أَنتَ أَهلٌ ، أَيُّها الرَّبُّ إِلهُنا، لأَن تَنالَ المَجدَ والإِكرامَ والقُدرَة، لأَنَّكَ خَلَقتَ الأَشياءَ كُلَّها وبِمَشيئَتِكَ كانَت و خُلِقَت (رؤ 4 /11)
بستان الرهبان: تدبير الفكر: 4 /2: ضبط الفكر
ضبط الفكر
+ سأل أخ شيخا قائلا :
"
أي شيء أصنع ، فأن أفكارا كثيرة تقاتلني ولست أدري كيف أقاتلها ؟ "
. فقال له الشيخ : " لا تقاتل مقابل الكل دفعة واحدة ، ولكن قاتل واحدة ،
لن أفكار الراهب أنما لها رئيس ، فاجعل بالك الي رئيسها ، ونحوه أجعل قتالك
، فإذا هزمت الفكر ، فقد أنهزمت البقية " .
+ سؤال
:
كيف يمكنني أن أجيب أفكاري
وليست لدي قوة ؟
+ الجواب :
لأنك تدين أخاك ، لهذا تنقطع
قوة الروح القدس ، فتعثر بأخيك وأنت سبب العثرة ، أن كنت متأكدا أن الله
حاضر وناظر لكل شيء ، فلم تبغض أخاك . أوضح لله أفكارك ، وقل أن الله يعرف
ما فيه الخير ، وبذلك تستريح ، وشيئا فشيئا تأتيك قوة تستطيع بها أن تحتمل
كل ما يأتيك ، كل من لا يحتمل الشتيمة فلن يبصر التسبحة ... وكل من
لا يترك الغضب فلن ينذوق الحلاوة ، فأحرص بكل قوتك علي أن تكون غريبا عن
الغضب ، ولتكن قدوة ومثالا لمنفعة الكل ولا تدن أحدا كما لا تحكم علي أحد .
+ سؤال :
كيف يمكن للانسان أن يفتش
أفكاره لينجو من السوء ؟
+ الجواب :
تفتيش الأفكار هو هكذا : اذا
أتاك فكر تأمل كنهه ، ولكي أقرب لك المعني أسوق اليك مثلا . اذا أتفق وشتمك
انسان ، وأتاك الفكر أن ترد عليه ، قل لفكرك أن انا رددت عليه أحزانته
وأعثرته ، فلأصبر أنا قليلا والأمر يجوز بسلام . كذلك أن كنت واحدا علي
انسان أو في داخلك فكر بالشر من ناحية انسان فقل ما يأتي : أن الذي يفكر
فتشه واقطعه عنك .
أما بخصوص الشهوة فأنها تحتاج
انتباها كثيرا ، كما قال الآباء : أن أنت وجدت عقلك محاربا في الزني فتعال
به الي القدسية . وأن حورب في الحنجرة فتعال به الي الامساك .وأن حورب في
البغضة تعال به الي المحبة . وبذلك تصبح علي الدوام في يقطة وحذر ونجاة .
+ قال الأب برصنوفيوس :
اذا ما حركك فكر من الشيطان علي
انسان ، فقل في نفسك بطول روح : أني قد أخضعت ذاتي لله لكيما اخدم آخرين ،
فكيف عنك الفكر ، وكن دائما مستقصيا عن أفكارك ، ولتبكتها ، لأن الذي يبكت
افكاره ويقول أنه خاطجيء ، وهو في فعله ليسر خاطئا ، فلهذا هو غاية الاتضاع
، ومن كان متضعا ، فأنه لا يغضب ولا يدين أحدا ، ولكنه يري الناس كلهن
أخيرا منه ، ومن يعلم أنه خاطيء لا يلوم الانفسه ، ولا يعتل به .
+ قالت القديسة سفرنيكي :
كما أن الوحوش النافثة يطردها
حاد الأدوية ، هكذا الأفكار الخبيثة يطردها الصوم مع الصلاة .
+ اخذوا عن شيخ :
أنه كان جالسا في قلايته ،
فأتاه أحد الأخوة في الليل ، وأراد الدخول اليه ، فلما بلغ الباب سمع صوته
من داخل وهو يقول : يكفي ، يكفي حتي متي ؟ اذهبوا الآن من قدامي . ثم سمعه
يقول ،تعال ، تعال ، يا صديقي . فلما دخل اليه قال : لمن كنت تتكلم يا أبي
؟ قال له : لحسياتي الرديئة كنت أطرد للصالحات كنت أدعو .
+ أخ من الاخوة سأل شيخا وقال :
يا أبت أعني فقد أهلكتني أفكار
الزني ؟
فقال له الشيخ :
يا بني ، أن كنت تستطيع فلا
تترك الفكر يسكن عندك .
قال : وكيف استطيع ذلك يا أبت ؟
قال :
كلما بدا لك الفكر ، فلا تدعه يصعد الي دماغك ، بل الحقه بذكر الموت
، وخوف الله ، واذكر نتنك ، وكيف تصير القبر ، لأن هذا الفكر الرديء ، أن
غلب الانسان يقوده الي قطع الرجاء واليأس من الخلاص ، وكمثل السفينة التي
تصدمها الأمواج والعواصف الشديدة وأهوال البحر ، فأن أنزل عنها قدرا من
الرمل أو مما تحمل ليخف حملها ، فأنها لن تعطب سريعا ، بل تسبح ، وأن
أنكسرت رقبتها أو شيء منها ، فلا زال لها أمل صالح في السلامة . أما ان
أصيبت بثقب من أسفلها ، وأمتلأت ماء ، فقد عطبت ، هكذا تكون حال الراهب ،
فأنه أن تواني قليلا في بعض الأشياء قهو يؤمل أن يغلب بالتوبة ، أنما أن
سقط مرة واحدة في الزني فقد عطب ويوشك أن يقاد الي اليأس في هذا الغرق .
+ قال قائل من الاخوة الرهبان
لشيخ من الشيوخ :
يا أبي ، لست اجد في قلبي قتالا
؟ . فقال له : أنك تشبه القبة المرتفعة في وسط السوق ، فكل من أراد جاز
تحتها ، كذلك قلبك ، أما أن أغلقت باب قلبك ، ولم تدخله الأفكار الرديئة
لنظرت الأعداء يقاتلونك قتالا شديدا .
الله لا ينسي جهادنا
+ قال شيخ :
" أنه كان اخ قد جرب بأفكار تسع
سنين حتي انه يئس من خلاصه ، ومن الخوف كان يقول : هلكت . ولما كاد أن
ينقطع رجاؤه بالكلية ، صار اليه صوت قائلا أن الشدائد التي لحقت بك في هذه
السنين التسع ، هي أكليل لك . لا تكل من الجهاد . فلما سمع هذا
تقوي بالرجاء وخفت عنه الأفكار .
+ أخ حريص :
قامت عليه قتالات صعبة سببت له
حزنا شديدا لدرجة أنه كان يخاطب نفسه قائلا : ما دامت
هذه الأفكار معي فلن أخلص . وكان يتواضع جدا فذهب الي شيخ كبير
وسأله أن يصلي عليه لكي يرفع الرب عنه القتال ، فقال له الشيخ : بل هذا خير
لم يابني . ولكنه ألح عليه ، فطلب الشيخ الي الله ، فاستجاب ط
لبته ورفع القتال عن الأخ .
وأذا بالأخ قد صار يسبح لوقته في لجة العجب والعظمة ولكنه ندم عليه القتال
الذي كان يسبب له الاتضاع .
( ب ) يقظة العقل حراسة الأفكار
سؤال :
أخبرني يبا أبتاه كيف يرصد
الانسان قلبه ، وكيف يقاتل تجاه الشيطان ، وأن كان ينبغي له أن يسد مدخل
الكلام قدام فكر الزني ، وأن هو دخل علي العقل فماذا يعمل ، وهل ينبغي أن
يكون كعامي بوزن ؟
الجواب :
يا ولدي ، اذا حفظ الانسان قلبه
فأنه يكون متنبها طاهراً ، وانما يعرض له القتال اذا تهاون يوماً ، فإذا
أبصر العدو تهاونه عمل علي قتاله ، لأننا لسنا نقع الا من تهاوننا ، وأن
كدنا لا نقاومهم لأنهم يريدون منك المحادثة كيما يشغلونك ولا يكفون ، فتقدم
الي الله من أجلهم ، والق ضعفك أمامه وهو يصرفهم عنك ويبطل قوتهم .
