مَن كانَ مِنَ اللهِ استَمَعَ إِلى كَلامِ الله.فإِذا كَنتُم لا تَستَمِعونَ إِلَيه فَلأَنَّكُم لَستُم مِنَ الله (يو 8 /47)
كلمة حياة كانون الثاني 2010: "سيسكن معهم وهم سيكونون له شعباً"
كلمة حياة
كانون الثاني 2010
"سيسكن معهم وهم سيكونون له شعباً"(رؤيا 21، 3)
من 18 إلى 25 كانون الثاني، وفي العديد من أقطار العالم، يحتفل المؤمنون بأسبوع "الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين"، في حين أنّهم في بلدان أخرى يحتفلون به في عيد العنصرة.
كما نذكر، كان من عادة كيارا كلّ سنة، أن تعلق على الآية المختارة من الكتاب المقدّس لهذه المناسبة، من خلال كلمة الحياة في الشهر ذاته.
والآية المختارةُ لهذه السنة هي من أجل أسبوع الصلاة: "وأنتم شهودٌ على ذلك" (لوقا 24، 48). لمساعدتنا على عيشها نقترح هذا النصّ لكيارا الذي جاء"كدعوةٍ ملحّةٍ" لنا نحن المسيحيّين لنشهد معاً للعالم عن حضور الله.
"هوذا مسكن الله مع الناس، فسيسكن معهم وهم سيكونون له شعباً. وهو سيكون الله معهم". (رؤيا 21، 3)
"كلمة الحياة" لهذا الشهر تسألنا أن ندع الله يعيش في وسطنا، إذا أردنا الانتماء إلى شعبه.
ولكن كيف يكون ذلك؟ وكيف نعمل لنتذوّق فرح اللقاء منذ الآن، على هذه الأرض، ذاك الفرح اللانهاية له الذي تمنحنا إيّاه رؤية الله؟
هذا بالضبط ما كشفه لنا يسوع، هذا هو بالضبط معنى مجيئه: لقد أتى ينقل إلينا حياة المحبّة بينه وبين الآب، لكي نعيشها نحن أيضاً. فمنذ الآن، نستطيع نحن المسيحيّين أن نعيش تلك الآية وننال حضور الله في وسطنا. وحضوره بيننا يتطلّب بعض الشروط، كما يؤكّد آباء الكنيسة.
بالنسبة إلى "باسيليوس" يجب أن نعيش وفق إرادة الله، وبالنسبة إلى "يوحنّا فم الذهب" يجب أن نحبّ كما أحبّ يسوع، وبالنسبة إلى "ثيودورس العامودي" الشرط هو المحبّة المتبادلة.
أمّا بالنسبة إلى "أوريجانوس" فتناغم الأفكار والعواطف هو شرط جوهري لحضور المسيح ابن الله في وسطنا.
ولكن يبقى في تعاليم يسوع المفتاح الذي يفتح لنا الباب أمام سكنى الله بين البشر: "أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتُكُم" (يو13:34) فالمحبّة المتبادلة هي المدخل من أجل حضور الله بيننا. "فإذا أحبّ بعضنا بعضاً، أقام الله فينا". (1يو4:12) لأنّه "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، كنتُ هناك بينهم" (متّى18 :20).
"سيسكن معهم وهم سيكونون له شعبًا"
إنّ اليوم الذي ستتحقّق فيه وعودُ العهدِ القديم كلها ليس بالبعيدِ إذاً ولا بلوغه بالمستحيل: "ويكون مسكني فوقهم وأكون لهم إلهاً ويكونون لي شعباً" (حز37:27).
لقد تحقّقت هذه النبوءة الآن، في يسوع الذي يبقى حاضرًا، لا عبر وجوده التاريخيّ وحسب، بل بين الذين يعيشون وفق شريعة المحبّة المتبادلة الجديدة، أي تلك القاعدة التي تجعل منهم شعباً هو شعب الله.
كلمة الحياة هذه هي إذاً دعوة ملحّة، وبخاصّة لنا نحن –المسيحيّين- لنشهد لحضور الله بيننا من خلال محبّتنا لبعضنا البعض: "إذا أحبّ بعضكم بعضاً عرف الناس جميعاً أنّكم تلاميذي". (يو13:35) فالوصيّة الجديدة المُجسّدة بهذه الطريقة ترسّخ الأسس من أجل أن يتحقّق اليوم حضور يسوع بين البشر.
نحن لا نستطيع شيئاً من دون أن نضمن هذا الحضور الذي يعطي للأخوّة النابعة من الله معناها، تلك الأخوّة التي حملها يسوع إلى الأرض من أجل البشريّة جمعاء.
"سيسكن معهم وهم سيكونون له شعبًا"
يعود إلينا نحن –المسيحيّين- بخاصّة، وإن كنّا ننتمي إلى جماعات كنسيّة مختلفة، أن نقدّم للعالم مشهد شعب واحد موّحد مؤلّف من اللغات والأعراق والثقافات كلّها، من الكبار والصغار، من المرضى والأصحّاء. شعب واحد يمكن أن يُقال عنه كما عن المسيحيّين الأوّلين: "أُنظروا كيف يُحبّ بعضهم بعضاً، إنّهم على استعداد أن يبذل الواحد حياته من أجل الآخر".
هذه هي "المعجزة" التي تنتظرها البشرية اليوم كي تستطيع أن تثابر على الرجاء؛ هذه هي المساهمة الضرورية من أجل التقدّم في العمل المسكونيّ، من أجل السير نحو وحدة تامة وظاهرة بين المسيحيّين. إنّها "معجزة" في متناول أيدينا أو بالأصحّ هي في قدرة ذاك الذي، بسكناه بين خاصته المتّحدين بالمحبّة، يستطيع أن يغير مصير العالم، فيسير بالبشريّة كلها نحو الوحدة التامة.
كيارا لوبيك (كانون الثاني 1999)