بالطَّهارةِ أَغسِلُ يَدَيَّ و بمَذبَحِكَ أُطَوِّفُ يا رَبِّ ( مز 26 /6)
الاقتداء بالمسيح 2/ 3 : في الانسان الصالح المسالم
الفصل الثالث
في الانسان الصالح المسالم
1 - إحفظ نفسك أولاً في سلام، وحينئذٍ تستطيع أن تبث السلام في الآخرين.
الإنسان المسالم أكثر نفعاً من العلامة.
رجل الهوى يتأول الخير نفسه شراً، والشر يصدقه بسهولة.
أما الإنسان الصالح المسالم، فيحول كل شيءٍ إلى الخير.
من كان مواطداً في السلام، لا يسيء الظن بأحد، أما الذي في الكدر والقلق، فإنه مضطرب بمختلف الظنون.
فلا هو في راحة، ولا يدع الآخرين في راحة.
يتكلم غالباً عما لا ينبغي التكلم عنه، ويهمل ما كان الأجدر به أن يفعله.
يراقب ما يجب على الآخرين فعله، ويغفل ما يجب عليه هو أن يفعل.
لتكن غيرتك أولاً على نفسك، وحينئذٍ تحق لك الغيرة على قريبك.
2 - إنك لتجيد في تمويه أعمالك والاعتذار عنها، لكنك تأبى أن تقبل أعذار الآخرين.
ولقد تكون أثر إنصافاً، لو شكوت نفسك وعذرت أخاك.
إن شئت أن يحتملك الآخرون، فاحتماهم أنت أيضاً.
أنظر ما أبعدك، حتى الآن، عن المحبة والتواضع الحقيقي، الذي لا يعرف أن يغضب أو يسخط، إلاَّ على نفسه.
ليس بأمرٍ عظيمٍ العيش مع الصلاح والودعاء:
فالجميع، من طبعهم، يستحبون ذلك، والجميع يرتاحون إلى السلام، فيؤثرون من يوافقهم في الآراء،
أما استطاعة العيش بسلام، مع قومٍ عنفٍ أردياء
دأبهم المعاكسة والخروج على القانون، فذلك نعمةٌ عظيمة، وعمل مروءةٍ جديرٌ بثناءٍ جزيل.
3 - من الناس من هم في سلامٍ، مع انفسهم ومع الاخرين.
ومنهم من ليسوا في سلام، ولا يدعون غيرهم في سلام،
فهم ثقلاء على الآخرين، وأكثر ثقلاً على أنفسهم.
من الناس أيضاً من يحفظون أنفسهم في سلام، ويسعون في إعادة السلام للآخرين.
على أن سلامنا كله في هذه الحياة الشقية،
إنما هو قائمٌ بالاحتمال والتواضع، لا بعدم الشعور بالمعاكسات.
فمن كان أكثر صبراً، كان أوفر سلاماً، إذ هو هو السائد على نفسه، هو سيد العالم، وصديق المسيح ووارث السماء.