اللهُ يُسكِنُ الوَحيدَ بَيتًا وُ يخرِجُ الأَسيرَ إِلى الرَّخاء. أَمَّا المُتَمَرِّدونَ ففي الأَرضِ القاحِلَةِ يُقيمون (مز 68 /7)
الفصل الثاني: أؤمن بيسوع المسيح ابن الله الوحيد من 687 ـ 747
الفصل الثاني: أؤمن بيسوع المسيح ابن الله الوحيد من 687 ـ 747
المقال الثامن
"أؤمن بالروح القدس
687 ـ "ليس أحد يعرف ما في الله إلا روح الله" (1 كو 2: 11) والحال أن روحة الذي يكشفه يجعلنا نعرف المسيح كلمته كلامه الحي ولكنه لا يقول عن نفسه ما هو فالذي نطق بالأنبياء يسمعنا كلام الآب أما يسمعنا كلام الآب أما هو فلا نسمعه ولا نعرفه إلا بالحركة التي يكشف لنا فيها الكلمة ويعدنا لاستقباله في الإيمان وروح الحق الذي يكشف لنا المسيح لا يتكلم من عند نفسه مثل هذا الاحتجاب ذي الميزة الإلهية الخاصة يفسر لماذا لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه فيما أن الذين يؤمنون بالمسيح يعرفونه لأنه يقيم معهم (يو 14: 17)
688 – وإذ كانت الكنيسة هي الشركة الحية لإيمان الرسل الذي تنقله فهي موضع معرفتنا للروح القدس
· في الكتب التي أوحي بها
· في التقليد وآباء الكنيسة له شهود أبدا حاليون
· في سلطة الكنيسة التعليمية التي يرافقها
· في ليترجيا الأسرار من خلال أقوالها ورموزها حيث يجعلنا الروح القدس قي شركه مع المسيح
· في الصلاة التي يشفع لنا فيها
· في المواهب والخدمات التي تبنى بها الكنيسة
· في علامات الحياة الرسولية والإرسالية
· في شهادة القديسين حيث يظهر قداسته ويواصل عمل الخلاص
أ – الرسالة المشتركة بين الابن والروح القدس
689 – هذا الذي أرسله الآب إلى قلوبنا روح ابنه هو في الحقيقة اله واحد الجوهر مع الآب والابن لا ينفصل عنهما سواء كان ذلك في حياة الثالوث الحميمة أو في موهبة محبته للعالم ولكن أن عبدت الكنيسة الثالوث الأقدس المحي الواحد الجوهر وغير المنقسم فإيمانها يعترف بتميز الاقانيم وعندما يرسل الآب كلمته يرسل أبدا روحه: رسالة مشتركه حيث الابن والروح القدس متميزان ولكن غير منفصلين اجل أن المسيح هو الذي يظهر هو الصورة المنظورة لله غير المنظور ولكن الروح القدس هو الذي يكشفه
690 – يسوع هو مسيح ممسوح لان الروح القدس هو الدهن وكل ما يجرى انطلاقا من التجسد هو من هذا الامتلاء وأخيرا عندما تمج المسيح صار بإمكانه هو أيضا أن يرسل الروح من عند الآب إلى الذين يؤمنون به فهو يشركهم في مجده أي بالروح القدس الذي يمجده فالرسالة المشتركة سينشر عملها في الأبناء الذين تبناهم الآب في جسد ابنه ستقوم رسالة روح التبني بان تضمهم إلى المسيح وان تحييهم فيه فكرة المسحة توحي بان ليس هنالك أي بعد بين الابن والروح القدس فكما انه بين سطح الجسد ومسحة الزيت لا يعرف العقل ولا الحس أي وسيط هكذا يكون مباشرا اتصال الابن بالروح بحيث انه لا بد لمن سيتصل بالابن بالإيمان من أن يلقى أولا الزيت باللمس وهكذا فما من جزء عار من الروح القدس ولهذا فالاعتراف بسيادة الابن تجري في الروح القدس للذين يتقبلونها إذ يأتي الروح القدس من كل جهة إلى أمام الذين يقتربون بالإيمان
2 – اسم الروح القدس وتسمياته ورموزه
اسم علم الروح القدس
691 – روح قدس هذا اسم علم من نعبده ونمجده مع الآب والابن الكنيسة تقبلته من الرب وتعترف به في معمودية أبنائها الجدد. اللفظة روح ترجمه للفظة العبرانية روح ومعناها الأول نفس هواء ريح ويسوع يستعمل صورة الريح الحسية هذه لكي يوحي لنيقوديمس بالجدة السامية في الذي هو شخصيا نفس الله الروح الإلهي والي ذلك فروح وقدس صفتان إلهيتان يشترك فيهما الاقانيم الثلاثة ولكن بجمع هاتين اللفظتين يدل الكتاب المقدس والليتروجيا واللغة اللاهوتية علي اقنوم الروح القدس الذي لا يوصف من غير التباس ممكن بالمدلولات الأخرى للفظتين روح و قدس
تسميات الروح القدس
692 – يسوع عندما يعلن مجئ الروح القدس ويعد به يسميه البارقليط ومعناه حرفيا الذي يدعي قرب (ad - vocatus) (يو 14: 16، 26، 15: 26، 16: 17) وبارقليط تترجم عادة بالمعزي إذ أن يسوع هو المعزى الأول والرب نفسه يسمى الروح القدس روح الحق.
693 – وفضلا عن اسم علمه الأكثر استعمالا في أعمال الرسل والرسائل نجد عند القديس بولس التسميات التالية: روح الموعد (غل 3: 14، أف 1: 13) وروح التبني (رو 8: 15، غل 4: 6) وروح المسيح (رو 8: 11) وروح الرب (2 كو 3: 17) وروح الله (رو 8: 9، 14، 15: 19، 1 كو 6: 11، 7: 40) وعند القديس بطرس روح المجد (1 بط 4: 14).
رموز الروح القدس
694 – الماء: رمز الماء يعبر عن عمل الروح القدس في المعمودية إذ انه يصبح بعد استدعاء الروح القدس العلامة السرية الفاعلة في الولادة الجديدة فكما أن حبل ولادتنا الأولى جرى في الماء كذلك يعنى ماء المعمودية في الحقيقة أن ولادتنا للحياة الإلهية نعطاها في الروح القدس ولكن "إذ كنا معمدين في الروح واحد" فنحن "مقيون من روح واحد" (1 كو 12: 13): فالروح هو إذن شخصياً الماء الحي الذي يتفجر من المسيح المصلوب كما من ينبوعه، والذي ينفجر فينا حياة أبدية .
695 ـ المسحة: رمز المسح بالزيت يعنى أيضا الروح القدس، إلى حد انه يصبح مرادفاً له. وهو، في التنشئة المسيحية، العلامة الأسرارية لسر التثبيت، الذي تدعوه بحق كنائس الشر "سر الميرون". ولكن، لكي ندرك كل قوة تلك المسحة، يجب الرجوع إلى المسحة الأولى التي قام بها الروح القدس: مسحة يسوع. فالمسيح (واللفظة مشتقة من العبرية "ماسيا" يعنى "المسوح" من روح الله هناك أناس "ممسوحون" من قبل الرب في العهد القديم، وبنوع خاص الملك دواد. ولكن يسوع هو الممسوح من الله بشكل فريد: فالبشرية التي اتخذها الابن هي بكاملها "ممسوحة من الروح القدس" فيسوع قد أقيم "مسيحا" بالروح القدس. وبالروح القدس حبلت مريم العذراء بيسوع وهو الذي بواسطة الملاك أعلن بيسوع مسيحا عند ولادته، وحمل سمعان على المجيء على الهيكل ليشاهد مسيح الرب وهو الذي ملأ المسيح، وقدرته هي التي كانت تخرج من المسيح لدى قيامه بأعمال شفاء وخلاص. وهو الذي أخيرا أقام يسوع من بين الأموات. ويسوع إذ ذاك، وقد أقيم بشكل كامل "مسيحا" في بشريته المنتصرة على الموت، يفيض بسخاء الروح القدس، إلى أن يكون القديسون، في اتحادهم ببشرية ابن الله، "هذا الإنسان الكامل (..) الذي يحقق ملء المسيح" (أف 4: 13): "المسيح الكلى" بحسب تعبير القديس أوغسطينوس .
696 ـ النار غيما الماء تعنى الولادة وخصب الحياة التي يهبها الروح القدس، ترمز النار إلى قدرة أعمال الروح القدس المحولة فالنبي إيليا، الذي "قام كالنار، وكان كلامه يتوقد كالمشعل" (سير 48: 1) أنزل على ذبيحة جبل الكرمل نار السماء، وهى صورة النار الروح القدس يحول ما يلمسه ويوحنا المعمدان، "الذي سار أمام الرب بروح إيليا وقدرته" (لو 1: 17 )، بشر بالمسيح معلنا أنه هو "الذي سيعمد بالروح القدس والنار" (لو 3: 16 )، هذا الروح الذي سوف يقول عنه يسوع: "لقد جئت لألقى على الأرض ناراً، وكم أود لو تكون قد اضطرمت" (لو 12: 49) وبهيئة ألسنة "كأنها من نار"، حل الروح القدس على التلاميذ في صباح العنصرة، وملأهم منه ولقد حفظ التقليد الروحي رمز النار هذا كأفصح تعبير عن عمل الروح القدس : "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5: 19)
697 ـ السحابة والنور. هذان الرمزان لا ينفصلان في تجليات الروح القدس. فالسحابة منذ ظهورات الله في العهد القديم، تارة مظلمة وتارة منيرة، تكشف الله الحي والمخلص، وهى تحجب سمو مجده: مع موسى على جبل سيناء، وفى خيمة الموعد، وفى أثناء المسيرة في الصحراء، ومع سليمان لدى تكريس الهيكل. فهذه الصور قد أتمها المسيح في الروح القدس. فالروح القدس هو الذي حل على مريم العذراء وظللها لتحبل بيسوع وتلده وهو الذي، على جبل التجلي، "أتى في السحابة التي ظللت" يسوع وموسى وإيليا، وبطرس ويعقوب ويوحنا. وانطلق من السحابة صوت يقول :" هذا هو ابني، مختاري، فاسمعوا له " (لو 9: 35 )، والسحابة عينها هي أخيراً التي "أخذت يسوع عن عيون التلاميذ في يوم صعوده إلى السماء، والتي سوف تكشف أنه ابن البشر في مجده في يوم مجيئه الثاني".
698 ـ الختم: هو رمز قريب من رمز المسحة. فالمسيح هو "الذي ختمه الله نفسه" (يو 6: 27) وفيه يختمنا الآب نحن أيضا. وإن صورة الختم، لكونها تدل على مفعول مسحة الروح القدس الذي لا يمحى في أسرار المعمودية والميرون والكهنوت قد استعملها بعض التراثات اللاهوتية لتعبر عن "الوسم" الذي لا يمحى الذي تطبعه تلك الأسرار التي لا يجوز تكرارها للشخص الواحد .
699 ـ اليد: إن يسوع، بوضعه يديه، شفى المرضى وبارك الأولاد الصغار. وكما فعل هو فعل الرسل على مثاله وباسمه وأفضل من ذلك فالروح القدس إنما يعطى بوضع ايدي الرسل وتورد الرسالة إلى العبرانين وضع الايدي في عداد "الأمور الأساسية" من تعليمها. وتلك العلامة لسكب الروح القدس بكامل قدرته، قد حفظتها الكنيسة في صلوات استدعاء الروح القدس في الأسرار.
700 ـ الإصبع: كان يسوع "بإصبع الله يخرج الشياطين" وإن كانت شريعة الله قد كتبت على ألواح من حجر "بأصبع الله" (خر 31: 18 )، فإن "رسالة المسيح" التي فوضت إلى الرسل، "قد كتبت بروح الله الحي لا في ألواح من حجر، بل في ألواح من لحم، في القلوب" (2 كو 3: 2) والنشيد "تعال أيها الروح الخالق" يبتهل إلى الروح القدس داعياً إياه "أصبع يمين الآب".
701 ـ الحمامة في نهاية الطوفان (الذي يتعلق رمزه بالمعمودية)، عادت الحمامة التي أطلقها نوح وفى فمها ورقة زيتون خضراء، دلالة على أن الأرض صارت من جديد قابلة للسكنى. وعندما خرج المسيح من ماء معموديته، نزل الروح القدس بهيئة حمامة وحل عليه. والروح ينزل ويحل في قلب المعتمدين المطهر وفى بعض الكنائس يحفظ القربان المقدس، الزاد الإفخارستى، وفى وعاء من معدن بهيئة حمامة معلق فوق الهيكل. إن رمز الحمامة للإشارة إلى الروح القدس هو تقليدي في الفن الإيقونوغرافى المسيحي .
3 ـ الروح وكلمة الله في زمن المواعيد
702 ـ من البدء حتى "ملء الزمان"، ظلت في الخفاء رسالة الابن وروح الآب المشتركة ولكنها كانت تعمل ففيها هيا روح الله زمن الماسيا، وكلاهما، ولم ينكشفا بعد تماما، كانا موضوع الوعد، لكي ينتظرهما الناس ويقبلوهما لدى تجليهما، لذلك عندما تقرأ الكنيسة العهد القديم، تبحث فيه ما يريد الروح "الناطق بالأنبياء" أن يقوله لنا عن المسيح .
بلفظه "الأنبياء" يعنى إيمان الكنيسة كل الذين ألهم الروح القدس في الكرازة الحية وفى تدوين الأسفار المقدسة، سواء كان ذلك في العهد القديم أو في العهد الجديد. أما التقليد اليهودي فيميز الناموس (الأسفار الخمسة الأولى )، والأنبياء (الأسفار التي ندعوها تاريخية ونبوية، والكتب (ولا سيما الحكيمة، وبنوع خاص المزامير) .
في الخلق
703 ـ كلمة الله وروحه هما في أصل كيان وحياة كل خليقة:
"للروح القدس أن يملك على الخليقة ويقدسها، لأنه غله واحد في الجوهر مع الآب والكلمة (...) إن الروح القدس هو مبدأ الحياة وله الكرامة، فإنه كان يؤيد البرايا كلها ويصونها في الآب بالابن".
704 ـ "أما الإنسان فقد صنعه الله بكلتا يديه (أي الابن والروح القدس) (...) ورسم على الجسد المصنوع صورته الخاصة، بحيث أن حتى ما هو مرئي يحمل الهيئة الإلهية".
روح الوعد
705 ـ الإنسان، وإن شوهته الخطيئة والموت، يبقى "على صورة الله"، على صورة الابن، ولكنه "يعوزه مجد الله"، ويعوزه "المثال" إن الوعد الذي أعطى لإبراهيم قد افتتح تدبير الخلاص، الذي في نهايته اتخذ الابن "الصورة" وأعاد إليها المثال مع الآب واهبا لها من جديد المجد، الروح المعطى الحياة".
706 ـ لقد وعد الله إبراهيم، على خلاف كل رجاء بشرى، بنسل يكون ثمرة الإيمان وقدرة الروح القدس، وفيه تتبارك جميع أمم الأرض. وهنا النسل هو المسيح الذي حقق فيض الروح القدس فيه وحدة أبناء الله المشتتين. إن الله، بالتزامه بقسم، التزم في الوقت عينه بأن يهب لنا ابنه الحبيب، وروح الموعد القدوس لفداء الشعب الذي افتتاحه الله.
في الظهورات الإلهية والناموس
707 ـ إن الظهورات الإلهية (تجليات الله) قد أنارات طريق الوعد، من الآباء إلى موسى ويشوع حتى الرؤى التي افتتحت رسالة الأنبياء الكبار. وقد اعترف التقليد المسيحي على الدوام أن كلمة الله هو الذي كان يسمع ويروى في تلك الظهورات الإلهية. إنه الكلمة الموحى به، والذي في الوقت عينه " تظلله سحابة الروح القدس.
708 ـ هذا النهج التربوي الإلهي ظهر بنوع خاص في عطية الناموس فقد أعطى الناموس "كمؤدب" يرشد الشعب إلى المسيح. ولكن عجزه عن خلاص الإنسان الفاقد "المثال الإلهي" ومعرفة الخطيئة التي أكسبه إياها بازدياد، أيقظا فيه رغبة الروح القدس. وتشهد على ذلك تنهدات المزامير .
في المملكة والسبي
709 ـ كان على الناموس، وهو علامة الوعد والعهد، أن يسوس قلب الشعب الذي تكون من إيمان إبراهيم، ويسوس مؤسساته: "إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون لي مملكة وأمة مقدسة" (خر 19: 5 ـ 6 ). ولكن بعد داود، سقط إسرائيل في تجربة أن يصير مملكة كسائر الأمم. بيد أن الملكة، موضوع الوعد الذي وعد به الله داود، ستكون عمل الروح القدس، وهى الملكوت الذي يحصل عليه الفقراء بالروح .
