إذا عرفنا
كيف نجد فسحات من الصمت والاختلاء، فإننا سنسمعه يهمس بحب اسمنا ويقول لنا:
" أحبك...
أنت عزيز في عيني. لقد حفرتك على كفيّ ."
فتتحول حياتنا
ونقول لأنفسنا: " أنا ثمين في عيني الرب"
ونفهم بأن
لديه مشروع محدد لنا، وان حياتنا ليست مجرد أحداث تأتي صدفة.
إن دعوته تنتظر جوابنا : " نعم يا رب، أريد أن أتبعك". أريد أن أعمل بمشيئتك. أريد أن أشارك في تحقيق
مشروعك عليّ .
إن الرب من
خلال التأمل، يُفهمنا طريقة الحياة التي ستجعلنا نعيش بفرح إن من خلال الزواج، أو الحياة
الرهبانية، أو البتولية المكرسة.
كما أن الزواج يُحضّر له بفترةٍ يتعرّف فيها المحبوبان
على بعضهم البعض، بعدها يلتزمان في فترة الخطوبة التي تقودهما إلى الالتزام النهائي
في الزواج.
هكذا، فان
الشابة التي أدركت في أعماقها بأن الله يدعوها لإتباعه في حياة رهبانية مكرّسة تبدأ
بالتعرّف على جماعة من جماعات الرهبنة، ُثم تبدأ مسيرة الالتزام تدريجيا من خلال مرحلة
ما قبل الابتداء، وهي فترة تتابع فيها الشابة تمييزها لدعوتها:" هل يريد الربّ
مني أن أتبعه من خلال انتمائي إلى رهبنة الفرنسيسكانيات مرسلات مريم؟" هل موهبة
هذه الرهبنة تتوافق مع رغباتي العميقة في خدمة الربّ ومحبته ؟
إذا شعرت
الشابة بالفرح والسلام خلال هذه الخبرة وقررت أن تتابع في هذا الطريق، فإنها تبدأ مرحلة
الابتداء التي تدوم سنتين.
إن مرحلة
الابتداء هي زمن النعمة، و أيضا زمن البرية والخلوة...
إن الكثيرين
من الأنبياء والمرسلين عاشوا زمن الخلوة قبل أن يبدأوا برسالتهم العلنية تمثلا بسيدنا
يسوع المسيح.
زمن الابتداء
يعطي الشابة فرصة عيش العلاقة الحميمة مع يسوع بعيدا عن كلّ النشاطات الرسولية. فهي
في هذا الزمن تتتلمذ للمعلم الأوحد فتجلس على رجليه وتصغي إلى كلام الحياة.
والابتداء
هو الزمن الذي تتعلم فيه الشابة أيضا المحبة العملية في أخوّة تضم راهبات من مختلف
الأعمار والجنسيات لم تخترهنّ بنفسها، بل تفهم رويدا رويدا بالإيمان بأنهنّ عطية من
الله، فتتخطى من خلالهنّ العائلة البشرية لتدخل في عائلة أشمل.
إن الحياة
اليومية هي مدرسة تعلّم المحبة الفعلية من خلال الانتباه لاحتياجات الأخوات، والقيام
بمحبة بكافة الخدمات المطلوبة منها، والمشاركة الفعلية والفعالة في حياة الجماعة.
فتردد كلمات
بولس الرسول إلى أهل فيليبي 1، 9- 10:
" أن تزداد محبتكم عمقا في المعرفة والفهم، فتختاروا الأفضل.."
زمن الابتداء
هو زمن نعمة الولادة الجديدة في المسيح.
بعد الابتداء
وبنعمة الله، تصل الشابة في مسيرتها إلى إعلان نذورها الثلاثة: الفقر والطاعة والعفة
لمدة ثلاثة سنوات، وتتابع في هذا الوقت برنامج التنشئة الذي وضعته الكنيسة قبل أن تصل
إلى التقدمة النهائية للرب في رهبانيتنا من خلال إبراز النذور المؤبدة.