فإِنَّ اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم بل لِيُخَلَّصَ بِه العالَم مَن آمَنَ بِه لا يُدان ومَن لم يُؤمِنْ بِه فقَد دِينَ مُنذُ الآن لِأَنَّه لم يُؤمِنْ بِاسمِ ابنِ اللهِ الوَحيد (يو 3 /17-18)
كلمة حياة نيسان 2010" "أنا القيامة والحياة"
كلمة حياة
نيسان 2010
"أنا القيامة والحياة" (يو11: 25)
تلفّظ يسوع بهذه الكلمات حين مات لعازر الذي كان من بيت عنيا، فأقامه من بين الأموات في اليوم الرابع لوفاته.
وكان له أختان: مرتا ومريم. وما أن سمعت مرتا بمجيء يسوع، حتى أسرعت لاستقباله وقالت: "يا ربّ، لو كنت ههنا، لما مات أخي". فأجابها يسوع: "سيقوم أخوك!"
قالت له مرتا: "أعلم أنّه سيقوم في اليوم الأخير". فقال لها يسوع: "أنا هو القيامة والحياة. مَن يؤمن بي، وإن مات فسيحيا. وكلّ مَن يحيا ويؤمن بي فلن يموت إلى الأبد".
"أنا القيامة والحياة"
أراد يسوع أن يُفهمنا مَن هو بالنسبة للإنسان. إنّه يملك الخير الأثمن الذي يمكننا أن نرغب فيه، إنّه يملك الحياة، تلك الحياة التي لا تموت. لو قرأت إنجيل يوحنا لوجدتَ يسوع يقول أيضا: "فكما أنّ الآب له الحياة في ذاته، كذلك أعطى الابن أيضا أن تكون له الحياة في ذاته" (يو 5: 26). وبما أنّ يسوع يملك الحياة فبإمكانه أن يهبها.
"أنا القيامة والحياة"
إنّ مرتا أيضاً تؤمن بالقيامة الأخيرة. "أعلم أنّه سيقوم في اليوم الأخير". ولكنّ يسوع بتأكيده الرائع "أنا القيامة والحياة" أراد أن يُفهمها أنّه ليس عليها انتظار المستقبل لترجوَ قيامة الموتى. بل إنّه هو، بالنسبة لكلّ مؤمن، هذه الحياة الإلهية الفائقة الوصف، الأبديّة والتي لا تموت أبدًا، ، بدءًا من الآن، من هذه اللحظة بالذات.
إذا كان يسوع حاضرًا في قلب المؤمنين، حاضراً فيكَ، فلن تموتَ. هذه الحياة في المؤمن، وأن كانت مختلفة عن الحياة بمفهومنا البشريّ، تحمل جوهر طبيعة يسوع القائم من الموت. وهذه الحياة الفائقة الطبيعة التي زُرعَتْ فيك أيضاً سوف تتجلى في اليوم الأخير، عندما تشارك بكلّ كيانك في القيامة المرجوّة.
"أنا القيامة والحياة"
بالطبع، لا ينفي يسوع بكلماته هذه واقع الموت الجسديّ، بل يُشير إلى أنّ هذا الموت لا يؤدّي إلى خسارة الحياة الحقيقيّة. فالموت يبقى بالنسبة إليكَ كما إلى جميع الناس، لقاءً فريدًا، مهمًّا وربّما مرعباً. إلا أنّه لا يعود يعبّر عن عبثيّة أو وجودٍ لا معنى له، أو حياة فاشلةٍ، أو نهايتك. لن يكونَ الموت بالنسبة لكَ موتا فعليًّا.
"أنا القيامة والحياة"
ومتى وُلدت فيك هذه الحياة التي لا تموت؟
لقد ولدتُ لحظة المعموديّة. يومها تسلمت الحياة الأبديّة من المسيح، على الرغم من كونك إنساناً مصيره الموت. في المعموديّة، في الواقع، نلتَ الروح القدس الذي أقام يسوع من الموت.
والشرط لتنال هذا السرّ هو إيمانك الذي أعلنه العرّابان بالنيابة عنك. لقد أوضح يسوع ذلك، في حدث قيامة لِعازر، عندما سأل مرتا قائلاً: "كلّ مَن يؤمن بي وإن مات فسيحيا.. أتؤمنين بهذا؟" (يو11، 26).
والجواب على هذا السؤال: "أتؤمنين؟" هو أمر جديّ ومهمّ جداً. فهو لا يعني أن نقبل الحقائق التي أعلنها يسوع وحسب، بل أن نتعهّدها بكلّ كياننا.
فلكي تنال هذه الحياة عليك إذاً أن تقول "نعم" للمسيح، أي أن تلتزم بأقواله وبوصاياه وأن تعيشها. ويسوع أكد ذلك: "إن حفظ أحد كلامي فلن يذوق الموت إلى الأبد". (يو 8: 51) والمحبّة، هي التي تختصر كلام يسوع وتعاليمه.
إنّه لمن المستحيل إذا ألا تكون سعيداً، فالحياة الحقيقيّة مزروعة فيك.
"أنا القيامة والحياة"
في هذه الفترة التي نستعدّ خلالها للاحتفال بعيد الفصح، فلنتعاون على تغيير اتجاهنا، مجددين ذلك باستمرار، لنسير نحو الموت عن ذواتنا، ليحيا فينا، منذ هذه اللحظة، المسيح القائم من الأموات.
كيارا لوبيك (آذار 1999)