Skip to Content

مقالة لماذا تكلَّم يسوع بالأمثال ؟ - المطران ميشيل يتيم

 

 اضغط لعرض الصورة بالحجم الكامل

                       المطران ميشيل يتيم
لماذا تكلَّم يسوع بالأمثال ؟
 
                          
              
القسم الأول
تكلَّم يسوع على ملكوت الله بالأمثال. إن هذا الأسلوب الذي اتبّعه لفت انتباه التلاميذ فسألوه: لماذا تكلّم الجموع بالأمثال؟ (متى13/10). قبل أن أقدّم لكم جواب يسوع عن هذا السؤال أقول لكم إنه ليس من الغريب أن يتكلَّم يسوع بالأمثال. إن التكُّم بالأمثال طريقة تعبيرية تبنَّتها عدة شعوب في العاَلميْن القديم والحديث. فالشعب اليوناني القديم كانت له أمثاله،وقد كتبها الفيلسوف الشعبي إيسوب. والشعوب الهندية كانت لها أمثالها، وقد تُرجمت إلى اللغة العربية، وكتبها لنا ابن المقفع بلغة سهلة، سَلِسة في كتابه الشهير "كليلة ودمنة"، ولدى الشعب الفرنسي أمثال "لافونتين" وقد نَقَلَ بعضَها إلى اللغة العربية بعضُ شعراء العرب المحدَثين، وترجمها كلّها بلغة الشعر الأديبُ المعروف الأب نقولا أبو هنا المخلِّصي. إنّ هذه الأمثال قد جرت على ألسِنة الحيوانات، وقد نَسَبَ كتَّابُها إلى الحيوانات صفات الناس وعيوبهم. فالكلب أمين، والثعلب خبيث خدّاع، والذئب شرس الطباع، والأسدُ ملك مستبد بالشعب? والشعب العِبْري أيضا كانت له أمثاُله، ومن أشهرها المثل الذي ضربه ناتان النبي لداود الملك الذي قتلَ أُوريّا الحِثّي أحدَ جنوده واتّخذ لنفسه امرأته الجميلة بتشابع (سفر الملوك الثاني 11/2-27و12/1-15). واتّبع علماء اليهود طريقة عرض تعاليمهم بالأمثال القصصية، ومن أشهرهم العلماء الثلاثة هيلاّل وشمعي وغماليئيل. وكان هذا الأخير أستاذ بولس قبل أن يهتدي. أمَّا كتب الحكمة والأمثال والجامعة المنسوبة إلى سليمان الملك وأمثال يشوع بن سيراخ فهي حكم تربويَّة فقط، لا أمثال قصصية. ولم يَحِدْ يسوع عن الخط الذي سار عليه علماء شعبه، فعلَّم هو الآخر بالأمثال ذات المعاني الدينية السامية، كما رأينا في الحديث الأول.
لماذا تكلّم يسوع بالأمثال ؟
تكلَّم يسوع بالأمثال لأن التكلُّم بها طريقة تعليمية وتربوية ممتازة تتفَّوق في بعض الأحيان على الكلام الصريح، ذلك لأن للأمثال جاذبية خاصة تستأثر بها انتباه السامعين، وتقرّب إليهم فهم الأمور حتى المعقّدة والمُستعصية منها.
إن هذا الجواب العام لا يكفي وحده للردِّ على السؤال الذي طرحه التلاميذ على المعلم الإلهي، لأنّ يسوع كان يتوخَّى في ضرب أمثاله إصابةَ أهدافٍ ثلاثةٍ محددة، لا هدفٍ واحد. وإذا أردنا معرفة هذه الأهداف الثلاثة فلابدَّ لنا من أن نعود إلى البحث عن هدف كل نوع من أنواع الأمثال الثلاثة، العقائدية والأخلاقية والنبويّة التي ضربها يسوع تارةً للشعب عامةً، وتارةً أُخرى لرؤساء الشعب خاصة، وهم الكتبة والفريسيون وعلماء الشريعة.
