Skip to Content

السنة الليتورجية المارونية تقسيمها و معانيها



 

 

السنة الليتورجية المارونية

 

تقسيمها ومعانيها

 

 

 

* مقدمة

 

ما هي المارونية؟

 

المارونية
هي في الأساس مدرسة روحية رهبانية نسكية انبثقت من جماعة رهبانية اتبعت القديس مارون
الراهب والناسك الذي عاش أواسط القرن الخامس الميلادي في منطقة القورشية من سوريا.

وهم في الأساس
جماعة سريانية أنطاكية حفظوا تعليم السيد المسيح وحافظوا على روحانية مارون وكانوا
دائماً مخلصين للعقيدة السليمة والإيمان القويم بحسب ما رسمت المجامع المقدسة

وخاصة مجمع
خلقيدونية بما يختص بطبيعتين كاملين للسيد المسيح طبيعة بشرية وطبيعة إلهية واستشهدوا
في سبيل هذا الإيمان وهذه العقيدة.

 

 

 * الليتورجيا المارونية:

 

 الليتورجية هي أصدق تعبير عن إيمان الجماعة التي
تحتفل بها, وأقسام الليتورجية المارونية هي مراحل تذكر بحياة السيد المسيح.

وما السنة
الليتورجية التي نحن بصدد عرضها إلا احتفال بالزمن المقدس.

 

 أولاً- معنى السنة:

 

الفكرة الأولى
التي تتبادر إلى ذهن الناس هي كيف أننا نحن المؤمنين نكرر كل سنة الأعياد عينها وتدور

وكأننا بتطواف
حول سلسلة أعياد وأوقات حتى تقع ربما "بالروتين ( الملل) " والتكرار الممل.

 

في الواقع
الأمر يختلف تماماً عن هذا التصور ولو كان رائجاً وشائعاً بين الناس, فالسنة الطقسية
لها أبعاد ومعان لاهوتية عميقة جداً وعليها تُبنى حياة الكنيسة واختبارها للصلاة والتسبيح.

 

ركيزة السنة
هي يسوع المسيح ابن الله الحي, إنه محور كل الأعياد والاحتفالات والتذكارات والأسابيع
والأيام لا سيما يوم الأحد الذي "
يوم الرب" يوم نذكر فيه قيامته المجيدة من بين الأموات.

 

من المسيح
الفادي والقائم والحي تأخذ السنة الطقسية معناها وإليه تهدف. وما نسميه نحن تكرار الأعياد
والمناسبات في كل سنة ليس في الواقع التكرار بالمعنى السلبي بل هو حركة تصاعدية لولبية
تدخل فيها الكنيسة من خلال احتفالاتها ومناسباتها التي نعيشها, بغية الدخول أكثر فأكثر
في سر المسيح الخلاصي وبهدف التقدم والنمو بمشروع الملكوت الذي حققه بموته وقيامته.

وما حياة
الكنيسة على الأرض سوى ولوج تدريجي في هذا الملكوت الذي تحقق منذ ألفي سنة ويكتمل في
نهاية الأزمنة.

من هنا المسألة
ليست تكرار إنما هي تصاعد وارتقاء للبلوغ إلى ملء قامة المسيح من خلال اقتفاء خطاه,
واتباعه في كل مراحل حياته.

 

 ثانيا- أقسام السنة الطقسية:

 

 من خلال السنة الطقسية تجسد الجماعة المسيحية كل
مراحل حياة يسوع المسيح التي بها دبر كل شيء لخلاص الإنسان.

وهنا تعيش
الكنيسة في دورتها الطقسية الأزمنة التالية:

 

زمن الميلاد
? زمن الدنح ( والغطاس) ? زمن الصوم ? أسبوع الآلام ? زمن القيامة ? زمن العنصرة ?
زمن ارتفاع الصليب.

 

 ١-   زمن الميلاد:

 

إنه مطلع
السنة الطقسية في الكنيسة المارونية. ونلفت الانتباه إلى أن هذا الأمر لا ينطبق على
الكنائس المسيحية فالسنة الطقسية البيزنطية تبدأ سنتها في بداية شهر أيلول.

 

قبل تعداد
أسابيع زمن الميلاد, لا بد من الإشارة إلى أن الأسبوعين الأولين مخصصان لذكر البيعة
(الكنيسة) من خلال ما يسمى بأحد تجديد البيعة وأحد تقديس البيعة, والمعنى البارز في
هذه الهيكلية هو أن البيعة أي الكنيسة مدعوة إلى بدء السنة الطقسية باقتفائها آثار
المسيح وعيش كل مراحل تدبيره الخلاصي,

لذلك عليها
أن تتجدد وتتقدس فتؤهل لأن تبدأ السنة بهدف تجديدها الدائم وتقديسها بالمسيح القدوس
الذي هو رأسها والذي من خلالها ( أي الكنيسة) يقدس الزمن أي الأسبوع واليوم والساعة
وكل الأوقات, وهكذا تساعد الكنيسة العالم كي يتجدد ويتقدس ويصل إلى غايته الأساسية
وهي الله.

