آمنوا بالنور ما دام لكم النور لتصيروا أبناء النور (يو 12 /36)
بستان الرهبان: تدبير الروح: 3 /3 التوبة: ثالثاً - كيف أتوب ؟
كيف اتوب ؟
( أ ) الحذر من اليأس
+ قال القديس انطونيوس
" كثيرون يسقطون ثم يقومون الي حالة من الصحة والاستقامة ولكن يوجد من يسقطون من أعمال صالحة الي أشياء دنسة ونجسة ، فالذي يسقط ثم يقوم أفضل من الذي يقوم ثم يسقط .
+ قال ما أسحق :
اذكر عظم خطايا القدماء الذين سقطوا ثم تابوا ومقدار الشرف والكرامة اللذين نالوها من التوبة بعد ذلك لكيما تتعزي في توبتك .
+ قال القديس موسي الأسود :
الذين يريدون أن يقتنوا الصلاح وفيهم خوف الله فأنهم اذا عثروا لا ييأسون بل سرعان ما يقومون من عثرتهم وهم في نشاط واهتمام أكثر بالعمال الصالحة .
+ قال الأب أبيفانوس :
" ان الله يترك للخطاه رأس المال ازاء توبتهم ، مثل الزانية والابن الشاطر ، فأما الصديقون ، فأنه يطلب منهم رأس المال مع ربحه ، اذ قال له المجد لتلاميذه :
" ان لم يزد بركم علي الكتبة والفريسييون فلن تدخلوا ملكوت السموات .
+ قال أنبا ايليا :
" أي مقدرة للخطية حيث تكون التوبة " .
+ سئل شيخ :
" ان كان الله يقبل توبة الخطاة . فرد علي سائله قائلا : " أخرني أيها الحبيب لو أن ثوبك تمزق ، فهل كنت ترميه ؟ قال : " لا ، ولكني أخيطه وألبسه : . فقال الشيخ :
" ان كنت أنت تشفق علي ثوبك الذي لا يحبا ولا يتنفس ، فكيف لا يشفق الله علي خليقته التي تحيا وتتنفس ؟ .
+ سأل احد الاخوة الأب بيمين قائلا :
" يا أبي ، ان وقع انسان في خطيئة ورجع ، فهل يغفر الله له ؟ "
فقال له الشيخ :
" ان كان الله قد أمر الناس بأن يفعلوا هذا ، أفما يفعله هو ؟ نعم ، بل وأكثر بما لا يقاس ، اذ هو نفسه الذي أوصي بطرس بهذا عندما.
قال له :
أن اخطأ الي اخي سبع مرات أأغفر له ؟
فقال له سيدنا المتحنن :
" لا أقول لك سبع مرات بل الي سبعين مرة سبع مرات .
+ سئل القديس باسيليوس :
" كيف يكون حال من صعب عليه اتمام قانون التوبة ؟
" فأجاب وقال :
" حال ذاك يجب ان تكون حكاتل ابن مريض وفي شدة الموت بالنسبة لأبيه الخبير بصناعة الطب والذي يرغب في مداواته ، فلمعرفته بصعوبة وصف الأدوية والتعب الكثير في ثناعتها ، وبخبرة أبيه في الطب ، ولأن قلبه يطيب بمحبة أبيه له ، ولرغبته كذلك في الشفاء ، فكل هذه العوامل تجعله يرسخ لمداواته فيمكنه من نفسه أن يتداوي ويحيا ، كذلك يصعب عليه قانون التوبة ، فليترك الأمر بين يدي معلمه " .
+ سأل أخ الأب شيشوي قائلا :
" ماذا أفعل يا أبتاه ، فقد سقطت ؟
قال له الشيخ :
" انهض أيضاً قال الأخ : " نهضت ثم سقطت ثانية : ،
فأجابه الشيخ :
" أنهض أيضاً " ، فقال الأخ " " الي متي أيها الأب ؟ "
فقال له :
" الي أن يؤخذ ، أما في الخير واما في السقطة ، لأن الانسان فيما يوجد فيه يؤخذ " .
+ قال بعض الشيوخ :
" احرص بكل جهدك لئلا تسقط ، لأن الوقوع لا يليق بالمجاهد القوي ، فان عرض لك أن تقع ، للوقت اطفر واستمر في الجهاد ، ولو عرض لك ربوات من المرات لتربح النعمة ربوات من الدفعات ، وليكن ذلك – أعني النهوض والقيام – الي حين موتك ، لأنه مكتوب :
ان سقط البار سبع مرات في النهار – يعني طول الدهر السباعي – فأنه يقوم سبع دفعات ، انك تحسب مع القائلين ما دمت ممسكا بسلاح التوبة بدموع ، فتذرع بهذه الوسيلة الي الله لأنك وان سقطت ، فانك تمدح بالاكثر ما دمت ملازما للرهبان ، مثل جندي شجاع يقبل الضربات مواجهة ، حتي ولا في حال ضربهم اياك أن تتراخي ووباعد ، ولكت أن انفصلت عن الرهبان فانك تضرب علي ظهرك كهارب جبان طارح سلاحه " .
+ قال شيخ آخر :
" اني رأيت قوة النعمة الالهية الحالة في عماد النور – هي كما هي – حالة في وقت التسربل بالزي الاسكيمي ، أما الذي يطرح عنه زي الرهبنة فلاحظ له مع المؤمنين ، بل سوضع مع جاحدي الايمان ، ويعاقب متي لم يتب الله توبة من كل قلبه " .
