السلام أستودعكم وسلامي أعطيكم لا أعطي أنا كما يعطي العالم فلا تضطرب قلوبكم و لا تفزع (يو 14 /27)
وصـايا الله العشر: الوصيّة الرابعة - الأب د. أنطون فرنسيس
بقلم: الأب د. أنطون فرنسيس
"أكرم أباك وأمك ..." ( تث 16:5)
وصايا عن العلاقة مع الغير في شخصه
تنعكس علاقتنا بالله على علاقتنا بالغير وتوجهها. ومن الوصية الرابعة تبدأ الوصايا عن العلاقة بالغير. وتنظم المجموعة الأولى منها العلاقة مع شخص القريب.
وتشمل: الوصية الرابعة- والخامسة والثامنة- والسادسة والتاسعة. أما المجموعة الثانية فتنظم العلاقة بممتلكات الغير، وتشمل الوصية السابعة والعاشرة.
الارتباط بالوصية الأولى الأساسية:
ترتبط الوصية الرابعة بالوصية الأولى والأساسية. فهي إقرار إيماني بأن الله هو وحده الخالق، الذي أعطى قوة نقل الحياة للإنسان، عن طريق الوالدين. هنا تظهر أهمية ومكانة الأب والأم، وواجب محبتهما واحترامهما.
الحياة هي إذن عطية ونعمة من الله، ينقلها الوالدان للأبناء. يمثل الوالدان إذن حضور الله للأبناء.
وفي علاقة الحب بين الوالدين، المؤسسة على الله، ينال الأبناء الكثير من الكيان والخير الشخصي: الاسم- المواهب الوراثية- التربية والصفات المكتسبة...إلخ.
1) ما تأمر به الوصية الرابعة:
"أكرم أباك وأمك" (تث 14:5)
تأمر الوصية بإكرام الوالدين والإكرام ينبع من الحب، فالحب هو أول إكرام للوالدين، ويلزم احترامهما وطاعتهما، ولكن الإكرام لا يعن العبادة... لذلك تأتي طاعة الله قبل طاعة البشر
حتى ولو كانا الوالدين:
"يجب أن نطيع الله لا الناس" (أعمال 29:5).
ويكون إكرام الوالدين بتقدير دورهما ورسالتهما، والتضحيات العديدة التي يقدمونها لأجلنا، منذ ميلادنا ومدى الحياة. فلا مثيل لما يقدمه الأب والأم من تضحيات.
وتنتج عن هذه الوصية واجبات مزدوجة:
1- واجبات الأبناء نحو والديهم.
2- واجبات الوالدين نحو أبنائهم.
واجبات الأبناء نحو والديهم:
1- الاحترام: يجب أن يكون احترام الوالدين احتراماً باطنياً قلبياً. يلزم أن احترم وأقدر دورهما ورسالتهما فهما سبب وجودي البشري في الحياة. ويجب أن أعبر عن هذا الاحترام في معاملاتي الخارجية. وهذا الاحترام واجب في جميع الحالات، سواء كان الوالدان فقراء أم أغنياء، متعلمين أم أميين. ويجب أن يظهر بالأخص في حالة المرض والشيخوخة والإعاقة، وفي الضيق والألم. وبقدر ما أعيش البعد الباطني والروحي للوصايا في علاقة شخصية مع الله
بقدر ما أكون عاملاً بكلمة الله لا سامعاً لها فقط.
2- الحب: صحيح أنه يجب علينا أن نحب كل إنسان. ولكن يجب أن تكون للوالدين محبة خاصة. ويجب أن نترجم هذا الحب بطريقة عملية.
حب الأبناء لوالديهم جواب على حب الوالدين لأبنائهم. الوالدون هم الوحيدون الذين يتمنون أن يكون أولادهم أفضل منهم. أما الإخوة فكثيراً ما يتصارعون للحصول على أفضل المراكز وأغناها. ونترجم حبنا للوالدين عملياً بالإكرام، والخدمة، والمساعدة المادية. حقاً إنهم ينتظرون منا الحب قبل المال. ولكن العواطف والكلام لا تكفي.
ويجب أن نشعرهم أن مساعدتنا لهم، إنما هي تعبير عن عرفاننا بالجميل نحوهم.
3- الطاعة: يستخدم البعض ما يقوله الكتاب استخداماً خاطئاً : "يجب أن نطيع الله لا الناس " (أعمال 29:5)
فلا يراعون احترام الوالدين، وطاعتهما، والاهتمام بهما، بحجة الاهتمام أولاً بأمور الله والدين والكنيسة. لذلك حارب المسيح تعليم الفريسيين الخاطئ في تفسير الوصية الرابعة. فوبخهم قائلاً: "لما تخالفون أنتم وصية الله من أجل تقاليدكم؟ قال الله: أكرم أباك وأمك، ومن لعن أباه أو أمه فموتاً يموت. وأما أنتم فتقولون:
من كان عنده ما يساعد به أباه أو أمه، وقال لهما: هذا تقدمة لله ، فلا يلزمه أن يكرم أباه أو أمـــه. وهكذا أبطلتـم كــلام الله من أجل تقاليدكم" (متى 3:15-6).
وهكذا يرتفع المسيح إلى روح الوصية. ومنه ينبع الاحترام، والسلوك العملي الصحيح، النابع من الحب، والظاهر في الاحترام، والطاعة، والمساعدة.
كما يقدم لنا الإنجيل يسوع نفسه مثالاً لطاعة الوالدين:
"ورجع يسوع معهما إلى الناصرة.وكان مطيعاً لهما" (لوقا 51:2).
والطاعة للوالدين واجبة. لما لهما أيضاً من حكمة وخبرة في الحياة. فهذه لا يمكن اكتسابها بالدراسة النظرية فقط، إنما بالمعايشة الإنسانية.
لننال تربية مسيحية فاضلة، يجب أن نطيع الوالدين، حتى وإن كانوا متشددين ويجب أن نحترم هذا التشدد، لأنه لأجل صالحنا ولمنفعتنا. لأن هدف الوالدين هو أن نكون صالحين وناجحين وسعداء، بل أن نكون أفضل منهم . فلا يجب اتهامهم بأنهم غير عصريين .
بل علينا أن نرى البعد الإيجابي في نصائحهم وتعاليمهم... ويوصي بولس الرسول: "أيها الأبناء، أطيعوا والديكم في الرب ، فهذا عين الصواب ، أكرم أباك وأمك " (أفسس 1:6-2).
والطاعة للوالدين لا تلغي الشخصية الذاتية الإنسانية والروحية. وهذه بدورها لا تعني الانفصال عن الوالدين، أو الرفض والتمرد...
الشخصية الذاتية هي أن أعرف مشروع الله لي، وأسعى لتحقيقه، بمعونة الوالدين والمربين والمرشدين الروحيين، حتى أصبح شاهداً لله.
ومن خلال مسيرة النضج النفسي والروحي تتكون الشخصية الناضجة المستقلة القادرة على اتخاذ قرارات حرة وصحيحة. فلكل شخص الحق في تحديد مسيرته الخاصة: الدراسة، المهنة، شريك (ة) الحياة
أو تكريس الحياة كاملة للرب. وذلك عن طريق اختيار حر، واعٍ ومسئول.
ومتى كانت الشخصية ناضجة وواعية يمكن للشخص أن يقنع والديه باختياره الصحيح، بطريقة تحفظ لهما كرامتهما، ولا تجرح مشاعرهما.
وتوجد مواقف تتطلب أن نطيع فيها الله لا الوالدين. ويخبرنا الإنجيل أن يسوع، الذي كان طائعاً لوالديه، أجابهما عندما وجداه في الهيكل: "أما تعرفان أنه يجب أن أكون فيما بعد لأبي؟" (لوقا 49:2)...
هكذا مثلاً إذا كان الأمر يتعلق بجوابي على دعوة الله الخاصة لي، للكهنوت أو الرهبنة أو التكريس الكامل، أو الزواج هذه كلها دعوات من الله. فيجب أن أحترم الله، وأطيعه، وأنفذ ما يريده لي، حتى إذا لم يكن الأهل موافقين وعملياً نادراً ما تحدث مثل هذه الحالة. ولا أستطيع أن أقررها باطمئنان الضمير، إلا بالصلاة واستشارة مرشد روحي حكيم.
وفي علاقة الحب بين الوالدين، المؤسسة على الله، ينال الأبناء الكثير من الكيان والخير الشخصي: الاسم- المواهب الوراثية- التربية والصفات المكتسبة...إلخ.