وأما من جهة شيطان تالزني فيجد
هو أن تسد عليه ولا تدعه يدخل ، لأنه اذا دخل نجسك وسجسك ، لأنه يتخذ له
مادة منها وبها يستطيل عليم ، فأن هو خطفك فج
أية ( بغتة ) ودخل فيك ، لا تتوان حتي ولا وقتا قصيرا ، بل قم وجاهد والق
ذاتك أمام الله وأقر بضعفك وأسأله أن يلقيه خارجا عنك .
أما من أجل الطعام ووزنه ،
فليكن ذلك بالتخفيف والتحفظ .
سؤال
:
أخبرني يا أبي كيف يكون الفكر
مأكلا للسباع ؟
الجواب :
يصير الفكر مأكلا للسباع اذا لم
يسبق الانسان الي لوم نفسه ، فأن هو تغافل
جرحته بأنيابها وأظافرها ، فحسن
أن تحتاج الي الالتصاق بالتوبة ، ويجب عليك الا تزكي نفسك ، وألا تقول انك
شيء ، فتبرأ أوجاعك ، ولا تدين الآخرين .
+ قال شيخ :
" اذا جلست في قلايتك ، فلا تكن
مثل قبر مملوء من التجاسات ، ولكن كن مثل اناء مملوء ذهبا كريما ، ولك
حافظك ، حافظ النهار والليل ، التي هي قوة الرب ، التي تحفظ عقلك .
+ وقال أيضاً :
" أذا مدحك الفكر قل له : لماذا
تمدحني ؟ أن السائرين في البحر حتي ولو هدأ عنهم هيجانه ، فماداموا بعد في
اللجة فأنهم يتوقعون اهو اله وغرقه . كما الا يسرون بالنسبة للهدوء الذي
يكون له احيانا ، لأنهم لا يطمئنون جملة ، حتي يصلوا الي الميناء ، نعم ،
لأن كثيرين كانوا علي فم الميناء ولكنهم عطبوا .
+ وقيل أيضاً :
ان لم يحفظ الانسان التعليم
الروحي ، ولم ينق قلبه من الأفكار القذرة ، فكل تعليم ينساه ويذهب عنه .
وعند ذلك يجد العدو فيه مطمعا فيسقطه ، لأن النفس تشبه مصباحا مضيئا ، اذا
توانت عنه ولم تتعهده بالزيت أنطفأ .
+ وقال تادرس الاسقيطي :
أن الفكر السوء يأتي فيقلقني
فاشغل وما أقدر أن أتمم الفعل لكنه يشغلني ويمنعني من الفضيلة .فأما الرجل
المستيقظ فهو يتيقظ وينهض عليه بالصلاة .
+ قال القديس أبيفانيوس عند
خروج نفسه :
أيقظوا قلوبكم بذكر الله . فتخف
قتالات الأعداء عنكم .
+ قال أحد الآباء :
ليكن فكرك فكراً صالحاً هادئاً
في أي موضع سكنت فيه .
+ قيل عن أخ من الرهبان :
انه زار شيخا تعبا في عمل الخير
،كان ساكنا في المغائر التي تقع فوق المكان الملقب باسرائيل ، وكان الشيخ
ذا عقله متيقظ لدرجة أنه كان حيثما توجه ، يتوقف عن السير ويستعرض فكره
ويسأله : كيف حالك يا أخي ؟ أين نحن ؟ . فاذا وجد عقله يترنم بالمزامير
ومتضرعا ، حمده واستدامه ، وأن وجد ذاته متفكرا في أي شيء من الأشياء ، شتم
ذاته في الحال قائلا : هلم من هناك . قف عند حدك . والزم عملك . وكان الشيخ
يخاطب نفسه . بهذا الكلام دائما : يا اخي . يلوح لي أن الانصراف قريب ،
ولست أري مجالا للنوم أو التهاون بعد . ثم ظهر الشيطان في وقت من الأوقات
لهذا الفاضل وقال له : لماذا تتعب . أنك لن تخلص .
فقال له الشيخ
:
وماذا يهمك أن كنت لا أخلص ؟
لكني سوف أوجد في العذاب فوق رأسك . وتحت كل من فيه .
وقال هذا الشيخ أيضا:
سبيل الراهب اذا وقف مع أخوة
رهبان ، أن يطرق برأسه دائما إلي أسفل ولا ينظر بالجملة الي وجه انسان ،
وخاصة وجه شاب ، واذا كان منفردا ينظر الي العلو دائما . ذلك لأن الشيطان
من شأنه أن يغتم ويرتاع اذا نظرنا الي العلو نحو ربنا .
+ سأل أخ أنبا أمونا مرة قائلا
:
يا أبي ثلاثة أفكار تضايقني ،
الأول : أن اسكن في البراري وحدي ، والثاني : أ، أمضي الي القرية حيث لا
يعرفني أحدا ، والثالث : أن أحبس نفسي في القلاية ولا أجتمع بأحد ، وأصوم
يومين يومين .
قال له الشيخ :
ولا واحد من هذه الأفكار تستطيع
أن تمارسه كما ينبغي ، بل الأفضل أن تجلس في قلايتك ، وتأكل في كل يوم
قليلا ، وتجعل كلمة العشار في فمك دائما قائلا : يا الله أغفر لي فأني
خاطيء . وأنت تتنيح .
+ وقيل عن الأب جلاسيوس :
أيضا انه قلق من أفكار تعرض
عليه الخروج الي البرية ، فقال لتلميذه : احرص علي عدم مخاطبتي هذا الأسبوع
. ونهض وأخذ عصاه بيده وبدأ يمشي خارج القلاية ، وجلس قليلا ، ثم قام ومضي
فلما صار العشاء قال لفكره : أن الذين يطوفون البرية ، خبزا لا يأكلون وتحت
سقف لا ينامون . كما أن أولئك أيضا يقتاتون بالحشيش ، أما أنت فلكونك ضعيفا
كل بقولا . فأكل ورقد تحت السماء ، واستمر علي ذلك ثلاثة أيام وهو يمشي طول
النهار ، ويأكل في العشية بقولا يسيا وينام في العراء .
فلما تعب حينئذ بدأ يعاتب نفسه
قائلا : بما أنك لا تقدر أن تقوم بأعمال أصحاب البرية ، فأولي بك أن تجلس
في قلايتك وتبكي علي خطاياك ، ولا يطيش عقلك قائلا : أدخل الي البرية ، لأن
عيني الرب في كل مكان ناظرة الي أعمال جميع الناس ، وهو يعرف جميع فاعلي
الخير .
+ أخ من القلالي ،
بل خوصا فلما جلس يعمل قال له
فكره : اذهب الي قلاية الشيخ . فقال هو لفكره : أصبر سوف أذهب بعد أيام .
فقال له فكره : فأن مت فكيف تذهب ؟ اذهب لتسأله عن الحصاد . فرد علي فكره :
لما يأتي زمان الحصاد .. أو علي الأقل لما افرغ من هذا الخوص الملوك سوف
أذهب .
عاد فكره وقال له : الهواء طيب
اليوم . وأنه من ساعته نهض ليذهب الي الشيخ ، وكان لهذا الأخ جار قديس يري
الغيب ، فلما رآه ذاهبا صاح به قائلا : يا مسبي ارجع وتعال . فلما قال له :
ارجع الي قلايتك . فحدثه بقتاله كله ، وصنع له مطانية ، ورجع الي قلايته ،
فصارت الشياطين بصوت عال غلبتمونا يا رهبان . وصارت الحصير اليت كانت تحته
تلتهب كلها نار . ثم بادوا مثل الدخان . وهكذا تعلم ذلك الأخ خبث الشياطين
وحيلهم من هذا المر .
معينات لضبط الفكر
سؤال :
ان الآباء قالوا : ينبغي لنا أن
ندخل الي القلاية ونتذكر خطايانا ، لكني أجد نفسي أني أتذكرها بدون توجع
وأشتهي أن أتخشع فلا يأتيني التخشع فما السبب ؟
الجواب :
لست تسلك في
سبيل الحق ، لأنك تحتاج الي تفتيش القلب وضبط الفكر عن كل انسان ، فمن لم
يقطع هواه لا يوجعه قلبه ، وقلة الايمان لا تدع الانسان يقطع هواه ، وسبب
ذلك هو محبة مجد الناس اكثر من مجد الله كما قال الرب ، فأن أردت بالحقيقة
ان تبكي علي خطاياك ، فمت عن كل الناس واقطع هواك وأجتنب تزكيتك لنفسك
وارضاءك للناس ، ولا تتلذذ بطعام ولا تشبع ولا تدن أحد ، وكن حسن الطاعة
لتبلغ الاتضاع ، والاتضاع يميت الأوجاع .
سؤال :
كيف اعرف
الفكر الذي من الله والفكر الذي من الطبيعة والفكر الذي من الشيطان ؟
الجواب :
افراز هذه المسالة أنما يكون قد
بلغوا الي التمام لنه ان لم يطهر العين الداخلية بالعرق والعناء الكثير ،
فلا تقدر ان تفرز ، فاقطع هواك لله في كل شيء وقال : ليس كما أريد انا ، بل
ليكن ما تريده انت ياربي والهي . وهو يعمل معك كهواه . فاسمع الآن فرز هذه
الأفكار الثلاثة : اذا تحرك في قلبك فكر في ذات الله ووجدت فرحا ، وحزنا
يساوي هذا الفرح ، فأعلم أن ذلك الفكر هو من الله ، فداوم فيه ، فأن جاء
عليك فكر طبيعي الذي هو الهوي الجسداني فادفعه ، واتمم القول القائل : أن
تكفر بنفسك ، أي أنك تفكر بالمشيئات الطبيعة وهي تجر الي الخلف ، فكل أمر
تفكر فيه وتحس في قلبك ببلبلة ولو بمقدار شعرة ، فأعلم أن ذلك من الشيطان
واعلم ان ضوء الشياطين آخره ظلمة . .
+ قال مار اسحق :
طريق الحكمة هو ترتيب الأعضاء ،
وطموح الجسد هو تخبط . الحكمة الحقيقية هي النظر في الله ، والنظر في الله
هو صمت الأفكار ، الاحساس بالله هو عمق الاتضاع ، ثاؤرية تصور الحق ، هي
مبتورة القلب ، القلب الذي هو قد مات عن العالم فبالله يتحرك جميعه ،
الذييبني نفسه أخير له من أن ينفع المسكونة جميعها . من قد ماتت اعضاؤه
الخارجية فقد عاشت أعضاؤه الداخلية الساذج الحكيم بالله ، خيرا من الفهيم
الغاش بضميره .
1-
الشجاعة
الفكرية
+ قال أنبا
باخوميوس :
قاتل جميع أفكارك ليعطيم المسيح
المواعيد التي أعطاها للقديسين .
اذا جاءك فكر بخصوص حب الاجسام
أو بغض أو غضب أو أي رذيلة من الرذائل ، فكن قوي القلب وقاتل كالجبار حتي
تهزمها مثل عوج وسيحون وباقي ملوك الكنعانيين ، وحينئذ ترث جميع مدن أعدائك
. أطرح عنك ضعف القلب لئلا يتملكك الكسل وقلة الايمان فيطمع فيك أعداؤك .
اجعل قلبك كقلب سبع واصرخ كبولس
وقل :
من ذا الذي يستطيع أن يفصلني عن
محبة الله ربي ؟ أن كنت في البرية فقاتل بالصلوات والتنهد والصوم وأن كنت
في وسط الناس فكن وديعا كالحمام وحكيما كالثعبان .
+ سأل شيخا
قائلا :
" ماذا أفعل يا أبي فأن الخوف
يتبعني اذا لحقتني أفكار ؟ " ، فقال له الشيخ : " أن جندي الملك اذا خرج
للحرب قبالة الأعداء ، فكلما رموه وجرحوه ينهض مسرعا لمقاتلتهم دفعات كثيرة
، فما لم يترك الحرب ويهرب فأن الملك لن يغضب لأجل أنهم جرحوه ، بل بالحري
يفرح له بالأكثر ، لكونه قبل الجراح في سبيل مقاتلة أعداء سيده ، هكذا أنت
أيضاً ، كما نخستك الأفكار ، انتصب بالأكثر لمقاتلتها " .
2
? لا تلج مع الأفكار
+ قال أحد الآباء :
امساك العقل والقلب هو أن
الانسان متيقظا . لا تتهاون بأفكارك ، واذا قاتلك العدو بالفكر فلا تلتفت
الي قتاله لأنه يريد بذلك أن يشغلك عن مخاطبة الله .
+ قال شيخ :
بخصوص مساعدتنا للأفكار
.
" الشيطان فتال حبال ، فأنت
تدفع له الخيوط وهو يفتل " .
+ قال القديس باسيليوس
:
" ما لا ينبغي أن تفعله لا تفكر
فيه ولا تذكره " .
+ قال أنبا بيمن
:
" أذا اخذ الانسان حية ووضعها
في قارورة فغطي فمها فأنها تموت
، هكذا الأفكار الردية ، اذا قامت علي الانسان فالصبر والجهاد
يهلكانها " .
+
سأل الأنبا آمون الانبا بيمن :
عن الأفكار النجسة التي تتولد
في قلب الانسان والحسيات الباطلة فقال له : " هل يقطع الفأس بغير انسات
يقطع به ؟ ، فأنت أذن لا تعط هذه الأفكار أهمية ولا المسألة فأجابه :
+ وسأله أيضا أنبا أشعياء عن
هذه المسألة فأجابه :
" مثل تابوت مملوء ثيابا ، ان
تركتها دون أن تتعاهدها ، سوست وتلفت كذلك الأفكار أن لم تفعلها جسدانيا
بطل " .
+ قال أخ
لشيخ :
" افكاري لا
تتركني أستريح ، ولذلك تجد نفسي مغمومة " ، فقال له الشيخ : " اذا زرع
الشياطين فيك الأفكار ، فلا
تتحدث معها ، فمن شأنهم أن يطرحوا زرعهم دائما ولكنهم لا يلزمون أحد بقبوله
اضرارا ، فلك أن تقبله أو لا تقبله .. ألا تلاي ما عمله أهل مديان ، كيف
أنهم زينوا بناتهم وأظهروهم ومنهم من لم يديدوا فلم يدنوا منهن ، كذلك من
أغتاظ منهن فشرع في قتلهن . وهكذا تكون حال الرهبان مع الأفكار التي تهجس
بها الشياطين اليهم . فأجاب الأخ وقال : " كيف أعمل يا أبي لأني ضعيف
والوجع غالب علي وليس لي قدرة علي مقاومة الأفكار " قال : " كيف أعمل يا
أبي لأني ضعيف والوجع غالب علي وليس لي قدرة علي مقاومة الأفكار " فقال له
الشيخ : " اذا القوا فيك الأفكار فلا تجاوبهم ، بل اهرب الي الله بالصلاة
والسجود ، وقل يا الله ارحمني واصرف عني هذه الافكار بقوتك العظيمة ، فاني
ضعيف عن مقاومتها " ، فقال له الأخ : " اني اذا وقفت لأصلي ، لا أحس بخشوع
لعدم معرفتي بمعني الكلام وقوته " ، فقال له الشيخ : هكذا : أن الراقـي (
الساحر ) لا يعرف قوة الكلام الذي يعزم به ، لكن الحية تحس بقوة القول
فتخرج ، كذلك نحن أيضا ، أن كنا لا نعرف ما نقوله ، ولكن الشياطين تعرف
قولنا وتنصرف عنا " .
3-شغل
العقل
+ قال القديس أوغريس
:
" الذي يجمع كلام الكتب المقدسة
الي قلبه ، يلقي الأفكار براحة ، لأننا نحتاج الي أتعاب كثيرة لكي نقطع
كمال الأفكار " .
+ سؤال :
أخبرني يا أبتاه ماذا أعمل ،
لأن الأفكار قد اضطربت في جدا ؟
الجواب :
يا ولدي ، ان كان الإنسان باطلا
، فأنه يتفرغ لقبول الأفكار التي تأتيه ، وأذا كان له عمل . يعمله ، فلا
يتفرغ لقبولها ، قم وقت السحر وامسك الطاحون وأطحن قمحك ، فتعمل منه خبزا
لغذائك ، وذلك قبل أن يسبقك العدو ويجعل عليها رملا ، وأسرع فاكتب لوحك ،
واحفظ الوجه الآخر ، لأن ربنا يقول للرسول : " أنتم ملح الأرض " ، فالأرض
يا أبني هي جسدك ، فكن أنت له ملحا تملحه / وجفف ناموسه ودوده ، وأعني
أفكارك الرديئة .