فإِنَّ المِسْكينَ لا يُنْسى على الدَّوام و رَجاءَ البائِسينَ لا يَنقَطعُ للأبدِ ( مز 9 /19)
بستان الرهبان: تدبير المحبة: 5 /1: الراهب والله
الراهب
والله
( أ ) ما هو الحب
+ قال مار
أسحق :
النفس
المحبة لله سعادتنا في الله وحده . محبة الله هي فردوس كل النعيم الذي فيه
شجرة الحياة وما لم يخطر علي قلب بشر . فمن يدركه لا يموت لأنه يتغذي بلا
تعب من الخبز الذي من السماء الذي يهب الحياة للعالم . فمن عاش في هوي حب
المسيح قد استنشق من ههنا نسيم الأبرار بعد القيامة .
الحب هو هذا الملك المعد الذي
وعد به السيد المسيح لمحبيه والحب هو المسيح لأن الرسول يقول : " ان الله
محبة " .
+ قال القديس باسيليوس :
ابتداء المحبة حسن الثناء ،
وابتداء البغضة الوقيعة .
+ وقال أحد الآباء :
كما أنه لا يستطيع أن تكون
الصحة والمرض في جسد واحد ولا يفسد أحدهما من الآخر ، هكذا لا يمكن للحب
والبغضة أن يسكنا في أنسان واحد ولا يفسد أحدهما رفيقه .
( ب ) كيف يقتني
+ يقول مار
اسحق :
- أن مخافة الله تتقدم محبة
الله .
- كما أنه لا يمكن عبور النهر
بلا سفينة كذلك لا يمكن لأحد أن يعبر الي حب الله . لأن التوبة هي السفينة
والمخافة هي مديرها والمحبة هي ميناء السلامة والكرامة حيث يلقي المتعبون
راحتهم والعمالون المجاهدون نياحهم والتجار ربحهم حيث هناك الآب والروح
القدس الاله الواحد له المجد
?
-
المخافة هي عصا الآب التي تسوقنا الي محبة الله .
( ج ) خوف الله
+ قال مار اقليمس
:
" من لا يجد في نفسه خوف الله
فليعلم أن نفسه ميتة " .
+ قال أنبا
مكسيموس :
" الخوف الالهي هو غاية اهتمام
الانسان بألا يقع في عقوبة الآخرة بسبب خطاياه "
+ قال مار افرام :
" أن شئت ألا تخطيء ، احفظ
مخافة الله " .
+ من قول بعض الشيوخ :
" في كل شيء تصنعه ، اعلم ان
الله ينظر دائما ، لتكون مخافته فيك .
+ من أقوال أنبا يعقوب :
" مثل المصباح الذي ينير البيت
المظلم ، كذلك خوف الله اذا دخل في قلب الانسان ، فأنه يضيئه ويعلمه جميع
الوصايا "
+ قال القديس باسيليوس :
" كما أن الجسديين لا يقدرون أن
يغضبوا بحضرة الملك ، كذلك الذين يتدبرون بالروحانية يمنعهم من الغضب الخوف
من الله الملك المعقول الناظر اليهم دائما " .
+ قال شيخ لتلميذه :
" ويح لنا يا أبني فاننا لا
نخاف من الله حتي ولو مثلما نخاف من كلب " فقال له تلميذه : " لا تقل هكذا
يا أبي ، والا فأنت تجدف علي الله " . فقال له الشيخ : " أأجدف ؟ ! " أني
سوف أبين لك بهذه الحقيقة وهي : ربما أنا مضيت ليلا الي موضع لأسرق ، فكنت
اذا أبين له بهذه الحقيقة وهي : ربما أنا مضيت ليلا الي موضع لأسرق ، فكنت
اذا سمعت صوت الكلاب ، أخرج لساعتي فزعا منها ، فالخطأ الذي لا يرذني عنه
خوف الله ، ردني عنه خوف الكلاب " .
+ سأل أخ أنبا بيمن
:
" ماذا أصنع لأن نفسي قاسية ،
ولا تخاف الله ؟ " قال له الشيخ : اذهب وأجلس مع انسان يخاف الله ، وهو
يعلمك خوف الله " .
+ سأل الأخوة الأب سلوانس :
عند موته قائلين : " أية سيرة
صنعتها أيها الأب حتي أقتنيت هذه الحكمة ؟ " فأجاب : " لم أترك قط في قلبي
ذكر يسخط الله " .
+ قال
دياراخس :
" لا يقدر انسان أن يقتني خوف
الله الا اذا أحب خصالا وأبغض خصالا أخري ، وذلك أن أراد أن يكون راهبا حقا
" ، قالوا له : " وما هي الخصال التي تحب ؟ " قال : " هي الشجاعة في غلبة
الأهواء المظلمة ، المحبة ، العفة ، العلم ، الاتضاع ، المسكنة ، الرحمة ،
حسن الحديث ولينه ، الصبر ، السهر ، التعب ، الطاعة ، وما اشبه ذلك مما
يرضي الله ، فمن كانت له هذه الخصال رجوت له الخلاص " فقالوا : " وما هي
الخصال التي تبغض ؟ " قال : الشره ، العشق ، الحقد ، اللجاجة ، الرياء ،
الكذب ، النميمة ، الحسد ، الشر ، العجز ، الضجر ، التواني ، الغفلة ،
البذخ ، التيه ، التعظم ، العجب ، الصلف ، وما أشبه ذلك " .