+ قيل عن اخ :
" أنه وقع في تجربة ، ومن الشدة ترك اسكيم الرهبنة ، لكنه رجع وندم ، وأراد أن يبدأ في تدبيره الأول فساعده الرب ولم يتركه حتي خلص من مناصب العدو .
توبة امرأتين
وحدثنا ( شيخ ) عن أحد الأساقفة ، أن أقواما علمانيين ، عرفوا الأسقف عن أمرأتين مؤمنتين ، يتصرفان في غير سيرة العفة . فتألم الأسقف بسببهما ، وأدام التضرع الي الله اسمه طالبا اليه أن يعرفه حقيقة ما قد سمع ، فنال ذلك . وهو انه بعد القداس ، أبصر نفوس الذين تقدموا لينالوا الأسرار الالهية ، وتأمل كل واحد وأبصر وجوه الخطاة سوداء ، ومنهم من كان محترقا ، ومنهم من عيناه كمثل النار مبقعة بلون الدم . ورأي آخرين وجوههم بهية ، وأفواههم بيضاء . ورأي قوما لما أخذوا جسد ربنا أضاءت أجسادهم . وكان فيهم آخرين مضيئين , وأذ أخذوا جسد ربنا أضاءت أجسادهم . وكان فيهم قوم من أصحاب السيرة الرهبانية وآخرين من أصحاب السيرة الزوجية ثم تقدم الي النساء ليعطيهم السرائر المقدسة ، فرأهن عليتلك الحال . واذ نظر الي المرأتين اللتين ثلبوهما عنده . وعند دخولهما ليأخذا جسد المسيح صارتا أيضاً لامعتين بضوئهما . فعاد الأسقف الابتهال الي الله طالبا أن يعرفه معني ما كشفه . واذ ملاكا ظهر له
وقال :
أما المرأتين اللتين عرفوك بهما ، فان الذي قيل عنهما صحيح .وأنهما فكرتا في خطاياهما ورجعتا الي الله بقلب صالح متضع ، وابتعدتا عن خطيئتهما ورجعتا بالدموع والسهر والتضرع والاقرار بالخطايا . فقبل الرب توبتهما ، وانهما في طريق العفة والصدقة والمحبة لله .
فقال الأسقف للملاك :
" أنا متعجب كثيرا ، ليس من انتقال المرأتين ، لأن هذا قد صار لكثير من الناس . لكن تعجيبي من موهبة الله اذ لم يجلب عليهما العقوبات فقط ، لكنه أهلهما لمثل هذه النعمة . فقال له الملاك : أمنا أنت فانك انسان وأما سيدنا والهنا فهو بالطبع صالح ومتحنن علي الذين يكفون عن خطاياهم ويرجعون اليه ساجدين معترفين ، ليس من شأنه ان يرسلهم الي العذاب ، يسكن عنهم رجزه وغضبه ويمنحهم كرامته لأنه أحب الناس هذا الحب حتي بذل ابنه الحبيب من اجلهم . وأن كان أهل العالم أعداء له ، اختار ان يموت عنهم أفما يليق به علي الأمر الأكثر اذا رجعوا وندموا علي ما فعلوه ان يزيل عنهم العقوبات ويهب لهم الخيرات المعدة . وأعلم أن رحمته تغلب علي خطايا البشر ، اذا عادوا وتابوا عنها لأنه لم يزل رحوما عارفا بضعف البشر ، فلذلك مغفرته واسعة .
فقال الأسقف :
اشتهي ان تعرفني اخترف وجوه الشعب عندما أتوا لأخذ الأسرار المقدسة .
فقال الملاك :
أما الذين وجوههم بهية فهم أصحاب العفة والطهارة والعدل ، وهم ودعاء ورحومون .وأما المسودو الوجوه فهم أصحاب الزنا والفسق .وأما الذين وجوههم وعيونهم مبقعة ، فهم اصحاب الخبث والضجر والوقيعه والافتراء .
ثم قال الملاك للأسقف :
ان كنت تؤثر خلاصهم ، فعرفهم بعظاتك وردهم الي التوبة . لينتقلوا من سوء الاعمال الي سيدنا يسوع المسيح الهنا ، الذي مات عنهم وقام من الموت ، واجتهد واحرص في العناية ، وعلمهم ان لا يقطع أحد منهم أيامه من رحمة سيدنا يسوع المسيح الذي له المجد الي ابد الآبدين .
+ حدث مرة أن اتي القديس بولس البسيط تلميذ الأب أنطونيوس الي الاسقيط .
لافتقاد الأخوة كعادته ، ولما دخلوا الكنيسة ليكملوا القداس ، كان يتأمل كل واحد من الداخلين ، ويعرف الحال التي عليها نفسه ، وكان يري مناظرهم بهجة وملائكتهم تتبعهم مسرورة . وعاين احدهم أسودا كله ، وشياطين سمجة محتاطة به يجرونه ، وملاكه يتبعه من بعيد عابسا ، فلما رأي ذلك بكي وقرع صدره مرات ، وخرج من الكنيسة باكيا ، فخرج اليه الاخوة قائلين .