حتى ولو كانا الوالدين:
"يجب أن نطيع الله لا الناس" (أعمال 29:5).
ويكون إكرام الوالدين بتقدير دورهما ورسالتهما، والتضحيات العديدة التي يقدمونها لأجلنا، منذ ميلادنا ومدى الحياة. فلا مثيل لما يقدمه الأب والأم من تضحيات.
بقدر ما أكون عاملاً بكلمة الله لا سامعاً لها فقط.
حب الأبناء لوالديهم جواب على حب الوالدين لأبنائهم. الوالدون هم الوحيدون الذين يتمنون أن يكون أولادهم أفضل منهم. أما الإخوة فكثيراً ما يتصارعون للحصول على أفضل المراكز وأغناها. ونترجم حبنا للوالدين عملياً بالإكرام، والخدمة، والمساعدة المادية. حقاً إنهم ينتظرون منا الحب قبل المال. ولكن العواطف والكلام لا تكفي.
ويجب أن نشعرهم أن مساعدتنا لهم، إنما هي تعبير عن عرفاننا بالجميل نحوهم.
فلا يراعون احترام الوالدين، وطاعتهما، والاهتمام بهما، بحجة الاهتمام أولاً بأمور الله والدين والكنيسة. لذلك حارب المسيح تعليم الفريسيين الخاطئ في تفسير الوصية الرابعة. فوبخهم قائلاً: "لما تخالفون أنتم وصية الله من أجل تقاليدكم؟ قال الله: أكرم أباك وأمك، ومن لعن أباه أو أمه فموتاً يموت. وأما أنتم فتقولون:
من كان عنده ما يساعد به أباه أو أمه، وقال لهما: هذا تقدمة لله ، فلا يلزمه أن يكرم أباه أو أمـــه. وهكذا أبطلتـم كــلام الله من أجل تقاليدكم" (متى 3:15-6).
وهكذا يرتفع المسيح إلى روح الوصية. ومنه ينبع الاحترام، والسلوك العملي الصحيح، النابع من الحب، والظاهر في الاحترام، والطاعة، والمساعدة.
"ورجع يسوع معهما إلى الناصرة.وكان مطيعاً لهما" (لوقا 51:2).
والطاعة للوالدين واجبة. لما لهما أيضاً من حكمة وخبرة في الحياة. فهذه لا يمكن اكتسابها بالدراسة النظرية فقط، إنما بالمعايشة الإنسانية.
بل علينا أن نرى البعد الإيجابي في نصائحهم وتعاليمهم... ويوصي بولس الرسول: "أيها الأبناء، أطيعوا والديكم في الرب ، فهذا عين الصواب ، أكرم أباك وأمك " (أفسس 1:6-2).
الشخصية الذاتية هي أن أعرف مشروع الله لي، وأسعى لتحقيقه، بمعونة الوالدين والمربين والمرشدين الروحيين، حتى أصبح شاهداً لله.
أو تكريس الحياة كاملة للرب. وذلك عن طريق اختيار حر، واعٍ ومسئول.
ومتى كانت الشخصية ناضجة وواعية يمكن للشخص أن يقنع والديه باختياره الصحيح، بطريقة تحفظ لهما كرامتهما، ولا تجرح مشاعرهما.
هكذا مثلاً إذا كان الأمر يتعلق بجوابي على دعوة الله الخاصة لي، للكهنوت أو الرهبنة أو التكريس الكامل، أو الزواج هذه كلها دعوات من الله. فيجب أن أحترم الله، وأطيعه، وأنفذ ما يريده لي، حتى إذا لم يكن الأهل موافقين وعملياً نادراً ما تحدث مثل هذه الحالة. ولا أستطيع أن أقررها باطمئنان الضمير، إلا بالصلاة واستشارة مرشد روحي حكيم.
واجبات الوالدين نحو أبنائهم
يوصي بولس الرسول الوالدين قائلاً: "وأنتم أيها الآباء، لا تثيروا غضب أبنائكم، بل ربوهم حسب وصايا الرب وتأديبه" (أفسس 4:6).
وتلخص واجبات الوالدين في الحب والتربية.
