فقالَ يسوع: ((يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون )) (لو 23 /34)
رسالة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بمناسبة فصح 2010
رسالة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير بمناسبة فصح 2010
"انه قام كما قال" (متى 28: 6)
قيامة السيد المسيح من بين الأموات هي البرهان الصادق على ألوهته، وعلى قيامتنا معه، وهو من قال:"انقضوا هذا الهيكل، وأنا أقيمه في ثلاثة أيام" ( يو 2:19) وقد عنى هيكل جسده.
يطوي الموت الناس ، ولا قيامة لهم بعده، هذا اذا كانوا غير مؤمنين بالسيد المسيح وقيامته. والقيامة بعد الموت اختراق للقاعدة العامة، التي تقول مع بولس الرسول:"حتّم على الناس أن يموتوا مرّة واحدة، وبعد ذلك الدينونة" (عبر 9: 27). ولم تكن قيامة السيد له وحده، لكنها عربون لقيامتنا من بين الأموات، على ما يقول بولس الرسول " فاذا متنا معه، فسنقوم معه" (2تيم 11) .واذا كان السيد المسيح قد مات، وقام، فلكي يقيمنا معه من رقدة الموت.
وما من شك في أن فكرة الموت تقضّ مضجع جميع الناس. فهم يخشون الموت، لأنه يضع حدّا للحياة الدنيوية. ولكن الموت في نظر المؤمنين، هو طريق الحياة الباقية. لذلك على المؤمنين أن يعيشوا عيشة يستأهلون معها مرضاة الله ، حتى اذا مثلوا بين يديـه ، نالوا حظّ المتقّين،وهو رؤية وجهه تعالى مدى الأبدية. أما اذا كان رجاؤنا في المسيح في هذه الحياة فقط، فنحن أشقى الناس،( كورنتس الأولى 15:19).
وننال رضى الله اذا سرنا على الطريق الذي دلّنا عليه، وهو طريق الصدق والاستقامة، وفعل الخير. والمثل السائر يقول:"ما من أحد تعقّل وندم". أما الذين يعبشون على هواهم، وكأن لا قاعدة رسمها لنا الله، ولا وصايا، ولا ضوابط، ولا قوانين، فهم ، وان توهموا أنهم سعداء، فهم في الواقع أشقى الناس.
أيها الأخوة والأبناء الأعزاء ،
من شأن الأعياد، وبخاصة عيد الفصح، أن يدخل الفرحة الى القلوب التي يخشى أصحابها الله، ويتقيّدون بأوامره، ونواهيه، ويبحثون عن مرضاته ليعملوا بما يستوجبها لهم. لأن عيد الفصح هو العيد الذي افتدانا به السيد المسيح بموته من أجلنا على الصليب. ان باسكال يقول:" اذا كان الله تجرّع من أجلنا مرارة الموت على الصليب، فلا يليق بنا نحن ، في ذلك الوقت ،أن نضحك". غير أن ما يدور حولنا من شؤون لا يدعو الى الرضى والطمأنينة.
ان المواطنين، في معظمهم، يشكون من الوضع الأمني. وهناك عصابات لا تتورّع عن السرقة بالخلع واقتحام البيوت، وشهر السلاح، والقتل، وتهريب المواد الممنوعة، طمعا بمال أو بمقتنى. وهناك بعض اعتداءات على الأناس القابعين في بيوتهم ، وخروج على الأنظمة والقوانين، وإخلال بالأمن على وجه الأجمال، وان تحسّن الوضع في المدّة الأخيرة. وهذا يعود الى الى انقسام في الرأي على صعيد الدولة. فأصبحت أعلى المقامات عرضة للانتقاد والتهميش، ولم يعد لأي مقام عصمة وحرمة، وهذا ما لم يتعوّده لبنان في ما سلف من الأيام.
لذلك إنا ندعو اخواننا وابناءنا اللبنانيين أن يلتفّوا حول وطنهم ورئيسه والمسؤولين عن مقدّراته، ويعملوا على اعلاء شأنه والمحافظة على كيانه وحرماته، ويتناسوا ما بينهم من حزازات واحقاد ، ويعاملوا بعضهم بعضا بالحسنى والاحترام المتبادل. وانّا نسأل السيد المسيح، في مناسبة ذكرى قيامته المجيدة من بين الأموات، أن يحفظ لبنان وأبناءه ، وأن يعيد عليكم جميعا أعيادا عديدة ملؤهأ الخير والبركة، ويحفظكم معافين سالمين، بمنّه وكرمه.
بكركي في 31 نيسان 2010
الكردينال نصرالله بطرس صفير