7710 ـ إن نسيان الناموس وعدم الأمانة للعهد قادا إلى الموت: فكان السبي، الذي هو في الظاهر إخفاق للمواعيد، ولكنه في الواقع أمانة في السر من قبل الله المخلص، وبدء تجيد موعود به، ولكن بحسب الروح كان لابد من أن يخضع شعب الله لتلك التنقية فالسبي، منذ حدوثه، يحمل في تصميم الله ظل الصليب، والبقية من الفقراء التي تعود منه هي إحدى صور الكنيسة الأكثر شفافية.
ترقب الماسيا وروحه
711 ـ "هاأنذا آتى بالجديد" (أش 43: 19): هناك خطان نبويان يرتسمان، يتعلق أحدهما بترقب الماسيا، والآخر بالتبشير بروح جديد، ويتلاقيان في "البقية" الضئيلة، شعب الفقراء، الذي ينتظر في الرجاء "تعزية إسرائيل" "وفداء أورشليم" (لو 2: 25، 38 ). رأينا سابقاً كيف أتم يسوع النبوءات المتعلقة به. لذلك نقتصر هنا على تلك التي يظهر فيها الارتباط بين الماسيا وروحه.
712 ـ إن تقاسيم وجه الماسيا المنتظر تظهر أولاً في كتاب عمانوئيل ("عندما شاهد أشعيا في الرؤيا مجد" المسيح: يو 12: 41 )، ولا سيما في أش 111: 1 ـ 2:
"ويخرج غصن من جذع يسى ،
وينمى فرع من أصوله :
عليه يحل روح الرب :
روح الحكمة والفهم
روح المشورة والقوة
روح العلم ومخافة الرب"
713 ـ تقاسيم الماسيا كشفتها بنوع خاص أناشيد عبد الله. وقد أنبأت تلك الأناشيد عن معنى آلام يسوع، ودلت هكذا على الطريقة التي سوف يفيض فيها الروح القدس لإحياء الكثيرين: ليس من الخارج، بل باتخاذه "صورة عبد" (قى 2: 7) إنه، باتخاذه موتنا، استطاع أن يهبنا روح الحياة، الذي هو روحه الخاص .
714 ـ لذلك استهل المسيح إعلان البشرى السعيدة لتطبيق المقطع التالي من أشعبا على نفسه (لو 4: 18 ـ 19):
"روح الرب علىّ ،
لأنه مسحني
لأبشر الفقراء
وأرسلني لأنادى للمأسورين بالتخلية ،
وللعميان بالبصر ،
ولأطلق المرهقين أحرارا ،
وأنادى بسنة قبول عند الرب".
715 ـ النصوص النبوية المتعلقة مباشرة بإرسال الروح القدس هي نبؤات يخاطب فيها الله قلب شعبه بلغة الوعد، مع نبرات الحب والأمانة، التي أعلن القديس بطرس تحقيقها في صباح العنصرة. فيحسب تلك الوعود، سيجدد روح الرب في "الأزمنة الأخيرة" قلوب الناس، إذ يحفر فيها شريعته الجديدة، فيجمع الشعوب المشتتة والمنقسمة ويصالحها؛ ويحول الخليقة الأولى، ويقيم الله فيها سكناه مع البشر في السلام.
716 ـ إن شعب "الفقراء"، أولئك المتواضعين والودعاء، المستلسمين كلياً لمقاصد الله السرية، الذين ينتظرون العدل، لا من الناس، بل من الماسيا، هو في النهاية العمل الأكبر لرسالة الروح القدس الخفية في زمن المواعيد تهيئة لمجيء المسيح وجودة قلبهم، المنقى والمستنير بالروح هي التي تعبر عنها المزامير في أولئك الفقراء، هيا الروح للرب "شعبا مستعداً" .
4ً ـ روح المسيح في ملء الزمان
يوحنا السابق والنبي والمعمدان
717 ـ "كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا" (يو 1: 6) إن يوحنا قد "امتلأ من الروح القدس وهو بعد في بطن أمه" (لو 1: 15 )، بوساطة المسيح نفسه الذي كانت مريم العذراء منذ فترة وجيزة قد حبلت به من الروح القدس. "وزيارة" مريم لأليصابات صارت هكذا زيارة الله نفسه التي بها افتقد شعبه.
718 ـ يوحنا و "إيليا المزمع أن يأتي": إن نار الروح قد حلت فيه وجعلته ("كسابق") يسير أمام الذي كان آتيا في يوحنا السابق، أتم الروح القدس عمله بأن "يهيئ للرب شعبا مستعدا" (لو 1: 17) .