وإليكم الحديث عن كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة لنطّلع على الأهداف التي أراد يسوع إصابتها عندما كان يتحدَّث بالأمثال عن ملكوت الله.
1- الأمثال العقائدية
ضرب يسوع الأمثال العقائدية ليحمل السامعين له من أبناء الشعب على التفكير والتأمل واكتشاف الفكرة العقائدية التي يحويها المثل، لا ليشعروا، بعد بذل الجهد الشخصي، بلذّة الاكتشاف العقلية فحسب، بل لترسخ الفكرةُ العقائدية المكتشَفة في نفوسهم وتكون في نهاية الأمر موضوع إيمانهم. لقد ضرب يسوع مثل "الزارع" ليفسح لهم المجال لأن يفكروا في معناه، ويتأملوا فيه، ويطرحوا على ذواتهم الأسئلة التالية: مَنْ هو الزارع؟ وما هي الأرض التي سقط فيها الحبّ؟ ولماذا بعضُ الحبّ أثمر؟ وبعضه لم يثمر؟ ولماذا تفاوتت كمية الحبّ الذي أثمر، فكانت قليلة في بعض الأرض وغزيرة في بعضها الآخر؟ إنَّ الأَجوبة عن هذه الأسئلة لا تُنشِّط الفكر وتنشئ فيه المسرَّة العقلية فقط، بل تُثبِّت الإيمان وترسخّه في قلب السامع المفكّر الذي اكتشف أن الزارع هو يسوع نفسه، وأن الزرع هو كلام الله، وأن الأرض التي وقع فيها الحبّ هي قلبه. فيرجع إلى نفسه ويقول: لابدّ من أن أفتح قلبي لكلام الله ليتوطّد فيه هذا الكلام، وأحيا حياةَ الإيمان بيسوع الذي نقل إليَّ كلام الله.
2- الأمثال الأخلاقية
ضرب يسوع الأمثال الأَخلاقية ليُبرزَ جمالَ الفضيلة، ويجعلها تؤثر في قلوب السامعين، ويبّين لهم قباحة الرذيلة، فيمارسون الفضيلة وينفرون من الرذيلة. لمَّا ضرب يسوع مثل السامري الرحيم أظهر لهم جمال ممارسة فضيلة المحبة التي حملت السامري هذا الرجل الغريب، بل العدو، على تقديم المساعدة لعدوّه اليهودي الجريح، كما أوضح لهم قباحة اللامبالاة بالإنسان المتألم التي استسلم إليها الكاهن واللاوي اليهوديّان اللذان مرّا بجريح من أبناء دينهما وقوميتهما، وأكملا طريقهما من دون أن يقدِّما له المساعدة التي كان بأشد الحاجة إليها. إن هذا المثل الخُلُقي بيَّن للسامعين، بطريقة جلية، أنّ المحبة جميلة ورائعة لأنها تبدّد الحزازات وتزيل العداوات الدينية والقومية بين الناس، وتجعلهم يتساندون في أوقات المحن والشدائد، كما علَّمهم كيف يمارسون المحبّة لإخوتهم البشر، بطريقة عملية ومناسبة، وإلى أيّ حدّ ينبغي أن يمارسوها. فالمثل يطبع في القلب حُبَّ الفضيلة حُباً لا يُمحى، وكراهية الرذيلة مدى الحياة. ويمكننا تطبيق هذا الهدف على جميع الفضائل المذكورة، أو المُشار إليها في الأمثال الخلقيّة
3- الأمثال النَبَوية
ضرب يسوع الأمثال النبوية ليحملَ الناس ولا سيَّما رؤساء الشعب، وهم الكتبة والفريسيون وعلماء الناموس، على التوبة والقيام بالأعمال الصالحة والإيمان بالمسيح الموعود. إن بناء المثل النَبَوي يختلف كلّياً عن بناء المثل العقائدي والمثل الخلقي. إنَّ مَثَل "التينة المورقة" (متى21/18-22)، وهو من الأمثال النبوية، يوضّح لنا هذه الفكرة. فيما كان يسوع نازلاً من جبل الزيتون في صباح أحد الأيام، شعر بالجوع، فرأى على الطريق شجرة تين عليها ورق غزير، فدنا منها ليقطف منها بعض التين يسدّ به جوعه. فلم يجد عليها ولا ثمرة؛ فَلَعَنها. وعلى الفور اصفرَّت أوراقها الخضراء ويبست، (إن هذا المثل واقعي وحياتي وليس مثلاً قصصياً) لاحظوا أنّ هذا المثل مكوَّن من شِقّيْن: الشِقَّ الأول هو وضع شجرة التين التاعس: إنها خالية من الثمر. والشِقَّ الثاني هو العقاب الذي حلَّ بها: إِنها نالت اللعنة ويبست. إن مثل التينة المورقة النَبَوي هو نموذج لسائر الأمثال النَبَوية. لقد بنى يسوع كُلاً منها من شِقّيْن، فبالشِقّ الأول وصف وضع الرؤساء الديني التاعس والمتدنيّ، وبالشِقَّ الثاني أنذرهم بالعقاب الرهيب الذي سوف يحلّ بهم إذا لم يتوبوا، ولم يقوموا بالأعمال الصالحة، ولم يؤمنوا بالمسيح الموعود. إذا تأمّلْنا في الأمثال النَبَوية نجد أنّ يسوع وَصَفَ في الشِقّ الأول منها الرؤساء بأنهم يتمسَّكون بالخطيئة، ويعصون أوامر الله، ويرفضون الإيمان بالمسيح، ويخونون الأَمانة التي سلّمهم الله إياها. وأيدَّ وصْفه هذا بنبوءة أشعيا النبي الذي قال عنهم إنهّم عميان وصُمّ، عديمو الفهم، غليظو القلوب، يرفضون العودة إلى الله لينالوا منه شفاء أمراضهم الروحية. قال لهم أشعيا بنبوءته: "تسمعون سماعاً ولا تفهمون، وتنظرون نظراً ولا تُبصِرون، فقد غَلُظ قلبُ هذا الشعب، وأصمّوا آذانهم، وأغمضوا عيونهم لئلا يُبصروا بعيونهم، ويسمعوا بآذانهم، ويفهموا بقلوبهم، ويرجعوا فأشفيهم". (متى13/14-16). وفي الشِقّ الثاني من أمثاله النَبَوية انتقل إلى الإنذار بالعقاب الرهيب الذي سيحلّ بهم إذا لم يصلحوا أنفسهم ولم يؤمنوا: إنه دمار مدينتهم وهيكلهم، وزوال وجودهم، وموتهم الروحي،وإغلاق باب السعادة الأبدية في وجوههم. (لوكان لدينا الوقت لدرسنا الأمثال النَبَوية بالتفصيل واطّلعنا على الوصف والعقاب). ترَوْن أن يسوع لمّا ضرب أمثاله العقائدية والأخلاقية والنَبَوية أصاب أهدافه الثلاثة بمهارة تعليميّة وتربويّة فائقة. فقد فتح لنا المجال بالأمثال العقائدية للتفكير والتأمل فيها ليثُبِّتَ إيماننا به ويَتوطّد. وزيّن لنا بالأمثال الأخلاقية طبيعة الفضائل المسيحية الكبرى، ولا سيما المحبة، ليدفعنا إلى ممارستها باستمرار، ونبذِ الرذائل القبيحة التي تشوِّه أخلاقنا. وحَمَلَنا، بالأمثال النَبَوية، على التوبة والقيام بالأعمال الصالحة والإيمان بالمسيح الموعود، لنحيا معه حياة روحية مستنيرة بأنوار النعمة، لا تكتنفها ظلمة الخطيئة والشرّ والعمى الروحي. والآن بعدما اطّلعنا على السبب الذي حمل يسوع على ضرب الأمثال، وعلى مقدرته التربويَّة الفائقة في ضرب أمثال ملكوت الله، هل نعرض هذه الأمثال على طلابنا وشبيبتنا في لقاءاتنا الدينية؟ وكيف نعرِضها؟
القسم الثاني
 
هل نعرض الأمثال ؟
لكي نتمكَّن من الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال نميّز المراحل التعليمية بعضها من بعض. هناك ثلاث مراحل مدرسية: الابتدائية والإعدادية والثانوية، ومرحلة جامعية واحدة، تُضّمُّ إليها فئةُ الشبيبة الحُرّة. 1- طلاب المرحلة الابتدائية (بين 6و11سنة) إنّ طلاب المرحلة الابتدائية غير أهل لأن يفهموا معنى المثل. إنهم يفهمون "القصة" ولكنهم لا يفهمون معناها. فالقاعدة التربوية تنصح المربين ألاّ يعرضوا عليهم التربية الدينية عن طريق المثل. ويمكن التساهل مع طلاب الصفَّيْن الخامس والسادس فيُعرض عليهم "مثل السامري الرحيم" و"مثل العبد القاسي القلب" لأن المعنى فيهما واضح جداً، وهو ممارسة المحبة والتسامح الأخوي. 2- طلاب المرحلة الإعدادية (بين 12و15 سنة) في هذه المرحلة نمت عقولهم وأخذوا يدركون بعض المعاني المجرَّدة السهلة. ولذلك يختار المربي الأمثال الخُلُقيّة فقط ويعرضها عليهم من وقت لآخر، من دون مبالغة، لئلا يتوهّموا أن ديننا المسيحي مبني على قصصٍ وحكايات خيالية. وهذا الوهم خَطِر جداً على إيمانهم في المستقبل. 3- طلاب المرحلة الثانوية والجامعية والشبيبة الحرة (بين16و26 سنة) يمكن عرض الأمثال كلّها بشرط اتباع القواعد الأربع التالية.
كيف نعرض الأمثال ؟
لدينا أربع قواعد أساسية يجب مراعاتها في كيفية عرض الأمثال على الطلاب؛ وإلاَّ كان عرْضُنا مَبنياً على أساس ضعيف، ينتج عنه خللٌ تربوي له تأثير سيّئ في نفوسهم وفي تربيتهم الدينية. وإليكم هذه القواعد الأربع. 1- القاعدة الأولى نحن مربون ولسنا قصّاصي حكايات شعبية؛ فالتفاصيل التي نقدّمها للطلاب يجب أن تكون ضرورية لفهم المثل لا للتسلية أو المُزاح. 2- القاعدة الثانية نحن مربّون، ولسنا أساتذة تاريخ أو جغرافيا أو زراعة. ففي الأمثال كلمات تشير إلى التاريخ والجغرافيا والزراعة، مثلاً: الكتبة، الفرّيسيون، علماء الشريعة، العشَّار، الوزنة، المنا، العبد، أورشليم، أريحا، الزؤان، الخردل، وغيرها. هذه كلها تحتاج إلى شرح. ولكنّ الشرح يجب أن يُقتصر على فهم المثل، من دون التمادي في إعطاء معلومات تاريخية أو جغرافية أو زراعية خارجة عن إطار المثل. 3- القاعدة الثالثة نحن مربّون، مهمتنا تقديم تعليم السيد المسيح الوارد في المثل. فلابدّ من أنَّ نفهم هذا التعليم، ونكون على يقين أنه هو التعليم الصحيح الذي أراده يسوع. وهذا يقتضي مِنّا أن نتأمّل في المَثَل، ونطالع الكتب الدينية التي تشرح الأمثال، أو نسأل كاهناً ضليعاً يعطينا الفكرة الأساسية الواردة في المثل؛ وليس من العيب أن نقرأ أو نسأل. 4- القاعدة الرابعة القاعدة الرابعة هي أهم القواعد الأربع، وتقوم بأن نقدّم المثل في ثوب مُحدَث معاصر، لا في ثوب قديم.يسوع تكلم بلغة زمانه، وصاغ عباراته بعقلية ومفاهيم وحاجات زمانه. فإذا أردنا أن يكون للمثل تأثير في نفوس طلابنا وشبيبتنا يجب أن يُقدَّم المثل مطابقاً لأوضاعنا، وبلغة تتماشى مع عقليتنا ومفاهيمنا وطريقة تربيتنا العصرية. فإن مخطط الله ? أو كما يقول بولس الرسول: تدبير الله- يعالج لا الماضي فقط بل الحاضر أيضاً. وبتعبير آخر، يسوع لا يتحدّث إلى اليهود القدامى فقط، بل إلينا نحن أيضاً، ويتحدّث بلغتنا ويعالج مشكلاتنا كما عالج مشكلات القدامى، ويتبنّى حضارتنا كما تبنَّى حضارة الأقدمين. إن هذه القاعدة الرابعة تحتاج إلى أمثلة كثيرة، لكي نعرف كيفية تطبيقها في عرض أمثال يسوع تطبيقاً عملياً يناسب إيماننا المسيحي وعقليتنا العصرية. ولكن ليس لدينا الوقت الكافي الآن للقيام بمثل هذه المهمة التربوية الجزيلة الأهمية. أكتفي بأن أعرض عليكم توجيهيْن عملييْن فقط. التوجيه الأول يقوم بأن