بِبَأسٍ نَعمَلُ بِعَونِ الله وهو يَدوسُ مُضايِقينا (مز 108 /14)
23- انتصار البابوية الرومانية وازدياد نفوذها
23- انتصار البابوية الرومانية وازدياد نفوذها
ساءت العلاقات إلى حد كبير بين روما والقسطنطينية في عهد البابا جريجوري الثاني (715، 731) Pope Gregory II عندما أخذ الإمبراطور ليو الايسوري سياسة منع التعامل مع الأيقونات والتعبد لها (اللاايقونية) واستغل جريجوري هذه الأزمة بالإضافة إلى ضعف نفوذ الإمبراطور في أواسط إيطاليا وجميع الضرائب، واصدر قرار بحرمان النائب الإمبراطوري في إيطاليا، وبذلك خرج عن سلطان الإمبراطور، وتحالف مع ملوك اللمبارديين المتدينين الذين أسسوا كثيرًا من الأديرة والكنائس.
ألا أنه أعلن أنه لا يعادي الإمبراطور رغم كل هذا، ومن ثم أوصل زمام الصراع بين ملوك لمبارويا الإمبراطور ليخرج هو بالغنيمة وحده بعيدًا عنهما معًا.
خصوصًا وأنه وقع في حرب الأيقونات مع الإمبراطور ولكنه خرج منها، فقد أعاد الهيبة للأيقونات ظلت الحروب بين البابويه التي كانت دائمًا محافظة على وضعها السياسي والديني. وبين السلطات السياسية سواء كان إمبراطور القسطنطينية أو ملوك اللمبارد في شمال ووسط إيطاليا، إلا أن البابوية خرجت من كل هذا منتصرة وبيدها مكاسب كثيرة سواء في الأراضي أو المال، في السلطة السياسية والحكم. مستغله الفرصة التي كانت تواتيها سواء عندما كان ينسب الصراع بين السلطتين الزمنيتين الإمبراطور واللومبارد أو بين الأباطرة في الغال وبين المسلمين.
وانتهي الأمر بالبابوية في القرن الثامن إلى أن أصبحت بأملاكها أقوى وحدة مترابطة في إيطاليا، إذا امتدت من البحر الادرياتي ورافنا شرقًا حتى روما في الغرب في حين فشلت مملكه اللمبارويين في محاولتها لتوحيد إيطاليا.
وهكذا اكتسبت البابوية سلطانًا سياسيًا إلى جانب سلطانها الروحي حتى أصبحت عقبة في سبيل الوحدة الإيطالية الكاملة التي لم تتحقق إلا في القرن 19، إلا أنها رغم هذا أصيبت بالكبرياء والغرور، ونست إبان هذا الصراع الكثير من القيم المسيحية والواجبات الخاصة بها ودارت في ملك الشهوات والمال الذي هو اصل لكل الشرور، ومن ثم ضربت نفسها بادواء كثيرة نسميها "أمراض الكنيسة" سنوردها في حينه.