 

أما الأسابيع
التي تدخلنا في حدث الميلاد فهي بشارة زكريا ? بشارة العذراء ? زيارة العذراء ? ولادة
يوحنا المعمدان ? البيان ليوسف ? النسبة ? عيد الميلاد المجيد ويتبعه رأس السنة ( أي
عيد ختان الرب ويوم السلام) ووجود الرب في الهيكل.

 

إن ما نراه
في سلسلة هذه الآحاد والأسابيع يرتبط ارتباطاً مباشراً بسر التجسد.

والأشخاص
الذين ترد أسماؤهم ? إن كانوا من العهد القديم أو الجديد ? فهم يرتبطون ارتباطاً وثيقاً
بشخص يسوع المسيح المتجسد في ملء الزمن من مريم العذراء ومن الروح القدس, والذي صار
إثباتاً لتخليص الإنسان.

 

إن أجواء
الميلاد هي أجواء "
البشارة" أي الخبر المفرح الذي يرسله الله إلى الإنسان
ليفرحه وينشله من حزنه وموته ويعطيه فرح الحياة, ووجود مريم في أسابيع الميلاد هو محوري
في أسابيع الميلاد لأن جوابها على مشروع الله هو الذي أدخل الحياة ? المسيح  إلى العالم 
وبها ومعها "
الكلمة صار جسداً وحل بيننا, أبصرنا مجده
مجد وحيد من الآب
"
(يو:١)

 

٢-  زمن الدنح ( الغطاس):

 

إن معنى الدنح
هي كلمة سريانية تعني الظهور والاعتلان, وهو الزمن الذي يتبع زمن الميلاد وأسابيعه
هي التالية:

عيد الدنح
المجيد ( وهو ذكرى اعتماد المسيح من يوحنا المعمدان على مجاري نهر الأردن وظهور الثالوث
الأقدس إلى العالم) والأسابيع الأول والثاني والثالث التي تتبع العيد تركز على ظهور
المسيح إلى العالم كحمل يحمل خطيئة العالم والآب يشهد له.

ويلي هذه
الأسابيع ثلاثة أسابيع ثابتة هي بمثابة تذكارات تختم زمن الدنح وهي أحد الكهنة وأحد
الأبرار والصديقين وأحد الموتى.

 

الحدث الأساسي
في هذا الزمن هو معمودية يسوع المسيح في مياه الأردن. وانطلاقه إلى العالم ليبدأ بالكرازة
الجديدة, من هنا سمي الزمن زمن الدنح والظهور أي ظهور المسيح في العالم للمرة الأولى
بطريقة علنية والروح ينزل عليه ويمسحه ويجعله يسوع الله, والآب يعلن أنه الابن الحبيب
, والفادي والمخلص.

 

إن بين الميلاد
والدنح ترابطاً وثيقاً من خلال فكرة الظهور التي يعبر عنها بمرحلتين من التدبير الخلاصي.

 

الأولى وهي
الولادة في بيت لحم والثانية هي العماد في الأردن, في الأولى والثانية يظهر المسيح
إلى العالم فادياً ومخلصاً.

 

وما ذكر الأموات
بفئاتهم: كهنة, أبرار, وصديقين وعموم الموتى في هذه المرحلة إلا تأكيد لحقيقة الكنيسة
التي ترتبط بالمسيح الفادي أكانت كنيسة الأرض أم كنيسة السماء.

وهذه الكنيسة
تتابع مسيرتها الإيمانية متشبهة بيسوع الذي من بعد عماده ذهب إلى البرية وصام الأربعين.

 

٣-   زمن الصوم الكبير:

 

تقسم أسابيعه
وآحاده إلى ما يأتي: أحد مدخل الصوم ( عرس قانا الجليل) ? الأبرص ? المنزوفة ? الابن
الشاطر ? المخلع ? الأعمى ? الشعانين.

 

ما نلاحظه
في مطلع هذا الزمن هو "
عرس قانا الجليل " وهو همزة وصل بين الدنح والصوم, وهنا إشارة
إلى أن عرس قانا هو ختام لزمنن الدنح عندما أظهر المسيح مجده في إطارالماء ( المعمودية)
الذي يتحول إلى خمر (في إطار فصحي ), وهو أيضاً بداية لمسيرة الصوم التي هي مسيرة إيمان:
"
وآمن به تلاميذه ".

