أَفِضْ مَراحِمَكَ يا مُخَلِّصَ المُعتَصِمينَ بيَمينكَ مِنَ المُعْتَدين ( مز 17 /7)
بستان الرهبان: تدبير الروح: 3 /7 الهدوء: ثالثاً - سكون الجسد
سكون الجسد
( أ ) ضبط اللسان
+ من أقوال الشيخ الروحاني :
- فم العفيف يتكلم بالطيبات ،
ويلذذ صاحبه ، ويفرح سامعيه ، من كل كلامه مرتبا وعفيفا ، وهو طاهر بقلبه ،
فهو ابن ميراث المسيح ، ومن كان كلامه بقلق ومعكر بالحرد ، فهو شيطان ثان .
-
فم الطاهر النفس يتكلم كل ساعة علي خالقه ، ومن يسمعه يفرح ويقتدي
به . فم الجاهل يفيض مرارة ، ويقتل صاحبه ، ويسكر الذين ينصتون له ، وما
أوفق ذلك اللقب الذي أعطاه له سليمان ، اذلقبه بالخنزير ، يارب خلصني من
لقائه .
-
من يكثر كلامه ، ويرفع صوته ، هو ناقص
الرأي . الذي يلطف كلامه ويتماكر ليضر هو شيطان ثان . من يصنع صلحا بين
الحرودين ابن الله يدعي ، ومن يسجس ويعكر ويوصل كلاما شريرا من واحد الي
واحد ، هو رسول الشيطان وهذا تبيده النار .
-
من يحذر بلسانه ، فلن يسلب كنزه منه
الي الأبد . فم الساكت يترجم أسرار الله ، ومن يتكلم بسرعة ، يبعد عنه
خالقه . من يستهين بذاته ويرذلها ، يتحكم من الله ، ومن يحسب نفسه حكيما
ترتفع منه حكمة الخالق ، من اعتاد كلام اللعب مفرجا عن جسده ونفسه ، فذاك
زان ومن يستأنس به فهو فاسق .
+ سأل أخ الأب بيمن قائلا :
" اريد أن ادخل الي كنونيون
وأسكن فيه " .
+فقال له الشيخ :
" أن شئت سكني الكنونيون ، فأن
لم تعتق نفسك من هم كل محادثة ، وتبتعد عن سائر الأشياء ، فلا يمكنك سكني
كنونيون لأنه لن يكون لك هناك سلطان ال علي عصاك " .
+ قال الأب أنطونيوس
:
" أن خطايا الأبرار علي شفاههم
، أما خطايا المنافقين فهي في جميع أجسادهم ، من اجل ذلك يقول النبي : ضع
يارب حافظا علي فمي وبابا حصينا لشفتي " .
+ قال الأب أوغاريتوس :
" ليست الحاجة ماسة الي كثرة
الكلام ، لأن كثرة الكلام عزيزة في الناس ، أنما الحاجة ماسة الي العمل " .
+ قال قديس :
" اذا حزن انسان ، فاضطرب ولم
يتكلم ، فهو مبتديء في الفضيلة . وليس من الكاملين بعد ، اما الكامل فهو
ذاك الذي لا يضطرب اصلا ، كالنبي القائل " استعديت ولم أضطرب " . فيا ليتنا
نكون من المبتدئين ، لنستمد من الله المعونة "
+ قال أنبا بيمن
:
" من يضبط فمه فأن أفكاره تموت
، كالجرة التي يوجد فيها حيات وعقارب
وسد فمها ( فوهتها ) فأنها تموت " .
+ قال شيخ :
" أحذر بكل قوتك أن لا تقول
شيئا يسهل اللائمة ولا تحب التصنيع " .
+ كذلك قيل :
" اني سألت انبا شيشاي : هل
الهروب نافع للراهب ؟ فجعل أصبعه علي فمه وقال : أن حفظت نفسك من هذا يا
بني ، فهذا هو الهروب " .
+ قال الأب ايرايس :
" من لا يقدر أن يضبط لسانه وقت
الغضب فلن يقدر أن يغلب حتي ولا صغيره من ضغار الآلام " .
+ وقال احد الآباء :
" اذا ذكر الانسان الكلمة
المكتوبة : " أنه من كلامك تدان ، ومن كلامك تتزكي " ، فأنه يختار لنفسه
السكوت " .
+ قال أنبا يوسف لأنبا بيسير
:
" أني ر أقدر ان أضبط لسناني "
، فقال الشيخ : " واذا تكلمت فلن تستريح " .
