إِلى اللّهِ وَحدَه اْطمَئِنِّي يا نَفْسي فإِنَّ مِنه رَجائي (مز 62 /6)
بستان الرهبان: أباء الرهبنة: 2 - القديس مقاريوس الكبير . جزء 2
التوبة :
احفظوا ما كلمتكم به ليكون لانفسكم منه دواء وصحة ولا تجعلوا شاهدا عليكم لانه سيأتى وقت فيه تطالبون بالجواب عن كلامى هذا . تمسكوا بالتوبة واحذروا لئلا تصطادوا بفخ الغفلة . لا تتهاونوا لئلا تكون الطلبة من اجلكم باطلة . داوموا على التوبة ما دام يوحد وقت . فانكن لا تعرفون وقت خروجكم من هذا العالم .
العمل وترك التهاون :
لنعمل ما دام لنا زمان . لنجد عزاء فى وقت الشدة فمن لا يعمل ويتعب فى حقله فى اوان الشتاء لن يجد فى الصيف علة بها يملأ مخازنه ليقتات بها . فليحرص كل واحد على قدر طاقته فان لم يمكنه ان يربح خمس وزنات ، فليجاهد بكل قوته فان ساعة واحدة من نياحته تنسيه جميع اتعابه . قوبل وويل لمن تغافل وكس لانه سيندم حيث لا ينفع الندم . لا تكملوا شهوة الجسد لئلا تحرموا من خيرات الروح فان الرسول قد كتب ان اهتمام الجسد هو موت واهتمام الروح هو حياه .
افرحوا بكمال اخوتكم وضعوا نفوسكم لهم وتشبهوا بهم واحزنوا على بعضهم . اصبروا للتجارب التى تأتى عليكم من العدو واثبتوا فى ثتاله ومقاومته فان الله يعينكم ويهبكم اكاليل النصرة . فقط كتب طوبى للرجل الذى يصير للبلايا ويصبح مجربا فانه ينال اكليل الحياه ، لاغلبه بدون قتال ولا اكليل بدون غلبه . اصبروا اذا فقد سمعنا قول الرب لاحبائه : اما انتم الذين صبرتم معى فى تجاربى ، ها انا اعد لكم الملكوت كما وعدنى ابى . وقوله ايضا : ان الذى يصير الى المنتهى فهذا يخلص . وقد قدم لنا نفسه مثالا كيف نصبر الى المنتهى . ففى الوقت الذى كان فيه يسبب ويعير ويهان من اليهود نراه يتراءف عليهم ويحسن اليهم ، فكان يشفى امراضهم ويعلمهم ، وهكذا قبل الالام بجسده وصبر حتى الصلب والموت . ثم قام بالمجد وصعد الى السماء وجلس عن يمين الله . اشكروا الرب فى تعبكم من اجل الرجاء الموضوع امامكم . اصبروا فى البلايا لتناولوا اكاليل المجاهدين . اغفروا لبعضكم بعضا لتنالوا الغفران . فقد قال الرب : اغفروا يغفر لكم .. داوموا على حفظ هذه الوصية فان ربحها عظيم ولا تعب فيها . كونوا ابناء السلام ليحل سلام الرب عليكم ، كونوا ابناء المحبة لترضوا محب البشر . كونوا بنى الطاعة لتنجوا من المحتال. ان اول العصيان كان من آدم ابينا فى الفردوس بسبب شهوة الطعام . وأول الجهاد من سيدنا المسيح كان فى البرية فى الصيام . وتعلمنا من التجربة ان الراحة والطعام هما اسباب الطغيان . والصوم هو سبب الغلبة والنصرة . فصوموا مع المخلص للتمجدوا وتغلبوا الشيطان . والصيام بدون صلاه واتضاع يشبه نسرا مكسور الجناحين . احتفظوا بحرضكم ولا تهربوا من اتعابكم . فان الطوبى لمن لازم التوبة حتى يمضى الى الرب .
لازموا السهر وقراءة الكتب وثابروا على الصلاه واسرعوا الى الكنيسة ونقوا قلوبكم من كل دنس لتستحقوا التناول من جسد السيد المسيح ودمه الاقدسين فيثبت الرب فيكم . فبهذا السر العظيم تحفظون من الاعداء . فمن يتهاون بهذا السر فان قوات الظلمة تقوى عليه فيبتعد عن الحياه بهواه . فلتتقدم الى سر الافخارستيا بخوف وشوق وايمان تام ، ليبعد عنا خوف الاعداء بقوة ربنا يسوع المسيح له المجد الى الابد امين .