خطئت إذ أسلمت دما بريئا ( مت 27 /4)
الخادم و القدوة - لنيافة الانبا باخوميوس
الخادم و القدوة
مقدمة
نقرأ بنعمة الله جزء من رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس بركاته تكون معنا آمين
"ولسنا نجعل عثرة فى شئ لئلا تلام الخدمة بل فى كل شئ نُظهر أنفسنا كخدام الله "(1)
القـدوة
القدوة لازمة لخلاص نفوسنا إذ نكون قدوة طيبة ولا نكون عثرة فى شئ كما يوصى بولس الرسول تلميذه تيموثاوس " كن قدوة للمؤمنين فى الكلام. فى التصرف. فى المحبة. فى الروح. فى الإيمان. فى الطهارة "(2).
لكى يكون الخادم بلا عثرة يرتبط بثلاث محاور
- تائباً : أى يحب ربنا يسوع المسيح ويكره الخطية
مواظباً على وسائط النعمة : الصلاة - الصوم - الاعتراف - التناول - الخدمة ...إلخ
يحيا حياة القدوة : فى الكلام - التصرف - المحبة - الروح - الإيمان - الطهارة
هذه المحاور الثلاث نعيش بها كخدام ونسلمها للآتيين من بعدنا، فهى محاور هامة لكل خادم .. وإن كان لكل خدمة مواصفات خاصة، فمثلاً خادم الشباب ينبعى أن يدرس سيكولوجية الشباب ويعمل أنشطة تناسب الشباب .. وخادم الأطفال يعرف طبع الأطفال وكيف يتعامل معهم
حياة القدوة أحد طرق تعليم ربنا يسوع " احملوا نيرى عليكم وتعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم
(2كو6: 3- 10). (2)- (1تى4: 12) (مت11: 29)
وسائل ربنا يسوع فى التعليم :
كلـمات التشـجيع
عندما أخذ التلاميذ إلى قيصرية فيلبس وسألهم " من يقول الناس إنى أنا. ابن الإنسان " أجـابه بطرس " أنت هو المسـيح ابن الله الحى )
مدحه ربنا يسوع وقال : " طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك .. )
كذلك شجع المرأة السامرية عندما قالت إنه ليس لها زوج والذى معها ليس زوجها .. قال لها : " حسناً قلت ليس لى زوج )
كلمات التوبيخ
وبخ ربنا يسوع بطرس لأنه سيعطل عمل الفداء، عندما كان ربنا يسوع يخبر التلاميذ عن موته وقيامته قائلاً " حاشاك يارب لا يكون لك هذا "(4)
فالتفت ربنا يسوع لبطرس وقال " أذهب عنى يا شيطان أنت معثرة لى لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس )
وفى أحداث الصليب أنكر بطرس ربنا يسوع، فنظر له ربنا يسوع نظرة عتاب، فخرج وبكى بكاءاً مراً .. والتوبيخ يكون بقدر المسئولية، والمسئولية تختلف من أسقف إلى كاهن إلى شماس
عندما نجد خطأ ضرورى ننبه الناس عن ضرورة البعد عنه
الأمثـلة
فى مجتمع زراعى يحدثهم ربنا يسوع عن مثل الزارع، وفى مجتمع الصيادين يحدثهم عن الشبكة المطروحة فى البحر
النموذج الحى كوسيلة إيضاح
وجد ربنا يسوع التلاميذ يسألونه " فمن هو أعظم فى ملكوت السموات
فدعا ولداً وأقامه وسطهم وقال " الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات )
(مت16: 16). (2)- (مت16: 17). (3)- (يو4: 17)
(مت16: 22). (5)- (مت16: 23). (6)- (مت19: 1)
(مت19: 3)
الأســئلة
سأل الفريسيين والهيرودسيين ربنا يسوع " أيجوز أن نعطى جزية لقيصر أم لا "(1).. فعلم ربنا يسوع خبثهم وقال : " لماذا تجربونى يا مراؤون ؟ أرونى معاملة الجزية )
إذ أراد أن يوضح لهم ما داموا قبلوا سلطان الإمبراطور الرومانى ينبغى أن يدفعوا الجزية له، والخادم الواعى يسأل المخدومين ويخرج من كلامهم بالاستنتاج
التـأمـل
خاص بالناضجين منهم فيقول : " تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو ولا تتعب ولا تغزل ولكن أقـول لكم إنه ولا سـليمان فى كل مجده كان يلبـس كواحدة منها
حياة القدوة أحد وسائل تعليم ربنا يسوع المسيح
قدوة للمؤمنين فى الكلام
" لأن بكلامك تتبرر وبكلامك تدان
ومن أكثر الأمور التى تنتشر بين مجتمع الذين يأتون إلى الكنيسة هو عدم القدوة فى ضبط الكلام
ويتكلم معلمنا يعقوب عن خطايا الكلام فيقول
"هكذا اللسان أيضاً هو عضو صغير ويفتخر متعظماً. هوذا نار قليلة أى وقود تحرق
فضيلة ضبط الكلام والصمت يتمكن الإنسان من خلالها أن يضبط الكثير من تصرفاته
الأنبا أرسانيوس يقول :[ كثيراً ما تكلمت وندمت وعن السكون لم أندم قط]
الإنسان إذا سكت ممكن يعوض ما فقده أثناء الكلام، وأما إن لم يضبط لسانه فصعب أن يعوض الكلام مرة أخرى
(مت22: 17). (2)- (مت22: 19). (3)- (مت6: 28، 29)
(مت12: 37). (5)- (يع3: 4)
ومن أهم السلوكيات التى ينبغى أن يحرص عليها الإنسان فى خدمته أن يكون مدققاً فى كلامه كما يقول سفر الأمثال " تفاح من ذهب فى مصوغ من فضة كلمة مقولة فى محلها "(1)
الكلمة المقولة فى وقتها مثل قطعة الذهب الموضوعة فى إناء من الفضة .. من يدقق فى كلامه يتجنب خطايا كثيرة، ويكسب لملكوت السموات كثيرين. فضبط الكلام مكاسبه كثيرة والعكس، فقد قامت الحروب بسبب كلمات صغيرة، وفى عدم حرص يتكلم المسئول فتنقل الصحافة ووسائل الإعلام كلامه بدون تحفظ، لكن الكلام حُسب عليه
تداريب لضبط الكلام :
متى تتكلم ؟
اتكلم من أجل رسالة أو خدمة .. اتحدث بكلمات ترحيب تعبر عن الحب
الإنسان قد يضيع عمره كله فى الكلام .. يتكلم باستمرار، ومن مشكلات الكلام الآن إنتشار الموبيلات، فالجميع صغار وكبار أصبح الكلام هو التسلية الوحيدة لهم، جهد الإنسان وماله ووقته ضائع فى الكلام، حتى إن البعض يشكو من ضيق وقته ليصلى رغم ضياع الكثير من الوقت فى الكلام سواء عن طريق التليفون أو الموبيلات
نتكلم عندما تكون هناك ضرورة أو رسالة أو عمل للبنيان. الحكيم يعرف متى يتكلم ؟ يتكلم إن كان فى الكلام إعلان لمجد ربنا يسوع.
بماذا أتكلم ؟
هل كلامى يحمل إدانة ؟ أو كلمات هدم .. ماذا أقول ؟!
يحوى كلامى كلمات التشجيع أو كلمات التعليم أو كلماتى تتفق مع وصية الكتاب ؟ فى حياتنا اليومية ينبغى أن يكون كلامنا مملح بملح أى كلام ليس فيه عفن شرير .. خال من الفساد .. لا أستخدم لغة أهل الكلام لأن لغتى تظهرنى .. يكونون قدوة فى الكلام عندما يعرفون بماذا يتكلمون
(أم25: 11)
لماذا أتكلم ؟
هل أتكلم لأعلن مجدى الشخصى أم أعلن مجد ربنا يسوع المسيح ؟ هل أتكلم لاكمال إرادتى أم لاكمال إرادة ربنا يسوع ؟
لابد أن أعلم أن كل كلمة شريرة سيعُطى عنها حساباً
تكلم آباؤنا القديسون من أجل مجد الرب، ولاعلان شخص ربنا يسوع
بولس الرسول فى خدمته الجهارية كان يقدم فى كل كلمة مجد ربنا يسوع، ويظهر نفسه كإنسان ضعيف وليس له قدرة على شئ
فيقول :"إنى ثلاث سنين ليلاً ونهاراً لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد
كيف أتكلم ؟
ربنا يسوع كان يتكلم، لكن كان " لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته قصبة مرضوضة لا يقصف
وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق إلى النصرة "(2)
ويقول آباؤنا القديسون : [صوت لين ومشى هين]
صوت منخفض وديع فى كلماته .. (دون شتيمة أو حلفان أو كذب .. إلخ) يعرف من يسمعه أنه ابن للمسيح ينتسب إلى الكنيسة، ويتطلع إلى ملكوت السموات
الخادم ضرورى يعرف إن من نخدمهم .. أعينهم وآذانهم فرازة .. إذا طبقنا التداريب الأربعة نستطيع أن نكسب من حولنا دون أن نعثرهم .. قدوة الكلام من أهم دعامات حياة القدوة، فالكلام هو الوسيلة الأولى للتعبير عن الشخصية
جيد أن تكون هناك تداريب لتقويم الكلام مثل عدم التسرع فى الرد، ومن تداريب البابا كيرلس السادس .. قال لتقويم الاندفاع فى الكلام [ قبل ما تتكلم ابلع ريقك وارشم الصليب ]
وأيضاً من تداريب الآباء تدريب الصمت لفترة من الوقت مع مراعاة أوقات العمل لا يصلح خلالها تدريب الصمت، بإرشاد أبينا الروحى يكون لنا بعض تداريب الصمت ونستخدم الوقت فى الصلاة المقبولة أمام شخص ربنا يسوع
(أع20: 31). (2)- (مت12: 19، 20)
كن قدوة للمؤمنين فى التصرف
التصرف هو الأفعال التى تُعبر عن سلوك الشخص لإكمال عمل معين .. كل تصرف يُعبر عن شخصيتى ومنهجى لذا ينبغى أن يكون تصرفى كخادم تصرف حسن يمجد الله
توجد ثلاث أمور تميز العمل المقبول عند ربنا يسوع والعمل غير المقبول
فى كل ما تعمله ينبغى أن يكون عليك شاهد من الكتب كما علم الأنبا أنطونيوس أبو الرهبان
ونجد يعقوب أبو الآباء مثالاً لذلك، فقبل أن ينزل إلى مصر أخذ رسالة من ربنا " أنا الله إله أبيك لا تخف من النزول إلى مصر لأنى أجعلك أمة عظيمة هناك )
احذر من أن تأخذ حقك بيدك، وتذكر ربنا يسوع عند القبض عليه إذ وبخ بطرس عندما استل السيف وقطع أذن عبد رئيس الكهنة " رد سـيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون "(2)
لم يوافق ربنا يسوع على هذا التصرف لأنه ليس هو السلوك المقبول لديه
لا نعتدى بالضرب لكن نقف للخطأ، فربنا يسوع لم يرحب أن يعامل عبد رئيـس الكهنة بعنف .. لكن لما جاء واحد يضربه دافـع عن حقه قائلاً : "إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الردى وإن حسناً فلماذا تضربنى"(3)
قراءتك للكتاب المقدس وسير القديسـين بها عدد كبير جداً من المبادئ تنير حياتك
ربنا يسوع إذا كان مكانى فما هو تصرفه ؟
ربنا يسوع المسيح يرفض ما هو غير مقبول فى سلوكياتنا مثل الجلوس على القهوة وشـرب الشيشـة، وربما يتسـاءل البعض عن آيات صريحة تنهى عن القهوة والشيشة .. نؤكد لهم أن ربنا يسـوع يرفض أن يُستعبد الإنسان لعادة معينة
(1)- (تك46: 3). (2)- (مت26: 52). (3)- (يو18: 23)
" كل الأشياء تحل لى لكن ليس كل الأشياء توافق. كل الأشياء تحل لى لكن لا يتسلط على شئ