إِنِّي مَن أَحبَبتُه أُوَبِّخُه وأُؤَدِّبُه فكُنْ حَمِيًّا و تُبْ (رؤ 3 /19)
الله محب البشر
لله محب البشر
ربي يسوع .. نفوس كثيرة قد تركتك وأكثر منها من رفضك. كثيرون لم يقبلوك وآخرون عاندوك وحاربوك.
آه لو علموا أنك الحب.
آه لو تذوقوا أبوتك آه لو التمسوا خلاصك!!!
إن البشرية اليوم هي أحوج ما يكون أن تتلاقى مع المسيح الحقيقي الذي أعلن عن ذاته في الإنجيل وفي التجسد...آه لو عرفوا؟!
الشباب المتسكع في الخطايا والضياع... العلماء المتشبثون بالعقل دون الإله... والمتدينون الذين يوظفون الإله لقتل من يخالفهم... والملحدون الذين رفعوا راية الحرب ضد الله... واللامبالون والعبثيون واللاهون والناقمون... أفواج من البشر ضد الله ... لأنهم لم يتعرفوا بعد عليه.
هل يسوعنا الذي تعرفنا عليه في كنيستنا يستحق كل هذا الجحود...وهل مسيحنا القدوس يليق به كل هذا الصدود.
إن يسوع المسيح الذي تجلى في كنيسته المقدسة بالتجسد هو الله الجدير بكل الحب والإيمان... وهو جدير بأن نكرس عمرنا لخدمة مجده ونشر ملكوته وهو جدير بأن نساعد أخواتنا في كل مكان أن ينفضوا عن أذهانهم تراب المعرفة المنحرفة عنه وأن يتعرفوا عليه كما هو وكما قصد أن يعلن عن ذاته.
الله محب البشر
من أجمل الألقاب التي تكررها الكنيسة في ليتورجيتها هذا اللقب المحبوب "محب البشر الصالح" "الله محبه" (1يو8:4) "والمحبة هي من الله" (1يو7:4).
ولا يمكن أن نتخيل الله أو نتعامل معه خارج إطار الحب... ولابد من تفسير كل تعاملات الله مع الناس على خلفية الحب ...
خلقتني إنساناً كمحب للبشر...
من أروع ما كتب عن حب الله للإنسان تلك المناجاة التي سجلها القديس غريغوريوس في قداسه: "ليس شيء من النطق يستطيع أن يحد لجة محبتك للبشر" أي أن الكلام يعجز عن وصف حدود لمحبتك اللانهائية للبشر... ثم بدأ يعدد براهين هذا الحب:
- خلقتني إنساناً كمحب للبشر ... أي إنك أحببتني قبل أن أكون... وهذا الحب الجبار دفعك أن تمنحني نعمة الوجود... وطبعاً لم تكن أنت محتاجاً إلى عبوديتي فالله منزه عن الاحتياج وهو مكتف بذاته ولا يحتاج أحداً أو شيئاً من خليقته... بل لقد خلقنا من فيض حبه وكثره صلاحه... فأنا أحتاج ربوبيته لكي أوجد ولكي أشبع بكثرة خيراته.
لذلك يكمل القديس غريغوريوس "من أجل تعطفاتك الجزيلة كونتني إذ لم أكن"
- وبرهان الحب أيضاّ أنه لم يخلقني في عوز... بل لقد دبر لي احتياجاتي ومصادر سعادتي وشبعي قبل أن يوجدني.
والأعظم من هذا أنه خلق الخليقة كلها في جمال واتساق، ونقاوة وإبداع، فكانت في نظره حسنة أما الإنسان فكان حسناً جداً.
- أقمت لي السماء سقفاً وثبت لي الأرض لأمشي عليها، من أجلي ألجمت البحر (وضعت له حدوداً)، "حجز البحر بمصاريع حين أندفق فخرج من الرحم" (أي8:38) "أنا الذي وضعت الرمل تخوماً للبحر فريضة أبدية لا يتعداها فتتلاطم ولا تستطيع وتعج مواجه ولا تتجاوزها" (أر22:5)
- من أجلي أظهرت طبيعة الحيوان (لخدمة احتياجات الإنسان) "ما أعظم أعمالك يارب، كلها بحكمة صنعت، ملآنة الأرض من غناك" (مز24:104)
- أخضعت كل شيء تحت قدمي "تسلطه على أعمال يديك. جعلت كل شيء تحت قدميه" (مز6:8) (وصار الإنسان بفضل الله ونعمه سيداً ورئيساً وملكاً وكاهناً لكل الخليقة التي خلقها الله من أجلي) "باركي يا نفسي الرب وكل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس. باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته" (مز103: 2،1)
- لم تدعني معوزاً شيئاً من أعمال كرامتك (بل وفرها لنا بفيض وغنى وشبع) "أمامك شبع سرور، في يمينك نعم إلى الأبد" (مز11:16)"وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء على البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض" (تك26:1)
- أنت الذي جبلتني (صنعتني) ووضعت يدك على (للبركة والتقديس والتكريس) ورسمت في صورة سلطانك (فالإنسان صورة الله تك1: 27،26) صورته في القداسة والبر والمعرفة والسلطان، وصورته في الثالوث الواحد، وصورته في الخلود ... أنها نعمة عظيمة أن يكون الإنسان أيقونة الله... فهل رأينا حباً أعظم من هذا؟!
حتى عندما شوهت الصورة فينا بسبب السقوط والفساد الذي لحق بجنسنا لم يرد إن يهملنا وتبقى الصورة مشوهه بل خدم لنا قضية خلاصنا من الموت والفساد وأعاد بهاء الصورة إلينا بالمعمودية المقدسة فصرنا أبناء له نرث صورته "أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله...الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم أنه إذا أظهر (في المجيء الثاني) نكون مثله (نطابق صورته) لأننا سنراه كما هو (فتنطبع صورته فينا كما في مرآة)" (1يو3: 1-2).
- ووضعت في موهبة النطق... لكي أتفاهم معك وأتحاور ونصير في شركة وصداقة حب، ولكي أملأ فمي ولساني بالتسبيح والفرح فأتعزى بك وأتقدس... كم هي عجيبة موهبة النطق وكم هي جديرة بأن تستخدم حسناً لتمجيد الله وبلغات وبنيان السامعين... عرفاناً بجميل الله ورداً على حبه اللانهائي. "لا تخرج كلمة رديه من أفواهكم بل كل ما كان صالحاً للبنيان حسب الحاجة كي يعطي نعمة للسامعين" (افس29:4).
- وفتحت لي الفردوس لأتنعم... وردني إليه عندما فقدته باستهتاري وتخاذلي ومخالفتي... لقد خلقنا للفردوس وهو"يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تي4:2) وهو لا يرغب إطلاقاً أن يموت الخاطئ "هل مسرة أسر بموت الشرير يقول السيد الرب، إلا برجوعه عن طرقه فيحيا؟" (خر23:18)
"لأني لا أسر بموت من يموت يقول الرب: فأرجعوا وأحيوا" (خر32:18).
حي أنا يقول السيد الرب أني لا أسر بموت الخاطئ... والجحيم هو ما يختاره المنحرفون... ومازال الفردوس مفتوحاً لكل من يقبل ويرجع