أَللَّهُمَّ اْرتَفع على السَّمَوات و لْيَكُنْ مَجدُكَ على الأَرضِ كُلِّها. (مز 57 /6)
الوحدة مع الذات - الخوري اميل هاني
الوحدة مع الذات
الخوري اميل هاني
الرياضة الروحية للنفس كالرياضة البدنية للجسد، ضرورية جدا بحيث تساعد الانسان على التقويم حيث الاعوجاج، تشحيل بعض الشوائب وتحسين الفضائل والعمل عليها.
على حدّ قول القديس أغسطينوس:"خلقتنا لك يا رب وقلبنا لا يزال قلقاً مضطرباً إلى أن يستقر فيك."
عليه أن يعرف مكونات ذاته المتعددة: الناحية العاطفية، الناحية الانسانية، الناحية الروحية، الناحية العلائقية، الناحية الاجتماعية، الناحية السيكولوجية، الناحية الوطنية، الناحية الباطنية الداخلية،... وإنه مكوّن من جميع هذه المكوّنات التي تشكل ذاته الفريدة.
وهنا تكمن المشكلة عندما يضيع التوازن بين كل هذه العناصر أو عندما يقوى عنصر على آخر أو على حسابه بحيث ينمّي الانسان ويطوّر ناحية من هذه النواحي ويهمل الاخرى. إذًا الدعوة موجهة لكلّ انسان الى أن يسافر الى أعمق مكان في ذاته ليبحث عن الكنوز المدفونة، لأنه إذا اعتقد وجود الكنوز خارج ذاته فإنه يسافر بعيدًا الى الخارج فلا يجد شيئاً.
في قلب كلّ واحد منّا. حيث الدفء هناك يكون الكنز فلا جدوى من البحث عبثاً خارج قلبك. لأنّ حسب متى الانجيلي:"حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك".(متى 16: 21)، لئلا نقع فيما يقوله بولس الرسول عن النزاع بين ما نريد فعله وما لا نريد حين يقول:"الخير الذي أريده لا أفعله، والشرّ الذي لا أريده، إيّاه أفعل".
مما يدلنا على الصراع الدائم بين ما في داخلنا وما في خارجنا من هنا ضروة الوحدة مع الذات، بتوحيد كلّ الطاقات، والهموم، والأفراح، والأحزان، والأشواق،... لكي تكون النفس والقلب في وحدة تمكّن الجسد من التعبير الصادق عما يدور في داخله ليس على العكس، فيُرغم على فعل ما لا يريده. لذلك نحن أمام مسيرة الى الذات.
اسئلة حلقات الحوار
نعود بالكلام حول المسيرة نحو الذات والتي تساعد على وحدة هذه الذات وتوحيد جهودها في سبيل خير الانسان.
أن لا يتنكر الانسان لتاريخه الشخصي بكل أبعاده وأن لا يتنكَّر لتاريخ الله معه، على سبيل المثال الشعب اليهودي الذي في كل مرة كان يتنكر لعهد الله، فينقض عهد الله معه ويبتعد عنه وفي كل مرة كان الله يذكره بكل ما فعله معه. (الأمانة للتاريخ).
أن يبحث الانسان عن الجوهري، الداخلي والتخلّي عن الخارجي والمظاهر, بمسيرة صادقة الى العمق.
أن يستعين بمن يمكنه أن يرشده لبلوغ الميناء الذي يقصده بدون التوقف عند العواصف والأمواج والصعوبات التي تحاول عرقلة هذه المسيرة.
الايمان أنه سيجد الكنز الذي يسعى للبحث عنه وأنه يستحق العناء.
هناك موت في حياة الانسان عن القشور القاسية، العادات، الأقنعة، لكي يستطيع أن يولد ولادة جديدة.
أن يكون لكل شخص مرافق (مرشد روحي) اختبر هذا العبور بخبرة ومعرفة انسانية. يبيّن للمسافر هدف السفر وأهميته يساعده على تمييز صوت الحق حتى يتبعه و
لا يضلّ، يساعده عند مفترق الطرقات على اختيار الطريق الصحيح، وهو يؤكد له أنّ الطريق غير مسدود.
أن يعي الانسان أهمية العزلة ليتمكن من معرفة ذاته.
ويجعلني أتخطى خوفي وترددي لأختبر هذا التحوّل من انسان مشتت، تتجاذبني الأفكار والمشاعر، والعادات، والعواطف، ... الى انسان يعيش في وحدة مع ذاته بحيث يبطن
ويظهر الشيء عينه دونما تفرقة بين الداخل والخارج يصبح وحدة متناغمة تتدوزن على أوتار وحي روح الله الذي يرشد ويجدد ويطهّر ويوحّد، لأن هذه الوحدة التي نختبرها مع ذاتنا ومع الآخرين
إنما هي مستمدة من هذه الوحدة مع الله بواسطة جسد ودم يسوع المسيح الذي يحوّلنا بتناولنا جسده الى جسده السري، الكنيسة الذي هو رأسها ونحن أعضاؤها