 

وما الآحاد
التي تعيشها الكنيسة إلا آحاد الكرازة الإيمانية التي تؤدي إلى تجديد توبة صادقة وتجديد
التزام بالإيمان بيسوع المسيح الطبيب الشافي وغافر الخطايا ومحي المائتين...

 

هذا الزمن
هو زمن التقشف والإماتات والصلوات وقراءة الكتاب المقدس... إنه زمن تقوى يعيشه أبناء
الكنيسة معلنين إيمانهم بالمسيح وهم يتوجهون إلى آلامه وموته وقيامته.

 

 

٤-   أسبوع الآلام وزمن القيامة:

 

مع أحد الشعانين
يصير الدخول إلى أورشليم, إلى الاحتفال بالآلام الفصحية من خلال أسبوع كامل, محوره
هو ما يسمى " بالثلاثية الفصحية ", خميس الأسرار- الجمعة العظيمة وسبت النور,
إن هذه الثلاثية الفصحية التي تتوج بيوم القيامة هي في الواقع أساس الكنيسة, إنها تتويج
لحياة يسوع الزمنية التي من خلالها أراد تخليص الجنس البشري.

هنا الخلاص
يتحقق بآلام المسيح وبفصحه وبموته على الصليب وبدفنه وبقيامته من بين الأموات.

 

ولا بد من
الإشارة هنا إلى أن تطور السنة الطقسية في كل مراحلها من الميلاد وصولاً إلى الآلام
والقيامة وما بعد القيامة.

إنما انطلق
من الآلام الفصحية وعيد القيامة وهو ركيزة الأعياد, وهو الذي توزع إلى آحاد السنة,
التي هي بدورها يوم الرب وذكر قيامته المجيدة.

 

زمن القيامة
يمتد على سلسلة آحاد أولها الأحد الجديد وتتواصل من ثم إلى أسابيع يحتفل فيها بقيامة
الرب وترائيه إلى البشر وبصعوده إلى السماء حتى نصل إلى زمن العنصرة.

 

٥-   زمن العنصرة:

 

إنه حدث حلول
الروح القدس على التلاميذ وفي وسطهم مريم العذراء, بعد صعود الرب إلى السماء, إنه زمن
ولادة الكنيسة من حدث الصلب والقيامة, وزمن انطلاقها إلى العالم بنعمة الروح القدس
الذي جعل من الكل واحداً

والذي جعلهم
ينطقون بلغة جديدة هي لغة المحبة, باسمها يبشرون ولها يشهدون في أربعة أقطار العالم.

 

وما نراه
بارزاً في هذا الزمن هو ذكر الرسل والإنجيليين وخصوصاً بطرس وبولس, ونلفت الانتباه
إلى أن ذكر عيد التجلي وعيد الانتقال يتم في هذا الزمن.

 

إن زمن العنصرة
هو امتداد لحدث القيامة, وتجلي الرب وانتقال العذراء هما مرتبطان بحدث القيامة, فالرب
المتجلي هو القائم, ومريم الراقدة والمنتقلة هي ثمرة قيامة المسيح من بين الأموات.

 

٦-   زمن الصليب:

 

هو الزمن
الذي يلي العنصرة ويختم السنة الطقسية, إنه يقسم إلى سلسلة آحاد وأسابيع, وتركز على
المسيح الممجد والمنتصر, والذي سيأتي في مجده العظيم ليدين الأحياء والأموات, يشدد
هذا الزمن على الناحية الـ 
ESCOTHOLOGIE   أي النهيوية ( نهاية العالم ومجئ المسيح الثاني
)  والكنيسة تعيش اختبارها الإيماني منتظرة
هذا المجئ .

 

 *  خلاصــــة:

 

 

نستنتج مما
ورد :

 

١ - السنة الطقسية هي اختبار الكنيسة المصلية في سيرها
نحو الملكوت ،

 

٢ ?
ترتكز السنة الطقسية على شخص يسوع المسيح ،

 

٣ ?
تقسم السنة إلى مراحل تذكر كلها حياة يسوع : ميلاده  ،   عماده  ،  صومه  ،  آلامه  ،  موته
وقيامته  ،  صعوده إلى السماء وإرساله الروح القدس ومجيئه الثاني
بالمجد.

هذه المراحل
تنطلق من حدث الموت والقيامة عيد الأعياد وأساس حياة الكنيسة و اختبارها الإيماني.

 

٤-
السنة الطقسية ليست تكراراً روتينياً للمناسبات والأعياد بل هي حركة لولبية تصاعدية.

أي كل سنة
تعيش الكنيسة ويعيش المؤمن اختبار أكثر عمقاً و أكثر إيماناً و أكثر ارتقاءً بمشروع
المسيح حتى الوصول الى ملء قامته.

 

٥-
السنة هي  دعوة كي يتقدس الزمن لأن سيد الزمن
هو القدوس الله: الآب و الابن و الروح القدس





عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +