فَقالَت مَريَم : أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ (لو 1 /38)
بستان الرهبان: تدبير الروح: 3 /3 التوبة: ثانياً - التوبة المقبولة
التوبة المقبولة
( أ ) تحذيرات ونصائح للتوبة الطاهرة
+ من أقوال الشيخ الروحاني :
+ الذي يتوب عن سيئاته ولا يعود اليها أيضاً ، حتي ولو كانت قبيحة سمجة ،
أكثر من خطايا السدوميين ، ويظهر من اجلها وجع قلب وندامة ودموعا ،
وبالجملة يقطع منه كل الشرور ، فلو قته يولد من الروح القدس ، ويكون من
أحباء الله الخصوصيين ، وبدالة يأخذ طهارة معتوقة من خزي المجرمين ، وتعاد
اليه بتولية لم تتدنس البتة ، ويدعي زرعا الهيا لم يخطيء قط ، ويقبل في
قلبه عربونا بثبات رجائه ، وتعطيه الرحمة الأبوية ثقة واتكالا ونسيانا
للخطية بالكمال ، من قلبه كأنها لم تكن .
+ أيتها الرحمة الفائضة ، ما اوفرك يا من عطيت لنا نحن الموتي بالخطايا
رحما مقدسا الذي هوالتوبة ، يلد بنينا جددا من عتق ، أطهارا من انجاس ،
منيرين من مظلمين . من لا يعجب من رحمتك يا ربنا ، ومن لا يعترف لنعمتك يا
من أتيت الي الميلاد لتلدنا من بطن التوبة علي شبهك كشبه مريم والدتك ؟ .
السبح لك يا آب الكل ، يا من اعطيتنا أما جديدة بالميلاد الجديد ، وأن كنا
بصبوتنا قد تنجسنا بكل نتن ، لكنها تجلي ، وتطهر ، وتطهر ، وتحسن ، وتغطي
تحت أطرافها مثل المربية ، أولئك الذين ولدوا منها حتي يصلوا الي عندك
محبوبين وأحباء ، ليكونوا آلهة وملوكا ، بنينا لربوبيتك .
( ب ) التوبة تطهر النفس
+ من اقوال الشيخ الروحاني :
+ أن كنت يا أخي تقول : " كيف تقدر التوبة أن تجدد الانسان الذي قد تدنس
وفسد بالخطية ؟ " فأقول لك :
اذكر تكوينه الأول ، ومنأي شيء صار ، أعني من شيء حقير وسمج في البطن الضيق
المظلم ، وكما ركبت نعمة الهنا المادة المنتنة في البطن المظلمة مكملة
تكوينه ، وأخرجته الي نور هذا العالم ، كذلك الذي أفسد طهارته بعد
المعمودية بفعل الشيطان واتسخ بجميع جراحات الخطية النجسة ، بالميلاد من
حضن التوبة الكئيب المظلم ، يخرج لنور عالم الروح ، الذي أخذ سره
بالمعمودية المقدسة .
+ وكما أن ذلك السائل السمج ، ان رمي في ارض واسعة مضيئة ، ولم يدخل البطن
الضيق المظلم ، يكون بلا منفعة ولا يتشبه بالذي ولده ، هكذا الذي تدنس
بالخطية ، اذا لم يدخل البطن الضيق المظلم ( التوبة ) فأنه يكون بلا منفعة
، وغير متشبه بمن ولده من المعمودية المقدسة .
وكما أن آدم الجسداني ، من حواء يولد له بنين بشبهه لعالمه الجسدي ، كذلك
المسيح ، أب العالم الروحاني ، من المعمودية والتوبة ، يولد له بنين يشبهه
للعالم الروحاني ، كما ينادي لهم رأس حياتهم قائلا : " توبوا ، فقد قرب
ملكوت السموات " .
+ " فكيف نجدها أن كانت قريبة ؟ يا أبانا ارنا اياها " ، انها علي الباب
اللطيف الضيق ، وكل من يصبر لصعوبته المظلمة ، ويخرج منه ، لوقته يلقي
ملكوت النور ويتنعم ، وذلك الباب الذي لمدخل الحياة ، فأنه في أي بلد يوجد
داخلكم ، وبابها هذا ، هو التوبة
أن التوبة تعيد حياة المعمودية التي للغفران ، وكما ان السائل الحقير
بالبطن المظلمة يقتني شبه اقنوم آدم كذلك فالانسان السمج بالخطية ، أن كان
يدخل لكور غليان التوبة ، يجلي ويطهر ويقتني بالنعمة المجددة ، شبه حسن
المسيح شعاع الاب .
+ التوبة هي أم الحياة وطوبي لمن يولد منها ، فأنه لا يموت وكما ينادي
المسيح لخواصه بالتوبة ، كذلك يبعد الشيطان الناس عن سماع هذا النداء (
وبالشطارة ) واللهو يغطي قلوبهم .
+ التوبة هي ترياق لأوجاع الخطية القاتلة ، وعذاب عظيم للشيطان مضادها .
انها تخلص وتعتق المسببين الذين سبوا بشره وأتعابه التي تعبها في سنين
كثيرة ، تضيعها التوبة في ساعة واحدة ، والعبيد الذين بمشيئتهم اخضعوا
حريتهم له ، تعيدهم الي مبراثهم ، وتعذب من خدعوهم . زرع الشوك الذي زرع
بأرضنا ، وربي بحرص في سنين كثيرة ، في يوم واحد تحرقه ، وتطهر أرضنا ، حتي
تعطي أثمار زرع فلاح المسيح ، ثلاثين وستين ومائة . الحصون التي بناها في
زمان طويل ، ليسجن فيها اسراره ، الذين سبوا في الظلمة ، بقمر صغير يشع
فيها تهدم ، ويشرق النور في وجوه الجالسين في الظلمة ،ورباطتهم تنقطع ،
وأحزانهم تستبدل بالسرور ، ودموعهم بالفرح ، أما رابطهم ، فأنه يربط بسيور
الظلمة ، ويسلم بأيديهم للعذاب . كل فلاحته تفسد ، وكل الأوجاع التي صنعها
بغير عبيده ، تطيب وتشفي ، وكل قتلاه يقومون ، وكل فخاخه تتكسر ، وكل
أشراكه تتقطع ، وتهيء الطريق قدام محبيه ، حتي يتقدموا بلا عثرة في طريق
المسيح واهبها .
+ انها ( التوبة ) تجعل الزناة بتوليين ، كما تجلي النوراني الذي علاه
الصدأ . انها من الماخور الي البرية تجتذب لعمل الملائكة ، والمضيئون الذين
احتقروها تركتهم ، فنزولوا الي الجحيم السفلي . هي تدخل الي مخادع الزانيات
وتجتذب الزناة ، وتلدهم من حضنها بتوليين للمسيح . ترد الكافرين الي
الرسولية ، والرسل الذين نزعوها لبسوا الظلمة . انها لباس العالي ،
وللابسيه تلبس مجد يسوع رداء . هي تجذب من الطرقات الي الملكوت ، ومن بين
السياجات تدخل الي العرس . أنها من السوء تصون المضيئين ، وتجعل العميان
مبصرين . هي تقلع الشجرة التي أثمارها سم الموت ،وشجرة الحياة تغرس
بفردوسنا . هي حاملة براحتها طيباتالنعمة ، والذين نتنوا بالنجاسة أن
قبلوها تطيبهم . أنها قائمة بباب الختن السماوي ، وكل من عبر بها استقبل
وجهه بيدها ، ووضعوا أكليل العرس ، وكل من تطامن قدامها ، جعلته متكأ في
الحجلة تمسك بيدها مفاتيح ملكوت السموات ، فكل من أحبها وعشقها جعلته أمينا
.
+ هي هي ام النور ، وكل من ولد منها ، أنبتت له أجنحته من نار ، ومع
الروحانيين يطير الي العلا ، وكل من نتف الصيادون ريشة ، واستتر تحت
أحضانها اياما قلائل ، أخذ منها ريشا طيارا ناريا ، أفضل وأخف من الول .
+ هي هي ملحمة الطب السماوي ، ومن وضعها علي وجه برء لوقته لا تقطع بموسي
ولا تصعب الأوجاع ، بالكلي بالرحمة التي هي مخلوط أدويتها ، وباللين تجبر
الانكسار . سم الموت واللهو والشغب ، هذه بيد الشيطان ، أما التوبة فهي
ترياق الحياة بيد الله ، وكل من سبق وشرب من اكس القاتل يتقدم ويشرب من كأس
المحيي للكل ، فيعيش بلا نهاية . أنها تزور الأموات ، وكل من بلعه الموت ،
ودنا من احضانها ، شقت الموت واخرجته من جوفه . تري فاقدي البصر كل يوم
يبكون علي بابها ، فتجذبهم وتريهم نوح الفرح .
تري القتلي الذين قتلهم الشيطان ، وتستدعيهم لتقيمهم قيامة متقدمة . هي
خزانة بني مخلصنا ، وفيها يحفظ جميع غني اعمالهم . هي بحر لغسل جميع
النجسين ، وكور غليانه يجلي كل من علاه الصدأ . هي نار محرفة للزوان ،
ومياه تربي الزرع المقدس . وهي فردوس يطيب الخوص , وتهدم جميع العصاة .
انها ارض تربي بني النور ، والمطهرة بيدها من يتجنس . هي قابلة ( داية )
لاجنة بني العلي ، ومربية لتابعي المسيح .
انها حصن تحفظ كل ما بداخله ،وجبار يرد كل من سبي . هي هيكل للأمم الطاهرة
، ومنها يأخذون قدسا لقديسهم . هي بيت وملجأ للأشقياء ، فتجعلهم وارثين
للملكوت . هي خزانة لجميع الكنوز ، فكل من قرع بابها ، أخذ منها حاجته . هي
والدة لم يجف حضنها ،وكل من كان عاقرا وقرب منها، أخذ له منها أولاا
محبوبين .
هي بوابة قائمة بباب الخالق ، وكل من وجب عليه لحكم وتقرب سائلا أياها ،
دخلت وحلته ، بيدها موضوع رشاش الماء ، وبلوغ ادرار المطر ، فمن دخل والتجأ
اليها فتحت وأروته ، أنها تقوم بباب الله . وكل الخيرات التي تخرج من عنده
، تجتذبها لخواصها . هي شفيعة المسبيين ، فاذا تقدموا وسألوها تقوم
لحمايتهم وتعتذر نيابة عنهم
فمن ذا الذي لا يحبك أيتها التوبة ، يا حملة جميع التطويبات ، الا الشيطان
لنك غنمت غناه ، واعت كل ما اقتناه ، وجعلته فقيرا معذبا منكسبه ، وفارغا
من الارث الذي سباه بغير حق . ذاك هومبغضك بالحق ، لأنك دائما تضادينه ،
فما من انسان وقع بين يديه ، ولحقتيه ، وصار وتخلصينه ، كما أنه ما من أحد
بلعه ، فصرخ نحوك ، الا وشققت بطنه وأخرجتيه ، وما من شخص ربطه ، ودعاك ،
الا وعاجلا قطعت اغلاله وحللتيه . وما من انسان صاده وأنت بعيدة ، ودعاك ،
الا وبسرعة لحقت به وخلصتيه .
من أجل هذا ، هو يبغضك ( الشيطان ) لأنك بالاكثر أبغضتيه . يبغضك لأنك كل
حين تقفين ضده . يبغضك لأنه باغض لمعطيك ، وأنت أيضاً ضده كما أن صاحبك ضده
كذلك .
+ ليس من تمسك برجائك ، ونزل الي الجحيم ، ولا من صعد الي السماء بدونك .
من يري الله بغيرك ؟ من تمسك برجائك ووقع في يد الشيطان . ومن تطهر ولم
تكوني انت التي غسلتيه ؟ من تقدم لمطهرتك ، ووجدت فيه نجاسة ؟
من الذي سقي زرعه من مطرك ، ولم يحصد منه أثمار الفرح ؟ من ذا الذي
تقدم لطلبك ، ولم يكن بعيدا من كل العاهات ؟ ومن صبغ كل ساعة وجهه بقطراتك
، ولم يبصر الله في قلبه . من ذا الذي عدم تذوق مشروبك ولم يبصر قلبه ينبوع
الظلام ؟ من نال طلباته ولم تكوني أنت التي رفعت من شأنه ؟ من اتخذك شفيعة
ولم تفتحي أمامه أبواب خزائن الله ؟ ليس من أخذك معه في القتال ، الا
وأسلمت أعداءه تحت حريته ، ليس من لبسك مقابل مضاديه ، الا وانهزم قدامه
باغضوه .
+ انت خلصت داود من الخطية ، وانت التي وقفت في وجه آخاب الكافر صعد الحكم
علي أهل نينوي بالهلاك ، ولكنك تجبرت وقمت وخلصتهم . مباركة أنت يا ام
الغفران ، يا من أعطانا اياك الآب المملوء رحمة ، لا يغضبك اذا طلبت اليه
?
لأنه اعطاك أن تكوني شفيعة للخطاة ، لا يغلق بابه أن سالتيه ، سلم لك
مفاتيح الملكوت .
+ لقد اقترب الملكوت ، فتوبوا . فها هو الخاتم الذي يأخذه الوارثون للملكوت
، توبوا فقد قرب الملكوت ، الجيل القديم الذي لم يشرب مشروبك خنقه سخط
الطوفان . سادوم التي لم ترد أن تقبلك ، احرقتها النار السماوية فرعون الذي
طردك من عنده ، تعذب في الأمواج الخانقة .
+ أنها ( التوبة ) ترد الأتعاب التي ضيعها الشيطان ، وتعطي العطايا
السماوية . هي التي تجدد البتولية التي اتسخت ، وتحفظ بلا عيب تلك التي لم
تفسد بعد . المسيح جاء وخلصنا ، وبصوته نادانا قائلا : " توبوا فقد أقترب
الملكوت : له المجد الي الأبد أمين .
( ج ) متي يؤهل الانسان لمغفرة الخطايا ؟
+ قال أموس :
" توجد ستة ضربات للتوبة : ذم الخطايا والاقلاع عنها ، الاقرار بها الندامة
عليها ، الصفح عن خطايا القريب ، ترك دينونة المخطئين ،وتمسكن القلب " .
+ قال القديس مسكيموس :
" لا تحتمل الأفكار التي تغفر لنا الخطايا اذ أن الرب امرنا أن نتحفظ منها
قائلا : " تحفظوا من النبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ومن
داخلهم ذئاب خاطفة " ، لأنه ما دام فكرنا منزعجا من الخطية ، فلا نكون قد
حظينا بالصفح عنها والغفران ، لأننا ما عملنا أثمار التوبة، لأن ثمر التوبة
هو عدم انفعال النفس ، وعدم انفعال النفس هو تمحيص الذنوب ، فاذا كنا نوجد
وقتا ما قلقين من الآلام فلنتب اذن توبة نقية ، كيما اذا انعقتنا من الآلام
نحظي بالصفح عن الذنوب " .
سؤال :
" كيف تتحقق النفس أن الله قد سامحها من خطاياها ؟ "
الجواب :
" اذا ما نظرت ذاتها في طبقة ذاك القائل " لقد أبغضت الظلم ورذلته وناموسك
أحببته : ، والقائل أيضاً : " أنا أسبحك برحمة وحكم " فلنعمل عمل التوبة ،
لنظهر حكم الله العادل ، ويتم فينا رحمته اذ يغفر الخطايا ؟ "
سؤال :
متي يثق الانسان بأنه استحق وأهل لمغفرة الخطايا ؟ "
الجواب :
" اذا ما أحسن في نفسه بأنه قد أبغضها بالكمال من كل قلبه ، وبدأ يصنع ما
يضاد تصرفه الأول بالظاهر والخفي ، فمن هو هكذا ، فله ثقة بغفران خطاياه من
الله ، وذلك بشهادة الضمير التي قد اقتناها في نفسه ، حسب قول الرسول : "
لأن القلب الذي لا يلوم فيه ، هو الشاهد علي نفسه " .
