إِلَيكُم عَنِّي يا جَميعَ فَعَلَةِ الآَثام فإنَّ الرَّبَّ سمِعَ صَوتَ بُكائي ( مز 6 /9)
الراعي الصالح - الموقع الرسمي لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس
الراعي الصالح
قال الرّب يسوع: «وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل، أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف»
(يو10: 10 و11)
يُلخّص الرب يسوع في الفصل العاشر من الإنجيل المقدس بحسب الرسول يوحنا، الغاية القصوى من تجسده الإلهي، كاشفاً النقاب عن حقيقة رسالته السماوية السامية بتدبيره الإلهي في الجسد،
هذه الرسالة التي أعلنها له المجد لأول مرّة عندما دخل المجمع في الناصرة
«وقام ليقرأ، فدُفع إليه سفر إشعياء النبي، ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوباً فيه، روح الربِّ عليَّ لأنه مسحني لأبشّر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق والعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة، ثم طوى السفر وسلّمه إلى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه، فابتدأ يقول لهم: إنه اليوم قد تمّ هذا المكتوب في مسامعكم»(لو4: 16ـ 21).
وبهذه العبارة أعلن أن ما قاله إشعياء على لسانه في القرن الثامن قبل الميلاد قد تمّ فيه، فهو وحده قد أرسله اللـه الآب إلى العالم لخلاص الإنسان من عبودية إبليس والموت والخطية،
وقد وضّح ذلك بعدئذ بقوله لنيقوديموس: «لأنه هكذا أحب اللّـه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»(يو3: 16).
أما الأنبياء الكذبة الذين جاءوا قبله وادّعى كل واحد منهم زوراً أنه المسيح، فهم الذين قال عن أمثالهم النبي إرميا في القرن السابع قبل الميلاد على لسان اللـه تعالى: «لم أرسل الأنبياء، بل هُم جروا، لم أتكلّم معهم بل هم تنبأوا، ولو وقفوا في مجلسي لأخبروا شعبي بكلامي، وردّوهم عن طريقهم الرديء وعن شرّ أعمالهم» (إر23: 21 و22)،
وهذا الكلام ينطبق على أولئك الأنبياء الكذبة والمسحاء الكذبة الذين ظهروا قبيل بدء التدبير الإلهي للرب يسوع في الجسد وخلاله، وقاموا بثورات دموية هلك بسببها عدد كبير من الشعب الذي كان ينتظر برجاء وطيد وإيمان متين مجيء المسيح الحقيقي،
فخدعهم المسحاء الكذبة الذين بناءً على تعاليم بعض علماء اليهود اعتبروا أن المسيح المنتظر يأتي مخلصاً سياسياً وبهذا كانوا ضالين ومضلِّين لذلك دعاهم الرب يسوع لصوصاً وسرّاقاً، وقد تمّت فيهم نبوة النبي حزقيال القائل:
«هكذا قال السيد الرب للرعاة: ويلٌ لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم، ألا يرعى الرعاة الغنم، تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم»(حز34: 2و3)،
وقد أهلك هؤلاء المسحاء والرعاة الأشرار خراف الرب جسداً وروحاً، وأما الرب يسوع، المسيح الحقيقي، والراعي الصالح، فقد قال عن نفسه بحق:
«وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم الحياة ويكون لهم أفضل، أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف»(يو10: 10 و11).
أجل، إنه كلمة اللـه الأزلي الذي يصفه يوحنا الرسول في افتتاح الإنجيل المقدس بقوله: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند اللـه، وكان الكلمة اللـه... والكلمة صار جسداً وحلّ فينا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمةً وحقاً»(يو1: 1 و14)،
وهو مشتهى الأجيال ورجاء الأمم ومركز الدائرة في الكتاب المقدس من ألِفه إلى يائه، من تكوينه إلى رؤياه، والمحور الذي تدور حوله النبوات والرموز والإشارات التي أعلنها الأنبياء الصادقون المرسلون من اللّـه ودوّنت نبواتهم في أسفار العهد القديم
وتمّت بحذافيرها بالرب يسوع المسيح في الموعد الذي حدده اللّـه الآب لها منذ البدء، وعيَّنه تعالى لتجسد ابنه الحبيب، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، من الروح القدس والعذراء مريم، هذا الموعد يدعوه الرسول بولس: «ملء الزمان»(غل4: 4)،
وأعلنه الملاك جبرائيل للنبي دانيال بنحو خمسمائة عام قبل الميلاد بنبوة الأسابيع السبعين بقوله: «سبعون أسبوعاً قُضيَتْ على شعبك وعلى مدينتك المقدّسة، لتكميل المعصية، وتتميم الخطايا، ولكفارة الإثم، وليؤتى بالبر الأبدي، ولختم الرؤية والنبوة، ولمسح قدوس القدوسين»(دا9: 24)،
وقد دعاه الملاك عندما بشّر العذراء مريم بالحبل به أنه قدوس وابن العلي يدعى، ويصفه الرسول بولس بقوله:
«وبالإجماع عظيمٌ هو سر التقوى اللّـه ظهر في الجسد، تبرّر في الروح تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رُفع في المجد»(1تي3: 16).
هذه الرسالة التي أعلنها له المجد لأول مرّة عندما دخل المجمع في الناصرة
«وقام ليقرأ، فدُفع إليه سفر إشعياء النبي، ولما فتح السفر وجد الموضع الذي كان مكتوباً فيه، روح الربِّ عليَّ لأنه مسحني لأبشّر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق والعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية وأكرز بسنة الرب المقبولة، ثم طوى السفر وسلّمه إلى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه، فابتدأ يقول لهم: إنه اليوم قد تمّ هذا المكتوب في مسامعكم»(لو4: 16ـ 21).
وقد وضّح ذلك بعدئذ بقوله لنيقوديموس: «لأنه هكذا أحب اللّـه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية»(يو3: 16).
فخدعهم المسحاء الكذبة الذين بناءً على تعاليم بعض علماء اليهود اعتبروا أن المسيح المنتظر يأتي مخلصاً سياسياً وبهذا كانوا ضالين ومضلِّين لذلك دعاهم الرب يسوع لصوصاً وسرّاقاً، وقد تمّت فيهم نبوة النبي حزقيال القائل:
«هكذا قال السيد الرب للرعاة: ويلٌ لرعاة إسرائيل الذين كانوا يرعون أنفسهم، ألا يرعى الرعاة الغنم، تأكلون الشحم وتلبسون الصوف وتذبحون السمين ولا ترعون الغنم»(حز34: 2و3)،
وقد أهلك هؤلاء المسحاء والرعاة الأشرار خراف الرب جسداً وروحاً، وأما الرب يسوع، المسيح الحقيقي، والراعي الصالح، فقد قال عن نفسه بحق:
«وأما أنا فقد أتيت لتكون لهم الحياة ويكون لهم أفضل، أنا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف»(يو10: 10 و11).
وهو مشتهى الأجيال ورجاء الأمم ومركز الدائرة في الكتاب المقدس من ألِفه إلى يائه، من تكوينه إلى رؤياه، والمحور الذي تدور حوله النبوات والرموز والإشارات التي أعلنها الأنبياء الصادقون المرسلون من اللّـه ودوّنت نبواتهم في أسفار العهد القديم
وتمّت بحذافيرها بالرب يسوع المسيح في الموعد الذي حدده اللّـه الآب لها منذ البدء، وعيَّنه تعالى لتجسد ابنه الحبيب، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، من الروح القدس والعذراء مريم، هذا الموعد يدعوه الرسول بولس: «ملء الزمان»(غل4: 4)،
وأعلنه الملاك جبرائيل للنبي دانيال بنحو خمسمائة عام قبل الميلاد بنبوة الأسابيع السبعين بقوله: «سبعون أسبوعاً قُضيَتْ على شعبك وعلى مدينتك المقدّسة، لتكميل المعصية، وتتميم الخطايا، ولكفارة الإثم، وليؤتى بالبر الأبدي، ولختم الرؤية والنبوة، ولمسح قدوس القدوسين»(دا9: 24)،
وقد دعاه الملاك عندما بشّر العذراء مريم بالحبل به أنه قدوس وابن العلي يدعى، ويصفه الرسول بولس بقوله:
«وبالإجماع عظيمٌ هو سر التقوى اللّـه ظهر في الجسد، تبرّر في الروح تراءى لملائكة، كُرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رُفع في المجد»(1تي3: 16).
وكانت الغاية من تجسده الإلهي أن ينقذ البشر من براثن الخطية الجدّية، ويعيد إليهم الحياة الروحية التي فقدوها في الفردوس بغواية إبليس اللعين لأبي الجنس البشري آدم الذي كان يمثّل نسله في معرض الربح والخسارة، وبهذا الصدد يقول الرسول بولس:
«من أجل ذلك كأنما بإنسانٍ واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع»(رو5: 12)،
ويردف الرسول بولس كلامه بقوله: «لأنه إن كان بخطية واحدٍ مات الكثيرون فبالأولى كثيراً نعمة اللـه، والعطية بالنعمة التي بالإنسان الواحد يسوع المسيح قد ازدادت للكثيرين... لأنه إن كان بخطيئة الواحد قد ملك الموت بالواحد، فبالأولى كثيراً الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح»(رو5: 15 و17).
وقد لخّص له المجد رسالته السامية بتدبيره الإلهي في الجسد بقوله:
«أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل»(يو10: 10)،
كما قال أيضاً: «لأنه هكذا أحبّ اللـه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية، لأنه لم يرسل اللّـه ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم»(يو3: 16 و17).
فالرب يسوع هو وحده المخلص الحقيقي، الذي طأطأ سماء مجده ولبس جسدنا البشري، وأقام الصلح بين الأرض والسماء، لأنه يمثل السماء والأرض في آنٍ معاً، الذي فيه تمّت شروط الكفارة؛ فهو يمثل اللـه تعالى الذي إليه وجهت خطية آدم،
كما يمثّل الإنسان الخاطئ وجميع نسله الذين ورثوا تلك الخطية الجدية، وليكون كفارة عنا
«فإذ ذاك كان يجب أن يتألم مراراً كثيرة منذ تأسيس العالم ولكنه الآن قد أظهر مرةّ عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه»(عب9: 26)،
وبهذا الصدد يقول الرسول بولس عن اللّـه الآب: «لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطيةً لأجلنا لنصير نحن برَّ اللّـه فيه»(2كو5: 21)،
وهكذا صار بإرادته ذبيحة كفارية عن جنس آدم وبرّرنا وقدسنا واستحق المؤمنون به وبكفارته أن ينالوا نعمة التبني، وكبنين لله بالنعمة استحقوا أن يصيروا ورثة لملكوته السماوي، فهم المؤمنون بالرب يسوع وقد قبلوه مخلّصاً لهم وللعالم أجمع ويقول عنه الرسول يوحنا في الإنجيل المقدس:
«إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله، وأما كلُّ الذين قبلوه فأعطاهم سُلطاناً أن يصيروا أولاد اللّـه أي المؤمنون باسمه، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من اللـه»(يو1: 11 ـ13).
أجل قد نهج الرب يسوع للإنسان طريق السماء، وأعلن عن نفسه أنه هو الطريق والحق والحياة، وبرهن على صدق رسالته الإلهية بتعاليمه السماوية السامية، واجتراحه المعجزات الباهرات برهن بها على سلطانه الإلهي على الطبيعة والبشر، وصرّح أمام الجمهور الذي تبعه إلى قبر لعازر
أنه هو القيامة والحياة ومن آمن به وإن مات فسيحيا، ومن آمن به وهو حيٌّ يبقى حياً على الأبد (يو11: 26)،
وبذلك أعلن سلطانه على الموت بكل أنواعه: الأدبي الذي هو انفصال الإنسان عن اللّـه بقبوله الخطاة التائبين ومنحهم المغفرة، كما برهن بإقامته الموتى على أن له سلطاناً على الموت الطبيعي الذي هو انفصال النفس عن الجسد، كما وضّح أن له السلطان أن يمنح الحياة الأبدية لمن يشاء، عندما وصف ذاته أنه خبز الحياة الذي نزل من السماء. وأن هذا الخبز هو جسده المقدس وقال:
«من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه، وأنا أقيمه في اليوم الأخير»(يو6: 54).
أجل لقد مات المسيح عنّا على الصليب وأمات الموت بموته، ودفن في القبر الجديد، وقام في اليوم الثالث من بين الأموات بقوته الذاتية منتصراً ووهبنا الغلبة على الشيطان والموت والخطية، وبهذا الصدد يقول الرسول بولس:
«فدُفنّا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدَّة الحياة (أي الحياة الجديدة)»(رو6: 4).
فإن كل ما نحتاج إليه لنستحق الحياة بالمسيح أن نموت معه على الصليب، والرسول بولس يقيم لنا من نفسه مثالاً في هذا المضمار فيقول: «مع المسيح صُلِبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ، فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن اللّـه الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي»(غل2: 20)،
فهذه هي إرادة الرب يسوع أن يكرر حياته على الأرض في كل المؤمنين به إذ يحيا فيهم، وحياة المسيح فينا تلزمنا أن نترجم إيماننا بالمسيح في هذه الحياة الدنيا، الأمر الذي يعبر عنه الرسول بولس قائلاً: «فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح»(في1: 27)،
وهذا العيش يقتضي معرفة تعاليم الإنجيل المقدس بالمواظبة على التأمل بتعاليم الرب يسوع وتدبيره الإلهي في الجسد المدوّنة في الإنجيل المقدس، ومعرفة إرادته الإلهية وحفظ وصاياه وأحكامه المقدسة من صوم وصلاة وتوزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين ولإتمام ذلك علينا أن نسأل أنفسنا في كل عمل نقوم به وقرار نتخذه فيما يخص حياتنا الروحية والجسدية
لو كان المسيح في موضعنا ماذا كان يفعل؟ وعلينا أن نفعل بمقتضى مشيئته، وبذلك نتأكد بأن الرب يسوع المسيح حقاً يحيا فينا، ونثبت فيه ليثبت فينا، فنحبه من كل قلبنا، ومن كل نفسنا ومن كل فكرنا، ونحب قريبنا كنفسنا (مت22: 38)،
ونلتزم بالقاعدة الذهبية التي وضعها الرب يسوع لنا بقوله: «فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم»(مت7: 12).
أجل لقد نزل الرب يسوع من السماء وجاء إلى عالمنا لتكون لنا الحياة وليكون لنا أفضل، وأعلن لنا أنه هو الطريق والحق والحياة، فعلينا أن نسلك في الطريق التي نهجها لنا، ونؤمن ونتمسك بالحقائق الإيمانية التي أعطانا إياها ولئن فاقت إدراك عقولنا البشرية، كما أنه أعلن لنا أنه الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف (يو10: 11).
ولقد بذل حقاً نفسه عنّا وفدانا بدمه الكريم الثمين، فما أسعدنا أن يكون الرب راعينا فهو يعتني بنا ويربضنا في مراعٍ خضر ويوردنا إلى جداول المياه الحيّة، ويحرسنا حراسة قوية لئلا تفترسنا الذئاب الشرسة الخاطفة التي تمثّل إبليس وجنوده والبشر الأشرار،
ولينادي كل واحد منّا بإيمان متين قائلاً مع صاحب المزامير داود: «الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء... أيضاً إذا سرت في وادي ظلِّ الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي»(مز23: 1و4)،
فهو عمانوئيل الذي تفسيره اللّـه معنا.
أيها الأحباء:
إن الصوم الأربعيني خير فرصة ننتهزها للتوبة والعودة إليه تعالى نادمين على ما اقترفناه من الذنوب والخطايا التي صارت فاصلة بيننا وبين إلهنا، وحجبت رحمته عنّا، فلنتب
ولنواظب على الصلاة وتوزيع الصدقات على الفقراء والمعوزين، لينعم علينا الرب بالرحمة ويغفر ذنوبنا، ويلبسنا الحلّة الأولى،
ويجعل في يد كل واحد منّا خاتم العهد كما فعل الأب الحنون بابنه الشاطر الذي عاد إليه تائباً (لو15: 11ـ 32)،
وهكذا عندما نتوب توبة صادقة يعيد إلينا ربنا حلّة البر والقداسة لنكون في عداد أغنامه الناطقة التي تعرف صوته وتتبعه، فهو الراعي الصالح الذي يعرف رعيته بأسمائها ويصونها، ويفتش عن الخروف الضال، فيجده ويحمله على منكبيه ويأتي به إلى حظيرة الخراف «فتفرح ملائكة اللـه بخاطئ واحد يتوب»(لو15: 7)
«أما أنا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل»(يو10: 10)،
كما قال أيضاً: «لأنه هكذا أحبّ اللـه العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية، لأنه لم يرسل اللّـه ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم»(يو3: 16 و17).
كما يمثّل الإنسان الخاطئ وجميع نسله الذين ورثوا تلك الخطية الجدية، وليكون كفارة عنا
«فإذ ذاك كان يجب أن يتألم مراراً كثيرة منذ تأسيس العالم ولكنه الآن قد أظهر مرةّ عند انقضاء الدهور ليبطل الخطية بذبيحة نفسه»(عب9: 26)،
وبهذا الصدد يقول الرسول بولس عن اللّـه الآب: «لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطيةً لأجلنا لنصير نحن برَّ اللّـه فيه»(2كو5: 21)،
وهكذا صار بإرادته ذبيحة كفارية عن جنس آدم وبرّرنا وقدسنا واستحق المؤمنون به وبكفارته أن ينالوا نعمة التبني، وكبنين لله بالنعمة استحقوا أن يصيروا ورثة لملكوته السماوي، فهم المؤمنون بالرب يسوع وقد قبلوه مخلّصاً لهم وللعالم أجمع ويقول عنه الرسول يوحنا في الإنجيل المقدس:
«إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله، وأما كلُّ الذين قبلوه فأعطاهم سُلطاناً أن يصيروا أولاد اللّـه أي المؤمنون باسمه، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من اللـه»(يو1: 11 ـ13).