لماذا تبكي يا أبانا ؟
وطلبوا اليه أن يدخل معهم للقداس ، فأمتنع وجلي علي باب الكنيسة منتبا جدا ، ولما كملت الصلاة وخرجوا كان يتطلع اليهم أيضاً ، مؤثرا أن يعرف خروجهم فرأي ذلك الأخ الذي كان قد دخل علي تلم الخال السمجة ، محتاطة به يجرونه ، وملاكه يتبعه من بعيد عابسا ، فلما رأي ذلك بكي وقرع صدره مرات ، وخرج من الكنيسة باكيا ، فخرج اليه الأخوة قائلين :
لماذا تبكي يا أبانا ؟ "
وطلبوا اليه أن يدخل معهم للقداس ، فامتنع وجلس علي باب الكنيسة منتجا جدا ، ولما كملت الصلاة وخرجوا كان يتطلع اليهم أيضاً ، مؤثرا أن يعرف خروجهم فرأي ذلك الأخ الذي كان قد دخل علي تلك الحال السمجة ، قد خرج بهي وهم مكمدون ، أبيض الجسم ، وملاكه ملاصق له مسرور ، والشياطين يتبعونه من بعيد وهم مكمدون ، فصفق القديس بولس بيده مسرور ، ووثب بفرح عظيم مباركا الله أبا الصلاح .
بصوت عالي قائلا :
" هلموا أبصروا أعمال الله الموهوبة المستحقة كل ذهول وعجب ، هلموا أبصروا أعمال الهنا الصالح الذي يشاء خلاص كل الناس ، ومحبته للبشر التي لا يلفظ بها ، هلموا نسجد ونخر قائلين : " انت وحدك يا الهنا قادر أن تنزع كل خطية " فحضر الكل لسماع اقواله ، فأخبرهم بما ظهر له ، وسأل ذلك الأخ أن يعرفه السبب الذي من أجله وهب الله له تبديل تلك الحالة النقية ، فقال بمحضر من الكل : " أني منذ زمان طويل عائش في النجاسة الي أبعد غاية ، فلما رأيت الأب باكيا جدا ، ابتدأ قلبي في أن يتخذ احساسا ، فأنصت الي القراءات ،
فسمعت أشعياء يقول :
" أغتسلوا صيروا انقياء ، أزيلوا شروركم من امامن عيني ، تعلموا أن تصنعوا حسنا ، وتعالوا نتناظر يقول الرب ، أن كانت خطايكن كالبرفير تبيض كالثلج وان احمرت كالبقم ( كالدودي ) . أجعلها كالصوف النقي " فلما سمعت أنا الخاطي هذا الكلام ، ضعف قلبي وقلت أمام الله ، أنت الاله المتحنن الذي اتيت لخلاص الخطاة ، يا من قلت : " أنه يكون فرح في السماء قدام ملائكة الله ، بخاطيء واحد يتوب" ، والآن ياربي ، ما وعدت به بفم نبيك تممه في أنا الخاطي ، واقبلني تائبا ، وها أنا منذ الآن لا أصنع شيئا مما كنت أصنعه من الآثام ، وسوف أخدمك بكل طهارة الي ىخر نسمة من حياتي ، وعلي هذا العهد خرجت من الكنيسة " . فلما سمع الآباء ذلك صرخوا بصوت واحد .
قائلين :
" لقد عظمت أعمالك يارب ؟ كلها بحكمة صنعت " .ومن ذلك الوقت عاش ذلك الخ بكل نقاوة وأرضي الله بسيرة فاضلة ، فعلينا ألا نقطع رجاءنا من مراحم الهنا ، لننا اذا أتينا اليه ، لا يطالبنا بسالف أعمالنا ، لأنه كوعده الصادق يغسل الراجعين اليه بكل قلوبهم ويبيضهم كالثلج له المجد دائما .
+ كان قسيس القلالي :
قد أعطي نعمة من الله أن ينظر الأرواح النجسة عيانا ، وكانوا يخافون منه ، وذات يوم بينما كان ذاهبا الي الكنيسة الجامعة ، واذا به ينظر جماعة من الشياطين خارج قلاية أخ فوجد بعضهم في شكل نساء يرقصون ويغنون غناء مطربا ويقولون مالا يجب سماعه ، ووجد البعض منهم في شكل صغار يرقصون ، والبعض الالآخر مختلفين في أعمال رديئة ، فتنهد الشيخ قائلا : " بلا شك أنه يوجد في داخل هذه القلاية راهب في أتون نار ، بسبب هذه الرواح النجسة المحيطة بقلايته ، فلما أكمل القس صلاته في الكنيسة ورجع – اذ أن النجسة المحيطة بقلايته ، فلما أكمل القس صلاته في الكنيسة ورجع – اذ أن الصلاة هي بدء كل عمل – قرع باب قلاية بعضها ، وجلسا ، ثم بدأ الشيخ المبارك الممتليء نعمة .
يقول للأخ :
" أيها الأخ ، اتيت اليك لعلي أجد عندك راحة ، لأن القلاية التي أنا مقيم فيها قد أمتلأت بالشياطين ، وقد أغتصبوها مني ، لأنهم وجدوا راحتهم داخلها ، لأني كل يوم في طاعتهم ، صانعا لهم ما يريدونه ، ولما كان هذاالنهار ، ما استطعت ان ابقي معهم بسبب سوء عملي ، فأنا أسألك أيها الأخ الحبيب منأجل المسيح أن تصلي عني كل يوم صلاة ، لعلي أجد راحة ، فقد أوشك الرجاء أن ينقطع مني "
فلما سمع الأخ كلام الشيخ ، لكم علي وجهه ، واثار التراب علي رأسه .
وقال له :
" أيها الشيخ ، أنت مصباح البرية وضياؤها ، وتقول لي هذا الكلام ، آه لو علمت ما أنا فيه ، وبدأ يخبر الشيخ ، فبسرعة ضرب له الشيخ مطانية راجيا منه ألا يذكر قدامه شيئا ، لأن الكلام الرديء يخفض القلوب المستقيمة ، وينجس الأسماع
حينئذ كف الأخ عن الكلام وقبل مطانية القس ، ولما من عنده قام الأخ يصلي علي الشيخ ، وبدأ يقول لنفسه : أيها الشقي ، أنت قائم لتصلي . وينوح ويضرب المطانيات ويذرف الدموع الغزيرة ، وأقام علي هذه الحال أسبوعا ، وفي السبت التالي ، مضي القس الي البيعة وعبر علي باب قلاية الأخ فوجد الشياطين قياما علي بابها غير قادرين علي دخولها ، ويهتمون بهدم أسوارها ، فعلم القس أن الأخ قد نجح في الصلاة ، ففرح وقرع باب قلاية الأخ ، فخرج الأخ وقد فلما بدأ الشيخ بالسؤال عن حاله ، لم يفتح فاه من الحزن والكآبة ، وكان يقول :" أتري يا ابي هل أعود فأحسب منالرهبان ، طيب النفس لتناول الأسرار المقدسة ، فرحان القلب ؟ ويلاه ، متي يعود يبني ما قد أنهدم ؟ وما ابعد الطريق علي ؟ بهذا الكلام كان يجاوب الشيخ ن ولا يدري ما كان يهدف اليه الشيخ فخرج الشيخ من عنده وهو يقول :
تباركت يارب اله الجنود السمائين والرضين ، لأنك تقبل الخاطيء اذا رجل بتوبة نقية ،وتعده أفضل من الذي قضي عمره كله في مرضاتك " ، وأقام الأخ علي مثل هذه الحال أسبوعا آخر ، فعند وقوفه علي باب قلاية الأخ ، وثبت عليه الشياطين الذين تحالفوا علي مقاتلة الأخ ، وقطعوا ثياب الشيخ ونتفوا شعر الحيته قائلين :
اما يكفيك أن قلايتك لا نستطيع العبور عليها ، حتي ولا علي جيرانك ، وأخ أحد لنا في هذه الجملة ، جعلته عدوا عظيما يتعدي علينا النهار كله والليل ، قد أحرقنا شرار صلاته ، فلاما تركوه هكذا ، قرع باب قلاية الأخ ووجده متعبا ، فلما اراه حالته سأله الأخ قائلا :
" ايها القس ، من الذي صنع بك هكذا ؟ "
فأجابه قائلا :
" انهم أصدقاؤك الآن " وبدأ يشرح له من أول عبوره عنده لغاية تلك الساعة ، ولما علم الأخ بحقيقة الحال ، شكر الرب الذي افتقده علي يد القس ، وهكذا انصرف الشياطين باكين حزاني ، وبمعونة الرب وصل الي طقسه الأول وأكمل قانونه المقدس .
+ وقال القديس برصنوفيوس :
حدث مرة لأخ أن آذاه اللصوص ، فخاف جدا وبمعونة الله خلص ، فأخبر الشيخ عن انزعاجه وسأله ان يصلي عليه .
فقال الشيخ :
" يا ولدي : ان الله لا يتركنا أن لم نتباعد تحن عنه لأنه يقول : " لا أتركك ، لا أهملك " ، ولكن قلة ايماننا هي التي تعجلنا نجبن ونخاف من اللصوص الذين حضروا اليك حتي ولو كانوا أكثر من مركبات فرعون وجنوده .
وقد علمت أنهم بكلمة الله وعزته قد غرقوا في البحر ، ألا نذكر المكتوب عن الذين جاءوا لأخذ اليشع كيف أصابهم العمي . والكتاب يقول : " الرب يحفظك من كل سوء ، الرب يحفظك ، الرب يحفظ دخولك وخروجك " .
وكيف ننسي القائل :
" أن عصفورا لا يسقط علي الأرض بدون أذن أبيكم السماوي ، وأنكم أفضل من عصافير كثيرة " ، والجبن هو وليد قلة الايمان وهو منتهي قلة الرجاء ، وهو يرخي القلب ويجتذب الناس من الله الي بلدة الهلاك ، فلنفر منه يا ولدي ولننبه يسوع ربنا النائم فينا قائلين : " يا عظمتنا خلصنا ؟،وهو ينتهر الريح ويسكن الأمواج ، لنترك الآن القصبة المرضوضة ونلتمس عصا الصليب التي شقت البحر وأغرقت فرعون الفعلي ،ونتكل ملقين أنفسنا علي الذي صلب من أجلنا ، لأنه يعرف كيف يرعانا نحن غنمه ويطرد عنا الذئاب الردية . يا ولدي . أني لمتعجب منك كيف تفرع من العبيد الوقوف خارجا ، ولا تفكر في السادة الذين هم من داخل ، لأن اللصوص المحسوسين هم عبيد الشياطين اللصوص الفعليين ، فينبغي لك أن تعرف بالنعمة أن اللصوص اتوك ولكن المسيح لم يتركك ، فأسرع أنت في طلبه ، واساله أن يعينك لأنه مكتوب :" الرب قريب من الذين يدعونه ، والذين يرغبون اليه بالاستقامة ، وهو يصنع مشيئة خائفيه ويسمع طلباتهم ويخلصهم فاقترن بسيدك ملتصقا به وهو يطرد عنك كل الأقوياء ، ويبطل قوتهم "
( ب ) الاسراع الي التوبة
+ قال القديس أنبا انطونيوس :
أطلب التوبة في كل لحظة ، ولا تدع نفسك للكل لحظة واحدة .
