أما أصل يسوع المسيح فكان أن مريم أمه، لما كانت مخطوبة ليوسف، وجدت قبل أن يتساكنا حاملا من الروح القدس . مت-1-18
18- أمراض الكنيسة الرومانية في العصور الوسطى: 3) التقليد العِلماني
18- أمراض الكنيسة الرومانية في العصور الوسطى:
3) التقليد العِلماني
وهذه المشكلة تختلف عن سابقتها في كونها تنقل اتصالًا مباشرا لسلطة الحكام العلمانيين، والمقصود بالتقليد العلماني هو أن يقوم الحكام العلمانيون – من أباطرة وملوك وأمراء – بتقليد رجال الدين مهام مناصبهم الدينية، والمعروف أن القانون الكنسي نص منذ القدم على أن يكون تعيين القساوسة بواسطة أساقفتهم، وأن يقوم القساوسة وغيرهم من رعايا الأسقفية بانتخاب الأسقف، وأخيرًا يعتمد كبير الأساقفة (البابا) هذا الاختيار، ولكن هذه الأوضاع تغيرت على مر الأيام وأصبح أصحاب ألاراضي من الإقطاعيين يقومون بتعيين الأساقفة، في حين تولي الأباطرة والملوك تعيين البطاركة، فكيف يمكن أن يسلم أحدهم خاتم الأسقفية وعكازها إلى أحد الأفراد ويقول له تسلم أسقفية كذا، فيصبح أسقفها.
وأصبحت نيران القوي في يد العلمانيين بعد أن كانت سلطة الكنيسة هي سلطة الإمبراطور وأكثر وقد أفاد هذا الوضع الدولة سياسيا. إذ جعل كبار رجال الدين تابعين للحكام العلمانيين، وجعل الوظائف الدينية بمثابة إقطاعات يمنحها هؤلاء الحكام لرجال الدين ولذلك تمسك أباطرة الدولة المقدسة بوجد خاص بهذا الحق، واعتبر تخليهم عنه خسارة كبيرة تحقيق سلطانهم السياسي.
ولكن الكنيسة هي التي خسرت خسارة كبيرة من جراء هذا الوضع الشاذ، الذي أدى إلى تفككها وعدم ارتباطها تحت زعامة البابوية، بعد أن أصبح الأساقفة أذنابا للملك والإمبراطور يعينهم لخدمته وتحقيق أغراضه، لا لخدمة الكنيسة وتحقيق أغراضها فكانت الكنيسة تريد من رجالها أن يخضعوا للبابوية وحدها، وينصرفوا لخدمة وظائفها الدينية، في حين أراد الحكام العلمانيون أن يسيطروا على رجال الدين سيطرة إقطاعية، وأن يتحكموا في تعيينهم حتى يكونوا أداة طيعة في أيديهم، ولاسيما أن رجال الكنيسة كانوا الفئة الوحيدة المتعلمة، ومن ثم اشتدت حاجة الحكام العلمانيين إليهم في الشئون الإدارية.