+ والي أنبا زينون ، وقال له : " هل يكون غفران لكل خطيئة ؟ "
أجاب الشيخ قائلا :
" ان تاب الانسان بقدر خطيئته ، فأنه يحظي بالغفران " .
وكان السائل يعلم أن خطيئته عظيمة . فقال للشيخ : " لكني أعجب أن لخطيئتي
غفرانا:
قال له الشيخ :
" قد قلت ان لمل خطيئة غفرانا أن كانت التوبة بقدر الخطيئة ، فأخبرني يا
أبني بخطيئتك ولا تخجل ، ولا تكتم عني شيئا ، لأن الذي يخجل أن يقر بخيئتم
ولا تخجل ، ولا تكتم عني شيئا ، لأن الذي يخجل أن يقر بخطيئته ، لا ينال
البرء منها " .
فقال
: " يا ابي ، اني لما كنت علمانيا ، نمت مع امي " .
قال له الشيخ :
" حقا انك فعلت خطيئة قبيحة ، ولكنك ان تبت مقابلها فأنا أؤمن أن الله يغفر
لك " .
فقال الأخ : " مرني بما أفعله "
فأخذه الشيخ الي البستان وأراه أصل شجرة يابسا ، وقال له : " اذهب الي
البرية الي المكان الفلاني ، وكن صائما هناك ، ولا تتوان في صلاتك ، وبعده
سنة ، تأتي الي ههنا فأن رأيت هذا الأصل اخرج قلوبا ، فتحقق ان الله قبل
توبتك " .
+ فذهب الأخ الي الموضع الذي رسم له ، وصنع كما امره الشيخ ، ولما أكمل
السنة أتي فأبصر واذ الأصل علي حاله ، فأعلم الشيخ أن الأصل لم يزل يابسا .
فقال الشيخ :
" اعلم ان توبتك لم تكمل بعد ، فاذهب واهتم بنفسك هذه السنة أيضاً " .
فمضي وبعد سنة رجع الي الشيخ ، ولكن الأصل لازال علي حاله .
فقال له الشيخ :
" اذهب أيضا واهتم بحسياتك ، ولا تتوان في صلاتك " . وفي السنة الثالثة ،
رجع وابصر الأصل ، واذ به قد أخرج قلوبا .فأتي وأعلم الشيخ .
فقال له الشيخ
:
"
هوذا أنت قد صرت مصححا " ها أنت قد برئت أي غفرت خطيئتك " ، فلا تخطيء فيما
بعد " فذهب شاكرا الله علي عظيم رحمته ..
+ قصة القسيس الذي كان في القسطنطينية وزني :
كان بالقسطنطينية قسيس خدعه الشيطان فزني ، وبعد يومين فكر في خطيئته وخطر
بباله ساعة الموت المفزع ، وخشي من يوم الدينونة الرهيب فبكي علي نفسه
قائلا : " الويل لي أنا الشقي المدني مضجعي . ماذا أعمل لأنال الغفران
والصفح عما حصل من الآثام
?
"
فألهمه الله الرحوم الذي لا يشاء موت الخاطيء أن يمضي الي جبل او لينس
ويعترف لبعض الآباء بخطاياه . فلما مضي ووجد شيخا قديسا اعترف له بجميع
غلطاته وزناه . فقال له : يا ولدي وبعد ان وقعت في هذا المرض الرديء جسرت
أن تكهن . فقال له نعم : يا أبي .
فقال الشيخ :
اعلم
يا ابني ان الكاهن بعد أن يقع في هذا الألم ما له دواء سوي ان يتخلي عن
الكهنوت ويتوب توبة خالصة . فأما بعد زناه أن هو جسر وكهن فما أظن له دواء
. فقال له :
يا أبي أما بقيت لي توبة ؟ فقال له الشيخ : اغفر لي من اجل الرب يا ولدي ،
لأني من أنا حتي أحكم في ذلك ، واسمع وأقرأ وأميز ، يا ليتني قدرت أن أبكي
علي خطاياي . فسجد له ومضي حزينا .
