اللهُ طريقُه كامِل و قَولُ الرَّبِّ مُمَحَّص هو تُرسٌ لِكُلِّ مَن بِه يَعتَصِم ( مز 18 /31)
الابتسامة مرآة توازن الإنسان النفسي - د. غريغوار مرشو
الابتسامة مرآة توازن الإنسان النفسي
د. غريغوار مرشو
إنّ التحدّث عن موضوع الابتسامة أو الابتسام يبدو للوهلة الأُولى مفاجئاً لبعضهم إذ قلّما تمّت إثارته في ندوة أو محاضرة كمحور نظراً إلى ما يُسبّبه لصاحبه من حرج ويضعه في موضع مساءلة. غير أنّ ما حثّنا إلى تناوله هو كَون الابتسام، على الرغم من تعبيره، بوجه عامّ، عن فاعليَّة الإنسان وتوازنه النَفْسيّ وقدرته على امتصاص الأزمات والتكيّف مع ما يدور في العالَم من أحداث ومتغيّرات، يبقى هذا الابتسام مهدّداً بالاحتجاب والاغتيال نظراً إلى ما طرأ ويطرأ على حياتنا من تحوّلات سياسيَّة واقتصاديَّة ونَفْسيَّة اجتماعيَّة ضاغطة وصادمة مُعيقة للتواصل المثمر والتفاعل الخلاّق بين الناس. ثمّ إذا كان الابتسام يبدأ معنا بشكل طبيعيّ منذ الطفولة، فهو حينما يتبدّى على وجوهنا في سنّ الشباب والرشد يأخذ أشكالاً متنوّعة ومختلفة ابتداءً من الابتسام الطبيعيّ العفويّ حتّى الابتسام الاصطناعيّ كمجرّد زينة أو حلية على وجه الإنسان. يُضاف إلى ذلك أنّ للابتسام أزماناً وفصولاً وأسراراً ولا يمكن الحفاظ عليه بالمطلق، إذ قد تستولي على الإنسان أحوال وظروف ومواقف وصدمات قد تحجب عنه الابتسام مؤقّتاً أو دائماً حينما لا يلاقي صاحبه تعزيزات اجتماعيَّة مُنشّطة له.
بناءً على ما تقدّم أقول إذا كان الابتسام يُعتبر فاعليَّة عامّة بين أفراد البَشَر كَون الإنسان هو إنسان ضاحك منذ نعومة أظفاره، فهذا يعني أنّ الابتسامة، في الأيّام الأُولى، تعود إلى أصل بيولوجيّ بدليل أنّها تظهر عند جميع الأطفال وحتّى لدى المكفوفين أو الصمّ والبكم. لكنّ هذا الأصل البيولوجيّ يحتاجُ إلى تعزيز وإلاّ ستنطفئ هذه الابتسامة وبخاصّة عند المكفوفين والصمّ والبكم حينما ينعدم التعزيز الاجتماعيّ.
الابتسام ومراحل الطفولة