يَتَلوى قَلْبي في باطِني و أَهْوالُ المَوتِ تَتَساقَطُ علَيَّ (مز 55 /5)
بستان الرهبان: تدبير الروح: 3 /5 الصوم: ثالثاً - عندما يحل القانون
عندما يحل القانون
+ مرة زار أنبا أولونيوس أسقف فيلوابولاوس في جبل انطونيوس الأب سيصوي
ولما عزم علي الأنصراف جعله يتغذي باكرا قبل انصرافه وكان صوما ، فلما وضعت
المائدة ، اذا قوم يقرعون الباب ، فقال لتلميذه : " قدم لهم قليلا من
الطبيخ " فقال الأسقف : " دعهم الآن لئلا يقولوا ان سيصوي يأكل باكراً "
فتأمله الشيخ وقال للأخ : " امضي اعطهم " فلما أبصروا الطبيخ ، قالوا للأخ
: " يا تري هل عندكم ضيوف ، والشيخ يأكل معهم ؟ " قال نعم ، فحزنوا قائلين
: " لماذا ترتكم الشيخ يأكل في مثل هذا الوقت ؟ أما تعلمون أن الشيخ يعذب
ذاته أياما كثيرة بسبب هذه الأكلة ؟ " فلما سمع السقف هذا الكلام ، صنع
مطانية قائلا : " أغفر لي يا أبي لأني تفكرت فكرا بشريا ، أما أنت فقد صنعت
أوامر الله " ، فقال الشيخ : " أن لم يمجد الله الانسان ، فمجد الناس ليس
شيئاً .
+ وحدث مرة أيضاً أن زاره أنبا قسيانوس ، والقديس جرمانوس ، وهما
شيخان من فلسطين ، فاحتفل بضيافتهما ، فسألاه لأي سبب لا تحفظوا رسوم صومكم
في وقت ضيافكيم الاخوة الغرباء علي ما عرفناه في بلدنا فسلطين ؟
فأجابهم قائلا : " أن الصوم معي دائما ، وأما أنت فلست معي دائما ، والصوم
شيء نافع لازم ، وهومن نيتنا ومن أرادتنا ، وأما أكمال المحبة فيطالبنا به
ناموس الله بلازم الاضطرار ، فبكم أقبل المسيح ويوجب علي دينا لازما بأن
أخدمه بكل حرص ، فاذا شيعتكم امكنني استعادة صومي ، وذلك ان ابناء العرس لا
يستطيعون ان يصوموا مدام العريس معهم ، فمتي رفع الحتن فحينئذ يصومون
بسلطان ".
+ حدث أن أضاف اخوة بدير الأب سلوانس مع تلميذه زكريا
وجعلوهما يتغذيان قبل انصرافهما ، وفي ذهابهما عطش التلميذ ، فلما وجد في
الطريق ماء ليشرب ، منعه الشيخ قائلا : " لم يأت وقت الافطار بعد " فقال
التلميذ : ألم نأكل قبل انصرافنا يا أبي ؟ ! " فقال له الشيخ : " أنه لأجل
المحبة اكطلنا ، والآن لا نحل قانوننا " .
أما أنبا سيصوي الصعيدي فلم يكن
يحل قانونه لأمر ما . جاء عنه انه كان ساكنا في غيضه وكان شيخ آخر
مريضاً في ( السيق ) ، فلما سمع حزن ، لأنه كان يصوم يومين يومينن ، وكان
ذلك اليوم من الأيام التي لا يأكل فيها ، فقال : " ماذا أصنع ؟ ان مضيت
ربما الزمني الاخوة بأن آكل " ، وأن صبرت الي الغد ، فربما يتنيح الشيخ ،
لكني هكذا اصنع ، أمضي ولا اكل " ، وفعلا مضي وأتم وصية الله ، ولم يحل
قانونه ، وقد أخبر عنه أيضاً بعض الآباء ، أنه أراد وقتا ما أن يغلب النوم
، فعلق ذاته في صخرة ، فجاء ملاك الله وأوصاه الا يصنع مثل هذا ولا يجعل
ذلك عادة لآخرين .
تدريب حياة الصوم والنسك الدائم
+ قال شيخ :
" حصن الراهب هو الصوم ، وسلاحه هو الصلاة ، فمر ليس له صوم دائم فلا يوجد
حصن يمنع عنه العدو ، ومن ليست له صلا تقية ، فليس له سلاح يقاتل به العداء
" .
+ اذعوا في برية مصر :
" ان الصيام الكبير قد بدأ ، فمر أخ بشيخ كبير وقال له : " لقد بدأ الصوم
يا أبي "
فقال له الشيخ : " أي صيام يا ابني ؟ " .
فقال له الأخ : " الصيام الكبير !" .
فأجاب الشيخ وقال له : " حقاً أقول لك ، أن لي هنا 53 سنة ، لا أدري متي
يبدأ الصوم الذي تقول لي عنه ولا متي ينتهي ،ولكن سيرة سنيني كلها واحدة "
.
+ قيل عن الأب ديسقورس ( الشماس )
أن خبزه كان من شعير وعدس ، وفي كل سنة كان يرسم لنفسه خطة يبدأ بها جهاده
قائلا مثلا : " في هذه السنة سوف لا التقي بانسان ، ولن أكلم أحدا وفي هذه
السنة لن أكل طبيخاً ولن اتذوق ثمرة " ، وهكذا كان يصنع في كل خطة ، فاذا
تمم احداها ، بدأ بالأخري ،وهكذا كان الحال طوال السنة ، وقد كان يقول : "
أن كنا نلبس الثوب السمائي ، فلن نوجد عراة ، وأن وجدنا لابسين غير ذلك
الثوب ، فماذا نصنع ؟ نخاف أن نسمع ذلك الصوت القائل : أخرجوه الي الظلمة
القصوي ، هناك يكون البكاء وصرير الاسنان فالآن يا أخوتي ، قبيح بنا أن
نقضي في لبس الاسكيم هذه السنين كلها ، وأن نوجد عراة في اليوم الأخير وليس
علينا ثياب العرس ، فالويل لنا من تلك الندامة ، اذا ما نظرنا الي سائر
الأبرار والصديقين ، وهم يصعدون الي السماء ، ونحن نساق الي العذاب " .
+ جاء عن الأب الاديوس
أنه أقام بالاسقيط 20 سنة بقلاية ، كان طعامه خبزا وملحا دائما ، واذا وافت
ايام الفصح ، كان يقول : " ان الأخوة يأكلون خبزا وملحا ، فعلي أن آكل خبزا
وأنا واقف " .
قال شيخ :
" أني أعرف انسانا من أهل القلالي ، هذا قد صام جمعة الفصح كلها ، فلما كان
وقت الاجتماع في عشية السبت ، لم يحضر مع الاخوة ، لئلا يأكل شيئا مما يوضع
علي المائدة ، بل عمل في قلايته يسيرا من السلق ، وأكله بغير زيت "
.