+ قال القديس أنبا باخوميوس :
لا تؤجل التوبة لئلا يفاجئك المرسلون ويأخذوك وأنت غير مستعد فتصيبك شدة عظمة وتعاين حينئذ الوجوه الشنيعة التي تحيط بك بقساوة وتمضي بك الي المنازل المظلمة المملوءة فزعا ونيرانا . تيقظ بكل قوتك كي تكون أمينا علي مال سيدك وتدخل الي ملكوته بفرح .
+ قال شيخ :
" أني أهوي الرجل الذي يخطيء ويندم ويقر بخطئه ، اكثر من الرجل الذي يعمل الصلاح ويكزي نفسه " .
+ قال القديس باسيليوس :
" جيد ألا تخطيء ، وأن أخطأت فجيد ألا تؤخر التوبة ،وأن تبت فجيد أن لا تعاود الخطية ، واذا لم تعاودها فجيد ان تعرف ان ذلك بمعونة الله ، واذا عرفت ذلك فجيد أن تشكره علي نعمته وتلازم سؤاله في اراحة معونته .
+ قال انبا تيموثاوس :
" اذا أنت سقطت فلا تتوان ، ولا تكسل ، بل قم بسرعة، واذا ضللت أسرع بالرجوع الي خلف حتي تجد الطريق المستقيمة ، لأن الطريق المستقيمة حسنة جدا وليس فيها دوران ، ولا تحتاج الي طول الزمان ، بل بسرعة تصل الي مدينة السلام .
( ج ) محاسبة النفس
+ قال مار اسحق
اذا ما أفرزت نفسك للتوبة ، فكل يوم لا تصادفك فيه محقرة لا يكون له حساب عندك ، وكل يوم لا تجلس فيه ساعة بينك وبين نفسك ، متفكرا بأي الشياء اخطأت ، وبأي أمر سقطت ، لتقوم ذاتك فيه ، فلا تحسبه من عداد أيام حياتك ، الويل لمن لا يبكي ، ولا يتضايق ، ولا ينقي عيوب نفسه ، ما دام هناك وقت للتوبة ، لأنه هناك بغير ارادته بأمواج النار ينقيها ، حتي يوفي آخر فلس عليه ، الذي هو الزلة الصغيرة .
- كن مضيقا علي نفسك ومحزنا لها لكيما ينطرد العدو من امامك .
- اصطلح أنت مع نفسك فتصطلح مع السماء والأرض .
- افحص ذاتك باستقصاء ، وانظر بأي نوع زلت ، واطلب من الله أن يغفر لك .
- دن نفسك وحدك في اعمالك ، حتي لا تنخدع بالاهمال والتهاون .
- افحص كل يوم فيم انت عاجز فيه ، لئلا تتعب وقت شدتك .
- الانسان الذي يغضب ذاته دائما . ليتدبر بمقتضي حكم النية ، لن يخطيء بلا توبة .
- من كان قلبه غير منسحق وغير محزون من الله ، فلن ينعتق من الطياشة .
- من يصالح نفسه آخر ممن يصالح شعوبا ، وهو مغتصب منقسم علي ذاته .
+ قال شيخ :
يجب أن نحاسب نفوسنا كل يوم ونفتقد حياتنا بالتوبة .
+ قال الأب نستاريون :
يجب علي الراهب ان يحاسب ذاته كل مساء وكل صباح ، ماذا صنعنا مما يشاء الله ، وماذا عملنا مما لا يشاء الله ، لأنه هكذا عاش الأب ارسانيوس وهكذا نفتقد ذواتنا كل ايام حياتنا ، لأن الانسان اذا عمل الكثير ولم يحفظه فقد أتلفه أما يعمل قليلا ويحفظه ، فانه يبقي معه .
+ وقالت القديسة سفرنيكي :
" اذا أخطأنا الي ملوك العالم . السنا بغير ارادتنا نلقي في السجون ونعاقب ؟ فسبيلنا من أجل خطايانا أن نحبس انفسنا ، ونعاقبها بالأتعاب ، لكي نطرد الذكر الطوعي بالعذاب العتيد " .
+ سئل مرة القديس آمونت الأسقف :
" ما هي الطريق الضيقة الكربة ؟ "
اجاب :
" أن الطريق الضيقة الكربة هي هذه : أ، يراقب الانسان فكره ، ويقطع بوجه خاص هواه ، وهذا هو ما يقصد بذلك القول " قد تركنا كل شيء وتبعناك " .
سؤال :
كيف يستطيع انسان خاطيء ان يبتغي الرب في كل حين ؟ "
الجواب :
" لقد طلبت من الله أن يعرفني جواب سؤالك .
فقال لي :
" طهر قلبك من كل أفكار الانسان العتيق وأنا أجيبك الي سؤال قلبك لأن مواهبي انما تكون في الأطهار ولهم تعطي ، وما دام قلبك يتحرك بالغضب وبالحقد وبسائر الأوجاع العتيقة ، فلن تدخل فيه الحكمة ، ان كنت تشتهي أن تنال نعمتي ومواهبي فاخرج العدو وابعده عنك . ومواهبي منها وبها .. تأتي اليك .
ألم تسمع أن عبدا لا يقدر أن يخدم ربين ؟ فان كنت عبدي فلا تخدم الشيطان وان خدمته فلا تظن – فمن يشتاق الي مواهبي فليقف آثاري ، لأن المشتبه الحمل لا شر فيه لقد قبلت الأوجاع كلها ولم أكلم فيها بشرا . ومع أني اوصيكم بأن تكونوا ودعاء مثل الحمام ، اذ بي أجدكم وقد أتخذتم لأنفسكم قساوة الأوجاع – فانظروا لئلا اقول لكم :" أمضوا الي سعير ناركم التي اضرمتموها ".
وعندما سمعت ذلك صرت أبكي ليتحنن علي كصلاحه ، ولينجيني من شر الانسان العتيق ويبلغني الي الانسان الجديد لكيما أقبل كل ما يأتي علي بشكر فصل من أجلي كي أهرب من تزكية نفسي .
+ قال بعض الآباء :
" أن الله يحتمل خطايا العالم ، أما خطايا أهل البراري فلا يحتمل لأن مما يطالب به أهل العالم يختلف عما يطلبه ممن قد تخلوا عن العالم . لأن من هو في العالم له أعذار كثيرة ، فأما نحن فأي عذر لنا ، نحن الذين قد قصدنا البرية وتغربنا فيها ؟ الحقيقة أن عقابا شديدا ونارا تلتهب تلحق بالعارفين لمشيئة الرب ولا يسلكون بمقتضاها . " .
+ قال شيخ :
" أن الله يطيل روحه علي خطية العالم ولا يطيل روحه علي خطية البرية " .
+ وقالت القديسة سفرنيكي :
" أن كثيرين يسكنون الجبال ، ويعملون عمل أشر الناس ويهلكون أنفسهم " .
( د ) الاستعداد
+ قال القديس أنطونيوس :
" تفكر في كل يوم انه آخر ما بقي لك في العالم فان ذلك ينقذك من الخطيئة " .
+ وقال مار اسحق :
- اذا قمت باكر كل يوم ، أذكر انك سوف تعطي جوابا لله عما صنعت فلن تخطيء مرة أخري ، فكر كل يوم ، انه ليس لك في العالم ، سوي يومك الذي انت فيه فلن تخطيء أبدا .
- اذكر ملكوت السموات لكي تجذبك شهوتها نحوها ن أذكر ايضا نار جهنم لكي تبغض اعمالها .
- حقا لقد قيل أن مخافة الموت ترعب الرجل الناقص ، أما الذي له في نفسه شهادة صالحة فأنه يشتهي الموت كالحياة .
- + قال الأب ايليا :
" اني أفزع من ثلاثة أشياء : افزع منوقت خروج نفسي من جسدي من لقاء الله ، ومن خروج القضية علي " .
(هـ ) الاعتراف
+ قال القديس أنبا موسي الأسود :
من يتذكر خطاياه ويقر بها لا يخطيء كثيرا أما الذي لا يتذكر خطاياه لا يقر بها - فأنه يهلك بها .
- الذي يقر بضعفه موبخا ذاته أمام الله فقد اهتم بتنقية طريقه من الخطيئة … اما الذي يؤجل.
ويقول :
" دع ذلك لوقته ، فانه يصبح مأوي لكل خبث ومكر " .
صيانة الانسان ان يقر بأفكاره ومن يكتمها عليه . أما الذي يقر بها فقد طرحها عنه .
+ قال مار اسحق :
المريض الذي يعترف بمرضه شفاؤه هين ، كذلك الذي يقر بأوجاعه فهو قريب من البرء . اما القلب القاسي فتكثر أوجاعه والمريض الذي يخالف الطبيب يزيد عذابه .
ليست خطية بلا مغفرة الا التي بلا توبة .
+ سئل القديس برصنوفيوس :
" قل لي يا أبي رأيك فيما لو كنا لأحد الأخوة ببعض القتالات ونلتمس منه الصلاة بخصوصها ؟ "
الجواب :
" جيد ان نقر لمن له قوة أن يسمع ، ولا نقر بمن هو بعد شاب وأما ابتغاء الصلاة ، فجيد أن نطلب من كل واحد " .
+ وقال أيضاً :
" شاب لا ينفع شابا حتي ولو سقاه بكأس جميع تعاليم الكتب الالهية فلن ينتفع منه "
+ وسئل أيضاً :
" أخبرني يا أبي أن كان ينبغي أن نخبر المشايخ بكل الأفكار النابعة من القلب ، وهل ينبغي للمصلي أن يعلن صوته أم أنه يصلي بعقله " .
الجواب :
" لا ينبغي للانسان ان يسأل الآباء عن الأفكار التي تنبع من القلب ، لأنها كثير جدا ، لأن الانسان اذا سمع كثيرين يفترون عليه فانه لا يعتني بافترائهم ، ولا يهتم به ، فأما أن انتصب له واحد فقط وافتري عليه وقاتله فحينئذ يجد السبيل كي يستعد له أمام السلطان ، كذلك الحال في الأفكار ، اما من جهة قراءة المزامير والصلاة ، فلا يجب أن تقال بالعقل فقط ، بل بالشفتين أيضاً ، لأن النبي هكذا قال : : يارب افتح شفتي ليخبر فمي بتسحبيحك " . كما يقول الرسول ايضا : " ثمرة شفاه شاكرة لاسمه " . ولا يجب أن يكون في الصلاة شيء من الأفكار الأرضية ، كما ينبغي ان تكون معقولة والاتضاع لأن الآباء لم يقدموا شيئا الا بالتعب والاتضاع .
+ جاء الي الأب زينون :
في بلاد سوريا أخ مصري ، وأعلن له أفكاره ، فتعجب الشيخ قائلا : " أن المصريين اذا ما كان عندهم فضيلة مكتموها ، وما ليس عندهم من الزلات نسبوه الي انفسهم ،وذلك بخلاف ما يفعل الناس الذين اذا فعلوا خير تكلموا به وأظهروه ، والزلات يكنمونها " .
+ قوتل أخ من الرهبان بالزني ، فقام بالليل وذهب الي أحد الشيوخ وكشف له سره ، وسأله أن يصلي من أجله ، فعزاه الشيخ وشجعه ، ولما رجع الأخ الي قلايته اشتد عليه القتال ، فرجع ثانية الي الشيخ وفعل ذلك مرارا ، وكان الشيخ في كل مرة لا يحزنه ، ولكنه كان يكلمه بما فيه منفعة نفسه قائلا : " كلما قاتلك هذا الشيطان تعال وبح له فانه ليس شيء يبعد شيطان الزني مثل اظهار افكاره وأعماله وفضيحته ، وليس شيء يفرحه غير كتمان ذلك " . فتردد ذلك الخ علي الشيخ في تلك الليلة احدي عشر مرة ، وهو يكشف له أفكاره .وأخيرا قال " قل لي عليك لما احتملت ، ولكنت أنت تسقط بالأكثر يا ابني لو أن الله يدع فكري وقتالي وقفا عليك لما احتملت ، ولكنت أنت تسقط بالأكثر الي أسفل " فلما قال الشيخ هذا الكلام باتضاع ، كف الله عن الأخ .
+ قال شيخ :
" لا تكتم خطاياك القديمة وافكارك الشريرة ، فان وج الشيطان فيك دافعا واحدا مكتوما ، ففيه يطرحك ، لأن ليس للشيطان قوة أن يجر انسانا الي فعل الخطية ، ولكنه اذا أبصر هواه مائلا الي شيء من الخطية ، ففيه يطرحه ، فان رأه متحفظا يستشير في أموره كلها ، ويطيع لما يشار به عليه ، فلا يقوي عليه في شيء بالجملة " .
+ اتضاع أسقف :
ذكروا عن احد الأساقفة أنه كان رجلا خائفا الله . وكان العدو يحسده ويريد ان يلقيه في بعض مصايده . فاتفق انه جربه . ففي العدو يحسده ويريد أن يلقيه وتلميذه غائب انه جربه . ففي يوم من الأيام كان جالسا في قلايته وتلميذه غائب عنه ، فدخلت عليه صيبة حسنة جميلة الصورة جدا ،والقت بذاتها بين يديه ، وصارت تعترف له وتبكي وكشفت وجهها وبدأت تحدثه .
وللوقت القي العدو شبكه واوقعه معها ، فلما أخطأ رجع الي نفسه وارتفعت غمامة الشر من علي وجهه . ثم ان تلميذه لما دخل عليه وجده متقلبا في اصناف الويل والعويل علي نفسه ، فتعجب التلميذ غاية العجب ولم يعلم سره وبقي الأب علي قدميه صائما باكيا اسبوعا كاملا ، ولم يشرب الماء البتة .وفي سابع يوم وقع علي الأرض ، والتلميذ يبكي معه ، ولم يعلم أحد سره ز ولما أكمل هذا، خلع ثياب الأسقفية وكان عيد من الأعياد، وترك عكازه وجاء الي قدام المذبح ورماها .والتفت الي الشعب وقال : الرب من اليوم معكم يا اخوة ، صلوا علي فانني من الآن ما بقيت أصلح ان أكون عليكم مقدما . فلما رأي الشعب هذه الأعجوبة ،بكي جميع الناس ، من رجل الي أمرأة الي الصغار خارجا . فأمسكوه
وقالوا :
يا أبانا من جهة الله لا تجعلنا أيتاما منك ، اعلمنا خبرك . فقال لهم : يا أولادي انا الحزين الخاطيء ، أنا الضعيف الشقي ، انا المرزول . لي اليوم أربعون سنة اتعب واحزن ، وضيعت الجميع في ساعة واحدة ، لأنني قد نجست جسدي القذر المنتن الحقير – هذا والبكاء والصراخ يعمل عمله – فصرخوا بأجمعهم وقالوا : يا أبانا نحن نحمل هذه الخطية علينا وعلي اولادنا ، فلم يقتنع بشيء من هذه ، فأمسكوه ومنعوه من الخروج البتة . فلما علم أنه مغلوب منهم ،
قال لهم : أي شيء تريدوني أن اعمل ؟
أبدأ لنا القداس . قال : ما أفعل . فصرخ الجميع بصوت واحد وقالوا : من أجل الله طاعة ولا تخالف . قال : مبارك ولكن علي شرط تعلموا المحبة والطاعة ولا تخالفوني فيما يصلح شاني . قالوا : نعم . فبدأ القداس ، وبعد اتمامه .
قال لهم :
ما انا اسقفكم أن خالفتموني ومن يخالفني فهو ممنوع من الله . ثم خرج الي باب الكنيسة . ودعا جميع من في الكنيسة من كبير الي صغير الي امرأة وعبد وجارية . وقال : من أجل الله كل من يريد أن يخرج يطأ بقدمه علي وجهي ثلاث دفعات ويقول : يا مسيح العالم اغفر له . ومن يعمل هذا فهو يعرف أي أجر يناله من المسيح .واذ عملوا كما امرهم وهو ملقي علي وجهه ، والناس يطأون عليه ، ولما كان آخر شخص يعمل كما عمل الشعب ، اذ بصوت عظيم قد جاء حتي ارتعب الجميع .