أنه هو القيامة والحياة ومن آمن به وإن مات فسيحيا، ومن آمن به وهو حيٌّ يبقى حياً على الأبد (يو11: 26)،
وبذلك أعلن سلطانه على الموت بكل أنواعه: الأدبي الذي هو انفصال الإنسان عن اللّـه بقبوله الخطاة التائبين ومنحهم المغفرة، كما برهن بإقامته الموتى على أن له سلطاناً على الموت الطبيعي الذي هو انفصال النفس عن الجسد، كما وضّح أن له السلطان أن يمنح الحياة الأبدية لمن يشاء، عندما وصف ذاته أنه خبز الحياة الذي نزل من السماء. وأن هذا الخبز هو جسده المقدس وقال:
«من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه، وأنا أقيمه في اليوم الأخير»(يو6: 54).
«فدُفنّا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدَّة الحياة (أي الحياة الجديدة)»(رو6: 4).
فإن كل ما نحتاج إليه لنستحق الحياة بالمسيح أن نموت معه على الصليب، والرسول بولس يقيم لنا من نفسه مثالاً في هذا المضمار فيقول: «مع المسيح صُلِبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ، فما أحياه الآن في الجسد فإنما أحياه في الإيمان، إيمان ابن اللّـه الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي»(غل2: 20)،
فهذه هي إرادة الرب يسوع أن يكرر حياته على الأرض في كل المؤمنين به إذ يحيا فيهم، وحياة المسيح فينا تلزمنا أن نترجم إيماننا بالمسيح في هذه الحياة الدنيا، الأمر الذي يعبر عنه الرسول بولس قائلاً: «فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح»(في1: 27)،
وهذا العيش يقتضي معرفة تعاليم الإنجيل المقدس بالمواظبة على التأمل بتعاليم الرب يسوع وتدبيره الإلهي في الجسد المدوّنة في الإنجيل المقدس، ومعرفة إرادته الإلهية وحفظ وصاياه وأحكامه المقدسة من صوم وصلاة وتوزيع الصدقات على الفقراء والمحتاجين ولإتمام ذلك علينا أن نسأل أنفسنا في كل عمل نقوم به وقرار نتخذه فيما يخص حياتنا الروحية والجسدية
لو كان المسيح في موضعنا ماذا كان يفعل؟ وعلينا أن نفعل بمقتضى مشيئته، وبذلك نتأكد بأن الرب يسوع المسيح حقاً يحيا فينا، ونثبت فيه ليثبت فينا، فنحبه من كل قلبنا، ومن كل نفسنا ومن كل فكرنا، ونحب قريبنا كنفسنا (مت22: 38)،
ونلتزم بالقاعدة الذهبية التي وضعها الرب يسوع لنا بقوله: «فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا هكذا أنتم أيضاً بهم»(مت7: 12).
ولقد بذل حقاً نفسه عنّا وفدانا بدمه الكريم الثمين، فما أسعدنا أن يكون الرب راعينا فهو يعتني بنا ويربضنا في مراعٍ خضر ويوردنا إلى جداول المياه الحيّة، ويحرسنا حراسة قوية لئلا تفترسنا الذئاب الشرسة الخاطفة التي تمثّل إبليس وجنوده والبشر الأشرار،
ولينادي كل واحد منّا بإيمان متين قائلاً مع صاحب المزامير داود: «الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء... أيضاً إذا سرت في وادي ظلِّ الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي»(مز23: 1و4)،
فهو عمانوئيل الذي تفسيره اللّـه معنا.
إن الصوم الأربعيني خير فرصة ننتهزها للتوبة والعودة إليه تعالى نادمين على ما اقترفناه من الذنوب والخطايا التي صارت فاصلة بيننا وبين إلهنا، وحجبت رحمته عنّا، فلنتب
ولنواظب على الصلاة وتوزيع الصدقات على الفقراء والمعوزين، لينعم علينا الرب بالرحمة ويغفر ذنوبنا، ويلبسنا الحلّة الأولى،
ويجعل في يد كل واحد منّا خاتم العهد كما فعل الأب الحنون بابنه الشاطر الذي عاد إليه تائباً (لو15: 11ـ 32)،
وهكذا عندما نتوب توبة صادقة يعيد إلينا ربنا حلّة البر والقداسة لنكون في عداد أغنامه الناطقة التي تعرف صوته وتتبعه، فهو الراعي الصالح الذي يعرف رعيته بأسمائها ويصونها، ويفتش عن الخروف الضال، فيجده ويحمله على منكبيه ويأتي به إلى حظيرة الخراف «فتفرح ملائكة اللـه بخاطئ واحد يتوب»(لو15: 7)