كما أرسلني الآب أرسلكم أنا أيضا (يو 20 /21)
يوحنّا مارون البطريرك الأول للكنيسة المارونية - المونسنيور ميشال فريفر
البطريرك الأول للكنيسة المارونية
رقّيّ اٍلى درجة الكهنوت المقدّس وسمّي"يوحنّا مارون" ومطراناً فيما بعد على منطقة البترون في فينيقيّة عام 675، الواقعة حاليّاً في لبنان الشّمالي، والمعروفة سابقاً بالنيابة البطريركيّة، وحاليّاً "أبرشيّة البترون المارونيّة". عمل هذا الأسقف الغيور على تنظيم أبرشيته متفانياً بخدمة النّفوس، وهديهم إلى الإيمان القويم، مناضلاً ضدّ البدع مما حمل كنيسته أن تنتخبه بطريركاً عام 702 مقدّرة له مواقفه الحازمة في وجه الإضطهادات المتلاحقة وقيادته الروحّية والوطنيّة لشعبه، الّذي رافع ودافع عنه طيلة مسيرة الدّرب الصّعبة وصولاً إلى لبنان، الّذي احتضنه في ترابه الشّماليّ في قرية كفرحي الواقعة في منطقة البترون الوسطى الشّاهدة للمعبد، الّذي دُفن فيه وُشيّد على اسمه المعروف بـ"دير مار يوحنا مارون"، وهو يحتفظ في قلب كنيسته بـ "هامة" هذا البطريرك القديس .
شهد هذا الّدير نضالاً روحياً ووطنياً، وقد عُرف بمدرسته الّتي تخرّج منها كهنة وأساقفة وبطاركة وأدباء ومفكّرين ورجال دولة، لعبوا دوراً هاماً في مختلف الأصعدة والميادين، خاصة زمن الحكم العثماني وإستقلال لبنان وبعده.
كان يوحنا مارون بطريركاً مناضلاً، وقائداً روحياً، راعياً ومعلماً ورجل اٍيمان وصلاة، لبّى دعوة ربِّه بسخاء صادق ، وعانى ماعاناه بطاركة الكنيسة المارونيّة الّتي كانت تعيّد له في التّاسع من شباط من كلّ عام. لكنّ هذا التّاريخ ما لبث أن نُقل على يد المثلّث الرّحمات البطريرك يوسف اسطفان إلى الثّاني من آذار بدءاً من عام 1778.
- يحتلّ يوحنّا مارون موقعاً مميّزاً في تاريخ البطاركة الإنطاكيين، علماً أَنَّ اسمه - ولسبب سياسي - لم يندرج في قائمة الجدول الرّسمي للبطاركة الموالين لسلطة الأمبراطور ولإرادته المطلقة، لأنّ إنتخابه كأوّل بطريرك على الكنيسة المارونيّة لم يتم وفقاً لإرادة الملك والقصر البيزنطيّ، ممّا يدّل أوّلاً على عدم إعتراف إمبراطور بيزنطية به، وثانياً نظراً لمكانته الدّينيّة وسلطته وسلطانه. وقد تمكّن من خلال هذا كلّه من قيادة كنيسة الرّبّ التي اتّخذ إنجيلها شريعة له، وتعليمها معتقدا،ً إلى شاطئ الأمان. ونحن، إذ نكتفي بهذا القدر من الّذي ذكرناه عن أوّل بطريرك لكنيستنا، نطلب من الله تعالى أن يفيض مراحمه علينا، ويثبّتنا على الإيمان به بمحبّة حارّة ورجاء وطيد، وأن يعطينا نعمة التّبّصر في الحياة والأعمال ومواقف القديس يوحنّا مارون، الّذي حمل الصّليب ، ومارس الفضائل وكفر بذاته حباً بالمصلوب. وها نحن، على الرّغم من ضعفنا، نقتدي به ونقتفي خطاه ، كهنة وعلمانين ، ولكنّ صلاتنا هذه الّتي نقيمها في يوم عيده، هي زاد لنا وبركة.
- لذا، نخلص من خلالها اٍلى تكريمك اْيّها الآب القدّوس، وابنك الوحيد وروحك الحيّ القدّوس على إختيارك وتثبيتك يوحنا مارون كاهناً وأسقفاً وبطريركاً قدّيساً، وحامياً لأسلافه البطاركة البالغ عددهم، حتى تاريخه، سبعة وسبعين بطريركاً، وآخرهم غبطة أبينا السيد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى. اْمين
المونسنيور ميشال فريفر
- قرأت 1691 مرة