أحبب قريبك حبك لنفسك (مر 12 /31)
وحينما يشعر الإنسان أنه محبوب فإنه يشعر بالقيمة الذاتية، والأهمية الشخصية، والقبول من الآخر، وجميعها قيم داخلية يحتاج كل إنسان أن يشعر بها.
ودائماً ما يبحث الإنسان عن الحب وسط أهله وأصدقائه و أقاربه وزملائه. ومن المعروف أنه كلما حصل الطفل الصغير على مزيداً من الحب - بطريقة سليمة خالية من التدليل الزائد - داخل نطاق الأسرة فإنه يكون أكثر اتزاناً في حياته التالية، فسيكولوجية الإنسان تقول أن أكثر الناس بحثاً عن الحب هم من لم يحصلوا عليه. وقد يتسبب هذا في الكثير من المشكلات النفسية والعاطفية التي تؤدي إلى القلق والتوتر، والسعي الخاطئ نحو ما يظنه الشخص حباً، ومحاولة جذب الانتباه التي تصل في بعض الحالات الخطيرة إلى محاولة الانتحار.
ولذا فإنه من المهم جداً أن يشعر الشاب داخل أسرته وكنيسته بالحب من الجميع، وأن لا يكون هذا الحب مكافأة على السلوك الطيب للشاب، فالشاب يحتاج أن يكون محبوباً في أوقات الضعف والسقوط أكثر من أوقات القوة والانتصار.
ومن الجميل أن تشعر أنه يوجد من يحبك في كل ظروف حياتك ومهما كانت حالتك الروحية أو النفسية أو الاقتصادية، ســواء كنت قائماً أو ساقطاً فالرب يحبك ويريد أن يشددك و يقيمك. يريد أن يقدم لك جميع حاجاتك الجسدية والنفسية والفكرية والروحية ، وفي محبته لك لن تشعر بأنك محروماً من الحب.
لقد أعطانا السيد المسيح هذه المحبة كما يقول الرسول بولس في رسالته إلى رومية:
ويقول القديس يوحنا:
ثق أيها الشاب أن الله يخاطبك في كل لحظة كما خاطب دانيال النبي في القديم قائلاً ً: "لأنك أنت محبوب" (دانيال 9 : 23).
و الآن وقد علمت أنك محبوب جداً من الله فإنك تستطيع أن تقدم بعضاً من هذا الحب للمحيطين بك كما يخبرنا القديس يوحنا:
وهذه هي حاجتك الثانية في هذا الموضوع، أن تحب. فحينما تحب تشعر أكثر بأنك شخصاً ناضجاً قادراً على العطاء. ولكن ولكي يكون كلامنا محدداً وواضحاً ينبغي أن نعلم ما هو الحب؟
توجد باللغة اليونانية ثلاث كلمات مختلفة تدل على كلمة الحب التي نقوم باستعمالها، وتمثل ثلاث مستويات:
1. حب على المستوى الجسدي ، وهو ما يعرف بالحب الاستهلاكي أي محاولة إشباع الجسد على حساب الآخر، وهو ما يعرف بالشهوة الجسدية الشديدة ويسمى باليونانية erwv " إيروس" ومنه أخذت الكلمة الإنجليزية Erotic التي تعني شخصاً شهوانياً. ولم ترد هذه الكلمة مطلقاً في العهد الجديد رغم شيوع استخدامها بين اليونان في وقت كتابته. فلم يهتم الكتاب بها ، ولم يحسب لها حساباً، فهي ابعد ما تكـــون عن الحب الذي يطالبنا الله به ، أو الحب الذي نرضى به لأنفسنا أو لمحبوبنا.
2. حب على مستوى المشاعر والأحاسيس، ويشمل أحاسيس الصداقة النبيلة، والعطف والترحيب المتبادل ويسمى باليونانية filew "فيليو" ، وهو أرقى كثيراً من النوع السابق.
3. حب الأغابي agaph وهو أعمق أنواع الحب وأعلاها وأكملها، ويرتبط بالإرادة والاتجاه والثبات فهو لا يتغير بتغير الظروف المحيطة، هو حب لا ينتظر المقابل، هو حب الله لكنيسته، حب الله لك ولكل واحد، هو الحب المطلوب بين الزوج وزوجته ، بين الآباء وأولادهم، بيننا وبين إلهنا.
الحب الباذل هو أن أعطي نفسي بالكلية للآخر دون انتظار المقابل عن هذا الحب، الحب الحقيقي هو ما تحدث الرسول بولس عنه في رسالة كورنثوس:
(1كو 13: 4-8)
ونعود لنجيب عن السؤال: كيف اقدم الحب للآخرين؟
وللإجابة على هذا السؤال أقول لك أنه ينبغي أن تكون فالانتينو Valentine (وهو الاسم الذي يطلقه البعض دون وعي على المحبين).
ولكن، هل تعرف من هو فالانتينو الذي تسمع عنه كثيراً، ويتردد اسمه مرتبطاً بالحب وعيد الحب؟
وما زال معمولاً بهذا العيد حتى الآن، ولكنه تحول كثيراً عن الهدف المرجو منه ، وأصبح اسم فالانتينو - للأسف - مرتبطاً كثيراً بالمعنى الاستهلاكي للحب.
والآن هل نتعرف معاً على بعض المجالات التي نستطيع من خلالها أن نقدم الحب للآخرين متمثلين بذلك الشهيد الذي شهد بحياته من أجل محبته في الملك المسيح.
1. كن فالانتين، وقدم حبك في خدمة إلهك الذي مات من أجلك على عود الصليب وقام من أجلك. وفي هذا لا تحسب حساب للنفقة ، ولا تنتظر مقابل لحبك. ولكن لا تخف فهو يعطيك مائة ضعف في هذا الدهر ، وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية (مرقس 10 : 30).
2. كن فالانتين، وقدم حبك لكنيستك بكل عقائدها وطقوسها وخدماتها و آبائها وشعبها. احرص على خدمتها دون انتظار مقابل لهذا الحب.
4. كن فالانتين، وقدم حبك لمجتمعك الذي تعيش فيه ، احرص على دراستك ، تفوق ، كن عضوا صالحاً في مجتمعك، قدم الحب للجميع حتى الذين يسيئون إليك، ولا تنتظر شيئاً في مقابـل هذا الحب.
5. كن فالانتين، وقدم حبك لكل محتاج للحب ، حباً نقياً صادقاً يصل بك ومن تحب إلى قلب الله الذي أحب الجميع ، قدم حبك في خدمة المحتاجين ، المعوزين، المرضى. قدم حبك للحزانى والمتألمين والمتضايقين. ولا تنتظر شيئاً في مقابل هذا الحب.
ويبقى العديد من المجالات التي يستطيع الإنسان أن يقدم الحب من خلالها ، ولعل أحد أهم هذه المجالات هو تقديم الحب للزوجة أو الزوج من خلال سر الزواج المسيحي المقدس وذلك في الوقت المناسب الذي يحدده الله لك
أحبب قريبك حبك لنفسك (مر 12 /31)
ليسَ لي رغبةٌ اخرى يا الهي، سوى ان تَكمُلَ ارادتك فيَ
الإنسان الحر هو ذاك الذى لا تستعبده الملذات الجسدية بل يتحكم فى الجسد بتمييز صالح وعفة (الأنبا أنطونيوس)
10- هل قبل كل شي بيسوع المسيح. ام يُستأنف الوحيّ من بعده؟
في يسوع المسيح أتى الله بذاته الى العالم. انه كلمة الله الأخيرة. بالإصغاء اليه يُمكن لجميع البشر في كل الأزمان أن يعرفوا من هو الله وما هو الضروريُّ لخلاصهم. Youcat
عدد الزوار
|