أنقَذَ مِنَ المَوتِ نَفْسي و مِنَ الدَّمعْ عَينَيَّ و مِنَ الزَّلَل قَدَمَيَّ (مز 116 /8)
64- الإصلاح الديني في إنجلترا
لم تتخلف إنجلترا عن ركب الإصلاح الديني، ففي الوقت الذي كانت تجتاح الكنيسة رياح التغيير والإصلاح والتنافس مع الكنيسة البروتستانتية الوليدة، كانت في إنجلترا ثلاثة أحزاب ترنو إلى الإصلاح:
أ- الكاثوليك الذين أرادوا إصلاح المساوئ القديمة واسترداد السلطة البابوية.
ت- البروتستانت الذي رغبوا في القضاء على كل شيء له مساس بالكاثوليكية.
ث- حزب بين بين، ولم يرد أن يكون للبابا سلطان على إنجلترا على أن تحتفظ الكنيسة الكاثوليكية بطابعها الكاثوليكي والطقوس والتقاليد القديمة بعد تنقيتها من المساوئ التي علقت بها.
وقد انتصر الحزب الثالث لفكرة السلطة الملكية بديلًا عن السلطة البابوية بأن أخضعوا الكنيسة لسلطان الدولة خضوعًا لم تتحرر منه حتى اليوم.
وكان كذلك في إنجلترا جماعات من متطرفي البروتستانتية، عاشوا على الصرامة والتزمت والتدقيق في حياة الطهر والتقوى ولذلك سموا (الطهوريين).
وكان منهم من رغب في النظام الأسقفي في الكنيسة بينما أراد آخرون أن يقيموا النظام المشيخي، ورأي فريق ثالث أن تتألف الكنيسة من جماعات مسيحية تختار رعاتها وتكون حرة في أداء شعائرها دون تدخل من الدولة أو أي سلطة مركزية كنسية ولذلك سموا بالمنشقين أو المستقلين.
وقد رغبت هذه الجماعات الحرة عن كل الطقوس الخارجية في العبادة وكل أشكال الصلوات الوضعية، وكل الرموز وكل النقوش في الكنائس ولم تقبل حتى الحركات المألوفة في العبادة كالركوع والسجود ورشم الصليب، وذهبوا مع كالفن في العبادة، أصروا فقط على الحياة المسيحية الطاهرة تحت رقابة راعي الكنيسة لذلك كان أولئك الطهورين أمناء أطهار أقوياء ليس منهم السكير أو الشرير. وكانوا ضيقي الفكر فريسي النزعة ولذلك تعرضوا للاضطهاد والغرامات والسجن حتى فروا إلى هولندا، وكانت هولندا مفتوحة لكل نشاط بروتستانتي، وكانت الحياة قاسية عليهم هناك حيث عملوا في أي عمل لكسب لقمة العيش، ولكنهم لم يغيبوا عن ملاحقة منافسيهم الذين كانوا يقبضون عليهم ويحرقون كتبهم ويعذبوهم، ففروا إلى العالم الجديد (أمريكا) ليعيشوا هناك ولما رأسوا على أول منطقه عاشوا فيها وسموها (بليموث) وسميت طائفتهم باسمها.
وكان رائدهم هناك هو جون روبنسون John Robinson.