+ قال شيخ :
" لتصنع مسرته ، اضبط لسانك
لئلا تقول كلاما يغضبه الله " .
+ قال مار افرام :
من يكثر أقواله ، يكثر لنفسه
الخصومات والبغضاء ، ومن يحفظ فمه يحب .
أن أحببت الصمت ، ستقطع سفينة
حياتك مسيرها بسكوت .
مثل الماء للسمك ، هكذا السكوت
للراهب ، بتواضع قلب ومحبة .
+ قال شيخ :
ط أن اللسان مملوء نارا ، وهو
يدنس جميع الجسد ، فالذي يحب حياته ، فليشفق علي لسانه ، أخرس شفاهك يا رجل
الله والجم لسانك كي تنتفع بجميع أتعابك ، فالذي يحفظ لسانه ، له كرامات
كثيرة فطوبي لمن يسود علي لسانه ، فأن اهراءه تمتليء من الخيرات " .
+ وقال آخر :
" أن كان لسانك غزيرا بحركاته ،
فقد أنطفأت من قلبك الحركات الطاهرة أما أن كان لسانك ساكنا وقلبك يغلي
بالحركات الطاهرة ، فطوباك ، لأن حركته بالروح ترفعك الي هدوء الحياة ، سكت
لسانك ليسكت قلبك ، وسكت قلبك ليتكلم فيه الروح " .
+ سأل أخ ضيخا
:
" يا أبي أني أشتهي أن أحفظ
قلبي " فقال له الشيخ : " كيف يمكنك أن تحفظ قلبك ، وفمك الذي هو باب القلب
مفتوح سايب " .
+ سأل أخ الأب ماطوس :
" ماذا اصنع فأن لساني يغلبني ،
وفي كل وقت أحضر بين الناس لا استطيع أن أضبطه ، وتجدني ادينهم علي كل فعل
رديء " .
فأجابه الشيخ قائلا :
" أن كنت لا تستطيع ضبط لسانك
فأهرب منفردا لأن هذه الحالة ناتجة عن ضعف ، فالذي يريد أن يجلس مع الأخوة
ينبغي الا يكون ذا اربعة قرون بل يكون مجدورا ، حتي يمكنه التدحرج نحو الكل
" .
+ سئل القديس باسيليوس :
" ما هي الكلمة التي تعطي عنها
جوابا " فقال : هي تلك التي ليست للبنيان ، كقول الرسول : كل كلمة قبيحة لا
تخرج من أفكارهكم ، بل الكلمة الصالحة التي تكون للبنيان ، وتعطي نعمة
للذين يسمعونها " .
+ سأل أخ الأب لوقيوس :
" أريد أن أتغرب "
" أن لم تضبط لسانك في أي موضع
مضيت اليه فلست بغريب ، أما اذا ضبطت لسانك ههما فأنت غريب " .
+ بينما كان بعض الاخوة مجتمعين
، يتكلمون عن الروحيات ، نظروا ملائكة قد أقتربوا منهم ، وكانوا فرحين معهم
، ولكنهم لما تكلموا كلاما غير نافع ابتعدت عنهم الملائكة ، واقتربت منهم
الشياطين " .
+ قال أنبا أغاثون :
" أذا كان الانسان الداخلي
متيقظا ، فهو يستطيع أن يحرس الانسان الخارجي أيضا ، أما ان لم يكن هكذا ،
فلنحرص علي اللسان بكل وسيلة في استطاعتنا " .
( ب ) الصمت
+ قال مار اسحق :
- أن أردت أنتعرف رجل الله ،
فاستدل عليه من سكوته ومن بكائه ومن انقباض نفسه علي ذاته ، وأن أردت أن
تعرف الرجل السائب القلب ، فاستدل عليه من كثرة كلامه ، ومن تخبط حواسه ومن
مقاومته لكل شيء ، يقول ويريد أن يغلب .
قوة الجسد المآكل ، وغذاء النفس
الكلام والحكايات ، وكما أن شره كثرة الحكايات هو رغبة النفس ، هكذا السكوت
هو ثمرة الحكمة المزمعة .
- ان كنت محبا للحق ، فكن محبا
للصمت ، لأنه كمثل الشمس يجعلك الصمت تنير بالله ، ويخلصك من تخاتل المعرفة
، والسكوت يجعلك في عشرة مع الله .
الذي يحب الحديث مع المسيح يجب أن
يكون وحده ، والذي يريد أن يكون مع كثيرين فهو محب لهذا العالم .
-
أن كنت تحب التوبة ، فأحب السكوت لأنه
بدونه لم تكمل التوبة ، ومن يقاومك علي هذا فلا تلاججه ، لأنه لا يعرف ماذا
يقول ، لأنه لو كان يعرف ما هي التوبة ، لكان يعرف أيضاً موضعها ، أنها لا
تكمل في السجس .
-
أن يحس انسان بخطاياه أفضل له من أن
ينفع الخليقة بمنظره ، وأن يتنهده علي نفسه كل يوم ، أخير له من أن يقيم
الموتي بصلاته ، والذي أهل لأن ينظر خاياه ، أطيب ممن ينظر الملائكة ،
والذي بالنوح يطلب كل يوم المسيح بالوحدة ، اخير من الذي يمدحونه في
المجامع .
+ قال القديس موسي الاسود :
-
من تعود الكلام بالكنيسة فقد دل بذلك
علي عدم وجود خوف الله فيه . وذلك لأن خوف الله خو حفظ وصون العقل كما أن
الملك هو عون لمن يطيعه " .
-
سقطة
النفس هي مكابدة وتهديبها السكوت بمعرفة .
-
السكوت بمعرفة يهذب الفكر . وكثرة الكلام تولد الضجر والهوس .
+ سئل شيخ :
عن الغربة ، فقال :
" هي الصمت ، وترك الالتفات الي
المور الدينوية " .
+ قال أنبا أنطونيوس :
" لا تظهر صوتك الا في صلاة
الفرائض " .
+ قال القديس مقاريوس الكبير :
" يجب علي الراهب أن يكون في
سكون في كل حين ولا يسمع لأفكاره التي توعز اليه بكثرة الكلام الذي يضعف
النفس ، بل ليمسك عن الكلام حتي ولو نظر اناسا يضحكون أو يتحدثون بكلام لا
منفعة له وذلك لجهلهم . لأن الراهب الحقيقي يجب ان يتحفظ من لسانه والراهب
الذي يسلك هكذا لا يعثر ابدا بلسانه ، ولكنه يصبح الها علي الأرض .
+ قال راهب :
" الصمت في جميع الأمور هو
الغربة ، والغربة بالحقيقة هي الصمت " .
+ قال شيخ :
" مكتوب أن من أجاب عما لا يسأل
عنه فهو جاهل ، فأن لم تسألوا فلا تجيبوا "
+ سئل أنبا بيمن :
" أيهما أصلح ، الكلام أم الصمت
؟ " .
فقال : " أن الصمت من أجل الله
جيد ، كما ان الكلام من أجل الله جيد أيضاً " .
+ حدث مرة أن جاء الي القديس
تادرس أخ ، طلب اليه مدة ثلاثة أيام ، كي يسمع منه كلمة فلم يجبه بشيء
، فمضي حزينا ، فقال له تلميذه : " يا أبتاه ، لماذا لم تجبه بشيء ، فقد
مضي حزيناً ؟ " فأجابه الشيخ قائلا : " يا ابني ، اني ما سكت عن الكلام
اليه لكونه بياعا "، يؤثر أن يتمجد بأقوال آخرين " .
+ قال شيخ :
" أن قومت الصمت ، فلا تظن في
نفسك أنك قد قومت شيئا ، ولكن اعتبر ذاتك أنك لست أهلا لأن تتكلم " .
+ قال الأنبا أوغريس :
" أختم باب أتعابك بالصمت ،
لئلا يقلعه اللسان ، فينتج المجد الفارغ الذي ينزعها"
+ سأل شيخ أنبا شوشاي قائلا :
" أي شيء هو الغربة ؟ " فأجابه
: هي الصمت ، في كل موضع يوجد فيه الانسان ، موجها لنفسه القول : " ما شاني
في هذا الأمر ؟ " .
+ مرة توجه البابا ثاؤفليس الي
الأسقيط ،
فاجتمع
الاخوة وقالوا لأنبا بفنوتيوس : " قل البابا كلمة واحدة لكي ينتفع " فقال
لهم الشيخ : " أن لم ينتفع بسكوتي ، فحتي ولا بكلمتي ينتفع " ، فسمع
البطريرك ذلك وانتفع جدا .
