أوسابيوس إلى جانب كوادراتُس الفيلسوف أَريستيدُس الأثينائيّ قائلاً إنّه كتب دفاعاً إلى الإمبراطور أدريانُس.
بقي الدفاع مخفيّاً إلى يوم اكتشفه الأميركيّ رندل هاريس عام 1893 بترجمة سريانيّة أمينة في مخطوطة من مخطوطات دير القدّيسة كاترينة بسيناء. ثمّ اكتشف من بعد روبنسون أنّ القسم الكبير من النصّ اليونانيّ موجود في الفصلين 26 و 27 من "حياة برلعام ويوشافاط" المنقولة إلى تضاعيف مؤلّفات يوحنّا الدمشقيّ، ولو كان هذا النصّ أعيدت صياغته بشيء من الحرّية. وفي العام 1878 نشر الآباء الأرمن الميخيتاريّون في البندقيّة مقطعاً من الدفاع بالأرمنيّة. كذلك نُشر مقطعان يونانيّان مهمّان (الفصل 5، 4؛ 6، 1 و 15، 6 - 16، 1) من مخطوطتين في المتحف البريطانيّ.
ينقسم الدفاع إلى قسمين غير متساويين. تضمّ الفصول 1 - 14 الهجوم على ديانة الأجناس الثلاثة، البربر واليونان واليهود. وتتناول الفصول 15 - 17 عقيدة وحياة الجنس الرابع، جنس المسيحييّن الذي يقول عنه في ما يقول:
"يرنّم المسيحيّون لله في كلّ صباح وكلّ ساعة ويحمدونه على ما يبدي لهم من صلاح... وإذا ما خرج صدّيق منهم من هذا العالم يبتهجون ويشكرون الله ويمشون وراء جثمانه كما لو أنّه ينتقل من مكان إلى آخر (دفاع 15). ما ينطق به فم المسيحيّين يأتي حقاً من عند الله، وتعليمهم هو باب النور. فليتقدّم منه جميع الذين لم يعرفوا الله وليسمعوا الكلمات التي لا تزول، الدائمة والخالدة (دفاع 17).
يبلغ أريستيدُس، في الفصل الأول، إلى فكرة إله أزليّ غير مخلوق. وهذه الفكرة تجيز له أن يحكم على سائر الديانات: فالبربر (الكلدانيّون) يعبدون العناصر الفانية: الأرض والماء والنار والشمس والرياح، لا بل يكرّمون الناس تكريمهم لله (3 - 7). واليونانيّون أعطوا لآلهتهم ضعف الناس وأهواءهم (8 - 11 و 13). وينتقد الفصل 13 عبادة الحيوانات عند المصريّين. أمّا أتباع اليهوديّة فيكرّمون الملائكة أكثر من تكريمهم لله، ويحافظون على الاحتفال برؤوس الأهلّة وعلى شرائع الأكل وطقوس خارجيّة أخرى، إلاّ أنّهم يمتازون بمحبّتهم الفاعلة للناس (14). وأمّا المسيحيّون فإنّهم يعرفون الله معرفة صحيحة ويمتازون بنقاوة عاداتهم التي يصفها الكاتب بحماسة (15 - 17)، كما هي الحال في "الرسالة إلى ديوغنيتُس" التي يميل البعض إلى نسبتها إلى أريستيدُس لهذا السبب.
ـــــــــ
المرجع:
المطران كيرلّس سليم بسْترس - الأب حنَّا الفاخوري - الأب جوزيف العَبسي البولِسيّ، تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة، المكتبة البولسيّة، جونية 2001