( د ) متي يقتني حب الله
+ قال مار
اسحق :
حل قلبك من الرباطات البرانية
أولا حينئذ تقدر أن تربطه بحب الله .
من لم يعظم نفسه من حب الدنيا لا
يستطيع أن يتذوق حلاوة محبة الله .
أن أعمال الروحانية تتولد من
الأعمال النفسانية والأعمال النفسانية تتولد من الأعمال الجسدانية .
( هـ ) محبة الله لنا
+ قال أحد الأخوة :
سمعت أن القديس أنبا انطونيوس
اعتاد أن يقول :
" أن الله لا يسمح للقتالات في
هذا الجيل ان تشتد كما اذن لها في الأجيال الغابرة لأنه يعرف أن البشر الآن
أكثر ضعفا ولن يستطيعوا أحتمالا .
( و ) محبتنا لله
+ قال أنبا انطونيوس
لتلاميذه :
" أنا لا أخاف الله
? فدهشوا وقالوا له : ما هذا
الكلام الصعب يا أبانا : فقال : نعم يا أولادي لأني أحبه والحب يطرد
الخوف .
ومرة ذهب انبا آمون الذي
من نيتريا الي أنبا أنطونيوس وقال له : آن الأتعاب التي أقوم بها
أعظم من اتعابك فلماذا أري ان اسمك ذو صيت حسن بين الناس دون اسمي . اجابه
القديس : لأني أحب الله أكثر منك " .
من كلام القديس سمعان العمودي
:
" اذا كانت حمي الجسد تمنعه من
ان يعمل أعماله الجسدانية ، كذلك مرض النفس بالخطية يمنعها من ممارسة اعمال
الحياة الروحانية ، فالله يريد من النفس أن تحبه وتطلبه بحرص ، فاذا أحبته
وطلبته بكل قوتها ، فحينئذ يسكن فيها ويملك علي أفكارها فيهديها الي ما
يريده لها " .
+ قال
القديس باسيليوس :
" علامة الخلوة مع الله هي
الابتعاد من القلق والبغضة لسيرة العالم " .
+ قال شيخ
:
يجب علي الراهب في كل بكرة وعشية
أن يحاسب نفسه ويقول :
" ماذا عملنا مما يحبه الله ؟
وماذا عملنا مما لا يحبه الله ؟ " ، لأنه يجب علينا أن نفتقد حياتنا
بالتوبة هكذا ، وبهذه السيرة عاش أرسانيوس لأن من عمل كثيرا ولم أتلفه ،
ومن يعمل قليلا ويحفظه يبقي معه " .
+ وقال
أيضاً :
لو أننا نحب الله مثلما نحب
أصدقاءنا لكان طوبي لنا ، فقد أبصرت أناسا كثيرين قد أحزنوا أصدقاءهم فلم
يهدأوا الليل مع النهار بالشفاعات والهدايا حتي ردوا الحب فيما بينهم ، أما
الله ، فحزين منأجل خطايانا ، وما نكترث لذلك ولا نطلب رضاه " .
+ قال أنبا
تيموثاوس :
" لا توجد طريق مستقيمة ، سوي
طريق ربنا يسوع المسيح ، لأنه هو الطريق والحق والحياة " .
+ قال شيخ :
" اذا أردت أن ترضي الله فنق
قلبك من جميع الناس ، ضع ضميرك تحت الخليقة ، ولا تدن أحداً ، واجعل فكرك
في الله ، واذا أبصرت أحدا يخطيء صل لله قائلا : " أغفر لي فأني انا الذي
فعلت هذه الخطية " ، فتتم فيك الكلمة المكتوبة .
" ما من حب أعظم من هذا أن يضع
الانسان نفسه عن رفيقه " .
+ التقي سائح بسائح آخر في برية
سيناء ، فسأله : " بماذا يكون الخلاص ؟ " قال له : " أذن فمن لا يعرف لا
يخلص ؟ " قال : " لا " فقال : " وما هي المعرفة أذن ؟ " قال : " أن يعرف
العبد حقيقة خالقه ، ومم خلقه ، وما يؤول اليه أمره ، فاذا عرف ذلك ، فانه
لن يعصياه ، بل سوف يصنع مرضاته طول حياته " ، فقال " صدقت " ثم أنصرف .
+ قال شيخ :
" أهتم بالله ، ولا تتهم بشيء
أرضي ، أستند الي الله ، ومن جهة المنافقين لا تفرغ"
+ سئل أحد
الشيوخ :
" ما هو الباب الضيق ؟ " قال :
أن يضيق الانسان علي نفسه ، ويزيل ارادته كلها لأجل حب الله وطاعته ، بحسب
ما قيل : " ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك " ، لأنه لم يكن لهم غني وتركوه
. بل تركوا مشيئتهم " .
+ قال شيخ : " الذي يريد
الاختصاص بالملك ، فلا تحزن أحداً من الناس ، حتي ولو أكثر الاساءة اليك ،
بل أترك الأمر لله . أما اذا صادقت الله فسوف يقوم الكل عليك ، ويرفعون
عقبهم عليك ولكنك ان ثبت ففي النهاية يوضع أكليل من ياقوت عليك ، وتاج
ملوكي علي رأسك " .