لأنك تزكى بكلامك و بكلامك يحكم عليك ( مت 12 /37)
لماذا لم يُفن الله الشيطان بعد سقوطه مباشرة - لقداسة البابا شنودة
إن كانت أجرة الخطية هي الموت (رومية 23:6)، فلماذا لم يمت الشيطان، باعتباره أول كائن أخطأ؟ ولماذا سمح الله للشيطان بإغراء الإنسان الأول، على الرغم من سقوط الشيطان قبلاً؟ وعلى الرغم من معرفة الله المستقبلية بما سيحدث؟!
ولماذا لم يُفن الله الشيطان بعد سقوطه مباشرة؟ وبذلك يكون قد أراح آدم وأراحنا نحن من بعده، ولم يكن هناك سقوط!
الإجابة:
أولاً، المقصود بالموت بالنسبة إلى ألشيطان: الهلاك الأبدي.
أما الانسان فلأن طبيعته فيها الجسد والروح، فإن موته الجسدي هو انفصال الروح عن الجسد، بالإضافة إلى الموت الأبدي للخطاة.
أما إلشيطان، فليس له جسد. لذلك ليس له موت جسدى.
ولكنه سيموت في نهاية الزمان الموت الأبدي أي العذاب الابدي.
وعن ذلك قال سفر الرؤيا: "وإبليس الذي كان يضلهم، طُرِحَ في بحيرة النار والكبريت، حيث الوحش والنبي الكذاب. وسيعذبون إلى الأبد، آمين" (رؤيا 10:20).
أما حول سبب إستبقاء الله للشيطان:
1- استبقى الله الشيطان اختباراً للإنسان.
كان لابد أن يُختبر الإنسان، ويثبت بره وصموده أمام الخطية، لكي يستحق المكافأة التي أعدها الله (1 كورنثوس 9:2). فإجتاز الإختبار عن طريق إغراء الشيطان له. ولكنه سقط في هذا الاختبار.
* الله كان يعرف أن الإنسان سوف يسقط. وكان يعرف أيضاً أنه سوف يُخلِّص الإنسان. فلا نأخذ نصف الحقيقة، ونترك النصف الآخر.
كان يمكن أن يخلق الله الانسان بطبيعة معصومة من غير قابلة للخطأ! أو كان يمكن أن يخلقه مُسيَّراً نحو الخير. ولكن الله لم يشأ هذا؛ لأنه في تلك الحالة ما كان الإنسان يستحق أن يُكافأ.
لأنه لم يدخل امتحاناً وينجح فيه. لذلك خلقه بإرادة حرة، وسمح للشيطان أن يجربه..
* لو كان الله قد أراح الإنسان من تجربة الشيطان له، لبقى في جنة عدن. ولكن الله أعد له ما هو أفضل من.
الجنة هي مكان أرضي، مملوء من كل شجر ثمر. يعيش فيه الإنسان حياة عادية مادية جسدية. فما هو الوضع الأفضل الذي أعدّه الله له؟ يقول الرسول بولس: "ما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن، ولم يخطر على بال إنسان: ما أعده الله للذين يحبونه" (كورنثوس الأولى 9:2). وماذا أيضاً؟
أعدَّ له الله بعد سقوطه وموته، أن يقوم من الموت بجسد ممجد، جسد روحاني سماوي غير قابل للفساد. وبهذا الجسد يتمتع بالخيرات السماوية..
* فلا تقل: كان الله قد أراح آدم وأراحنا من بعده!!
فهل الراحة في نظرك أن نبقى في هذا الجسد الترابي، وفي هذه الحالة المادية، دون أن نؤهَّل للحياة السماوية؟!
إن هذا الافتراض يذكِّرنا بتلميذ يطلب أن تريحه المدرسة من الامتحانات، وبذلك لا يحصل على شهادات علمية تؤهِّله إلى ثقافة أعلى ووضع أفضل..!! بلا شك ليست هذه راحة حقيقية!
أيوب الصديق: سمح الله للشيطان أن يجربه، لينجح ويصير في وضع أفضل.
كما قال القديس يعقوب الرسول: "..سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب" (يعقوب 11:5). فماذا كانت عاقبة الرب؟
يقول الكتاب: "..زاد الرب على كل ما كان لأيوب ضعفاً.. وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه.. وعاش أيوب بعد هذا مائة وأربعين سنة، ورأى بنيه وبني بنيه إلى إلى أربعة أجيال. ثم مات أيوب شيخاً وشبعان أياماً" (أيوب 17،16،12،10:42).
بقى سؤالك: لماذا لم يفن الله الشيطان بعد سقوطه؟
اطمئن. إن الله سيعاقبه أشد عقوبة. إذ يقول سفر الرؤيا: "وأبليس الذي كان يضلهم، طُرِحَ في بحيرة النار والكبريت، حيث الوحش والنبي الكذاب. وسيُعَذَّبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين" (رؤيا يوحنا 10:20).
غير أن الله يعمل العمل المناسب، في الوقت المناسب، وفي ملء الزمان..
وهذا يدل على طول أناة الله، وحكمته في التدبير.
أطال أناته حتى على الشيطان، وأعطاه الفرصة أن يجرب الإنسان، بل جرب الرب نفسه على الجبل (متى 4). حتى عندما تأتي الساعة ويلقى مصيره، لا يقول: لم آخذ فرصتي..
وكانت فرصة للبشرية أن تختبر صمودها أمامه، وأن تدخل الحروب الروحية وتنتصر.