+ كان أحد الرهبان صامتا
وقد شاع فضله وعمله ، فزاره في أحد الأيام أثنان من الفلاسفة ، فقام وصلي
وسلم عليهما وجلس صامتا يضفر الخوص ولا يرفع نظره اليهما ، فقالا له : يا
معلم : " انفعنا ولو بكلمة واحدة لأننا لهذا اتينا اليك " ، فأجابهم الراهب
قائلا : " أعلما انكما
افنيتما اقوالكما لتتعلما فخر الكلام وتحسينه ، وأما أنا فقد اهملت العالم
واتيت الي ههنا لا لأقتني جودة الكلام بل السكوت ، فلما سمعا قوله تعجبا
كثيرا وانصرفا " .
( جـ ) عدم الخلطة
+ قال الأب أوغاريتوس :
" أقطع نفسك من مودة الكثيرين
لئلا يكون عقلك مناصبا لك فيقلقل عادة السكوت "
+ قال أنبا بيمين :
" مكن يكثر من الأختلاط بالناس
، لا يمكنه أن ينجو من النميمة " .
+ قال شيخ
:
" أن من يحب السكوت ينجو من
سهام العدو ، أما الذي يحب الجماعات فأنه يصاب بجراحات كثيرة " .
+ قال مار اسحق :
" الاتكال علي البشر ، يمنع
كلية الاتكال علي المسيح ، والعزاء الظاهر يمنع العزاء الخفي ، وهكذا بقدر
ما يكون الراهب منفردا ،وفي وحشية ، بقدر ما يخدم من العناية الألهية " .
+ وقيل أيضاً
:
" متي داخلتك شهوة اهتمام بغيرك
بنوع الفضيلة ، حتي يتشتت ما في قلبك من السكون ، فقل : أ، طريق المحبة
والرحمة لأجل الله مقبولة ، ولكني من أجل الله كذلك لا أريدها " وقد حدث ان
قال راهب : " أن لم تقف لي من اجل الله اجري خلفك : ، فقلت له : وانا من
اجل الله كذلك أهرب منك " .
+ قال القديس يوحنا القصير :
" ابتداء التدبير الجيد هو أن
يبتعد الانسان من أحبائه ومعارفه ومعارفه وأقاربه فكن محبا لكل أحد وابتعد
عن كل أحد " .
كل من أهتم بأن يتكلم مع صبي
فهو زان بفكره .
+ قال القديس أنبا أنطونيوس :
- لا تخالط علمانيا بالجملة .
- لا تقرب اليك امرأة .ولا تأكل
معها ولا تدعها تدخل منزلك فالغضب يمشي خلفها .
( د ) التجرد
+ قال القديس يوحنا القصير :
- لا يكن بين عينيك شيء مشتهي
لكيما تبصر الله . أعلم أنك راهب ولا ينبغي لك أن ترتبط بشيء ما .
- لا تطلب حاجتك في كل أمر لأنك
لست لهذه التلمذة تتلمذت ، أن تكون حاجتك مهيأة في كل أمر بل احذر من
الشهوات التي يحبها هواك .
- تمسكن بالتخلي عن كل شيء يشغل
العقل ، لا عن المقتنيات فقط بل وعن النظر والسمع والكلام كنحو قوتك لأن
الحواس هي رباطات الانسان الباطن وبها حياته .
كن عبدا وحرا :
كن عبدا مملوكا لارادة سيده ،
وحرا غير متعبد لشيء من المجد الباطل ، حتي ولا لوجع من الأوجاع .. حل نفسك
من رباط العبودية ، ولازم العتق الذي عتقك به المسيح . واقتن حرية العالم
الجديد ? لا تبتكر لنفسك نواميس لئلا
تكون متعبد لنواميسك . ولكن كن حرا تصنع ما تريد .. ولا تستبد بأمر لأنك
مخلوق ، كائن تحت التغيير . ولا تستعبد لشيء ولا ترتبط بشيء .
كن حرا واعتق نفسك من عبودية
الشيطان المحتال ., ان لم تكن حرا لا تسطيع أن تعمل من أجل المسيح .
لك أن تفحص عن كل الأمور . لأنك لم تصر مدبرا أو رئيسا ، ولكنك مأمور وليس
لك سلطان حتي ولا علي نفسك . لا تغر من الذين ينظرون الي أصحابهم لئلا
يضطرب عقلك بالعبودية ، وتكون خدمتك بلا منفعة بل أذكر في كل لحظة اوجاع
الشهداء لتقتني شجاعة النفس .