719 ـ يوحنا "أفضل من نبي" فيه أكمل الروح القدس "النطق بالأنبياء" لقد ختم يوحنا مجموعة الأنبياء التي افتتحها إيليا فبشر بقرب تعزية إسرائيل، إنه "صوت" المعزى الذي كان آتيا (يو 1: 23 )، وعلى غرار روح الحق "فقد جاء للشهادة، ليشهد للنور" (يو 1: 7 ). في نظر يوحنا، الروح يتم هكذا "بحث الأنبياء" و "اشتهاء" الملائكة : "إن الذي ترى الروح ينزل ويستقر عليه، هو الذي يعمد بالروح القدس، فذلك ما قد عاينت، وأشهد أن هذا هو ابن الله (..) ها هوذا حمل الله" (يو 1: 33) ـ 36) .
720 ـ وأخيراً مع يوحنا المعمدان يفتتح الروح القدس، بصورة مسبقة، ما سوف يحققه مع المسيح وفيه: أي أن يعيد للإنسان "المثال" الإلهي. معمودية يوحنا كانت للتوبة، أما المعمودية في الماء والروح فستكون ولادة جديدة .
"افرحي، يا ممتلئة نعمة"
721 ـ مريم، والدة الإله الكلية القداسة والدائمة البتولية، هي أروع عمل أنجزته رسالة الابن والروح في ملء الزمان. للمرة الأولى في قصد الخلاص، وجد الآب السكنى حيث يستطيع ابنه وروحه أن يقيما بين البشر، ذلك أن روحه هو الذي هيا تلك السكنى وفى هذا المعنى رأى مرارا تقليد الكنيسة، في قراءته أجمل النصوص في الحكمة، علاقة بين تلك النصوص ومريم. فالليترجيا ترنم لمريم وتتمثلها كأنها "عرش الحكمة" .
فيها تجلت أولا "عظائم الله" التي سوف يحققها الروح في المسيح والكنيسة:
722 ـ فالروح القدس هيا مريم بنعمته، فقد كان يليق بأن تكون "ممتلئة نعمة" أم الذي فيه "يحل كل ملء اللاهوت جسديا" (كو 2: 9) فبمحض نعمة، حبل بها دون خطيئة كأوضع الخلائق والأكثر قدرة على تقبل عطية الله القدير التي تفوق الوصف. وبحق حياها الملاك جبرائيل تحية "ابنة صهيون": "افرحي" وما رفعته إلى الآب في الروح القدس في نشيدها، وهى تحمل في حشاها الابن الأزلي، إنما هو شكر شعب اله كله، أي الكنيسة .
723 ـ وفى مريم، حقق الروح القدس قصد الله العطوف. فبالروح القدس، حبلت مريم بابن الله وولدته. وقد صارت بتوليتها الفريدة خصبا بقدرة الروح والإيمان .
724 ـ وفى مريم، أظهر الروح القدس ابن الآب الذي صار ابن العذراء. أنها العليقة المتقدة للظهور الإلهي لقد ملأها الروح القدس فأظهرت الكلمة في تواضع جسده وعرفته للفقراء ولبواكير الأمم.
725 – وفي مريم أخيرا بدا الروح القدس يشرك بالمسيح الناس موضوع حب الله العطوف مسرة الله وقد كان علي الدوام المتواضعون أول الذين قبلوه الرعاة المجوس سمعان وحنة عروسا قانا والتلاميذ الأولون
726 – في ختام رسالة الروح صارت مريم المرأة حواء الجديدة أم الأحياء أم المسيح الكلي وبتلك الصفة هي حاضرة مع الاثنى عشر المواظبين علي الصلاة بنفس واحدة (أع 1: 14) في فجر الأزمنة الأخيرة التي افتتحها الروح القدس في صباح العنصرة مع تجلي الكنيسة.