1- التربية: الأولاد أهم وأثمن وزنة أعطاها الله للوالدين. فيجب عليهم أن يبذلوا كل جهد وتضحية، لتربح هذه الوزنة ما يريده لها الله. على الوالدين أن يربوا أولادهم أولاً بالمثل الصالح، وليس بالكلام. وفي اشتراك الأب والأم في تربية الأبناء، يلزم الحزم لا القسوة. لأن الحزم المؤسس على الحب، يضمن تربية صالحة.
2- الحب: حب الوالدين للأبناء، صورة وامتداد لحب الله لهم. وأساس هذا الحب هو إدراك أنهما شركاء الله في نقل الحياة للطفل ، ويمثل الطفل بدوره حضور المسيح وسط الأسرة.
الحب هو أساس وسبب كل تضحيات الأهل لأبنائهم. إنما لابد أن يكون حباً تربوياً، أي حكيماً وحازماً، يهدف إلى بناء شخصية إنسانية وروحية صحيحة وقوية. وبالتالي يلزم تجنب القساوة أو التراخي.
فبالحب وحده يشعر الأبناء بمكانتهم لدى والديهم، فيطيعونهما، ويبادلونهما حباً بحب.
فبالحب وحده يشعر الأبناء بمكانتهم لدى والديهم، فيطيعونهما، ويبادلونهما حباً بحب.
ممارسات خاطئة للوصية الرابعة.
يؤدي الفهم الخاطئ لهذه الوصية إلى ممارسات خاطئة، كالانقيادية وصراع الأجيال.
1- الانقيادية: يوجد من يسلم ذاته لوالديه تسليماً مطلقاً، دون أن يعمل على أن يكوّن لنفسه شخصية حرة مستقلة وواعية. مثل هذا الشخص لا يعرف أن يأخذ قرار يخص حياته
مثل اختيار شريك (ة) الحياة، أو تقرير أي أمر حتى في التعامل مع شريك (ة) الحياة. والنتيجة أنه لا يكون على مستوى المسئولية. هذا الانقياد الأعمى تفسير وممارسة خاطئة للوصية الرابعة.
2- صراع الأجيال: وهناك دائماً مشكلة صراع الأجيال، أي الوالدين والأبناء. لكل منهم عقلية، وعادات وتقاليد، وأفكار مختلفة، حتى في مبادئ وأسلوب التعامل والتربية .
وكثيراً ما نسمع عن المشاكل الناتجة من اختلاف التفكير بين الآباء والأبناء.
على الأبناء هنا أن يعيشوا روح الوصية، في إيمان ورجاء ومحبة، للانفتاح على كل ما عند الوالدين من أمور واعتبارات إيجابية. وبذلك يمكن للأبناء أن يراعوا دائماً الاحترام والطاعة لوالديهم، عن إكرام وحب. توجد حكمة صينية عظيمة تقول :
" إن لم أستطع أن أكون جسراً بين أبي وولدي ، فسأكون حفرة تبتلع خبرة أبي وشباب ولدي " .
وهذا يجعلنا نفكر بطريقة جديدة في الاستعداد للمستقبل، ونتساءل: هل سيعاني أولادنا ما نعانيه نحن؟
وماذا أعمل في تربية أولادي لأمنع ذلك؟
الوصية الرابعة تدعونا أن نكون جسراً قوياً لبناء مستقبل أفضل ، لأبنائنا ، ولملكوت الله . هكذا نكون رسلاً وشهوداً حقيقيين ، في الوسط الذي نعيش فيه.
مثل اختيار شريك (ة) الحياة، أو تقرير أي أمر حتى في التعامل مع شريك (ة) الحياة. والنتيجة أنه لا يكون على مستوى المسئولية. هذا الانقياد الأعمى تفسير وممارسة خاطئة للوصية الرابعة.
وكثيراً ما نسمع عن المشاكل الناتجة من اختلاف التفكير بين الآباء والأبناء.
" إن لم أستطع أن أكون جسراً بين أبي وولدي ، فسأكون حفرة تبتلع خبرة أبي وشباب ولدي " .
وهذا يجعلنا نفكر بطريقة جديدة في الاستعداد للمستقبل، ونتساءل: هل سيعاني أولادنا ما نعانيه نحن؟
وماذا أعمل في تربية أولادي لأمنع ذلك؟