وفي
مضيه من عنده لقي الأب بطرس . فلما رآه حزينا سأله عن سبب حزنه فأعلمه بما
حدث ، وأن الشيخ قد أوقعه في اليأس . فأجابه بطرس العجيب : علي حسب ظني يا
ولي ما توجد خطيئة تغلب محبة الله للبشر . فهلم معي الي قلايتي نتفاوض في
ذلك والله يدبرنا بما يشاء . فلما حصلا في القلاية اعترف له بزناه ز فقال
له الشيخ : حقا ان الزنا للقسيس أمر صعب وهو ثقيل غير لائق به . ولكن اذ قد
صار ماذا تعمل ؟ انت من الآن لا تكهن الا أن تتوب نقية وأنا أرجو من خيرية
الله سيدنا يسوع المسيح أن يقبل توبتك مع التائبين كلهم .
فلما سمع القسيس ذلك خر علي وجهه ساجدا له قائلا : اذ قد أرشدني الله الي
قدسك فما أبرح من عندك . فلما رأي الشيخ دموعه وقلبه المنسحق قال له : ان
شئت أن تكون عندي فما أبعدك .
لأن الرب قد قال :
"
من قبل الي لا أخرجه خارجا " . ثم وعظه ورهبه وألبسه الاسكيم . وكان معه
تائبا صامتا مستعطفا الله .
وكان
للشيخ موضع سفلي تحت قلايته . وبعد زمان سأله أن يمكنه من سكناه فأجاب
سؤاله ومكنه من ذلك . فمضي وأخذ سلسلة وعلقها في رقبته وسمر طرفها في رقبته
وسمر طرفها في الحائط . ولما تخلف عن الشيخ مدة ثلاثة ايام نزل اليه . ولما
رأي أنه مربوط بالسلسلة فسأله أن يفكه منها بل يدعه يموت مغلولا بها . قال
له الشيخ ما يجب هكذا فحله منها . وصلي وفي صلاته أسلم روحه .
+ قوتل اخوان بالزني ، فانطلقا الي العالم وعاشرا نساء ، وبعد ذلك ندما
وقال بعضهما لبعض " ماذا ربحنا ، لقد تركنا عمل الملائكة وجئنا الي هذه
النجاسة ، ومصيرنا بعد ذلك أن نمضي الي جهنم النار ، لنرجع الي البرية
أجلهما ، فأمروهما أن يحبسا نفسيهما سنة واحدة ويتضرعا الي الله كي يتحنن
عليهما وكانوا يعطوهما خبزا وماء بالتساوي .
فلما انقضي زمان توبتهما وخرجا من حبسهما ، أبصر الشيوخ أحدهما متغير الوجه
معبسا ،وأبصروا الآخر حسن المنظر باشا ، فعجب الآباء من ذلك ، لأن
حبسهما وطعامهما كان واحدا ،ولكن منظرهما ليس بواحد . فسالوا
المتغير الصورة : " ماذا كان تفكيرك اثناء مدة حبسك ؟ " فقال : " كنت أتذكر
الشرور التي عملتها ، والعذاب المعد لي ، ومن شدة فزعي لصق لحمي بعظمي " .
ثم سألوا الآخر
:
"
وانت ماذا كنت تفكر وانت جالس في حبسك "
فقال
:
" كنت أشكر الله الذي خلصني من نجس العالم ومن العذاب الدائم ، وانعم علي
بأن أعمل عمل الملائكة ، وعلي ذلك كنت أفرح " فقال الشيوخ : " أن توبة
كليهما واحدة عند الله " .
+ سأل أخ القديس انبا انطونيوس قائلا
:
" ماذا اعمل لكي أجد رحمة الله : .
فأجاب القديس :
" كل موضع تمضي اليه اجعل الله بين عينيك ،وكل عمل تعمله يكون لك عليه شاهد
من الكتب . وكل موضع تسكنه لا تنتقل منه بسرعة . احفظ هذه الثلاثة تجد رحمة
.