أيها الأحباء، لا تركنوا إلى كل روح بل اختبروا الأرواح لتروا هل هي من عند الله. لأن كثيرا من الأنبياء الكذابين انتشروا في العالم (1يو 4 /1)
بستان الرهبان: أباء الرهبنة: 17 - أنبا أمونيوس الأسقف
17 - أنبا أمونيوس الأسقف
طلب منه أحدُ الإخوةِ أن يقولَ له كلمةً، فقال الشيخُ: «امضِ وتمثَّل في فكرِك دائماً فَعَلَةً الشرِّ الذين في السجون، فإنهم في كلِّ ساعةٍ يسألون عن الوالي وأين هو ومتى يجيء، ومتى يجلس للحكمِ؟ ومن شدةِ فزعهم يبكون. هكذا سبيلُ الراهبِ أن ينظرَ دائماً إلى نفسِه ويُبكِّتها قائلاً: ويحي، كيف أقفُ أمام منبر المسيح، وكيف أستطيع أن أجيبَه. فإن كان يتلو ذلك دائماً فإنه يستطيع أن يخلصَ».
وجاء عنه أنه مضى مرةً إلى القديس أنطونيوس فضلَّ الطريقَ، فصلَّى إلى اللهِ قائلاً: «أسألك يا ربي وإلهي أن لا تُهلك جُبلتَك»، فظهر له من السماءٍ شعاعٌ ممتدٌ وصار يرشده في الطريقِ حتى وقف على مغارةِ القديس أنطونيوس. فقال له أنطونيوس: «إنك تنجح بمخافةِ اللهِ». وأخرجه خارج القلاية وأراه صخرةً عظيمة وقال له: «اشتم هذه الصخرة واضربها». فصنع كما أمره. فقال له أنطونيوس: «هل تكلمت الصخرةُ»؟ قال: «لا». فقال له:
«إنك تستطيع أن تكونَ هكذا فتخلصَ».
ودفعةً أتاه أناسٌ يريدون أن يتحكَّموا بحكمتهِ، وكان الشيخُ يجعلُ نفسَه جاهلاً. فوافت امرأةٌ ونظرت إليه وقالت: «إن هذا الشيخَ موسوسٌ»، فلما سمعها
قال لها: «أتعلمين مقدار التعب الذي كابدتُهُ في البريةِ حتى اقتنيتُ هذا الوسواسَ»؟ قالت: «لا». قال: «لقد تعبتُ خمسينَ سنةً لأجلِهِ، فهل أفقده من
أجلِك في هذه الساعةِ»، وإذ قال ذلك تركها في القلايةِ وترك الأسقفيةَ ومضى.
وسُئل دفعةً: «ما هي الطريقُ الضيقةُ الكربة»؟ أجاب: «إن الطريقَ الضيقةَ الكربةَ هي هذه: أن يراقبَ الإنسانُ فكرَه ويقطع بوجهٍ خاص هواه، وهذا هو ما يُقصد بذلك القول: قد تركنا كلَّ شيء وتبعناك».
مصدر المقال : موقع الكتاب المقدس و القطمارس