وهو يقول :
ليس من أجل الوطء عليك قد غفرت لك ، لكن لأجل تواضعك واعترافك بخطاياك . فلما استقرت الصوت في ىذان الشعب ، مجدوا الله وانصرفوا ..
+ قسيس :
سأل أخ أحد الأباء أن يرهبنه فأجاب سؤاله ورهبنه وسماه بطرس ، فتكفل به والده بغير اختيار ومضي به الي موطنه حيث مرض مرضا صعبا ،وانتقل الي الرب وقد أخذ جوائز أتعابه ، ويشهد له بالدالة عند الله العجائب الصائرة عند قبره كل يوم .
وقال ايضا :
مرض صديق لي ، فمضت أفتقده ، فقال لي علي ما أري من امري ان الموت قد قرب مني ، فان رأيت أن اعترف لقدسك بما عملت فقلت له يا أخي : قل بلا حشمة لاننا كنا خطاة أثمة، وعدونا ابليس يحرضنا علي فعل الخطية ، لكن كثرة خطايانا ما تغلب رحمة الله ورأفته ، أن نحن رجعنا اليه وتبنا توبة خالصة .
فاعترف بخطاياه بنشاط . وبعد اعترافه جاءه اصدقاءه واقرباؤه يفتقدونه . فجلسنا كلنا وذلك المريض يتحدث معنا. وفيما هو يتحدث معنا ، التفت بغيتة بوجهه الي الناحية الأخري من السرير بسلطة مولاه كأنه يتكلم مع سلطان . ففزعنا كلنا وجزعنا . وظنناه قد نظر أمرا ما ،وهو قد أدام نظرهه نحو الظاهر له . ثم قال نعم حقيقة هذا عملت لكني قد اعترفت به للقسيس وقال مثل هذا كثيرا أيضا . وهذه صنعتها وأقررت بها . تكذبون ، هذه ما صنعتها .وقال هذه فعلت . وهذاما فعلت ، وهذه نعتموني بها
ثم قال :
عن الكتاب الذي تقولون يعلم الرب انني ما شئت اخذه ، بل حركني علي ذلك قوم آخرون جهلة مثلي قائلين خذه اسرقه من أمك واعطيه للعبد ونعليك دينارا ، والرب يجازيك عن ذلك ، ثم اجاب بخوف ولكنني اشاء ان تأخذني هذه الساعة فما أطيق الصبر ثلاثة ايام . ثم قال نمضي فأجابه وانتظرك بعد ثلاثة ايام . فلما سمعنا نحن فزعنا ودهشنا من الرؤية الغير مرئية ، فرجع المريض الي ناحيتنا . فقلت له أنا ماذا كنت تقول يا اخي ، ومن كنت تخاطب ؟ فقال لا تظنوا انني قد جننت ،وان عقلي ما هو ثابت . أنتم عميان ما رأيتم الملاك والرجال الأمجاد الذين معه ، والجماعة السود الوجوه المقيمين عند الباب . فقلنا له أي ملاك ، وأي سود عند الباب . فقال الذي كان يخاطبني حتي الأن ، وجهه يتلألأ أكثر من الشمس ، وثيابه تلمع ضياء ، دهل الي ههنا مع قوم ذوي قدر ،وجاء بعض السود قباح الوجوه والعيون ،ووقفوا عند الباب يثلبونني ، ويقولون ما عملت وما لم أعمل .فسألني الملاك ان كان ما يقولونه حقا ؟ فقلت ما عملت وما لم أعمل . فسألني أنا:وما ذاك الكتاب الذي كنت تقول ؟
فقال لي
ظننت انه لا شيء ولذلك ما اتعرفت به . فقلت له فماذا كان ؟ فقال كان لوالدتي عبد وعتقته بكتاب واخفت الكتاب لتعظيه اياه عند موتها ويكون معتوقا يذهب حيث يريد .وكان عبدا خبيثا ، فعامل قوما جهله مثلي وكلفوني علي سرقة الكتاب ووعدوني بدينار اذا اعطيته للعبد . فانخدعت منهم وسرقت الكتاب واعطيته للعبد . فبعد اخذ ما عاود خدمة والدتي . ولما فتشت علي الكتاب ولم تجده صعب عليها ولعنت سارقه ،وكنت أسمع لعنتها وما اكثرت لها ولا اعترفت بالكتاب . هذا هو الكتاب الذي كان السود يقولون عنه ، وقالوا غيره اشياء كثيرة ما عملتها . ولما سأل الملاك عن ذلك قلت له اكشف فان كان ما يقولونه صحيحا اقتلني .حينئذ أبعادهم وقال لي امضي اهتم بأمورك وترهب والبس الاسكيم فبعد ثلاثة ايام آتي وآخذك . فقلت له ان شئت أخذي فخذي الساعة يا مولاي لأنني لا استطيع عذاب ثلاثة ايام . فلما سمعنا نحن هذه هلعنا وجزعنا وخفنا ونحنا علي أي غاية مفزعة ننتظر . فصلي المريض وكمل كما يشاء وترهب وبعد ثلاثة ايام مضي الي الرب.