اشكُروا اللهَ الآبَ كُلَّ حينٍ على كُلِّ شَيءٍ بِاسمِ رَبِّنا يسوعَ المسيح (اف 5 /20)
الارشاد الروحي_ أرشادات روحية ضرورية _سيادة المطران عطا الله حنا
الارشاد الروحي
أرشادات روحية ضرورية
المطران عطا الله حنا
رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس
لأنه ولو كان لكم ربوة من المرشدين في المسيح ليس لكم أباء كثيرون لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل، فأطلب إليكم أن تكونوا مقتدين بي (1 كور 4:15-16).
الأبوة الروحية مدماك أساسي في بناء الحياة الروحية ، كما الإرشاد الروحي وهي غير مفصولة البتة عن سائر مداميك البناء وهي التوبة والاعتراف وقبول المسيح في القلب من خلال حفظ الوصايا ومحبة القريب كالنفس
رئيس. وسنتكلم على كل واحدة منها لافتين إلى بعض الأمور الأساسية في حياتنا في المسيح.
دور الأب الروحي أساسي في الحياة الروحية لأنه هو الذي يلد المؤمن بالمسيح، على ما قاله الرسول بولس(1كور 4:15).
هو الذي يعرّفه على الرب يسوع وهو لا يكتفي بهذا بل يقف دوما الى جانب المؤمن في مسيرته الروحية حتى يقوده إلى المسيح ولا يقف حائلا بين المؤمن وربه، وعلى المؤمن أن يعي هذا الأمر ولا يتعلق بأبيه الروحي وينسى هدفه الذي هو الحياة في المسيح.
لقد وعت الكنيسة بدءا أهمية الأبوة الروحية لأن الكتاب المقدس وحده لا يكفي لكي نعرف المسيح، فنحن بحاجة إلى من عاشوا مع المسيح لينقلوه لنا كلمة معاشة في الجماعة المسيحية التي هي الكنيسة: وإذا رجل حبشي خصي وزير لكنداكة ملكة الحبشة... وكان راجعا وجالسا على مركبته وهو يقرأ النبي أشعياء، فقال الروح لفيلبس تقدم ورافق هذه المركبة ، فبادر اليه فيلبس وسمعه يقرأ النبي إشعياء فقال ألعلك تفهم ما أنت تقرأ؟ فقال كيف يمكنني أن لم يرشدني أحد؟(أع 8: 31-37). فالرسل الذين عاشوا مع الرب يسوع وآمنوا به أنه المسيح أبن الله مخلص العالم نقلوه كلمة إلى الذين بعدهم وهكذا دواليك حتى يومنا هذا، وهو ما يُعرف بالتقليد الشفهي أي أنك تنقل الرب يسوع الى الذين بعدك كما تعرفت عليه من الذين قبلك ومن حياتك معه.
وليس صحيحا أن الكتاب المقدس يكفي لوحده في البدء لنعرف الله وأبنه وروح قدسه، والدليل على ذلك أولئك الذين يقرأونه ومع ذلك لا يعنيهم شيء ، أو ربما يجدونه رواية جميلة لا تخلو من التناقضات ، أو حتى يجدون فيه وسيلة للهجوم على الرب يسوع وتشويه صورته. إذا في الكنيسة نتعرف على صورة يسوع الحقيقية المعاشة في الجماعة التي هي بالحقيقة جسده وهو رأسها.
غير أنه عندما تعرف الرب يسوع وتقبله على أنه أبن الله مخلص العالم يكون الكتاب المقدس عندئذ غذاءك الروحي اليومي الذي فيه تنمو في معرفتك بالرب يسوع وتتعلم وصاياه التي تحيي كل من يعمل بها، بإرشاد أبيك الروحي، وتسلك وفقها في الجماعة التي تتعلم أن تحبها كما أحبها الرب يسوع وبذل نفسه لأجلها على الصليب.
الأب الروحي إذا هو المرشد والمثال الذي يحتذى به وهو الحارس الذي يسهر على أن لا يشتّ أولاده الروحيون عن حقيقة الرب يسوع بسبب من كبريائهم وقله محبتهم ما يؤدي بهم إلى الوقوع في الخطيئة فيسيئون إلى العلاقة مع الرب ومع أعضاء جسده. وهنا يأتي دور التوبة والاعتراف الذي هو مصالحة مع الرب ومع الجماعة.
غالبية المسيحيين في مجتمعنا الكنسي يعتقدون خطأ بأن سر الاعتراف غير موجود في الكنيسة الأرثوذكسية، أو إنه يقتصر فقط على الصلاة على الرأس إلي يتلوها الكاهن يوم الخميس العظيم(خميس الأسرار) على رؤوس المؤمنين قبل أن يقتربوا من المناولة المقدسة ، وهذا عائد على الأرجح إلى الأفكار الشعبية المتوارثة ومنها أن الاعتراف يصير مباشرة لله
وأن المناولة تجوز مرة أو على الأكثر ثلاث مرات في السنة، حيث يتلو الكاهن صلاة الحل على رأس من يريد الاشتراك في المناولة المقدسة بالإضافة الى عدم ثقة المؤمنين بالكاهن المؤتمن على سر الاعتراف.
أولا علينا التأكيد أن سر الاعتراف هو سر من أسرار الكنيسة ، وهو سر الولادة المتجددة بالتوبة والمصالحة مع الله ومع الجماعة وهو يقوم على اعتراف المؤمن أمام الكاهن بالخطايا التي أقترفها والتي يكون قد تاب عنها فيمنحه الكاهن الحل من خطاياه باسم الرب يسوع المسيح(ليس الكاهن هو الذي يغفر الخطايا بل الرب يسوع بواسطة الكاهن) فالكاهن هو الذي يمثل الجماعة التي أخطأ إليها المؤمن التائب ويشهد على توبته من جهة
وهو الذي يشهد على توبته من جهة وهو الذي يمثل الرب يسوع الذي يعترف التائب بخطاياه أمامه من جهة أخرى. فوجود الكاهن ضرورة إلا إذا لم يكن هنالك كاهن على الإطلاق.
حينئذ وبصورة استثنائية يُستحسن أن يفضي المعترف باعترافه لأحد المؤمنين الأتقياء وبالصلاة وطلب الرحمة يكون الحل من الخطايا.كثيرون يخلطون بين الاعتراف من جهة والإرشاد الروحي وكشف الأفكار من جهة ثانية. في الاعتراف نقرّ بخطايا ارتكبناها، نقرّ بها بكل نية صادقة وتوبة حقيقية أما في الإرشاد الروحي وكشف الأفكار فإننا نفتح للأب الروحي صدرنا ونكشف له أفكارنا ومكنونات قلوبنا ونصغي إلى إرشاده ونطيعه كما لو كانت كلماته من عند الرب.
وقد يكون الكاهن المعرِّف والأب الروحي واحدا وقد لا يكونان.كل كاهن مُعدّ إعدادا وافيا لممارسة سر الاعتراف يقدر أن يكون كاهنا معرِّفا،وهذا ليس حال الأب الروحي.
فالأب الروحي ليس بالضرورة كاهنا، لكنه شخص تتوفر فيه مقومات أساسية هي أن تكون له حياة روحية أصيلة، وأن تكون له نعمة التبنّي والتربية في الروح القدس، وأن يكون مشهودا له بذلك. فبين الاعتراف والإرشاد الروحي إذا فرق. الكاهن المعّرف هو علامة منظورة لمصالحة المؤمن مع الله والكنيسة، أمّا الأب الروحي فهو علامة منظورة لتبني الله للمؤمن في مسيرته الروحية