Skip to Content

الحياة الرهبانية - الاكليريكي سلام حداد

 

 

الحيـاة الرهبـانية

Click to view full size image

 نقطة الانطلاق

 ما هو أساس وهدف الحياة الرهبانية ؟ هل الدافع أو الأساس للحياة الرهبانية الرغبة في القداسة ؟

الدعوة إلى القداسة للجميع .

هل الدافع أو الأساس الرسالة أو التزام رسولي معين ؟ كالتبشير بالانجيل والخدمات الاجتماعية والإنسانية الأخرى ... ؟ العلمانيون اليوم ملتزمون بمثل هذه الأعمال .

هل هي الرغبة في اعتناق البتولية المكرسة من أجل الملكوت ؟

أي فرق بين الراهبات والرهبان وبين المكرسين العلمانيين الذين ينذرون نذر العفة .

في التساؤل الأول وجدنا ما يلي :

1- الحياة الرهبانية تؤدي إلى القداسة ولكنها ليست الطريق الوحيد.

2- من أهداف الحياة الرهبانية العمل الاجتماعي الإنساني لكنه ليس أساساً لها.

3- العفة من أجل الملكوت متطلب رئيسي للحياة الرهبانية لكنه ليس أساساً لها.

إذا ما هو أساس الحياة الرهبانية ؟ لم أجد أبلغ وأجمل من ما كتب القديس بولس في رسالته إلى أهل فيلبي 3: 8 " أعد كل شيء خسراناً من أجل المسيح بل أعد كل شيء خسراناً إزاء الربح الأعظم ألا وهو معرفة ربي يسوع المسيح. فمن أجله خسرت كل شيء وعددت كل شيء نفاية لأربح المسيح وأكون فيه " (فيلبي 3 : 8 )

 المسيح هو نقطة الإرتكاز في الحياة الرهبانية. منه ينطلق كل شيء وبه يتعلق كل شيء .

 أساس وغاية الحياة الرهبانية هو إتـّباع جذري للمسيح . وتبني رسالته ونمط حياته .

مثال على ذلك بطرس ويعقوب ويوحنا وسائر الرسل الذين تركوا كل شيء من أجل المسيح : النمط الحياتي - العلاقات العادية مع العالم - المهنة - العائلة - البيت - الممتلكات ... تركوا كل شيء وخاطروا بكل شيء وراهنوا على المسيح .

 هذا هو الفرق بين إتـّباع المسيح في الحياة العادية وإتـّباع المسيح بطرق جذرية في الحياة الرهبانية.

المسيحي العلماني يركز حياته على الزواج - العائلة - المهنة - رغبته الأولى أن يبني بيتاً مسيحياً يؤمن له ولعائلته السعادة . رغبته في العمل الرسولي تجد محلها في إطار هذه الرغبة الأولى . وهي تتأثر بالواجبات الزوجية والعائلية .

 المسيحي العلماني حياته اليومية العادية لها وزنها وثقلها بصرف النظر عن الإيمان أنها قائمة بحد ذاتها، وهي جديرة بأن تملأ حياة الانسان .

 لنفرض أن المجاهد العلماني فقد الإيمان ، حياته كعلماني لا تفقد كل معنى بل لا تزال فيها قيم ثابتة، عائلية - مهنية - إجتماعية ...

أما الراهب الذي رغبته الأولى ليست الزواج ولا العائلة ولا المهنة بل تركيز حياته على الله الضروري الأوحد . إذا فقد الإيمان فإن حياته كراهب تفقد كل معنى ولا يعود لها وزنه ولا ثقل.

هذا على صعيد الحياة الشخصية وعلى صعيد العمل الرسولي كيف يكرس المرء نفسه كلياً لخدمة الانجيل إن هو لم يعد يؤمن بالانجيل ؟ كيف يقدمه للناس كعنصراً قادراً أن يوفر الإمتلاء الروحي إن هو يرفضه ؟ ويغدوا الحياة والعمل آلياً بلا اندفاع ولا غاية ولا حماس .

من هنا كانت آخر ورقة رابحة في يد المجرب للقديسين هي الإيمان وليس العفة والفقر والطاعة .

الراهب أو الراهبة هو بالدرجة الأولى (رجل وإمرأة إيمان) وكما يقول القديس بولس بتصرف " لولا الإيمان بالمسيح لكانت الحياة الرهبانية باطلة " .

 في هكذا حال ، يبقى على الأقل للزوج أو الزوجة فرح العمل والتضحية من أجل أولادهما .

أما الراهبات والرهبان فلا يبقى لهم سوى الفراغ ، والكذب على الذات وعلى الناس .

القديس أغسطينس "إذا كنت تحب فلن تشعر بالتعب وإذا ما اعتراك التعب فسوف تحب التعب".

قلنا أن الحياة الرهبانية هي إتـّباع جذري للمسيح وتبنّي رسالته ونمط حياته .

يتمثل هذا النمط في المشورات الإنجيلية الثلاث : العفة والفقر والطاعة، والحياة الجماعية .

 فالراهب على مثال المسيح ومحبة بالمسيح يعيش على مثاله عفيفاً فقيراً طائعاً.

العفة : يشهد للعالم أن محبة الله بوسعها أن تصنع عجائب كبرى وتدخل الفرح على قلب الإنسان.

 الفقر: يحارب فيه رغبة التملك ويشهد للتجرد من خيرات العالم ونسبية هذه الخيرات وأن الخير الأعظم هو الله .

 الطاعة : التخلي عن حريته وإرادته وقراراته الشخصية . الطاعة لها قيمة إنسانية خلاصية على مثال طاعة المسيح لأبيه من أجل غاية محددة واضحة وهي " خلاص العالم ".

 هذه النذور لا معنى لعيشها إذا لم يكن الإيمان بالمسيح هو الأساس .

 الجماعة:

هذه الشهادة داخل جماعة أخوية حيث يجتمع الرهبان والراهبات ليس باسم العمل الرسولي بل باسم حبهم المشترك ليسوع المسيح الذي لولاه لا معنى لحياة النذور والحياة المشتركة .

وهذه من معجزات المسيح المستمرة ألا وهي الحياة الرهبانية .

 ختام:

عندما كرسنا للمسيح كرسنا لخدمته أي لخدمة مشاريعه ، فعلينا أن نساعد الغير على حُسن استعمال الخيرات الأساسية التي زهدنا فيها : الامتلاك ، الاستقلال الذاتي ، الزواج .

الحياة الرهبانية شهادة للحياة في الملكوت ، وكائناً آخر وحده قادر أن يكفي قلب الإنسان ويملأه سعادة وفرح .

خلقتنا لك يا الله وقلبنا لن يرتاح إلا فيك

 



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +