فقالَ يسوع: ((يا أَبَتِ اغفِرْ لَهم، لِأَنَّهُم لا يَعلَمونَ ما يَفعَلون )) (لو 23 /34)
مطالب المسيح الثلاثة للخلاص - الأرشمندريت/ سلوان أونر
مطالب المسيح الثلاثة للخلاص
الأرشمندريت/ سلوان أونر - اليونان
لم يتوقع تلاميذ المسيح أن يكون حالهم أفضل من حال سيدهم، فالتلميذ الأمين لا يتبع معلمه فقط في الحياة بل وفي الموت.
فكرة موت المسيح بالنسبة لتلاميذه لم تكن مقبولة بل وبعيدة عن أذهانهم.
فكرة المخلّص المتألم غير واردة في الفكر اليهودي ولذلك لم يفهمها التلاميذ
بل حاول بطرس أن يجنّب المسيح عن الآلام: "فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره" (مر 32:8)، والمسيح اعتبر هذه الحركة من بطرس عبارة عن حركة شيطانية لأنه ستؤدي لعدم تحقيق الهدف الذي تجسد له السيد: "فانتهر بطرس قائلاً اذهب عني يا شيطان" (مر32:8).
وعندها خاطب الشعب والتلاميذ كي لا يظنوا أن الذي يتبع المسيح سيعيش براحة وبحبوحة قائلاً: "ودعا الجمع مع التلاميذ وقال لهم من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (مر34:8) موضحاً ماذا ينتظر الذين سيقبلون تعليمه ويتبعونه.
مطالب المسيح الثلاث:
الطلب الأول هو أن ننكر ذاتنا (مر34:8). النكران يعني التخلي عن محبة الذات وعن كل ما في هذه الحياة أي التخلي عن كل المتطلبات الجسدية وبالإضافة لها أن نكون محبي للتعب.
والتخلي عن المتطلبات البشرية يعني موت الأنا. بالنهاية نكران الذات يعني التخلي عن كثير من أمور حياتية أرضية للسير في طريق الصليب والآلام. قدرتنا على نكران ذاتنا تتحدد بمدى كرهنا للخطيئة وبمدى عمل نعمة الله فينا.
الطلب الثاني هو أن يحمل كل منا صليبه "ويحمل صليبه"، وبحمله يعني القبول بكل مصاعب الحياة وتجاربها بفرح و مجاهدين في كل لحظة لطلب نعمة الرب المنقذة، فلم يصعد أحد إلى السماء بسهولة.
كل القديسين حملوا صليبهم الذي أعطاهم إياه الرب سائرين به حتى النهاية ناكرين هذه الحياة وما فيها من أجل المسيح والإنجيل وهذا ما يعني الخلاص: "ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها" (مر35:8).
الطلب الثالث هو أن نتبع المسيح "ويتبعني" الكثير من اللصوص صلبوا أيضاً، لذلك أراد المسيح القول لا يكفي أن نصلب ذاتنا بل يجب أن نتبعه
وهذا يعني أن نطبق وصاياه ونكتسب الفضائل كارهين الخطيئة مطبقين بغيرة وصايا وناموس الرب.
واجب المسيحي:
في البداية يجب معرفة أن لا خلاص خارج صليب المسيح. وهذا ما شدد عليه بقوله: "الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض تمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير" (يو24:12). وبقدر ما نحن متعلقين بهذا العالم بقدر ما هو صعب حمل الصليب، ولنواجه الحقيقة ونكون صريحين أغلبنا متعلّق بحب الذات وهذا العالم.
وحب الذات له أشكال كثيرة فنراه في حب المال و التعلق بملذات هذا العالم و مرض العجُب والحقد و الملذات الجسدية و التمسك بآرائنا... الخ
وإذا لا نقلع جذور حب الذات صالبين أنفسنا وأهوائنا لا يمكننا أن نكون تلاميذ حقيقيين للمسيح.
القوى الشيطانية تفعل المستحيل كي نقع في حب الذات وهن نحن بحاجة لمعونة الرب، صليب المسيح سيساعدنا كي نتشدد في جهادنا.
فلنبتعد عن كل ما هو متجذّر فينا ويفصلنا عن المسيح، هذا التخلي عن الذات للارتباط بالمسيح صعب جداً لكن من ورائه يأتي الخلاص، هو الطريق الضيق للكنيسة. وحتى نستطيع السير فيه علينا أن نقوى بأسرار الكنيسة فنستطيع أن نواجه أهوائنا وخطايانا.
يقول بولس الرسول: "أموت كل يوم" (1كو31:15) هو كان يموت كل يوم في العالم ليعيش قرب المسيح ونحن علينا فعل ذات الشيء كي ننال الخلاص.
امين