Skip to Content

مقالة العمق الكنسي - لنيافة الأنبا رافائيل



 

 

العمق الكنسى

 

نيافة الأنبا رافائيل

 

 

كثيراً جداً
ما نرى الآن بعض من الناس يعيشون بسطحية وهذه السطحية تقودهم إلى التفاهة الفكرية والممارسة
السطحية الخاطئة وهذه تقريباً هى المشكلة التى نعانى منها الآن فى هذا الجيل.

 

فقد كان هناك
جيل قبل هذا ينقصه المعرفة، وناس بعيدة عن الكنيسة ولا تدخلها إلا فى المناسبات.. أما
الآن فقد حدث العكس فكثير من الناس يذهبون إلى الكنيسة، وأصبحت الكنائس ممتلئة بعدد
كبير من الناس ولكن ينقصهم العمق..

 

ودورنا نحن كخدام أن نتجه ناحية العمق والتعميق ولكى نكون فى حياة عمق
مع الله لابد أن يكون هناك ثلاث مستويات:

 

أ- الممارسة : أن نمارس بعمق، ولكى أمارس بعمق لابد
أن يكون هناك فهم.

ب- الفهم : أن نفهم ونعى الكنيسة ونعى الممارسة.

ج- الخدمة : أن أسلم هذه الممارسة للناس.

 

وهذه الثلاثة
أشياء (
الممارسة، الفهم، الخدمة) سوف تطبقها على أربع نقاط أساسية نود الحديث عنها:

 

1-
الكنيسة.
2-
الليتورجيا.
3-
الإنسان.
4-
الإنجيل.

 

1- الكنيسة :

 

كلنا نعرف
أن الكنيسة هى جسد المسيح، وعندما أقول هذا أفهم أننى عضو فى هذا الجسد وأن بقية الناس
أيضاً هم أعضاء فى هذا الجسد، وهذا يقودنا إلى مفهوم الشركة.

 

ومن الخطورة
أن أكون مدرك لهذا وفاهم ولا أستطيع أن أمارس. ويجب أن نفهم وندرك أن عضويتنا فى هذا
الجسد لا تلقى تميزنا ولكنها تبرزه، وتجعل كل إنسان يستطيع أن يقدم شخصيته من خلال
خدمته

وهذا لا يلغى
الخدام الآخرين، ولا يجعلنى أتكبر عليهم بل على العكس على أن أكون فرحان وسعيد أنم
جسد الكنيسة به عدد من الخدام الممتازين.

 

وإذا كنت
أفهم وأدرك معنى الكنيسة لابد وأنم أخدم بهذه الروح، وهذه سوف تلغى موضوع العزلة، أن
يكون الإنسان جالس فى برج عالى ولا يستطيع أحد الوصول إليه.

 

والذى يفهم
معنى الكنيسة يفرح جداً بالخدام وإمكانياتهم ويشعر أنها إضافة إليه ويفرح أن هناك إمكانية
جديدة أضيفت إلى الكنيسة.

وهكذا عندما
أفهم الكنيسة أستطيع أن أعيش حياة الشركة التى فيها وأفرح بجميع الخدام الذين حولى
ويخدمون معى.

 

فالكنيسة
بها الأسقف والكاهن والشماس والشعب، ولا يمكن أن تصبح كنيسة بدونهم.

 

وهذا لا يعنى
أن بها طبقات ولكن بها تمايز من أجل أن يمشى (يسير) العمل، فهذا هو قصد الله أن يكون
هناك تمايز وتنوع وتعدد فى الأعضاء من اجل بهاء الكنيسة وبهاء الجسد وتكامله.

 

وهذا شئ يسعدنى
أن تكون الكنيسة مثل الفردوس الملئ بعدة أنواع من الزهور والنباتات والتى تصنع فى النهاية
جنة حلوة.

 

2- الليتورجيا :

 

هى الصلوات
المشتركة التى تقوم بها معاً فنحن نقوم بالصلاة جماعياً (هذه وسيلة) وسيلة تحقق معنى
الكنيسة، فإذا كنا جسد واحد لابد أن نصلى أيضاً بلسان واحد، والليتورجيا تعبر عهن هذا
اللسان وسيلة لخدمة الناس،
ولها على أن أسأل نفسى أن هى من خدمتى؟

 

أخشى أن تكون
غير موجودة، فنحن فد نهتم بالترانيم والألحان والمهرجانات، وقد تأتى الليتورجيا فى
المركز الثانى ولكنها لابد أن تكون فى المركز الأول. فإذا بدأنا فى تسليم الليتورجيا
للمخدومين فسوف يعيشوا فى الكنيسة بلا انحرافات ونضمن أنه سوف يثبت فى الكنيسة ويرتبط
بها أكثر وأكثر.

 

(التسبحة، القداس، الاعتراف، التناول،
الأجبية
) كل هذه
تجعل الإنسان له أساسات عميقة.

 

والليتورجيا
هى التى تشبع الاحتياجات العميقة للإنسان.

 

وقد عاشت
الكنيسة حتى القرن ال 20 بالليتورجيا، ففى هذا القرن فقط أدخلنا (مدارس الأحد والتعليم)،
أى أنهم كانوا قديسين وأيضاً مستعدين للاستشهاد (أعلى درجة فى الروحيات) من خلال الليتورجيا
فقط.

 

فالذى يضع
الليتورجيا أساس لخدمته يضع يده على كنز، ويسلم هذا الكنز إلى جيل محظوظ لأنه بمنتهى
البساطة سيشربوا الإيمان وبمنتهى البراعة سيعبروا عنه وبمنتهى القوة سيثبتوا فيه إلى
المنتهى.

 

وسنجد فى
الليتورجيا حلاً للمشاكل اليومية للشباب، فإذا كان فى ضيقة مادية أو اقتصادية تجد أن
الكنيسة تصلى من أجل احتياجات الناس.

 

(من أجل الأرملة
واليتيم والضيف ومن أجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب أسمك القدوس) فكل الظروف اليومية
تعرضت لها الليتورجيا.

 

فهى (الليتورجيا)
وسيلة رائعة للخدمة، فكم من الناس رجعوا وتابوا بواسطة الليتورجيا.

 

فإذا كنت
أفهم هذا يجب أن أمارسه.

 

3- الإنسان :

 

الإنسان فى
نظر الأرثوذكسية محترم ومهم جداً. اللاهوت الأرثوذكسى يقوم على الاتحاد بين الله والإنسان،
أما اللاهوت الغربى فيفصل بين الطبعتين لأنه لا يستطيع أن يفهم أن الله يتحد بالإنسان
اتحاد كامل.

ونرى جميع
البدع والهرطقة فرقوا بين الله والإنسان وقالوا أن الله لا يستطيع أن يتحد بالإنسان
ونرى أنهم فى ذلك وقعوا فى أخطاء كبيرة عندما فرقوا بين اللاهوت والناسوت وقالوا أنه
لا يستطيع الناسوت أن يتحد بالاهوت بل هناك طبعتين.

 

وقالوا أنه
لا يستطيع الناسوت أن يتحد بالاهوت بل هناك طبيعتين.

 

ولكن الفكر
الأرثوذكسى (أثناسيوس، كيرلس) قال: ما الذى يستبعد أن الله يتحد بالإنسان؟ أهذا الإنسان
نكره؟

 

أنه محترم
جداً ومخلوق على صورة الله ومثاله.

 

فما الذى
يجعل الله يستنكر أن يتحد بالإنسان؟ أنه لا بد أن يتحد بالإنسان، لأن الإنسان محترم
فى نظر الله.

 

وعندما يتحد
الله بالإنسان لا يلغى إنسانيته، ونحن نجد فى المسيح إنسانية واضحة جداً، نجده يبكى
ويتحدث كثيراً عن نفسه ويقول "
ابن الإنسان" وهذه من أعز الألقاب لديه أبن الإنسان وهذا
لأنه يحبنا ويحترمنا جداً.

 

ونجد أن الله
أعطى دور للإنسان وهو الجهاد والله عليه دور وهو النعمة، فإذا أنا لغيت وأهملت دور
الإنسان، إذن فأنا أحتقره (وهذا هو الفكر البروتوستنتى) وهناك أيضاً من يعظم مكن دور
الإنسان جداً ويلغى دور الله (البلاجسيين).

 

وإذا كان
الله لا يحترم الإنسان وطبيعته البشرية، لما تجسد وأخذ صورة إنسان ليخلصنا ولو أن دور
الله منعدم والإنسان فقط بجهاده فما هى أهمية التجسد؟

 

كان كل إنسان
بجهاده يمكن أن تغفر له خطيته.

 

ولكن كان
لابد من التجسد الذى يبرهن على أن هناك دور هام لله وهذا الدور لا يقوم بدون مشاركة
الإنسان.

 

"فالله الذى خلقك بدونك، لن يخلصك بدونك" (أغسطينوس).

 

لابد من الشركة
بين الله والإنسان، وهذا معناه تعظيم وتقدير الله للإنسان.

 

فإذا كان
الإنسان محترم فى نظر الله فلابد أن يكون هذا المفهوم واضح عندى وعلى أن أنطلق فى خدمتى
من خلال هذا المفهوم، فلا يفقد شخص وأقول لا يهم.

 

"فالإنسان
هدف ولا ينبغى أن يفقد ظلف" (موسى النبى) فهذه هى الخدمة الحلوة.

 

4- الإنجيل :

 

ليس الإنجيل
تراث فكرى لليهود، ولا هو تسجيل للتاريخ، ولا هو كتاب للمعلومات العلمية والثقافية
والجغرافيا.

 

فهو ليس كتاب
علم ولكنه خطاب من الله للنفس البشرية.

 

فالنفس البشرية
العامة التى ليس لديها أى احساس بالله تمسك بالإنجيل وتقوم بتشريحه.

فقد نظر الآباء
إلى الإنجيل على أنه وجبة دسمة ولذيذة وبشارة مفرحة للقلب. فقد كان لديهم "الهذيذ"
بالكتاب أى قد يجلسوا ويقرأوا أية واحدة فقط طوال الليل ومن كثرة حلاوتها وجمالها لا
يستطيعوا أن يتركوها ويذهبوا إلى آية أخرى.

 

فقد كانوا
يأكلون الكتاب المقدس كان يهضم ويمتص ويحدث له تمثيل غذائى فى داخلهم ويدخل إلى نسيج
حياتهم.

 

وعندما أدرك
أن هذا هو شكل الكتاب المقدس سيصبح له معنى أخر ووضع أخر وتصبح له مكانته.

 

فمن المؤسف
أن يمضى يوم على الإنسان دون أن يقرأ فى الإنجيل وقراءة بشبع "لتسكن فيكم كلمة
المسيح بغنى".

 

فالكنيسة
والليتورجيا والإنسان والإنجيل أن أنا أدركتهم بطريقة صحيحة سوف أمارسهم بطريقة صحيحة
وأستطيع أيضاً أن أسلمهم بطريقة صحيحة





عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +