وإذا قمتم للصلاة، وكان لكم شيء على أحد فاغفروا له، لكي يغفر لكم أيضا أبوكم الذي في السموات زلاتكم (مر 11 /25)
شفاء الأعمى - الأب أنطوان عوكر
شفاء الأعمى
(مر10 /46-52)
- في البدء نرى الأعمى جالسًا على جانب الطريق وفي النهاية يتبع يسوع. كيف جرى هذا التحوّل؟
- أعمى يستعطي (شحّاذ)، حُرم النظر فلم ييأس؛ استعمل السمع. تقبّل ما عنده من نقص (إعاقة) ولكنّه استغلّ ما عنده. لم يجلس "يندب حظّه" على فقدان النظر.
استغلّ حواسه الأخرى للوصول إلى مبتغاه... لم يطمر الوزنة التي حصل عليها.
- عندما سمع صوت الجمع استخبر: ما عسى أن يكون. فاخبروه أنّ يسوع الناصريّ مارّ من هناك.
بمعنى آخر لو لم يستخبر لما أخبروه. عرف كيف يقرأ العلامات المحيطة به وعدم اعتبارها شيئًا طبيعيًّا. فالأشياء الطبيعيّة قد تحمل أشياء غير عاديّة:
يسوع الناصري. أساسيّ جدًّا أن ننبهر أمام الأشياء الطبيعيّة العاديّة لعلّها تقودنا إلى الذي هو في أساسها.
- أخبروه أنّ يسوع الناصريّ مارّ من هناك. فأخذ يصيح:
"رحماك يا يسوع ابن داود". الجمع يُخبر الأعمى بما رأوه: يسوع بنسبه البشريّ، بأصله الزمنيّ؛ أخبروه بما تراه أعينهم الأرضيّة.
أمّا هو فرأى أبعد مما رأوه: "يسوع ابن داود"؛ إنّه يراه بعين الإيمان، يرى نسبَه المسيحانيّ، أصله الإلهيّ.
فالأعمى يظهر كمثال المؤمن الذي يرى أبعد مما يراه الآخرون؛ بل أكثر من ذلك، يُعلن ما يراه بعين الإيمان مرّة ومرّتين، ويزداد صياحًا عندما يجد معارضين لهذا الإيمان ولا يهابهم.
فلو سكت نزولاً عند طلب الجمع لما حدث أيّ تغيير في حياته.
- "فوقف يسوع وأمر بأن يؤتى به". توقّف يسوع لأنّه سمع شخصًا يناديه مُباشرة باسمه، أي بهويّته الحقيقيّة.
إنّها حقيقة إيمانيّة تتمحور حولها تصرّفات المؤمن وصلاته وكلّ حياته: يسوع يتوقّف عند طلبتنا، يتوقّف ليستمع إلينا، يتوقّف ليدعونا لنقوم أمامه.
- أمام صرخة الأعمى: "يا ابن داود ارحمني"، يسوع يسأله:
"ماذا تريد أن أصنع لك؟" يدخل يسوع في حوار مع الأعمى.
يسوع ينزل عند رغبته ولا يتجاوز إرادة الإنسان
(رغبة الإنسان ضروريّة لكّنها غير ملزمة بحسب خير الإنسان الذي يعرفه يسوع).
فيسوع لا يعمل الأشياء التي ليست لخيرنا؛ ولا يستطيع أن يعمل أشياء لا تتناسب مع طبيعته (مساعدتنا على السرقة مثلاً).
- يسوع يسأل الأعمى ضمن "وظيفته". إنّه شحّاذ متسوّل؛ يسوع يسأله بكلّ بساطة: ماذا تريد؟
بمعنى آخر، يسوع يطال الإنسان حيثما كان، يطاله في حياته العاديّة وضمن منطقه، ولكن لا ليبقيه في مكانه بل ليدفعه إلى الأمام.
- "يا ربّ أن أبصر". طلبُ الأعمى يبدأ بإعلان هويّة يسوع الأساسيّة:
يا ربّ. وعلى هذا الأساس (ألوهيّة يسوع) يسأله ما يستطيع أن يعمله: أن أبصر.
- "أبصر إيمانك خلّصك". ما هو إيمان الأعمى؟
لا يقتصر إيمان الأعمى على الإعلان: ابن داود، يا ربّ، بل يشمل كلّ المسيرة التي قام بها.