المسيح يسوع
727 – كل رسالة الابن والروح القدس في ملء الزمان متضمنة في أن الابن هو الممسوح من روح الآب منذ تجسده يسوع هو المسيح ماسيا علي هذا الضوء يجب أن يقراء كل فصل الثاني من قانون الإيمان أن عمل المسيح بمجمله هو رسالة الابن والروح القدس المشتركة وسنقتصر هنا علي ذكر ما يتعلق بوعد الروح القدس من قبل يسوع وبمنحة إياه من قبل الرب الممجد
728 – أن يسوع لم يكشف كشفا تاما الروح القدس طالما هو نفسه لم يمجد بموته وقيامته ولكنه أشار إليه شيئا فشيئا حتى في تعليمه الجماهير عندما كشف أن جسده سيكون غذاء لأجل حياة العالم وأشار إليه أيضا في حديثة مع نيقودموس والسامرية وكل الذين كانوا يشاركون في عيد المظال وقد كلم تلاميذه عنه بصراحة في معرض الصلاة والشهادة التي سوف يتوجب عليهم أن يؤدوهما
729 – إلا أن يسوع لم يعد بمجيء الروح القدس إلا عندما حانت الساعة التي سوف يمجد فيها إذ أن موته وقيامته سيكونان تحقيق الوعد الذي أعطى للآباء أن روح الحق المعزى الاخر سيهبه الآب جوابا عن صلاة يسوع سيرسله الآب باسم يسوع سيرسله يسوع من لدن الآب لأنه ينبثق من الآب الروح القدس سيأتي سنعرفه وسيكون معنا علي الدوام ويقيم معنا علي الدوام ويقيم معنا سيعلمنا كل شيء ويذكرنا بكل ما قاله لنا يسوع وسيشهد له سيرشدنا إلى الحقيقة كلها وسيمجد يسوع أما العالم فسيفحمه الروح القدس بشان الخطيئة والبر والدينونه.
730 – وأخيرا أتت ساعة يسوع استودع يسوع روحه بين يدي الآب في اللحظة التي انتصر فيها علي الموت بموته بعد أن أقيم من بين الأموات بمجد الآب (رو 6: 4) أعطى علي الفور الروح القدس إذ نفخ في تلاميذه ومنذ تلك الساعة صارت رسالة المسيح والروح القدس رسالة الكنيسة كما أن الآب أرسلني كذلك أنا أرسلكم (يو 20: 21).
5 – الروح والكنيسة في الأزمنة الأخيرة
العنصرة
731 – في يوم العنصرة (في نهاية الأسابيع الفصحية السبعة) اكتمل فصح المسيح في انسكاب الروح القدس الذي اظهر ووهب ومنح كاقنوم الهي أن المسيح الرب من ملئه قد أفاض الروح بسخاء.
732 – في ذلك اليوم اكتمل وحي الثالوث القدوس ومنذ ذلك اليوم صار الملكوت الذي بشر به المسيح مفتوحا أمام الذين يؤمنون به في وضاعة الجسد وفي الإيمان يدخلون منذ الآن في شركة الثالوث القدس بمجيئه وهو لا يزال يأتي يدخل العالم في الأزمنة الأخيرة زمان كنيسة الملكوت الذي صار ميراثنا منذ الآن ولنا يكتمل بعد: لقد نظرنا النور الحقيقي وأخذنا الروح السماوي ووجدنا الإيمان الحق فنسجد للثالوث المنقسم لأنه خلصنا.
الروح القدس – هبة الله
733 – الله محبة (1 يو 4: 8، 16) والمحبة هي الهبة الأولى وهي تتضمن كل الهبات الأخرى وهذه المحبة قد أفاضها الله في قلوبنا بالروح القدس الذي أعطيناه (رو 5: 5).
734 – لأننا (رو 5: 5) لأننا مائتون أو علي الأقل مجروحون بالخطيئة المفعول الأول لعطية المحبة هو غفران الخطية أن شركة الروح القدس (2 كو 13: 13) هي التي في الكنيسة تعيد إلى المعمدين المثال الإلهي المفقود بالخطيئة.
735 – وهو يعطى إذ ذاك عربون أو بواكير ميراثنا اعني حياة الثالوث القدوس نفسها التي تقوم علي أن نحب كما أحبنا هذه المحبة (راجع المحبة في 1 كو 13) هي مبدأ الحياة الجديدة في المسيح التي صارت ممكنة لأننا نلنا قوة هي قوة الروح القدس (أع 1: 8).
736 – بقدرة الروح هذه يستطيع أولاد الله أن يحملوا ثمرا أن الذي طعمنا علي الكرمة الحقيقية يعطينا أن نحمل ثمر الروح وهو المحبة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف والصلاح والأمانة والوداعة والعفاف (غل 5: 22 – 23) الروح هو حياتنا وبقدر ما ننكر ذواتنا نسلك أيضا بحسب الروح من يتحد بالروح القدس يجعله الروح القدس روحيا ويعيده إلى الفردوس ويرده إلى ملكوت السماوات والي التبني الإلهي ويهبه الثقة ليدعو الله أبا ويشترك في نعمة المسيح ويدعى ابنا للنور ويصير له نصيب في المجد الأبدي.
الروح القدس والكنيسة
737 – أن رسالة المسيح والروح القدس تتحقق في الكنيسة جسد المسيح وهيكل الروح القدس هذه الرسالة المشتركة تضم من الآن فصاعدا المؤمنين بالمسيح إلى شركتهما مع الآب في الروح القدس فالروح يهيئ الناس ويستدركهم بنعمته ليجتذبهم إلى المسيح انه يظهر لهم الرب القائم ويذكرهم كلامه ويفتح ذهنهم لفهم موته وقيامته يجعل حاضرا لديهم سر المسيح وبنوع خاص في الافخارستيا ليصالحهم ويدخلهم في الشركة مع الله لكي يجعلهم يأتون بثمر كثير.
738 – هكذا لا تضاف رسالة الكنيسة إلى رسالة المسيح والروح القدس بل هي سرها أنها مرسله بكل كيانها وفي جميع أعضائها لتبشر بسر شركة الثالوث القدوس وتشهد له وتحققه وتنشره (هذا سيكون موضوع المقال التالي):
نحن جميعنا الذين نالوا الروح الواحد نفسه أي الروح القدس قد انصهرنا في ما بيننا ومع الله ذلك انه مع كوننا كل بمفردة كثيرين ومع كون المسيح يجعل روح الآب وروحة الخاص يسكن في كل منا هذا الروح الواحد وغير المنقسم يعيد بذاته إلى الوحدة جميع الذين هم متميزون في ما بينهم ويجعلهم يظهرون واحدا بالذات وكما قدرة بشرية المسيح المقدسة تجعل كل الذين توجد فيهم يكونون جسدا واحدا بالطريقة عنها اعتقد أن روح الله الذي يسكن فينا الواحد وغير المنقسم يعيدهم جميعا إلى الوحدة الروحية
739 – لأن الروح القدس هو مسح المسيح، فالمسيح، رأس الجسد، هو الذي يفيضه في أعضائه ليغذيهم، ويشفيهم، وينظمهم في وظائفهم المتبادلة، ويحييهم ويرسلهم للشهادة، ويضمهم إلى تقدمة ذاته إلى الآب وإلى شفاعته من اجل العالم كله بأسرار الكنيسة يمنح المسيح أعضاء جسده روحه القدوس والمقدس (وهذا سيكون موضوع الجزء الثاني من التعليم) .
740 ـ إن "عظائم الله" هذه، المقدمة للمؤمنين في أسرار الكنيسة، تحمل ثمارها في الحياة الجديدة، في المسيح، بحسب الروح (هذا سيكون موضوع الجزء الثالث من التعليم).
741 ـ "الروح يعضد ضعفنا، لأنا لا نعرف كيف نصلى كما ينبغي؛ لكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات تفوق الوصف" (رو 8: 26). الروح القدس، صانع أعمال الله، هو معلم الصلاة (هذا سيكون موضوع الجزء الرابع من التعليم).
بإيجاز
742 ـ "الدليل على أنكم أبناء، كون الله أرسل إلى قلوبنا روح أبنه، ليصرخ فيها أبا، أيها الآب" (غل 4: 6).
743 ـ من البدء وحتى انقضاء الزمن، عندما يرسل الله ابنه، يرسل دوما روحه رسالتهما مشتركة وغير منفصلة.
744 ـ في ملء الزمان، أكمل الروح القدس في مريم كل التحضيرات لمجيء المسيح في شعب الله. بعمل الروح القدس فيها، أعطى الآب العالم عمانوئيل :"الله معنا" (متى 1: 23) .
745 ـ ابن الله كرس مسيحا (ماسيا) بمسحه الروح القدس في تجسده .
746 ـ إن يسوع، بموته وقيامته، قد أقيم ربا ومسيحا في المجد. ومن ملئه أفاض الروح القدس على الرسل والكنيسة .
747 ـ الروح القدس، الذي يفيضه المسيح، الرأس، في أعضائه، يبنى الكنيسة ويحييها، ويقدسها. إنها سر اتحاد الثالوث القدوس بالبشر .