نُضْفي على الأحداث الماضية الواردة في المثل طابع الأحداث الحاضرة القائمة اليوم. فإن أبطال المثل ليسوا يهوداً عاشوا قبل ألفيْ عام، بل هم مسيحيون يعيشون اليوم في مدينتنا وفي بيئتنا الحلبية، ونحن نعرفهم ونعيش معهم. فمنهم صالحون، ومنهم خطأة. إنهم مسيحيون صالحون كالسامري الرحيم، والعشّار التائب، والأرملة الملحِّة في الصلاة،والخدّام النشيطين الذين استثمروا المواهب التي أعطاهم الله إياها، والعذارى الخمس الحكيمات اللواتي استقبلْنَ العريس لأنهنَّ كنّ يَعِشْنَ في حالة النعمة. وإنهم مسيحيون خطأة كالابن الشاطر، والغني الجاهل البخيل، والغني الأناني الذي ترك لعازر يموت على الطريق، والمدعويّن إلى عرس المسيح بالإيمان، الذين رفضوا الدعوة، والعذارى الخمس الجاهلات اللواتي لم يستقبِلْنَ العريس لأنهنَّ كنَّ يعِشْنَ في حالة الخطيئة. فما هو موقفنا العملي بالنسبة إلى هؤلاء المسيحيين؟... نحن نقتدي بالمسيحيين الصالحين في القيام بأعمال الرحمة، والتوبة، والصلاة، والنشاط في استثمار المواهب، والحياة في حالة النعمة. ونرفض التشبُّه بالمسيحيين الخطأة في حياة الطيش والبخل والأنانية ورفض إلهامات الروح القدس والعيش في حالة الخطيئة. ونكتفي بالصلاة لأجلهم وإعطاء المثل الصالح. وهكذا نطبّق الأمثالَ على حياتنا الحاضرة التي نحياها في محيطنا، ولا تبقى الأمثال قصصاًَ بعيدة ضربها يسوع في قديم الزمان لأُناس كانوا يعيشون خارج بيئتنا ومدينتنا وحضارتنا. إنَّ يسوع الذي تكلم قديماً يتكلم اليوم، ويتحدّث إلى الجميع، يشجِّع الصالحين ويؤنِّب الخطأة. إنه حاضر في بيئتنا ويعيش معنا. إنّ إضفاء الطابع الحاضر على الأحداث القديمة ليس عملية خيالية، بل طريقة تربوية ناجحة جداً لدى من يتقن استعمالها بمهارة. ولذلك فإنها تقتضي للقيام بها تدريباً جِدّيا؛ ومَنْ أتقنها جذب انتباه سامعيه، وأفادهم إفادة جزيلة. التوجيه الثاني هو أنْ يقوم بين المربين والمجتمعين من الطلاب والشبيبة في اللقاء الديني، تفاعل مستمر في أثناء اللقاء،فإذا كان الطلاب من ذوي المرحلة الابتدائية أو المرحلة الإعدادية، سلك هذا التفاعل طريق الأسئلة والأجوبة مع تصحيح متواصل لأخطاء الأجوبة ليكون التعليم الديني صحيحاً. وإذا كان الطلاب من ذوي المرحلة الثانوية أو من الشبيبة، سلك التفاعل طريق الحوار، لا طريق الأسئلة. ولا يقوم الحوار بأن يفرض الطرف الواحد رأيه على الطرف الآخر (هذا جدال)، بل يقوم بان يقبل الطرف الواحد ما هو صحيح في رأي الآخر، ويقبل الآخر ما هو صحيح في رأي الأول. عندئذ يكون تفاعل سليم ولقاء مثمر بين الطرفين.
ففي مثل المدعويّن إلى عرس ابن الملك، يقوم حوار بين المربي والشبيبة، يصل بالطرفين إلى معرفة شخصية مَنْ يدعو إلى العرس، وشخصية العريس، ومضمون الدعوة، وتحديد موقف المسيحيين اليوم من هذه الدعوة الموجَّهة إليهم: قبول، لا مبالاة، معاداة.
إنّ هذا الحوار لا يُثمِر إلاّ إذا كشفنا كلّ ما لاحظناه وعرفناه عن بيئتنا الحلبية التي نعيش فيها، فإن معرفة البيئة شرط أساسي لنجاح الحوار والوصول إلى نتائج عملية تناسب إيماننا ووضعنا الحالي اليوم.
الخلاصة
أدعوكم إلى أن تتأملوا في الأمثال لتطّلعوا على غناها الديني والتربوي لتفيدوا أنفسكم وتفيدوا الطلاب والشبيبة



عدد الزوار

free counters



+ † + AVE O MARIA+†+ لم يكن هذا الموقع صدفةً عابرة، بل دبّرته العناية الإلهية ليكون للجميع من دون اسثناء، مثالاً للانفتاح المحب والعطاء المجاني وللخروج من حب التملك والانغلاق على الانانية. مُظهراً أن الله هو أبَ جميع الشعوب وإننا له أبناء. فمن رفض أخاه الانسان مهما كان انتماءه، رفض أن يكون الله أباه. + † + AVE O MARIA +