- أبصر الأعمى، لكنّ القصّة لم تنتهِ. نتيجة إيمانه لم تكن عودة الرؤية إليه فقط. هناك نتيجة مزدوجة:
شخصيّة وجماعيّة. على الصعيد الشخصيّ، رأى، تبع يسوع، مجّد الله؛ على الصعيد الجماعيّ، الشعب بأجمعه رأى، سبّحوا الله.
فالذين كان لهم دور سلبيّ مع الأعمى، كان للأعمى دور إيجابيّ معهم.
- خاتمة: توقّفنا على كلّ الكلمات التي وردت في رواية شفاء الأعمى، وأخذت كلّها معناها الروحيّ.
ولكن تبقى كلمة واحدة وردت مرّتين في النصّ لم نتطرّق إليها، وهي في أساس علاقة الأعمى بيسوع:
إنّها الرحمة. "رحماك"، ارحمني". إنّها المحور الذي تدور حوله أحداث النصّ كلّها:
رحمة يسوع التي تُظهر رحمة الله؛ لذلك نرى في نهاية الرواية:
استغلّ حواسه الأخرى للوصول إلى مبتغاه... لم يطمر الوزنة التي حصل عليها.
بمعنى آخر لو لم يستخبر لما أخبروه. عرف كيف يقرأ العلامات المحيطة به وعدم اعتبارها شيئًا طبيعيًّا. فالأشياء الطبيعيّة قد تحمل أشياء غير عاديّة:
يسوع الناصري. أساسيّ جدًّا أن ننبهر أمام الأشياء الطبيعيّة العاديّة لعلّها تقودنا إلى الذي هو في أساسها.
"رحماك يا يسوع ابن داود". الجمع يُخبر الأعمى بما رأوه: يسوع بنسبه البشريّ، بأصله الزمنيّ؛ أخبروه بما تراه أعينهم الأرضيّة.
أمّا هو فرأى أبعد مما رأوه: "يسوع ابن داود"؛ إنّه يراه بعين الإيمان، يرى نسبَه المسيحانيّ، أصله الإلهيّ.
فالأعمى يظهر كمثال المؤمن الذي يرى أبعد مما يراه الآخرون؛ بل أكثر من ذلك، يُعلن ما يراه بعين الإيمان مرّة ومرّتين، ويزداد صياحًا عندما يجد معارضين لهذا الإيمان ولا يهابهم.
فلو سكت نزولاً عند طلب الجمع لما حدث أيّ تغيير في حياته.
إنّها حقيقة إيمانيّة تتمحور حولها تصرّفات المؤمن وصلاته وكلّ حياته: يسوع يتوقّف عند طلبتنا، يتوقّف ليستمع إلينا، يتوقّف ليدعونا لنقوم أمامه.
"ماذا تريد أن أصنع لك؟" يدخل يسوع في حوار مع الأعمى.
يسوع ينزل عند رغبته ولا يتجاوز إرادة الإنسان
(رغبة الإنسان ضروريّة لكّنها غير ملزمة بحسب خير الإنسان الذي يعرفه يسوع).
فيسوع لا يعمل الأشياء التي ليست لخيرنا؛ ولا يستطيع أن يعمل أشياء لا تتناسب مع طبيعته (مساعدتنا على السرقة مثلاً).
بمعنى آخر، يسوع يطال الإنسان حيثما كان، يطاله في حياته العاديّة وضمن منطقه، ولكن لا ليبقيه في مكانه بل ليدفعه إلى الأمام.
- "يا ربّ أن أبصر". طلبُ الأعمى يبدأ بإعلان هويّة يسوع الأساسيّة:
يا ربّ. وعلى هذا الأساس (ألوهيّة يسوع) يسأله ما يستطيع أن يعمله: أن أبصر.
لا يقتصر إيمان الأعمى على الإعلان: ابن داود، يا ربّ، بل يشمل كلّ المسيرة التي قام بها.
شخصيّة وجماعيّة. على الصعيد الشخصيّ، رأى، تبع يسوع، مجّد الله؛ على الصعيد الجماعيّ، الشعب بأجمعه رأى، سبّحوا الله.
فالذين كان لهم دور سلبيّ مع الأعمى، كان للأعمى دور إيجابيّ معهم.
ولكن تبقى كلمة واحدة وردت مرّتين في النصّ لم نتطرّق إليها، وهي في أساس علاقة الأعمى بيسوع:
إنّها الرحمة. "رحماك"، ارحمني". إنّها المحور الذي تدور حوله أحداث النصّ كلّها:
رحمة يسوع التي تُظهر رحمة الله؛ لذلك نرى في نهاية الرواية: